لجريدة عمان:
2025-12-03@17:14:05 GMT

تحديثات وشكوك

تاريخ النشر: 2nd, December 2025 GMT

لست وحدي التي تتحدّث مع شات جي بي تي، وتشتمه. أو هكذا أحب أن أتصوّر. عندما يخطئ أقول له: «يا غبي» لماذا تجاهلت الفكرة التي أخبرتك بها؟ وهو يثير غضبي فعلًا. أظن بأنني أمارس عليه ما لا أستطيع فعله مع زملاء عمل فعليين. هذا الأسبوع كثرت الشتائم، وهي أكثر منها في الأسبوع الماضي. شات جي بي تي الذي بدا كمعجزة عند نزول تحديثاته خلال الأشهر الماضية، وتطوره اليومي السريع يظهر عليلًا على عكس المتوقع منه، استجاباته بطيئة، سطحية، ومضللة، حتى تلك التي تتعلق بعمليات بسيطة من قبيل، تلخيص ورقة بحثية، أو حتى الإشارة إليها كمصدر عند سؤاله عن أوراق علمية تتناول الموضوع الفلاني.

لا أستطيع أن أقول إن هذه النتائج غير متوقعة؛ فطبيعة السوق تقول إن التحديات ستكبر مع مرور الوقت؛ فالوصول لمصادر البيانات سيواجه عوائق الملكية الفكرية أو الاحتكار، خصوصا وأن الجميع سيطمعون في إنشاء أداتهم الخاصة من التطبيق.

مع ذلك يبدو أن التدهور جاء أسرع مما توقعت. أظن بأن الرأسمالية تأكل نفسها من الداخل؛ فهذه التطبيقات وإن تعدنا بمشاعية المعرفة، إلا أن هذه المشاعية في جوهرها تحطيم لروافد من يعدنا بها. تعقيد بسيط صدقوني، لكنه مهم للغاية.

نشرت مجلة صفر مراجعة لجون تشادفيلد عن كتاب «خدعة الذكاء الاصطناعي: كيف نواجه ضجيج شركات التكنولوجيا الكبرى ونصنع المستقبل الذي نريده» لإميلي إم. بيندر وأليكس هانا. ويستدعي المراجع مبالغات شركات التكنولوجيا حول الذكاء الاصطناعي: ففي عام 2022 سرّحت «كلارنا» السويدية 700 موظف معتقدةً أن مساعدًا ذكيًّا قادرًا على التفاعل مع ملايين المستهلكين بلغات متعددة سيعوّض العمل البشري. لكن التجربة فشلت سريعًا؛ إذ تزايدت شكاوى العملاء واضطرت الشركة للاعتراف بخطئها وإعادة توظيف بشر، مع دفعهم إلى نمط عمل «مرن» يفتقر إلى الاستقرار. هذا المثال، ليس استثناءً، بل جزء من موجة أوسع تستخدم فيها الشركات ضجيج الذكاء الاصطناعي لتحقيق مكاسب مالية على حساب العمال.

يأتي كتاب «خدعة الذكاء الاصطناعي» لإميلي بيندر وأليكس هانا بحسب تشادفليد، ليكشف أن مصطلح «الذكاء الاصطناعي» ليس أكثر من شعار تسويقي مضخّم تُوظّفه الشركات والحكومات لفرض أنظمة غير شفافة ولتهديد الموظفين. فالضجيج المحيط بالذكاء الاصطناعي ليس صدفة، بل أداة تخويف وتطبيع لقرارات تهدف إلى تأديب العمال وتقليص حقوقهم. يوضح المؤلفان أن الذكاء الاصطناعي، في صورته الواقعية، مجرد سلسلة من عمليات أتمتة متفرقة تُقدَّم بوصفها ثورة تقنية، فيما تُستخدم عمليًّا لتبرير التسريح، والمراقبة، وإضعاف شروط العمل.

يرصد الكتاب كيف تُسهم جماعات الضغط الإعلامية وشركات التكنولوجيا الكبرى في ترسيخ هذا الوهم، بينما تُروّج الصحافة المتحالفة خطابًا يربط الذكاء الاصطناعي بـ«الابتكار الحتمي». لكن الواقع، كما يبيّنه المؤلفان، مختلف: الذكاء الاصطناعي غالبًا بديل رديء للعمل البشري، ومصدر لتعقيد المهمات وتدهور الجودة. ومع تصاعد الشكوك بين المستثمرين وتراجع الحماسة، يتضح أن الوعود الباهرة كانت في كثير منها غطاءً للجشع الإداري، لا تقدمًا فعليًّا.

يشير تشادفليد لدعوة الكتاب إلى مقاومة الضجيج عبر التنظيم العمالي، والتشكيك الجماعي، وكشف هشاشة خطاب «الابتكار». وهو يقدم رؤية لمستقبل لا يُفرض فيه الذكاء الاصطناعي بوصفه قدرًا محتومًا، بل يُخضع للنقد والمحاسبة.

كان من المهم أن أستدعي هذه المقالة في هذا السياق. أعرف التهمة الجاهزة بمجرد التلويح بفشل «شات جي بي تي» خصوصا وأنني ككاتبة أول المهددات بخسارة عملي بل وجودي كله مع تطور هذه الأداة ووعود استبدال الكاتب والصحفي، فبرفضي لهذه «التقنية الثورية» أحافظ على امتيازات خاصة، هذا في أحسن الأحوال، أما في أسوئها فلست إلا إنسان آخر يخاف من التغيير تمامًا كما خاف الناس أيام الثورة الصناعية، وقد قيل لي هذا صراحة عزيزي القارئ.

