من الطبيعي أن يطمح أي موظف للوصول إلى المناصب العليا، خصوصا المراكز القيادية والإدارية والإشرافية بدرجاتها المختلفة، لأسباب متعددة، أهمها نيل الدرجات المالية المخصصة لتلك المناصب، وحب السلطة والقيادة، والحصول على النفوذ والرفعة والشأن والجاه والتأثير، ونيل الشرف والفخر، والتدرج في مناصب أعلى، وغيرها الكثير من الأسباب.

لكن من الخطأ حصر الحوافز التشجيعية في المناصب القيادية والإشرافية فقط، واعتبارها الغاية الأساسية الوحيدة التي يطمح كل موظف للوصول إليها، فلو اطلعنا على عدة سيناريوهات، لوجدنا أولها أن هناك الكثير من الموظفين الذين ساهموا في تحقيق إنجازات ونتائج إيجابية ومتميزة في مجال عملهم واختصاصهم الوظيفي، كوفئوا بترقيات لمناصب قيادية وإشرافية معينة -وهم يستحقون فعلا- ولكن ما لم ننتبه له أن نجاحهم وتميزهم توقف بعد توليهم تلك المناصب.

ولو انتقلنا إلى السيناريو الثاني، فسنجد فيه أن هناك من تتم ترقيتهم لوظائف قيادية مختلفة، ولكن -مع الأسف- لا يحملون سمات أو صفات أو مهارات أو خبرات قيادية أو إدارية لشغل تلك المناصب الجديدة، بالرغم من كفاءتهم وتميزهم وتفوقهم في مراكزهم الوظيفية السابقة، وتحقيقهم إنجازات ونتائج إيجابية ساهمت في رفع مؤشرات الأداء المؤسسي للوحدة إلى مستويات عالية محققة لأهدافها العامة، وربما نرى كذلك أن لبعضهم اختصاصات وظيفية أكثر أهمية من اختصاصات مسؤوليهم في الوحدة نفسها.

ما ذكرته سابقا من وقائع وسيناريوهات حقيقية حاصلة، وليس الهدف منها التقليل من مهاراتهم أو تحطيم أحلامهم ومعنوياتهم، بل الغاية هي تشجيعهم على استمرارهم وبقائهم في مراكزهم الوظيفية التي حققوا فيها النجاح والتميز، وتحفيزهم ودعمهم، ومكافأتهم بكل ما يستحقون بحسب أهميتهم وخبراتهم ومساهمتهم في تحسين وتطوير أداء الوحدة وتحقيق أهدافها وبرامجها، حتى ولو كان حجم المكافآت أعلى من بعض المناصب القيادية في الوحدة نفسها. ومن هذه الوظائف مثلا ما يتعلق بالاختصاصات والمجالات التخطيطية والفنية والمهنية المختلفة، والمالية والمحاسبية والتدقيقية، والقانونية والرقابية، والتشغيلية واللوجستية، والإعلامية والتنسيق والعلاقات العامة والموارد البشرية وغيرها.

والحقيقة الأخرى التي ربما سيتعجب منها الكثير، أن هناك من الناس -من الجنسين- من يملكون صفات وسمات قيادية وإدارية حقيقية بدرجات متفاوتة لأسباب وعوامل وراثية أو اجتماعية، أو نتيجة تجارب وظروف مروا بها في حياتهم، أو من خلال مهارات وخبرات سابقة مكتسبة، وبعضهم لا يملكون أية مهارات أو خبرات إلا في مجال القيادة والإدارة فقط، فالقيادة والإدارة قبل أن تكونا تخصصا مهنيا، أو اختصاصا علميا يدرس في المناهج العلمية، هما سمتان فطريتان مغروستان في جميع البشر، ولكن بدرجات ومهارات ومزايا وأساليب مختلفة ونسبية بين كل إنسان. ونسبة قليلة من هؤلاء البشر من يتحلون بصفات قيادية عالية ربانية، يمكن ملاحظتها من خلال أساليب وطرق تعاملهم مع الموضوعات التي تحال إليهم، والإشكاليات والمعاضل والتحديات وتصرفاتهم بشأنها. ومع ذلك، يجب أن نعلم أن المسؤول لا يختلف عن زملائه الآخرين في العمل، بكونه موظفا مثلهم، ويشتركون معا في أداء مهامهم المختلفة ضمن منظومة إدارية واحدة، وتحت قيادة عليا واحدة، كل في مجال عمله واختصاصه الوظيفي.

سياسة حصر الحوافز في المناصب القيادية فقط، تولد آثارا سلبية في الوحدة، وتفسد روح التعاون والانسجام والثقة بين موظفيها، وتزرع بينهم الشكوك والخلافات والمشاحنات، وتؤدي في النهاية إلى ضعف الإنتاج وخلخلة الأداء المؤسسي للوحدة.

