السلطان سعيد بن تيمور.. باني وحدة عُمان
تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT
صادق سعيد
بمُناسبة الذكرى الثالثة والخمسين لرحيل جلالة السُّلطان سعيد بن تيمور (1910-1972)، السلطان الرابع عشر من سلالة البوسعيدي، أتأمل في حقبة حكمه (1932-1970). على الرغم من أنَّ السرد الإعلامي يصف عهده غالبًا بـ"الفترة العصبية"، إلّا أنَّ التمعن في إرثه يكشف عن إنجاز تأسيسي لا يُمكن تجاهله: توحيد عُمان جغرافيًا وسياسيًا.
من الطبيعي أن يُنظر إلى إرث السلطان سعيد بن تيمور في كثير من الأحيان على أنه يتناقض مع النهضة الشاملة التي حققها ابنه، السلطان قابوس بن سعيد (طيب الله ثراهما). لكن يجب أن ندرك أنَّ لكل عصر ظروفه وتحدياته. تولى السلطان سعيد بن تيمور السلطة في سن الحادية والعشرين بعد تنازل والده السلطان تيمور بن السلطان فيصل عن العرش، وارثًا دولة مُمزقة، مثقلة بالديون، وتواجه صراعًا داخليًا وضغوطًا خارجية جمَّة.
بعد خدمتي في قوات السلطان المسلحة في ستينيات القرن الماضي (1960-1964)، أستطيع أن أشهد شخصيًا على أن أبرز إنجازات السلطان سعيد بن تيمور – وإن لم يعترف به على نطاق واسع – هو تحويل عُمان من مجرد اسم جغرافي إلى دولة واحدة ذات سيادة.
قبل توليه الحكم، كانت سلطته الفعلية لا تتجاوز مسقط وتمتد على طول ساحل الباطنة إلى صحار فحسب. وكما أشار القنصل البريطاني في مسقط آنذاك "ورث السيد سعيد بن تيمور عرشًا لم تتجاوز سلطته مدى مدافع الأسطول البريطاني".
في ذلك الوقت، كانت المناطق الداخلية خارجة عن سيطرته تمامًا تحت حكم الإمامة، وكانت المنطقة الشرقية، من جعلان إلى حدود صلالة، خاضعة لكيانات مُستقلة متعددة. فمثلاً، كانت ولاية جعلان آخر ولاية يحكمها الأمير المحلي، علي بن عبد الله آل حمود، قبل أن تسيطر عليها قوات السلطان المسلحة. وبعد هذا النجاح، كان لتعيين أخيه، السيد ماجد بن تيمور، حاكماً على صور دور حاسم في ترسيخ سلطة الدولة على تلك المنطقة. أضف إلى ذلك، كانت مناطق مثل البريمي وتوابعها عرضة للنزاعات الإقليمية الأجنبية.
لقد عمل السلطان سعيد بن تيمور بشكل منهجي على توحيد هذه الأجزاء المتباعدة والمتمردة في كيان واحد متماسك: سلطنة مسقط وعُمان. لم تكن جهوده صراعًا واحدًا (كقمع حكم الإمامة في الداخل)؛ بل كانت حملة شاقة مُتعددة الجهات لتأكيد السلطة المركزية وترسيخ السيطرة السياسية في كل شبر من البلاد. يُعد نجاحه في هذا المسعى، بكل الكلمة، حجر الزاوية في إرثه التاريخي.
وعلى الرغم من الصعوبات التي شابت عهده، يبقى إنشاء دولة واحدة ذات سيادة هو أبرز بوادر الأمل والنور. لقد مكَّن هذا التوحيد البلاد من الشروع في تحولاتها اللاحقة بنجاح. بهذا يستحق كل من الأب والابن ألقابًا مُميزة تصف دور كل منهما: السلطان سعيد بن تيمور "باني وحدة عُمان"، وابنه السلطان قابوس "باني نهضة عُمان".
