دفن جثمان الشاب التركي جمال كمال ألطون في مقبرة بالعاصمة برلين ونصب حجر تذكاري تخليدا لذكراه عند مكان المحكمة التي قفز من شباكها.

كانت ألمانيا الاتحادية على وقع صدمة في أواخر أغسطس / آب عام 1983 مع مثول طالب لجوء تركي، يدعى "جمال كمال ألطون"، أمام المحكمة الإدارية العليا في العاصمة برلين، التي كانت تنظر في مسألة إعادته، إلى تركيا التي كانت قابعة آنذاك تحت الحكم العسكري.

مختارات قواعد لجوء جديدة مشددة في الاتحاد الأوروبي .. من يجني ثمارها؟ لماذا ترفض ألمانيا طلبات لاجئين اعتنقوا المسيحية وترحلهم لبلدهم؟ ألمانيا: رفض كل طلبات اللجوء الكنسي تقريبا في الربع الأول من 2019 "اللجوء الكنسي" بألمانيا: الملاذ الأخير لا يحمي من الترحيل! محكمة ألمانية: اللجوء الكنسي لا يمنع ترحيل اللاجئين المرفوضين

بيد أن الجلسة شهدت حادثة مأساوية فمع قيام عناصر الشرطة بإزالة الأصفاد من يدي جمال ألطون البالغ من العمر 23 عاما أثناء المثول أمام القاضي، أقدم الشاب على القفز من نافذة مفتوحة في مبنى المحكمة ليسقط من على ارتفاع 25 مترا ويلقى حتفه.

وفي عام 1996، جرى وضع حجر تذكاري في شارع هاردنبيرغ شتراسه، حيث كانت تقع المحكمة آنذاك؛ من أجل إحياء ذكرى انتحار ألطون مع كتابة عبارة باللغتين الألمانية والتركية: "يتعين على الأشخاص المضطهدين سياسيا الحصول على اللجوء".

ولم تكن واقعة ألطون الوحيدة للاجئ يقدم على الانتحار خوفا من الترحيل، إذ شهدت البلاد أكثر من مئة حالة مشابهة، لكن انتحار ألطون كان الأكثر إثارة للجدل.

الالتزام الاجتماعي والسياسي

تابع يورغن كفانت مصير ألطون عام 1983. ويعمل الرجل البالغ من العمر 79 عامًا قسًا في أبرشية "إلى الصليب المقدس" البروتستانتية في برلين-كرويتسبرغ منذ عام 1980. وكان اللاجئون يبحثون أيضًا عن المساعدة من قبل الأبرشية في ذلك الوقت، وهم أشخاص من تركيا ولبنان والأراضي الفلسطينية. وفي مقابلة مع DW، قال كفانت "أردنا الانخراط بقوة أكبر في القضايا الاجتماعية والسياسية"، مشيرا إلى أن عددا من رفقاء ألطون شرعوا في إضراب عن الطعام في ربيع عام 1983 داخل الكنيسة.

نصب تذكاري خاصة جمال كمال ألطون الذي أقدم على الانتحار خوفا من ترحيله إلى تركيا

بعد أسابيع قليلة من وفاة ألطون، توجه لاجئون من الأراضي الفلسطينية إلى القس كفانت وقادة الأبرشية وطلبوا اللجوء إلى الكنيسة، خوفًا من الترحيل. وحتى اليوم، يصف كفانت كيف تحدث معه طالبو المساعدة عن تقليد الكنيسة القديم في منح الحماية واللجوء. وأعطت الكنيسة الحماية لهم، لجوءً كنسيا في مبنى الأبرشية. 

وعلى وقع ذلك، مثلت قضية ألطون بداية لما عُرف لاحقا بـ "اللجوء الكنسي في ألمانيا"، إذ خلال الأربعين عامًا الماضية، حاولت الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية والمستقلة في ألمانيا توفير الحماية المؤقتة لطالبي اللجوء، الذين سوف يواجهون الخطر في حالة ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية.

وفقًا للإحصائيات الرسمية المعنية باللجوء الكنسي، فقد قدمت الكنائس في ألمانيا المساعدة لآلاف من أقران ألطون، حيث أفادت اللجنة المعنية باللجوء إلى الكنيسة في منتصف أغسطس/آب الماضي بوجود قرابة 655 شخصا بينهم 136 طفلا، يتمتعون بحماية كنسية في إطار "اللجوء الكنسي"، فيما جرى حسم 285 قضية لجوء كنسي.

أحد أولئك الذين يمنحون اللجوء الكنسي هو غوتفريد مارتنز، راعي الكنيسة الإنجيلية اللوثرية المستقلة في برلين، وهو من بين الأشخاص الأكثر دراية بالأمر، إذ يعيش داخل كنيسته العديد من الإيرانيين الذين فروا من بلادهم بعد اعتناقهم الديانة المسيحية.

