الدرع المغناطيسية: كيف تخطط الصين لإقفال أقمار ستارلينك الصناعية؟
تاريخ النشر: 3rd, December 2025 GMT
ستارلينك هي أكبر شبكة أقمار صناعية للإنترنت في العالم، تضم حاليا أكثر من 8 آلاف قمر في مدار أرضي منخفض، وتخطط لأن يتجاوز العدد 10 آلاف في السنوات المقبلة.
تتميز هذه الكوكبة بأنها ديناميكية للغاية، فالأقمار الصناعية تتحرك باستمرار فوق سطح الأرض، والمستخدم على الأرض يقفز بين قمر وآخر خلال ثوان، مع إمكانية تغيير الترددات وأنماط الإرسال برمجيا من مركز التحكم في الولايات المتحدة.
هذا التصميم جعل ستارلينك "نظاما عنيدا" أمام محاولات التشويش التقليدي، وهو ما ظهر في أوكرانيا عندما واجهت محاولات روسية لتعطيل الخدمة، وردّت الشركة بتحديثات برمجية سريعة في البرمجيات وأنماط الإشارة.
من منظور الصين، هذا يحمل مشكلة مزدوجة، فتايوان، الجزيرة التي تعتبرها بكين جزءا من أراضيها، تعتمد بشكل واسع على البنى الرقمية والاتصالات، وأي صراع مسلح سيجعل القدرة على قطع أو إبقاء الاتصال عاملا حاسما في إدارة المعركة.
إلى جانب ذلك، فستارلينك، التي قد تُستخدم لتأمين اتصالات عسكرية أو مدنية للطرف الآخر (كما حدث في أوكرانيا)، ينظر إليها في أوساط بحثية صينية كمضاعف قوة للولايات المتحدة وحلفائها، وليست مجرد مشروع تجاري للإنترنت عالي السرعة.
لهذا السبب بدأت مراكز بحثية صينية مرتبطة بقطاع الدفاع، مثل معهد بكين للتكنولوجيا وجامعة تشيجيانغ، في دراسة خيارات تحييد ستارلينك فوق منطقة بحجم تايوان، حسبما نقلت صحيفة "ساوث تشاينا مونينج بوست" عن العلماء المعنيين.
وبحسب الدراسة المنشورة في دورية "سيستم إنجنيرينج آند إلكترونيكس"، فهناك سيناريو غير تقليدي ممكن جدا: بدل استهداف الأقمار الصناعية نفسها بصواريخ مضادة للأقمار الصناعية، وهو ما يمثل عملية صعبة ومعقدة ومكلفة، يمكن خلق درع كهرومغناطيسية من الطائرات المسيّرة والبالونات عالية الارتفاع، لإيقاف شبكة ستارلينك مرة واحدة.
إعلاناستخدم الباحثون بيانات حقيقية من كوكبة أقمار ستارلينك لتحديد حركة الأقمار فوق منطقة افتراضية بحجم تايوان على مدى 12 ساعة متواصلة، وصُمِّم نموذج عددي يوزّع فيه ما بين ألف إلى ألفيْ منصة تشويش (طائرات مسيّرة أو بالونات أو طائرات مأهولة).
تُحلّق هذه المنصات على ارتفاع يقارب 20 كيلومترا، أي في طبقة الستراتوسفير تقريبا، وتفصل بينها مسافات من 5 إلى 9 كيلومترات، لتشكّل شبكة ثلاثية الأبعاد من مصادر التشويش.
يعتمد النموذج على دمج نوعين من التشويش، لأن كلا منهما يعالج نقطة ضعف مختلفة في الاتصالات الفضائية.
الأول هو المشوِّش "عريض الحزمة"، والذي يبث ضجيجا كهرومغناطيسيا عبر نطاق واسع من الترددات، فيرفع مستوى الضوضاء بشكل كبير، وبالتالي لو أرادت ستارلينك تغيير التردد أو قفزت بين ترددات مختلفة، يظل التشويش عاملا لأنه يغطي نطاقا كبيرا، لكن هذا النوع من التشويش يتطلب طاقة كبيرة.
أما المشوِّش "ضيق الحزمة" فيركّز طاقته على ترددات أو قنوات محددة، ما يجعله أكثر كفاءة، إذ يمكنه إحداث إضعاف شديد للإشارة عند تلك النقاط بطاقة أقل مقارنة بالتشويش العريض.
بيد أن فعالية التشويش ضيق الحزمة تتراجع إذا جرى تغيير التردد المستهدف سريعا، لذلك يقترح النموذج استخدام التشويش العريض كغطاء عام يحدّ من قدرة الشبكة على المناورة الطيفية، مع توظيف التشويش الضيق لضرب الترددات الأكثر استعمالا أو الأكثر حساسية بدقة أعلى، وبذلك تتحقق فاعلية أكبر مع تقليل نسبيّ لاستهلاك الطاقة.
