جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-12@06:20:26 GMT

المناصب.. مسؤولية وأمانة كفاءة

تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT

المناصب.. مسؤولية وأمانة كفاءة

 

سالم البادي (أبومعن)

لا شك أنَّ كلٌ منَّا يعي ويُدرك أهمية المناصب في هذه الحياة؛ فصاحب المنصب لا بد أن يتحلى بسمات وصفات منها الأمانة والكفاءة والجدارة والإدارة، وأن يكون قادرًا على تحمل أعباء ثقيلة فضلاً عن أن يكون ملمًا برسم الخطط والرؤى المستقبلية، ويكون لديه الشعور بالواجب الوطني والقيام به على أكمل وجه، بعيدًا عن المحسوبية والمحاباة وغيرها من الأمراض الاجتماعية الأخرى .

وهنا لا بُد أن تدرك وتفهم يا صاحب المنصب أنه في يوم ما ستغادر منصبك أياً كان مسماه، ولن يبقى لك إلاّ ما زرعته من خير وحُسن معاملة بين الناس والأثر والذكر الطيب والشعور بالطمأنينة وراحة البال والأهم من ذلك هو رضا رب العباد.

وصدق القائل: إنَّ المناصبَ لا تدومُ لواحدٍ // إنْ كنتَ في شَكٍّ فأينَ الأوّلُ

فاغرسْ منَ الفعلِ الجميلِ فضائلاً  // فإذا عُزلتَ فإنها لا تُعزلُ

جاء عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه "لئن عشتُ إن شاء الله لأسيرنَّ في الرعية حولاً، فإني أعلم أن للناس حوائج تُقطع دوني، أما عمّالُهم فلا يرفعونها إليَّ".

أما في عصرنا هذا فما أكثر ما يُخفى عن المسؤول من حوائج الناس، فتضيع الحوائج فتكثر المشاكل والمعضلات والمصائب في المجتمع وتكثر همومهم ومعاناتهم ومآسيهم، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.

وهذه هي حياتنا نحيا ونعيش فيها وكل شيء منها زائل، وكل شيء فيها لا يدوم لا مال ولا بنون ولا غنى ولا فقر ولا صحة ولا منصب. لذا لا يستدعي كل هذا الغرور والتفاخر والكبرياء والتمسك بالكراسي والمناصب والسلطة وكأنها جعلت لكم بالوراثة وليست بالجدارة لمن يستحقها.

والغريب والعجيب من أمر الإنسان حينما يعتلي منصبًا ينتابه نوع من الهيبة والاستعلاء والسلطة والقوة والكبرياء؛ فيستعلي ويتكبر على البشر ويستغل سلطته ومنصبه في مصالحه ومآربه الدنيئة، ولا يكتفي بذلك بل يتعمد تأخير وتأجيل مصالح الآخرين التي أؤتمن عليها لإنجازها وتخليصها، فالمواقف والشواهد كثيرة لا تحصى ولا تعد .

فيا صاحب المنصب هل تعلم أن هناك من يعزل من منصبه فجأة بسبب أو بغير سبب؟ هل تعلم أن هناك من يتقاعد بسبب أو بآخر؟ هل تعلم أن هناك من يفارق الحياة فجأة وهو على رأس عمله؟ وفي النهاية لا يبقى لك إلا الأثر؛ سواءً طيبًا أو سيئًا .

 

المنصب له وجهان لعملة واحدة هو: المنصب من أجل إدارة المنفعة العامة ويتسم برقيّ الخلق والأمانة، تلحقه سيرته الطيبة بعد وفاته .ووجه آخر وهو المنصب ذو سمعة سيئة ويفتقد للأمانة، ويتسم بالغرور والكذب، واستغلال منصبه لتكوين ثروة، فبالتالي لا يجني بعد وفاته إلا السمعة السيئة والذكر السيئ.

المناصب كالكراسي تدور ولا تدوم، وصدق الله في كتابه العزيز "فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ".

هناك من غادروا مناصبهم القيادية وأصبحوا في عالم النسيان بعد رحيلهم حينما يصبح كرسي وزيرا أو وكيلا أو محافظا أو مستشارا أو مديرا عاما أو واليا أو قاضيا، الذين بيدهم القرارات التي تخدم الناس وتسيير متطلباتهم واحتياجاتهم المعيشية والاجتماعية وغيرها، فيصبح ذلك طي النسيان كأن لم يكن بالأمس.