القس غوتفريد مارتنز، الذي يمنح أيضا اللجوء الكنسي في برلين

الأمان بعد الخوف

ومن بين هؤلاء ساسان رضائي، الذي قال إنه فر من إيران بعد اعتناقه الديانة المسيحية. وفي مقابلة مع DW، قال إنه "تعرض للضرب والاعتقال دون طعام وشراب" قرب الحدود البوسنية-الكرواتية بعد دخوله بشكل غير القانوني، مضيفا "لقد طُلب مني الخروجُ وكنت أخشى الموت".

وقال رضائي، الذي كان يعمل طباخا، إنه بعد يومين من وصوله إلى ملجأ داخل كنيسة عقب وصوله ألمانيا، شعر بالطمأنينة وغاب عنه الخوف والقلق.

ويعيش الشاب الإيراني في الوقت الحالي داخل الكنيسة لكن غير مسموح له بمغادرتها، فيما يقوم بالطهي لإطعام نفسه وأقرانه من طالبي اللجوء، الذين وجدوا ضالتهم في الكنيسة.

وما زال الغموض يكتنف مصير رضائي وغيره من طالبي اللجوء الذين يعيشون في الكنائس بموجب "اللجوء الكنسي في ألمانيا"، خاصة عقب فشل التوصل إلى اتفاق بشأن لوائح قانون اللجوء داخل بلدان الاتحاد الأوروبي.

وتنص القواعد الحالية على أنه يجب البت في طلبات اللجوء في أول دولة أوروبية وصل إليها اللاجئ أو اللاجئة، ويعني هذا أنه يمكن للسلطات الألمانية ترحيل طالبي اللجوء مثل رضائي حيث يُسمح لألمانيا بإعادة اللاجئين إلى الدولة الأوروبية، التي جرى تسجيلهم فيها لأول مرة ما لم يكونوا يعيشون في ألمانيا لمدة 6 أشهر على الأقل.

وفي ذلك، قال القس كفانت لـDW إن "حماية اللاجئين تعد انعكاسا لإيماننا".

قال الإيراني رضائي (36 عاما) إنه قرر الفرار من بلاده خوفا على حياته عقب اعتناقه الديانة المسيحية

ومنذ بدء تطبيق "اللجوء الكنسي" في ألمانيا، ظلت هذه القضية موضع نقاش داخل الكنائس، فيما أصبح التركيز منصبا في الغالب على إيواء اللاجئين الذين يواجهون خطر إعادتهم إلى دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، بعد أن كان الأمر في السابق يشمل حمايتهم من خطر ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية، وهو الأمر الذي كان يتطلب بقاءهم داخل الكنائس لفترات طويلة.

استمرار الجدل

وفي ظل استمرار حالة الجدل حول "اللجوء الكنسي" في ألمانيا، يتهم سياسيون الأبرشيات بانتهاك القوانين، إذ في بعض الأحيان يتعين على القساوسة المثول أمام المحاكم لتبرير الانخراط في "اللجوء الكنسي".

وقد شهد يوليو/تموز الماضي واقعة أثارت جدلا فيما كانت مسرحها مدينة فيرسين في منطقة الراين السفلى بين دسلدورف والحدود الهولندية. وبدأت القضية عندما دخل مسؤولو الهجرة إلى مرفق لجوء تابع لكنيسة في المدينة، حيث قاموا بإبعاد زوجين كرديين، كانا يعيشان داخل الكنيسة منذ مايو/ أيار الماضي 2023. وبسبب الخوف من حدوث حالة غضب، قررت السلطات عدم إعادة الزوجين إلى بولندا، حيث تم تسجيلهما لأول مرة بعد وصولهما إلى حدود الاتحاد الأوروبي.

مازالت قضية "اللجوء الكنسي" تثير جدلا في ألمانيا

يشار إلى أنه في عام 2019، وقف رجل دين مسيحي في ألمانيا في قفص الاتهام بسبب منح اللجوء الكنسي ومعه اللاجئ المعني أيضا، وهو مواطن أفغاني، فيما انتهت دون إصدار حكم نهائي.

وتشير هذه القضية إلى أن "اللجوء الكنسي" ما زال يثير الجدل إذ شهدت البلاد قبل ثلاثة أعوام تنظيم مئات ممثلي الكنيسة ورجال الدين مسيرات صامتة، رافعين لافتات كُتب عليها "اللجوء الكنسي ليس جرما" أو "لكل شخص الحق في الحصول على الحماية من الاضطهاد".

