تتواصل معاناة 96 ألف نازح من جنوب لبنان بعد مرور عام على اتفاق وقف إطلاق النار، في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية واحتلال مناطق تمنعهم من العودة إلى منازلهم المدمرة.

وتبقى 24 قرية حدودية مفرغة من سكانها بالكامل أو بشكل شبه كامل، بينما تتجاوز الأضرار المادية 3 مليارات و400 مليون دولار للمباني والبنى التحتية وحدها.

وسلطت فقرة "نافذة إنسانية" الضوء على واقع النازحين الذين خسروا كل شيء في حرب أفرغت قراهم وحولت حياتهم إلى معاناة يومية بين الانتظار والخوف.

وعكست صورة امرأة منهكة خرجت من بلدة يارون قبل عام ملامح القلق والخوف التي ما زالت حاضرة على وجوه آلاف الجنوبيين، بينما جسدت صورة اللبناني أسعد بزيع جالسا قرب منزله المدمر في زبقين بداية نزوح لم يتوقف حتى اليوم.

وفي سياق متصل، عبّر النازحون عن معاناتهم القاسية، حيث روت إحدى النازحات من كفركلا أنها تركت بلدتها منذ بداية الحرب وأمضت 3 سنوات خارج منزلها المدمر بالكامل، مضطرة لبيع ذهبها لشراء معدات عمل بسيطة تساعدها على الاستمرار.

في حين أضاف نازح آخر أنه فقد 90 تنكة زيت سنويا كان ينتجها، إضافة إلى 50 رأس نحل، ولم ينقذ من منزله سوى عصا يتكئ عليها.

وكشفت الأرقام الرسمية عن حجم الكارثة الإنسانية، إذ تضررت نحو 240 ألف وحدة سكنية بين تدمير كلي وأضرار جسيمة وطفيفة.

ويتوزع النازحون البالغ عددهم 96 ألفا على أقضية صور وصيدا والنبطية وبيروت وجبل لبنان، في حين لا يتجاوز عدد المقيمين في مراكز الإيواء الحكومية 1300 نازح فقط.

أضرار اقتصادية

وعلى صعيد الأضرار الاقتصادية، قدر البنك الدولي أضرار القصف المباشر على المباني والبنى التحتية بـ3 مليارات و400 مليون دولار، بينما تضرر اقتصاد الجنوب بأكثر من 5 مليارات دولار إجمالا، مما يعكس عمق الأزمة التي يواجهها الجنوب اللبناني.

إعلان

وفي إطار تاريخي، بدأ درب النزوح في الجنوب اللبناني عام 1948 مع مجزرة حولا التي ارتكبتها عصابات الهاغاناه وأسفرت عن مقتل 94 لبنانيا وإعدام 34 معتقلا.

وتكررت موجات النزوح مع عملية الليطاني 1978 التي أنشأت شريطا أمنيا عازلا، ثم اجتياح 1982 الذي حول بيروت لأول عاصمة عربية يحتلها الجيش الإسرائيلي، ليستمر الاحتلال نحو 18 عاما حتى الانسحاب عام 2000.

وعلى المستوى الاجتماعي، أوضح الأكاديمي في العلوم الاجتماعية الدكتور سعيد عيسى أن الجنوب اللبناني يحمل "ذاكرة خزانة" لمآسٍ متواصلة عبر 6 أو 7 أجيال منذ 1948.

وأشار إلى أن الجنوبيين يعيشون ذاكرتين متلاصقتين: ذاكرة التهجير وذاكرة الصمود، حيث يعيدون بناء منازلهم رغم إدراكهم أنها قد تُدمر مجددا.

وأضاف عيسى أن إعادة البناء ليست مجرد إعادة إعمار للحجر، بل هي إعادة بناء للذكريات والحنين واليوميات المختزنة في تلك البيوت والقرى.

وأكد أن المنزل في وعي الجنوبي ليس حجرا فقط، بل هو علاقات جيرة ومواسم زيتون وأعراس ومآتم، وهذا ما يجعل التشبث بالأرض متجذرا في الوجدان الجماعي للجنوبيين.

وختم التقرير بالتأكيد على أن حرب أكتوبر/تشرين الأول 2024 على لبنان شكلت أكبر خلخلة ديمغرافية للجنوب منذ حرب 2006، مع عودة الخشية من تحول النزوح المؤقت إلى احتلال دائم للشريط الحدودي، وهو ما يعيد إلى الذاكرة شبح المناطق الأمنية العازلة التي عاشها الجنوب عقودا طويلة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات

إقرأ أيضاً:

البرلمان الجديد أمام صياغة دستور 2005 لمواجهة الانسداد المتكرر في تشكيل السلطات

27 نونبر، 2025

بغداد/المسلة: يُعيد البرلمان العراقي، في دورته السادسة المقبلة، إحياء ملف التعديلات الدستورية، حيث يُعد الدستور المُصادَق عليه في 2005، بعد استفتاء نال تأييد 79% من الناخبين، أساساً للنظام الاتحادي الذي يُعاني اليوم من ثغرات تُعيق تشكيل السلطات.