المشكلة في هذا الرأي أنه ينزع عني شرعية رأي بحجة أنني ساذجة. مجرد خائفة من التغيير، حالة من حالات الارتباك البشري العادي، الأمر الذي يجعل هذا الموقف منزوع السياسة أيضا، لكن هذا موضوع سأعود إليه في مقالي القادم. أنا لم أقصد هنا سوى توثيق التجربة المستمرة مع اختباري لـ«شات جي بي تي» و«جيمني».

دعوني أشارككم هذه القصة القصيرة، قبل شهرين طُرق جرس باب شقتي ولم أكن أتوقع زيارة من أحد، الغريب أنه كان جرس باب الشقة لا بوابة البناية، مما أخافني قليلًا إذ إن الوصول لداخل البناية يتطلب إما امتلاك مفتاح السكان أو الحصول على سماح الدخول من أحدهم، وهذا ما لم أفعله، عندما فتحت الباب وجدت شابة عمانية في عمري، مرتعدة، وتشعر بحرج مبالغ به، اعتذرتْ كثيرًا، وطلبت مني أن آخذ هاتفها وأشحنه لخمس دقائق.

هي تسكن في الطابق الخامس بينما أسكن الرابع، لديها طفل في الثانية من عمره، يبكي ولا تستطيع دخول الشقة؛ لأن كل المفاتيح والأنظمة لبيتها إلكترونية وهاتفها مطفأ! ولا تستطيع الوصول إلى سيارتها، ولا الدخول لطفلها! رجوتها أن تدخل وأنها لا تسبب لي أي إزعاج، لكنها أبت، وخزني قلبي كثيرًا أننا نخاف من بعضنا كثيرًا وأن مفهوم الجيرة المكرس والأساسي في ثقافتنا وصل إلى هذا الحد من الهزيمة! لكن ما أرعبني بصورة خاصة، ثقتنا المفرطة، بكيان مرعب للغاية مثل التقنية! ثقتنا المفرطة بأي شيء مرعبة أصلًا، فكيف وهي محسومة عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا! لدي عين على الطريق وعين على «تطبيقات الذكاء الاصطناعي» المرتبطة بالمحتوى. وسنرى.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی شات جی بی تی

إقرأ أيضاً:

«أمازون» ستستخدم تكنولوجيا «إنفيديا» في رقائق الذكاء الاصطناعي

(رويترز) 
قالت «أمازون ويب سيرفسيز» (إيه.دبليو.إس)، وحدة الحوسبة السحابية التابعة لـ«أمازون»، اليوم الثلاثاء إنها ستعتمد على تكنولوجيا رئيسية من شركة إنفيديا في الأجيال التالية من رقائق الحوسبة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.يأتي ذلك في ظل تكثيف عملاق التسوق عبر «الإنترنت» الجهود لاستقطاب كبار العملاء في مجال الذكاء الاصطناعي.
وأضافت «إيه.دبليو.إس» أنها ستعتمد تقنية «إن.في لنك فيوجن» في شريحة مستقبلية، يطلق عليها اسم ترينيوم 4، لكنها لم تحدد تاريخ إصدارها.
وتتيح تقنية «إن.في لنك» إجراء اتصال سريع بين أنواع مختلفة من الشرائح، وتعد من أهم ابتكارات «إنفيديا».وتسعى «إنفيديا» جاهدة لحث شركات الشرائح الأخرى على اعتماد تقنية «إن.في لنك»، مع انضمام شركتي إنتل وكوالكوم والآن «إيه.دبليو.إس» إليها.
ومن شأن هذه التقنية أن تساعد «إيه.دبليو.إس» على بناء خوادم ذكاء اصطناعي أكبر حجماً ولها القدرة على التعرف على بعضها بعضا والاتصال فيما بينها على نحو أسرع، وهو عامل حاسم في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة، التي تتطلب ربط آلاف الأجهزة معاً.
وفي إطار شراكة مع «إنفيديا»، سيتمكن العملاء من الوصول إلى ما تُطلق عليه «إيه.دبليو.إس» اسم «مصانع الذكاء الاصطناعي»، وهي بنية تحتية حصرية للذكاء الاصطناعي داخل مراكز بياناتها الخاصة لتحقيق سرعة واستعداد أكبر.

أخبار ذات صلة «أوبن إيه آي» تعلن حالة طوارئ في «تشات جي بي تي» قمة «بريدج» 2025 تجمع قادة العمل الإنساني والذكاء الاصطناعي في أبوظبي المصدر: رويترز

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي يحسن رصد مشاكل القلب لدى الأجنة
  • أمازون تدخل عصر مصانع الذكاء الاصطناعي وتنافس العمالقة
  • الإمارات.. ترسم مستقبل «الذكاء الاصطناعي»
  • «أمازون» ستستخدم تكنولوجيا «إنفيديا» في رقائق الذكاء الاصطناعي
  • ترامب: الصين لن تتمكن من اللحاق بنا في سباق الذكاء الاصطناعي
  • الأمم المتحدة تحذر من الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي قد يُعلّم الجيل القادم من الجراحين
  • الذكاء الاصطناعي يثير قلق الموظفين في ألمانيا
  • كيف تكشف التزييف في عصر الذكاء الاصطناعي؟