هناك مدينة تحمل اسم باني نهضة عُمان؛ فهل سيجد العُمانيون الأُباة مدينة تحمل اسم باني وحدة عُمان في المُستقبل؟
في السنوات المتبقية من حياتي، آمل أن أستمر في مشاركة هذه الجوانب الإيجابية من حكمه، وذلك امتنانًا للطف الذي أبداه لي عندما زرته في صلالة عريفًا في فرقة جندرمة عُمان في نوفمبر 1963.
توفي السلطان سعيد بن تيمور في 19 أكتوبر 1972 في لندن، ودُفن في مقبرة يروكوود في ووكينغ، بإنجلترا.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مشاركة واسعة في حلقة عمل حول “الإصابات الرياضية” بصلالة
صلالة – عادل البراكة / تصوير: عابر ديوان
شهد مجمع السلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفيه بصلالة تنظيم حلقة عمل بعنوان: «الإصابات الرياضية»، برعاية موسى بن عبدالله القصابي مدير عام المديرية العامة للثقافة والرياضة والشباب بمحافظة ظفار، وبتنفيذ أكاديمية الحصن، وذلك ضمن البرامج الصيفية لدائرة الأنشطة الرياضية بالمديرية العامة للثقافة والرياضة والشباب بمحافظة ظفار. وشهدت الحلقة مشاركة واسعة من الرياضيين والمدربين والمختصين، بهدف توعيتهم بأسباب الإصابات وطرق الوقاية منها والحد من آثارها.
وقدمت الدكتورة ريما بنت أحمد سعيد الشنفرية، استشارية جراحة العظام واستبدال المفاصل والإصابات الرياضية بمستشفى السلطان قابوس بصلالة، محاور متنوعة شملت، تعريف الإصابات الرياضية والتمييز بين الإصابات الحادة والمزمنة، وأسباب حدوث الإصابات أثناء التمارين والمنافسات، وأبرز الإصابات شيوعًا مثل التواء وتمزق الأربطة، شد وتمزق العضلات، الكدمات والرضوض، الكسور البسيطة والإجهادية، وإصابات الأوتار والمفاصل.
كما تطرقت إلى عوامل الخطورة وتشمل: ضعف الإحماء، زيادة الحمل التدريبي، سوء التغذية والافتقار للترطيب، ضعف التكنيك الرياضي، واستخدام أدوات رياضية أو أحذية غير مناسبة.
وفي جانب الإسعافات الأولية شرحت مبدأ (الراحة - الثلج - الضغط - الرفع)، إضافة إلى متى تستوجب الإصابة النقل إلى المستشفى. كما تناولت طرق التشخيص من خلال الفحص الإكلينيكي ووسائل التصوير، وسبل العلاج والتأهيل والعودة الآمنة إلى المنافسات، مع التأكيد على أهمية الإحماء، التخطيط التدريبي الصحيح، واختيار الأدوات المناسبة للوقاية من الإصابات.
بدوره تحدث عمار بن خادم عاشور الجبلي، أخصائي العلاج الطبيعي بمستشفى السلطان قابوس بصلالة، حول أسباب الإصابات ودور العلاج الطبيعي والعلاج التأهيلي في تسريع التعافي، إضافة إلى أهمية التثقيف الرياضي في الوقاية.
وتضمن برنامج الحلقة جانبا تطبيقيا تم خلاله تنفيذ تمارين عملية لإسعاف إصابات الكتف والكاحل، مع تقديم شروحات مباشرة حول تقييم الإصابات على أرض الملعب، قبل أن يُختتم البرنامج بتكريم المحاضرين والمشاركين.
وأكد علي بن محمد باقي، مدير دائرة الأنشطة الرياضية والشبابية بالمديرية أن تنظيم مثل هذه الحلقات التخصصية يوفّر فرصة مهمة للعاملين في مختلف القطاعات المدنية والعسكرية والأمنية لاكتساب معارف عملية من مختصين في المجال الطبي مشيرًا إلى أن الحضور الكبير يعكس الوعي بأهمية الجانب الوقائي في المجال الرياضي.
وأضاف: نحرص على تنفيذ برامج نوعية تواكب المستجدات العلمية؛ بهدف الارتقاء بالممارسات السليمة في التمارين والمنافسات الرياضية، بما يسهم في حماية الرياضيين من الإصابات التي قد تعوق مسيرتهم.