في زمن تتسارع فيه ثورة الذكاء الاصطناعي والحوسبة العصبية، يطل علينا كائن بسيط ليذكرنا بأن العالم ما زال فيه أسرار تسبق مختبراتنا، إنه "فطر شيتاكيه".

فطر شيتاكيه هو نوع من الفطر الصالح للأكل، أصله من شرق آسيا، خصوصا اليابان والصين وكوريا، ويعد من أشهر أنواع الفطر في المطبخ الآسيوي.

لون هذا الفطر بني غامق وله قبعة عريضة قطرها من 5 إلى 10 سنتيمترات، وينمو على جذوع الأشجار الميتة، خصوصًا أشجار البلوط، كما أن له رائحة خشبية لطيفة وطعما مميزا يجعله شائعا في الحساء والمقليات والصلصات.

لكن في بحثٍ جديد من جامعة ولاية أوهايو الأميركية، اكتشف العلماء أن هذا الفطر يمكن أن يعمل كمكون إلكتروني ذكي يعرف باسم "المِمْريستور" أي "مُقاومة الذاكرة"، وهي وحدة قادرة على حفظ المعلومات عبر تغيّر مقاومتها الكهربائية.

التجارب التي قام بها العلماء (جامعة ولاية أوهايو)رقائق فطرية

وحسب الدراسة، التي نشرها الباحثون في دورية "بلوس وان"، قام الفريق بتجفيف أنسجة من فطر شيتاكيه وربطوا بها أقطابا دقيقة لقياس استجابتها لتيار كهربائي منخفض.

لكنه في هذه التجارب يستخدم لغرض مختلف تماما، إذ أفادت نتائج الدراسة بأنه عند تمرير الجهد في اتجاه معين ثم عكسه، تغيرت مقاومة الفطر بطريقة تشبه تماما طريقة عمل الخلايا العصبية في الدماغ، حيث "تتذكر" حالتها السابقة.

استطاعت هذه "الرقائق الفطرية" تسجيل أكثر من 5 آلاف إشارة كهربائية في الثانية، واحتفظت بالبيانات لفترة قصيرة بعد توقف التيار، أي أنها تصرفت مثل ذاكرة إلكترونية عضوية.

يفسر العلماء ذلك بأن الفطر يتكون من شبكة دقيقة من الألياف تسمى "الهيفات"، وهي تشبه من حيث البنية شبكات التوصيل النانوية، كما أن الفطر غني بالسكريات المعقدة والبروتينات التي تساعد على توزيع الشحنة الكهربائية عبر أنسجته بطريقة متزنة.

إعلان

هذه الخصائص تجعل الفطر موصلا حيويا طبيعيا، وقابلا للتحلل بعد الاستخدام، وهو ما يجعله مثاليا لأجهزة إلكترونية "خضراء"، لا تخلّف نفايات سامة كالشرائح المصنوعة من السيليكون والمعادن الثقيلة.

فطر شيتاكيه هو نوع من الفطر الصالح للأكل (بيكسابي)حوسبة حيوية

كما تفتح هذه التجربة الباب أمام جيل جديد من الإلكترونيات التي تجمع بين الحياة والآلة، أو ما تُعرف "بالحوسبة الحيوية"، فيها يمكن أن تصنع وحدات الذاكرة والمعالجة من مواد عضوية، مثلا من خلايا نباتية أو فطرية، لتعمل بطريقة شبيهة بالشبكات العصبية البيولوجية، مع استهلاكٍ طاقة أقل بكثير.

التطبيقات المستقبلية قد تشمل أجهزة ذكاء اصطناعي صغيرة تزرع في البيئة وتتحلل ذاتيًا بعد انتهاء مهمتها، وحساسات حيوية قادرة على التفاعل مع النباتات أو التربة أو أجسام الإنسان من دون ضرر.

كما يمكن للعلماء ابتكار شرائح عضوية من هذا النوع تدخل في تصنيع الروبوتات المرنة أو الأطراف الصناعية الذكية.

لكن العلماء يحذرون في دراستهم من أن الطريق لا يزال طويلا، فالفطر لا يتحمل درجات الحرارة العالية أو الرطوبة الشديدة، كما أن استجابته الكهربائية تختلف من عينة لأخرى.