وختاما، فالحلول المثالية البديلة لهذه الممارسات الإدارية هي إعادة رسم وتشكيل خطط وبرامج الحوافز، تبدأ بتحديد وتصنيف وتنظيم جدول الحوافز التشجيعية في باقات مختلفة، وتوزيعها على مراكز واختصاصات وظيفية متعددة، تحددها كل وحدة بما يتناسب مع اختصاصاتها ومتطلبات عملها وأهدافها وخططها وبرامجها، بالاعتماد على حجم مخصصاتها المالية المتعلقة ببند المكافآت وتوفرها، ومكافأة المجيدين في تلك المراكز الوظيفية المختلفة لتشجيعهم على البقاء في مراكزهم الوظيفية واستمرارهم فيها للاستفادة القصوى من مهاراتهم وخبراتهم وقدراتهم، لتحقيق أعلى المؤشرات وأفضل النتائج لأداء الوحدة، وأن يحظى كل موظف متميز باهتمام من قبل إدارته العليا، وتذكيرها له بأهمية دوره في العمل، وبأن الحوافز ليست محصورة في المناصب القيادية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المناصب القیادیة

إقرأ أيضاً:

ترامب: أتوقع توسيع اتفاقيات أبراهام

توقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توسع اتفاقيات أبراهام، معربا عن أمله بأن تنضم المملكة السعودية إلى الاتفاقيات التي طبّعت العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وبعض الدول العربية.

الكرملين: بوتين أبلغ ترامب بأن روسيا لا تزال منفتحة على التوصل إلى تسوية وزير الخارجية الإسرائيلي: ملتزمون بخطة ترامب لكن حماس تنتهك الاتفاق

وقال ترامب في مقابلة مع "فوكس نيوز": أتوقع توسيع اتفاقيات أبراهام قريبا... لا أريد أن أقول ذلك فورا، بل قريبا. 

وأعرب عن أمله بأن تنضم السعودية و"آمل أن أرى دولًا أخرى تنضم"، مضيفا: "أعتقد أنه بمجرد انضمام السعودية، سينضم الجميع. أبدى السعوديون أمس اهتمامهم".

وعلى صعيد آخر، علق المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان على القمة الروسية الأمريكية المحتملة في هنغاريا، قائلا إن بكين تدعم كل الجهود لتسوية الأزمة الأوكرانية سلميا.

وقال جيان: "الصين تدعم كل الجهود الرامية إلى تعزيز التسوية السلمية للأزمة وترحب بالحفاظ على الاتصالات بين روسيا والولايات المتحدة وتحسين العلاقات، وتعزيز التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية".

وأجرى الرئيس الروسي ونظيره الأمريكي أمس محادثة هاتفية هي الثامنة والأطول منذ بداية ولاية ترامب الثانية، واستمرت حوالي ساعتين ونصف.

وأكد مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف أن الأزمة الأوكرانية شكلت المحور الرئيسي للمحادثة الهاتفية بين بوتين وترامب. كما تم الاتفاق على لقاء قمة لاحق بين الرئيس الروسي ونظيره الأمريكي في العاصمة الهنغارية بودابست.

وأعلن البيت الأبيض، مساء أمس الخميس، أن المحادثة بين الرئسين الأمريكي والروسي كانت جيدة وبناءة للغاية. ووصف ترامب المحادثة الهاتفية بأنها "مثمرة للغاية" وتناولت عددا من القضايا الدولية الهامة.

مقالات مشابهة

  • ترامب: وجهنا ضربة ناجحة لمراكب المخدرات في الكاريبي
  • ترامب: أتوقع توسيع اتفاقيات أبراهام
  • ديوكوفيتش على خطى رونالدو وليبرون جيمس
  • رئيس الجامعة الأردنية يصدر قرارات إدارية جديدة
  • الأولمبية العراقية تشكل هيئة إدارية مؤقتة لنادي كربلاء
  • القيادية في الحركة الاسلامية سناء حمد تكشف عن تواجد أموال البنوك بالسودان في قبضة 22 أسرة وتطالب بتفكيك دوائر النفوذ
  • الأوقاف تلغي شرط الاختبارات التحريرية والشفوية لشغل المناصب القيادية
  • السودان يدعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسئولياته تجاه ممارسات المليشيا المتمردة في الفاشر وإدانة جرائمها الوحشية
  • إلغاء شرط اجتياز الاختبارات التحريرية والشفوية للمتقدمين للوظائف القيادية بالأوقاف