فؤاد زبادى: الغناء رسالة إنسانية.. ولسنا أدوات فى صراعات السياسة
تاريخ النشر: 17th, October 2025 GMT
مهرجان الموسيقى العربية عنوان الوفاء للطرب
يعد فؤاد زبادى واحداً من النجوم البارزة فى فضاء الطرب العربى بالمغرب والعالم العربى، خطت تجربته مساراً فنياً امتد عقوداً، وارتبط صوته فى مصر بالأغانى التراثية الجميلة، فى كل عام يعتبر زبادى عنصراً أساسياً فى مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية، وأصبحت مشاركته تقليداً متجدداً يمتد لأكثر من ربع قرن، حيث قدم على مسارح الأوبرا المصرية حفلات تركت انطباعاً لدى جمهور الطرب ومحبى التراث الموسيقى.
- المشاركة فى مهرجان الموسيقى العربية تعد بالنسبة إلىَّ شهادة احترام وتقدير لمسار الفنان. المهرجان ليس مجرد مناسبة احتفالية، بل منصة تجمع الأصوات والفرق من مختلف أنحاء الوطن العربى، وتتيح عرض نماذج فنية تراثية ومعاصرة فى آن واحد. حضورنا المستمر هنا يعكس رغبة حقيقية فى التواصل مع جمهور واسع يقدر الطرب الأصيل ويمنح العمل الفنى بعده القومى والثقافى. هذه الدورة حملت برنامجاً ثرياً من الحفلات والأنشطة، وكان لى الشرف بالمشاركة ضمن قائمة فنية كبيرة.
- علاقتى مع دار الأوبرا المصرية بدأت فى أواخر التسعينيات، ومنذ أول مرة شعرت بثقل المسرح وبهاء الأداء أمام جمهور القاهرة. كان ذلك بمثابة ميلاد جديد فى تجربتى الفنية؛ القاهرة تمنح الفنان مساحة ليتنفس الطرب بطريقته الأصيلة، والجمهور هنا متعلق بالتراث ويستقبل الأمواج الصوتية بإنصات حقيقى. لذا تحول الحضور إلى دار الأوبرا إلى طقس فنى متكرر لى على مدار سنوات، حتى غنيت فى أوبرا الإسكندرية وتعلق بالجمهور السكندرى ولذلك أنا سعيد بالمشاركه فى المهرجان كل عام.
- ما لفت نظرى هذا العام هو التنوع الكبير فى المشاركين وكثافة الفعاليات، إذ امتدت أيام المهرجان لتشمل عدداً أكبر من الحفلات والندوات. واختيار شخصية الدورة وتكريم رموز مثل أم كلثوم فى ذكرى رحيلها يعطى الحدث بعداً تراثياً وفكرياً، كما أن المؤتمر المرافق الذى يناقش قضايا الموسيقى بين موروثها ومستحدثاتها يثرى المشهد العام. هذا المزج بين الاحتفاء بالأسماء الكبيرة والنقاش الفكرى هو ما يجعل المهرجان فريداً فى تاريخه.
- أعتقد أن للموسيقى دوراً توحيدياً بطبيعته؛ الموسيقى تجمع القلوب وتذكر الإنسان بجمالياته. أما السياسة فطبيعتها تفاوضية وخلافية غالبًا، وقد تفرق أكثر ما توحد. لذلك أرى أن على الفنان أن يحتفظ بمكانته كمنبر للحن والكلمة، وأن يبتعد عن الخطاب الذى يوظف الفن كواجهة للصراعات. هذا لا يعنى تجاهل الامتدادات الاجتماعية أو الوطنية للغناء، بل يعنى أن يقدم الفنان عمله الفنى بصدق ونقاء دون أن يكون لاعباً فى معارك خارج إطاره الإبداعى.
- هذه حقيقة واقعة؛ الثقافة تستخدم كأداة للتقارب بين الشعوب، وهذا أمر إيجابى عندما يكون هدفه تعزيز التفاهم. أما أن تصبح الثقافة غطاءً لصراعات أو لأجندات سياسية ضيقة فذلك يحرج الفنان. دورى هو الغناء لروحى وجمهورى، وإذا أسهم ذلك فى تقريب الناس فحسب فليكن. لكن أرفض أن يطلب منى تعليق سياسى أو ترجمة موقف حزبى؛ لأن صوتى خالص للفن فقط.
- أعتقد أن أساس ذلك هو المصداقية فى الاختيار والالتزام بجوهر الطرب. الجمهور اليوم يعانى فيضاً من الموجات السطحية، ويبحث عن أصوات تعيد إليه ذاكرة السهر واللقاء الطربى. أحاول أن أختار repertoire يلتقى فيه الطرب الأصيل مع حس معاصر يتيح للشاب أن يلمس الجذور دون أن يشعر بأنها بعيدة عنه. كذلك الاحترام المتبادل بينى وبين جمهور المغرب والحضور المصرى يعيد اللقاء كل مرة.
