قياس وتقييم أداء الموظف العام بين الجدارة والإجادة والأثر2
تاريخ النشر: 27th, November 2025 GMT
استكمالا للجزء السابق والذي تناول المحطات الزمنية التي مرّت بها منظومة قياس وتقييم الموظف العام، بين جدارة الماضي، وإجادة الحاضر التي حلّت وأحاطت بنا كرهاً، وتقلباتها التي أثارت الجدل وطمست العدل، وغيّبت الأمل، وسأذكر هنا منظومة الإجادة من منظور عام يلخص حصيلة التجارب والآثار التي أحدثتها المنظومة منذ انطلاقها وتفعيلها وإلى وقتنا الحالي، وذلك من عدّة أوجه معللاً الأسباب والعوامل وآثارها السلبية، وهي كالتالي: 1- لتطبيقها بشكل صحيح فهي بحاجة لوجود وحدات إدارة موارد بشرية داخلية في كل وحدة حكومية، فعالة ومتخصصة بكفاءة وقدرات مهنية عالية في مجال تقييم الموارد البشرية، ومنحها صلاحيات أوسع للقيام بمهامها المتعلقة بتنظيم وإدارة تقييم موظفي الوحدة بالتنسيق مع مسؤولي أقسام الوحدة ورئيس الوحدة.
2- لو سلمنا بتحقيق المتطلبات السابقة، فليس هناك ما يضمن قيام جميع وحدات الموارد البشرية الداخلية في كل وحدة حكومية بمهام التقييم بشفافية ونزاهة وعدالة تامة، خالية من المحاباة والمحسوبيات أو العكس.
3- وجود جهة مستقلة تقوم بالإشراف على المنظومة وإدارتها وتنظيم عمليات وقوائم التقييم واستلامها من جميع الوحدات الحكومية الأخرى، واشتراطها على الوحدات الحكومية تقييم موظفيها بنسب ومؤشرات تحددها تلك الجهة، دون النظر في حقيقة تلك النسب وتجاهلها، ومن ثم اعتمادها وفق مؤشراتها المحددة مسبقا، بلا مبالاة بنتائج وآثار تلك الاعتمادات والتي من الطبيعي أن تكون من ضمنها العديد من النتائج المجحفة و غير المنصفة لكثير من الموظفين.
4- عدم وجود أية اعتبارات لاعتماد عنصر الأقدمية في التقييم ولو بنسبة بسيطة، متجاهلة بذلك الأسباب والعوامل الاجتماعية والمعيشية للمواطن والتي هي أهم أولويات "رؤية عمان 2040"، ما يعني تبنّي المنظومة لمنهجية رأسمالية بحتة تعمل على تقسيم المؤسسات إلى طبقيات وخلق فجوات جديدة في العلاقات بين الموطفين، وهو ما يؤدي إلى انعدام التوافق وروح التعاون والانسجام بين الموظفين عامة وبين المسؤولين والمرؤوسين خاصة.
ثم من قال إن أقدمية الموظف - إذا سلمنا بقلة كفاءته- غير مجدية ولا تخدم المؤسسة، بل الحقيقة أن كل مدة زمنية يقضيها الموظف في عمله، لابد له من خلال مسيرته الوظيفية ومروره بتجارب عديدة سابقا، اكتساب إما خبرات وظيفية أو مهارات أو علاقات في التواصل والتنسيق، على الأقل فيما يتعلق باختصاصاته الوظيفية المباشرة وطبيعة عمله في الوحدة بشكل عام، لذلك من الأهمية إعادة عنصر الأقدمية وإضافته واعتماده كعنصر أساسي في المنظومة بنسبة لا تزيد عن 20% من نسبة التقييم بجانب عنصر الكفاءة والذي يمثل 80% من التقييم السنوي.
5- إن تطبيق المنظومة بشكلها وطبيعة مهامها بمراعاة جميع عناصرها ومتطلباتها الكاملة، وبالرغم من إيجابياتها، فهي لا تتناسب مع سياسات ومهام الأجهزة الحكومية وأهدافها العامة، بل تتناسب مع الوحدات والمنشآت الخاصة، والتي تسعى لتحقيق هدفها الرئيسي وهو الربح.