بناء على هذا النموذج، فكل وحدة تشويش، في حال كانت عالية القدرة، يمكنها نظريا تعطيل الاتصال في مساحة تصل إلى نحو 38.5 كيلومترا مربعا.
ولأن مساحة تايوان تقارب 36 ألف كيلومتر مربع، فإن تعطيل الشبكة فوق الجزيرة بالكامل يتطلب على الأقل 935 مشوِّشا قويا، أو ما يقرب من ألفي مشوِّش ذي قدرة أقل وكلفة أقل.
لكن الأمر ليس بتلك السهولة، فالأقمار الصناعية في حركة مستمرة، ولا تبقى ثابتة فوق نقطة واحدة، بل تعبر السماء في مسارات متداخلة، ما يعني أن محطات المستخدم على الأرض تغيّر الأقمار التي تتصل بها طوال الوقت.
كما يمكن لشركة سبيس إكس تعديل ترددات الإرسال بسرعة عبر تحديثات برمجية، وهذا يجعل أي مشوِّش ثابت التردد أقل فعالية بمرور الوقت.
تجربة أوكرانيا أظهرت أن سبيس إكس قادرة على تعديل برمجيات الأقمار والمحطات الأرضية بسرعة لمواجهة أنماط التشويش الجديدة، عبر تغيير الترددات، أو تحسين خوارزميات تصحيح الأخطاء، أو استخدام حزم أكثر ضيقا.
كلما تم رصد نمط تشويش معين، قد تستجيب الشبكة بتعديلات تجعل جزءا من "الدرع" غير فعال، ومن ثم تتمكن من اختراقه.
إلى جانب ذلك فمحطات ستارلينك الأرضية تستخدم هوائيات موجهة إلكترونيا، قادرة على تشكيل حزم ضيقة موجهة نحو القمر الصناعي المستهدف وتقليل استقبال الضجيج القادم من زوايا أخرى.
لذلك تقترح الدراسات الصينية تشويشا واسع النطاق في السماء نفسها، بدل مطاردة كل جهاز مستخدم على الأرض، يتم خلق "سقف من الضجيج" فوق المنطقة المستهدفة بحيث تتضرر روابط ستارلينك أينما كانت المحطات.
إعلانومن ثم فعند مرور القمر الصناعي في سماء المنطقة، تصبح الإشارة القادمة منه "نقطة مضيئة" وسط بحر من الضجيج الذي يغطي نفس النطاق.
تحديات كبيرةرغم أن الدراسة الجديدة ترجح أن تعطيل ستارلينك فوق منطقة بحجم تايوان ممكن نظريا، إلا أن تحقيق ذلك على أرض الواقع يصطدم بعدة عقبات كبيرة، منها أن نشر ألف إلى ألفي طائرة مسيّرة أو بالون على ارتفاعات شاهقة، مع تزويدها بالطاقة والتنسيق والاتصال، ليس مهمة بسيطة، فأي خلل في التموضع أو الأعطال التقنية قد يفتح "ثغرات" في الدرع الكهرومغناطيسية تسمح بعبور الإشارة.
أضف لذلك أن المحاكاة تفترض غيابا شبه كامل لدفاعات جوية نشطة من جانب تايوان، وهو افتراض غير واقعي في حالة الحرب، فإسقاط عدد كبير من منصات التشويش محتمل، ما سيقلّص فعالية الشبكة فورا.
لكن الصين، على الجانب الآخر، لديها خبرة في إدارة هياكل عملاقة وجعلها مرنة قدر الإمكان، وتزويدها بالعدد الكافي من الوحدات للعمل بشكل مناسب، ما يضع ما سبق في خانة "التحديات" الصعبة، لا القدرة الكاملة على فتح ثغرات في الدرع المغناطيسية الصينية.
حتى الآن، ما نشره الباحثون الصينيون هو محاكاة حاسوبية وليست خطة معتمدة أو عملية جارية، ومن ثم فإن الحسم يتطلب الإعلان عن تجارب، أو استخدام النموذج الجديد في معركة فعلية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات
إقرأ أيضاً:
السلط يتخطى الحسين إربد ببطولة الدرع
صراحة نيوز- فاز فريق السلط على فريق الحسين إربد، بنتيجة 1-0، في مباراة جرت اليوم الأحد، على ملعب الأمير محمد بالزرقاء، في إطار منافسات الجولة السادسة ببطولة درع الاتحاد لكرة الفدم.
وسجل هدف السلط المحترف الموريتاني شيخنا سيميجا.
ومنح هذا الفوز فريق السلط الانتقال للمركز الثاني على سلم ترتيب بطولة درع الاتحاد برصيد 14 نقطة، خلف الفيصلي المتصدر، فيما تجمد رصيد الحسين اربد عند النقطة الحادية عشرة.