- تربيت على سماع الطبقات الذهبية من الغناء العربى. وبالنسبة لى، الفنان محمد عبدالمطلب كان له وقع خاص فى نفسى؛ صوته وجرأته فى الأداء تركا أثراً دائماً. وبالطبع لا يمكن قص دور أم كلثوم وعبدالوهاب وشخصيات أخرى فى تأجيج ذائقة أى مطرب مهتم بقاعدة الطرب. وهؤلاء تركوا مراجع إبداعية لا تعادلها سوى خصوصية كل جيل فى تفسير المادة الغنائية.
- التقيت بمحمد عبدالمطلب مرة واحدة فى مناسبة عامة منذ زمن طويل؛ كانت لحظة مهمة بالنسبة إلى، لأنها جسدت حلماً راودنى كثيراً أن أقف أمام قدوة فنية وأعرف منهم عن قرب. اللقاءان القصيران مع هؤلاء العمالقة علماى الكثير عن الانضباط الصوتى والالتزام بتفاصيل الأداء.
- لدى مجموعة قطع أعمل على تسجيلها بشكل متدرج، ليس بضرورة طرح ألبوم كامل دفعة واحدة؛ أفضل أحياناً إصدار أغنية تلو الأخرى كى تبقى كل أغنية فى ضوء مستقل وتتيح للجمهور فرصة الاستماع والتركيز. بين هذه الأعمال قطع من تعاونات مع ملحنين وشعراء من المغرب ومصر وحتى من الوطن العربى. هناك أغنيات ذات طابع وطنى، وأخرى تلامس الحنين والرحيل، وترتيب الإطلاق سيكون متسقاً مع مواقع العرض والحفلات المقبلة.
- لا أقول إن كل ما يقدم اليوم أقل جودة، لكن هناك ملاحظة عامة تتعلق بالميل إلى التصنع وإلى الاستسهال أحياناً فى صناعة اللحن والكلمة. العمل الجيد يحتاج إلى وقت وصنعة ومجموعة من العقول المتحفزة لصقل الفكرة. نعم، تظهر بين الحين والآخر أغنيات متميزة تثبت أن روح الإبداع ما زالت حاضرة، لكن علينا أن نشجع على الاستثمار فى المستويات الموسيقية والكلماتية التى ترتقى بالذائقة.
- الشباب اليوم متصل بعوالم متعددة، ويبحث عما يمنحه قيمة وجدانية. المنصات الرقمية فتحت نافذة للعثور على تراث الطرب وإعادة اكتشافه. هذا إيجابى، لكن أيضاً يتطلب من الفنان أن يكون واعياً فى كيفية تقديم المادة وبوصلة تقلب بين الحداثة والاحترام للأصل. المنافسة قوية، لكن عندما يجد الشاب عملاً ذا عمق فإنه يلتصق به ويعيده إلى السهر الطربى.
- الرهبة صحية؛ تبقى الفنان فى حاضر الأداء، وتمنحه تركيزاً أكبر. حتى بعد سنوات طويلة، لا تختفى تلك اللحظة التى تقف فيها أمام الجمهور وتعيد تقييم كل نغمة وكل تنهيدة. هذه الرهبة تمنح الأداء روحاً وتضعه فى سياق المسئولية أمام المستمع.
- هناك أسماء كثيرة تستحق الإشارة لها، بعضها يحظى بانتشار واسع فى الخليج وبعضها يملك خصوصية محلية. لدينا فى مصر والفنانين المغاربة طاقات متجددة؛ أقدر الأصوات التى تحافظ على أصالتها وتبحث عن التجديد المدروس وليس التجديد الاستعراضى.
- التوفيق يتأتى عبر قراءة النص الموسيقى للزمن؛ أى أن التجديد يجب أن يحترم جسم اللحن والكلمة وأن يعيد عرضه فى ثوب يليق بذائقة اليوم. لا أؤمن بالتغييرات الجذرية التى تفقد العمل أصالته، لكننى أؤمن بأن إعادة التوزيع، أو الأداء بصوت جديد، أو إدخال آلة موسيقية بعينها يمكن أن يعطى العمل حياة ثانية دون أن يخونه.
- نعم، تعاونت وشاركت فى حفلات ومهرجانات بفرق عربية، والتجربة دائماً ممتعة لأنها تثرى الرؤية الفنية. الموسيقى العربية تمتلك مصفوفة ثقافية مشتركة تمكن من تقارب الأذواق رغم اختلاف اللهجات والتقاليد.
- هناك فرق بين المحتوى الوطنى الذى يعبر عن انتماء وحب للوطن، وأن يصبح الفن أداة خطابية حزبية. ما أؤيده هو أن يعبر الفن عن مشاعر مشتركة.