و يبرز التعثر المتكرر في تشكيل الحكومات، كما حدث في ثلاث دورات سابقة، الحاجة الملحة إلى مراجعة مواد أساسية، خاصة تلك المتعلقة بتوقيت الانتخابات وآليات تكليف رئيس الوزراء، لتعزيز الشرعية الديمقراطية ومنع الانسداد السياسي الذي يُكلف الاقتصاد خسائر تصل إلى مليارات الدولارات سنوياً.

و تُشكل لجنة التعديلات الدستورية، المُعرَّفة في المادة 142، محور الجهود الجديدة، بعد أن فشلت الدورة الرابعة في إكمال عملها بسبب خلافات حول التركيبة الطائفية، وانتهت الدورة الخامسة دون تقدم ملموس رغم تشكيل لجنة مختصة تضم ممثلين عن المكونات الرئيسية.

و يركز الاقتراح على تعديل مواد مثل 49 و56، اللتان تحددان دورة البرلمان بأربع سنوات تقويمية، مع السماح بإجراء الانتخابات قبل 45 يوماً من انتهائها، كما حدث في 11 نوفمبر 2025، لكن مع فرض عقوبات على التجاوزات لضمان الالتزام، إذ أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان أن مثل هذه الانتهاكات تُهدد الاستقرار الديمقراطي.

و يُعمق الجدل السياسي حول الإشكاليات الجذرية، حيث لا يقتصر الأمر على صياغات قانونية فحسب، بل يرتبط بخلافات طائفية وإقليمية أوقفت التقدم سابقاً، كما في مطالب السنة بتشديد شروط إنشاء “المناطق الخارقة” في الجنوب الغني بالنفط، أو مطالب الأكراد بتعزيز الاتحادية دون تقييد الاختصاصات الحصرية للحكومة المركزية.

ومع ذلك، يُشير خبراء إلى أن نجاح العملية يتطلب إرادة سياسية مشتركة، مستلهمين تجارب دول أخرى مثل فرنسا التي خضعت لأربع تعديلات دستورية لتحقيق التوازن، مع الحفاظ على المبادئ الأساسية في الباب الأول من الدستور، الذي يُحظر تعديله لضمان الحقوق والحريات.

و تُعزز الدعوات الشعبية والدولية لإصلاحات جذرية الضغط على النواب المنتخبين حديثاً، حيث يُتوقع أن يُشكل البرلمان لجنة جديدة خلال الأشهر الأولى للدورة، تركز على 57 مادة غير مُطبَّقة، بما في ذلك المادة 140 المتعلقة بتطبيع الأوضاع في كركوك.

و يُمثل هذا التحرك فرصة لإعادة بناء الثقة في المؤسسات، خاصة مع اقتراب الذكرى العشرين للدستور في 2025، التي أعادت التأكيد على بناء دولة مدنية اتحادية تعددية، بعيداً عن الطائفية التي أدت إلى تعطيل تشكيل الحكومات لأشهر طويلة في الدورات السابقة.

و تُنهي الدعوات الإصلاحية آمالاً في انتقال سلمي للسلطة، مع التركيز على عقوبات واضحة للانتهاكات الدستورية، كما اقترح زيدان، لتجنب تكرار الانتخابات المبكرة التي أدت إلى انسداد دام أكثر من أربعة أشهر في 2022.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • غارات إسرائيلية واسعة على الجنوب اللبناني
  • البرلمان الجديد أمام صياغة دستور 2005 لمواجهة الانسداد المتكرر في تشكيل السلطات
  • شقير: القطاع المصرفي المفتاح لاستقرار الاقتصاد اللبناني وإعادة الإعمار
  • أبرزها السعودية والصين.. صدى البلد ينشر أهم الدول التي تستحوذ على صادرات الغذاء المصري
  • رئيس الحكومة: 2026 سيكون عاما للطاقة ولن نسمح بعودة الحلول المؤقتة
  • غزال يقتل أمريكية أنقذته
  • من هي المحطة التلفزيونية اللبنانية التي سترافق البابا من روما؟
  • أونكتاد: إعادة إعمار غزة ستكلف أكثر من 70 مليار دولار وقد تستغرق عقوداً
  • مصر تجدد دعمها للمؤسسات اللبنانية وتؤكد مساندتها المستمرة للشعب اللبناني