كريستوف شتراك / م. ع

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: اللجوء إلى أوروبا الاتحاد الأوروبي ألمانيا ترحيل اللاجئين اللجوء إلى أوروبا الاتحاد الأوروبي ألمانيا ترحيل اللاجئين الاتحاد الأوروبی من الترحیل فی ألمانیا

إقرأ أيضاً:

بحضور البابا تواضروس الثاني.. «الصحة» تنظم قافلة طبية متنقلة في الكنيسة الكاتدرائية بالعباسية

كتب - أحمد جمعة:

نظمت وزارة الصحة والسكان، قافلة طبية متنقلة لتقديم خدمات الفحص الطبي والكشف المبكر والتوعية الصحية، ضمن مبادرة رئيس الجمهورية لدعم صحة المرأة، داخل كنيسة الكاتدرائية بمنطقة العباسية، وذلك في إطار حرص الوزارة على التواجد الميداني وتشجيع السيدات على إجراء الفحوصات الطبية المبكرة ورفع وعيهن، بما يسهم في تحسين الحالة الصحية للسيدة المصرية.

قدمت القافلة خدماتها برعاية وتشريف قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، لحث المترددات من الكنيسة على إجراء الفحوصات الطبية الدورية المجانية التي تقدمها وزارة الصحة، ضمن أعمال المبادرة.

وقال الدكتور حسام عبدالغفار المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، إن عدد المترددات على العيادة الأولية، وتحويلات الأشعة بلغ أكثر من 500 سيدة، خلال أيام عمل الوحدة الطبية المتنقلة، التي استمرّت 4 أيام خلال شهر يوليو، إلى جانب تقديم التوعية التثقيفية حول أعراض أورام الثدي، وما يسببها وطرق الوقاية منها وأهمية الفحص الذاتي والدوري للسيدات.

واستكمل «عبدالغفار» أن القافلة قدمت خدمات الفحص الطبي المبكر، وكذلك خدمات عيادات (أمراض النساء، والأسنان، والعظام، والرمد، والباطنة) بجانب توفير الدماء من الصيدلية المتنقلة مجانا.

ومن جانبه، أوضح الدكتور حاتم أمين المدير التنفيذي لمبادرة دعم صحة المرأة، أن الوحدة المتنقلة قدمت خدماتها للسيدات بأعمارهن المختلفة بدءا من الـ 18 عاما، وذلك ضمن جدول زيارات منظم وتواجد دوري للوحدة داخل الكاتدرائية، بهدف ترسيخ فكرة الفحص الدوري وأهميته للسيدات، مشيرا إلى أن المبادرة تنظم العديد من القوافل المتنقلة في مناطق مختلفة على مستوى الجمهورية للوصول لكل سيدة مصرية.



لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

قافلة طبية متنقلة الكنيسة الكاتدرائية العباسية

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

إعلان

أخبار

المزيد أخبار مصر "بحلم بيه".. أول تعليق لمحمد سعيد محفوظ على حفل زفافه -(صور) أخبار المحافظات ماراثون رياضي وتراثي في الإسكندرية احتفالًا بعيدها القومي -صور أخبار المحافظات غدًا قطع التيار الكهربائي عن حي النصر بمدينة طور سيناء شئون عربية و دولية اليونان تحذر من مخاطر شديدة بنشوب حرائق غابات خلال مطلع الأسبوع شئون عربية و دولية منصة لإبادة إسرائيل.. أمريكا تهاجم خطة فرنسا للاعتراف بفلسطين

الثانوية العامة

المزيد جامعات ومعاهد 25 صورة توضح خطوات تنسيق القبول بالجامعات والمعاهد 2025 مدارس غداً.. وزير التعليم يلتقي أوائل الثانوية العامة جامعات ومعاهد الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر الأزهر جامعة الأزهر تنعى العميد الأسبق لكلية أًصول الدين بالمنوفية مدارس تظلمات الثانوية العامة 2025- الموعد والرسوم والخطوات

إعلان

أخبار

بحضور البابا تواضروس الثاني.. «الصحة» تنظم قافلة طبية متنقلة في الكنيسة الكاتدرائية بالعباسية

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

للإعلان كامل للإعلان كامل 41

القاهرة - مصر

41 27 الرطوبة: 17% الرياح: شمال غرب المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب الثانوية العامة فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • 53 قتيلاً وجريحاً.. ارتفاع حصلية هجوم الكنيسة بالكونغو
  • جريمة مروعة في لبنان.. مقتل زوجين مسنّين داخل منزلهما
  • بعد شائعة مرضها.. أنغام ترد بصورة من داخل مستشفى في ألمانيا
  • خطر الترحيل.. آلاف الكاميرونيين مهددون بعد تأييد قرار ترامب بإنهاء الحماية المؤقتة
  • عمليات الترحيل من ألمانيا تتجاوز 11800 في النصف الأول من عام 2025
  • بحضور البابا تواضروس الثاني.. «الصحة» تنظم قافلة طبية متنقلة في الكنيسة الكاتدرائية بالعباسية
  • الصحة تنظم قافلة طبية متنقلة لدعم صحة المرأة في الكنيسة الكاتدرائية بالعباسية
  • غرامة تصل لـ 100 ألف جنيه حال إيواء طالب اللجوء دون إخطار
  • ما سبب فرض بريطانيا قيودا على التأشيرات لجنسيات معينة؟
  • الخولي: الترحيل الآن