6- حصول حالات تقييم غير عادلة من بعض المسؤولين لموظفيهم لعدة أسباب ومنها الخلافات الشخصية معهم أو لتفضيل ومحاباة آخرين عليهم، أو للتقليل من جدارتهم، أو خوفا من تأثير كفاءتهم على مراكزهم ومناصبهم القيادية.
7-آثار التقييم غير المنصف على طموح الموظف، وتأثيره على نفسيته وعلى أدائه المستقبلي في الوحدة.
سأذكر هنا مثالا حقيقيا شاهدته بنفسي، يتعلق بموظف زميل في العمل والذي أعتبره من المجيدين ويقوم بكافة اختصاصاته ومهامه الوظيفية بأفضل صورة، وشديد الالتزام والانضباط في عمله، وقدم العديد من المبادرات الإيجابية وساهم في تحسين جودة العمل، وصاحب أخلاق عالية وكانت علاقته متميزة مع جميع زملاء العمل في الوحدة من جميع النواحي وكذلك مع المسؤولين، وحقق جميع أهدافه بمؤشرات تفوق التوقعات، فتم تقييم أدائه لأكثر من مرة بمستوى (جيد) بدلا من (ممتاز).
فولّد ذلك التقييم غير المنصف على نفسيته آثارا سلبية حطمت كل طموحاته ومعنوياته وحبه وشغفه بالعمل، وكردّة فعل طبيعية منه صار يقوم فقط باختصاصاته ومهامه الوظيفية الأساسية بشكل روتيني بسيط، وغابت لديه روح المبادرات والسعي لتحقيق الإنتاجية والإنجازات التي يقوم بها سابقا، فهذا مثال بسيط لموظف واحد فقط، فتخيل معي لو كان هناك حالات شبيهة، وأنا متأكد تماما بأن هناك الآلاف من تلك الحالات المشابهة لحالة ذلك الموظف من حيث الوقائع والنتائج السلبية، ولا أدعوك إلا أن تتخيل معي آثار تلك الحالات مجتمعة ونتائجها السلبية في بيئة العمل لجميع المؤسسات.
8- عدم مراعاة المنظومة للظروف والحالات الاجتماعية والصحية والتي يمر بها بعض الموظفين في فترات معينة، المؤكدة والمثبتة من قبل مسؤول الموظف أو من قبل الجهات المختصة. "يتبع"
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی الوحدة
إقرأ أيضاً:
كيف يطعن الموظف على عقوبات العمل؟.. القانون يوضح آليات التظلم
وضع قانون الخدمة المدنية إطارا واضحا يتيح للموظف الطعن على أي عقوبة قد تفرض عليه نتيجة تقصير أو مخالفة إدارية، بحيث لا تنفذ العقوبة إلا بعد تمكينه من تقديم دفاعه عبر قنوات تظلم رسمية.
وتحدد مواد القانون الجهة المختصة بالنظر في التظلم، والمهل الزمنية، وضمانات العدالة الإدارية.
ونص القانون على إلزام إدارة الموارد البشرية بإعلان الموظف بصورة من تقرير تقويم أدائه بمجرد اعتماده من السلطة المختصة، ومنحه الحق في التظلم خلال 15 يوما من تاريخ إعلانه.
تظلم الموظفين شاغلى الوظائف القياديةويكون تظلم الموظفين شاغلى الوظائف القيادية والإدارة الإشرافية من التقارير المقدمة عن أدائهم إلى السلطة المختصة .
كما يكون تظلم باقى الموظفين إلى لجنة تظلمات، تنشأ لهذا الغرض، وتشكل بقرار من السلطة المختصة من ثلاثة من شاغلي الوظائف القيادية ، وعضو تختاره اللجنة النقابية بالوحدة إن وجدت ويبت في التظلم خلال 60 يوماً من تاريخ تقديمه .
ويجب على إدارة الموارد البشرية إعلان الموظف بنتيجة تظلمه والأسباب التي بنى عليها، ويكون قرار السلطة المختصة أو اللجنة نهائيا، وذلك مع عدم الإخلال بحقه في التقاضي،ولا يعتبر تقرير تقويم الأداء نهائيا إلا بعد انقضاء ميعاد التظلم منه أو البت فيه .
وتحدد اللائحة التنفيذية كيفية إعلان الموظف بتقرير تقويم الأداء ونتيجة التظلم منه .