- الالتزام بالمصدر، والإصغاء للمعلم، واحترام الوقت فى الصقل والتدريب. كما أن التواضع أمام الجمهور والعمل الدؤوب هما طريق الاستمرارية. أخيراً، الحفاظ على نقاء الصوت والصدق فى الأداء هما ما يبقيان الفنان حياً فى ذاكرة الناس.
- أتمنى أن يستمر المهرجان فى نشر ثقافة الطرب والتراث، وأن يوفر مساحات أكبر للشباب والفرق الوطنية لاستعراض مواهبها. أيضاً أتمنى مزيداً من التعاون الثقافى بين الدول العربية، لأن لهذا التعاون أثراً مباشراً فى إشاعة روح الجمال والقرب بين الشعوب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مهرجان الموسيقى العربية مسرح الأوبرا بالإسكندرية دار الأوبرا المصرية مختلف أنحاء الوطن العربي الموسیقى العربیة
إقرأ أيضاً:
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يعلن عن موعد دورته السابعة والأربعين
يُعلن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، برئاسة الفنان حسين فهمي، عن تحديد موعد انعقاد دورته المقبلة السابعة والأربعين، في الفترة من 11 إلى 20 نوفمبر 2026.
إغلاق 9 مراكز خاصة للنساء والتوليد بالقاهرة والجيزة لمخالفتها القواعد الطبية وشروط الترخيص مصر تحافظ على خلوها الكامل من الحصبة والحصبة الألمانية للعام الثالث على التوالي إفلاس شيرين عبد الوهاب حديث السوشيال ميديا.. ياسر قنطوش يكشف التفاصيل كاملة لم أقصد.. أحمد مراد يعتذر عن تصريحه المثير عن الرسول بسبب "الست" مناشدة عاجلة من مستشار الصحة لأولياء الأمور والمدارس.. الطالب المصاب بالبرد ميروحش المدرسة وميتخصملوش أبويا كان في الحمام ومأجرمش.. ابن سائق محمد صبحي يكشف مفاجآت جديدة عن واقعة الأوبرا مفاجأة.. تقديم موسم ثاني من مسلسل ورد وشوكولاتة مستوحى من أحداث حقيقية (تفاصيل) المطربة صوفيا تطرح خامس أغانيها مع روتانا "زي الجبل".. فيديو المجلس القومي للإعاقة يشارك وزارة الخارجية الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان بمستشفى 57357 بقيادة المايسترو عادل اسكندر ... أوركسترا "ليالي زمان" تحتفل بـ50 عامًا على إرث أم كلثوموفي هذا الإطار، توجّه الفنان حسين فهمي، رئيس المهرجان، بكلمات الشكر والتقدير إلى وزارة الثقافة المصرية، وعلى رأسها الفنان الدكتور أحمد فؤاد هنو، مثمنًا رعايتها الكريمة ودعمها الراسخ الذي يمثل الضمانة الحقيقية لنجاح المهرجان وبقائه في صدارة المشهد الثقافي عربيًّا وإفريقيًّا.
كما خصّ فهمي بالشكر كافة الشركاء الاستراتيجيين والرعاة والمؤسسات الداعمة محليًّا ودوليًّا، والجهات الإعلامية التي حملت على عاتقها نقل رسالة المهرجان الحضارية. وأعرب كذلك عن امتنانه لصنّاع الأفلام والمخرجين والمنتجين والفرق الفنية، ولجان التحكيم التي ساهمت بجهد وافر في صياغة ملامح الدورات السابقة والحفاظ على المكانة الفنية الرفيعة للمهرجان.
من جانبه، شدد محمد طارق، المدير الفني للمهرجان، على أن الجمهور يظل هو البوصلة والهدف الأسمى لكل ما يقدمه فريق العمل، موجهًا تحية خاصة لرواد السينما وشغفهم المتوقد. وكشف "طارق" عن أن الدورة المنقضية حققت أرقامًا غير مسبوقة، إذ وصل عدد التذاكر المُباعة إلى 45 ألف تذكرة، محققة بذلك قفزة نوعية بزيادة قدرها 5 آلاف تذكرة عن العام السابق. وأعرب عن تطلعه وطموح الإدارة الفنية لمضاعفة هذه الأعداد واستقبال شرائح أوسع من الجمهور في الدورة المقبلة.
ويتطلع مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لاستقبال ضيوفه وجمهوره في دورته السابعة والأربعين، ليظل ملتقىً للإبداع ومنارة للسينما كما كان منذ تأسيسه عام 1976.
*عن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي*
يُعد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي أحد أعرق المهرجانات في العالم العربي وأفريقيا، وأحد المهرجانات الدولية المعتمدة من الاتحاد الدولي للمنتجين (FIAPF). تأسس عام 1976، ويقام سنويًّا تحت رعاية وزارة الثقافة. يحرص المهرجان في كل دورة على الجمع بين الجودة الفنية والبعد المهني، مما يجعله منصة محورية لتعزيز حضور السينما العربية دوليًّا.