ولذلك، يركز الباحثون الآن على تثبيت الأداء وتحسين عمر المادة قبل التفكير في أي إنتاج صناعي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

مفاجأة لعشاق السلسلة..اكتشاف كوكب حرب النجوم الحقيقي

رصد فريق من العلماء كوكبًا بعيدًا يشبه عوالم الخيال العلمي، ودارت سماء هذا الكوكب بوهج شمسين توأمين، تمامًا كما يظهر في كوكب تاتوين من سلسلة أفلام حرب النجوم. وأوضح الباحثون أن الكوكب الذي أُطلق عليه اسم "HD 143811 b" يقع على بعد 446 سنة ضوئية عن الأرض ويدور حول نظام نجمي ثنائي حيث يدور نجمان حول نقطة مركزية مشتركة.

حدد العلماء طبيعة الكوكب وكتلته

درس الفريق الفلكي خصائص هذا الكوكب ووجد أنه عملاق غازي يتكون أساسًا من الهيدروجين والهيليوم. 

وأشاروا إلى أن كتلته تصل إلى ستة أضعاف كتلة كوكب المشتري، وأنه رغم بعده عن شموسه بمقدار ثمان أضعاف المسافة بين الأرض والشمس، فإن درجة حرارته بلغت حوالي 730 درجة مئوية. 

وأوضحوا أن الكوكب يستغرق نحو 300 عام لإكمال دورة واحدة حول نجميه.

أعاد الباحثون فحص البيانات القديمة

راجع العلماء بيانات جمعتها تلسكوبات مختلفة بين عامي 2016 و2019 واكتشفوا الجسم الغريب بين آلاف النجوم. 

وحددوا أنه يتحرك مع نجومه، مما أكد أنه كوكب وليس نجمًا بعيدًا يظهر صدفة في نفس الاتجاه. وأكدت صور لاحقة التقطت باستخدام تلسكوب في تشيلي أن الكوكب حقيقي ويدور حول النجوم الثنائية بالفعل.

قدّم الاكتشاف معلومات عن تشكيل الكواكب

أوضح الباحثون أن الكوكب تشكل قبل نحو 13 مليون سنة فقط، وهو عمر صغير نسبيًا في لغة الكون. 

وأشاروا إلى أن نجميه التوأمين يحتضنانه بشكل أقرب من أي كوكب خارجي تم تصويره مباشرة من قبل، حيث يقع على بعد ست مرات أقرب إلى نجميه مقارنة بأي كوكب آخر في نظام نجمي ثنائي معروف.

درس العلماء الغلاف الجوي للكوكب

استخدم الفريق تقنيات مطيافية الامتصاص لدراسة الغلاف الجوي للكوكب، وحلّلوا الضوء القادم من الغلاف الجوي لتحديد العناصر الكيميائية الموجودة، بما في ذلك الهيليوم والصوديوم والأكسجين. 

وأكدوا أن هذه الطريقة تتيح التعرف على تركيب الكواكب دون تدخل الغلاف الجوي للأرض، مما يوفر بيانات دقيقة عن خصائص هذه العوالم الغريبة.

فتح الاكتشاف آفاق البحث المستقبلية

أشار الباحثون إلى أن هذا الاكتشاف النادر قد يساعد في فهم كيفية تشكل الكواكب في أنظمة النجوم الثنائية. واعتبروا أن العثور على كواكب شبيهة بالأرض في مثل هذه الأنظمة قد يصبح ممكنًا مع استمرار البحث والمراقبة. وأكدوا أن الاكتشاف يشكل خطوة كبيرة لتوسيع معرفتنا بالكواكب الخارجية وفهم التنوع الكوني.

مقالات مشابهة

  • مفاجأة لعشاق السلسلة..اكتشاف كوكب حرب النجوم الحقيقي
  • مسألة وقت | العلماء يحذرون من زلزال قوي يضرب إسطنبول .. ماذا يحدث؟
  • جمع الصلوات في الشتاء.. متى يجوز ومتى يصبح عادة خاطئة؟
  • الدبيبة: «المتحف الوطني» يمثل ذاكرة الوطن الكامل عبر العصور
  • نقيب الفلاحين: سعر الطماطم هيوصل لـ 15 جنيها والزيادة مستمرة لعيد الفطر
  • طائر الجنّة يلهم العلماء لصناعة القماش الأشد سوادا في العالم
  • عادل نعمان: الإسراء والمعراج أنكرهم عدد كبير من العلماء
  • نهى محمد نائبا للأمين العام المساعد للاتحاد  الأفريقي الآسيوي ( AFASU )
  • مسؤولة إماراتية: ملتزمون بهدنة إنسانية في السودان لكن لا نريده أن يصبح ملاذا للإرهابيين
  • بنك التنمية الآسيوي يرفع توقعاته لنمو اقتصاد الصين