فكم من أصحاب المناصب والنفوذ اليوم الذين صنع لهم المستفيدون من حولهم هالة من النفاق والخنوع والذل أين هم الآن؟

بالأمس يستقبل بالمدح والنفاق، وكان ينهب ويظلم ويستغل ويترفع، اليوم يمر مرور الكرام لا يستشعر به أحد، ولا احد يعيره ذرة اهتمام، بل البعض منهم أصبح يتنقل بين ثرواته وعقاراته في مختلف بلدان العالم، والبعض الآخر بات منصبه ومقره الأسواق والمقاهي ليصبح من عامة الناس! ألم يحسب حسابا لهذا اليوم أو لهذا الموقف؟

وصدق قائل آخر: لا تحسبوا أن المناصبَ باقية // أو أنها يوماً ستبقى وافية

عاشرْ بمعروفٍ فإنكَ راحلٌ // واتركْ قلوبَ الناسِ نحوكَ صافية

الخلاصة.. يا صاحب المنصب: أعلم يقينا أن المنصب والسلطة والمسؤولية هي تكليف وتشريف لخدمة وطنك وشعبك وسلطانك، وهي أمانة في رقبتك أمام الله والشعب وسوف تسأل عنها يوم الحساب، فلا تستعجل بفرحة المنصب إذا كلفت وشرفت به، وتوالت عليك التهاني من كل حدبٍ وصوب!. وأنستك حقيقتك وواجبك الإنساني والوطني؛ بل اجعل من منصبك فأل خير عليك وعلى وطنك وشعبك ومجتمعك، واعلم أن المسؤولية حمل ثقيل وأمانة كبيرة، فاحرص على أن يبقى ذكرك بالخير مستمرًا حتى بعد رحيلك من هذه الدنيا.

يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) "الأنفال:27".

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

كثيرون حول السلطة… قليلون حول الوطن

المعركة التي يخوضها خالد الأعيسر وآخرون للعودة إلى الوزارة خطيرة ومُدمّرة، وسوف تُلحق الضرر بهم وبالمصلحة الوطنية.

لا يمكن، من أجل الانتصار للنفس، أن يصل بنا الأمر إلى تحريك “مسرح عرائس” مكشوف من الكتبة، وحملات مُنظَّمة للهجوم على رئيس الوزراء، أو من يعاونه من “داخل الصندوق”.

لا شك أنك تعلم، وكذلك بعض الدُمى، أن قرار عودتك لا علاقة له بالدكتور كامل إدريس. بل هو حبيس تقديرات من لديهم رأي سلبي في طريقة إدارتك للوزارة في الفترة السابقة، والتصريحات غير الموزونة التي كادت إحداها أن تعصف بالعلاقة مع دولة محورية ساندت ودعمت القوات المسلحة السودانية في أحلك الظروف.

الأهم من ذلك، أن فكرة منصب وزير أو حتى مستشار إعلامي لم تعد مغرية لدرجة الاقتتال، ولا تستحق إهراق كل هذا الحبر، ولا حتى عناء المحاولة. ولا يمكن أيضًا تفضيل شخص ساند الجيش والدولة بصوته على شخص ساندها بماله، أو بالكتابة، أو بالدعاء، فجميعهم سواء.
أعظم الأبطال هم الشهداء والجرحى والمرابطون في الثغور، فلو كانت المناصب تُمنح للتكريم، فهم وأسرهم أولى بها؛ هم أكرم منا جميعًا. فقائد المقاتلة السوخوي، الذي أوقف الهجوم على الفاشر وبابنوسة وأحرق مركبات الجنـ.جويد، وجعل قائد التمرد يهرب من الميدان، لا يمكن استنساخه. ولا يمكن أبدًا مقارنة اقتحام الفضاء الملتهب بالظهور في الفضائيات، ومن يردد ذلك فهو مجرد منافق ومدلّس.

الأهم من ذلك، وربما لا يحتاج إلى تأكيد، هو أن مصلحتنا جميعًا، دون أي تمييز، تقتضي تهيئة الظروف بالكامل لنجاح حكومة كامل إدريس. وهى ربما تكون الفرصة الأخيرة لنهضة بلادنا؛ هذا أو الطوفان والوصاية الأممية.

إلى جانب ذلك، فإن زرع الألغام أمام حكومة الأمل، والتعامل مع المناصب بأنانية مفرطة، هو ثغرة سينفذ منها العدو. وبتلك المعارك الصغيرة ستتفاقم الأزمة، ويبتهج الأعداء. لذا، أفسحوا الطريق لرئيس الوزراء، اتركوه يعمل دون تسريبات، وليختر حكومته وفقًا للمعايير التي يراها مناسبة.

اليوم، لا توجد معركة أهم من معركة البناء والإعمار؛ هي وحدها كفيلة بهزيمة مشروع الحرب. وهنا، المعلم والمزارع والطبيب والعامل الذي انخرط في دوامة الإنتاج جديرون بالاحترام، فقد فهموا ووعوا الدرس أكثر من الساسة والكُتَّاب والقبائل الساعية للمجد. أو كما قال المهاتما غاندي: “كثيرون حول السُلطة… قليلون حول الوطن”.
عزمي عبد الرازق

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • أمينة ترد على الانتقادات بعد مشاركتها في عزاء أحمد عامر: "اتقوا الله"
  • صلتي بأهلي كويسة.. أمينة توجه رسالة غاضبة بعد عزاء أحمد عامر
  • كثيرون حول السلطة… قليلون حول الوطن
  • الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة غدًا... تعرف عليها
  • حكم كأس العالم 2026 يقود مباراة نفط البصرة وأمانة بغداد
  • من علامات الساعة خروج الدابة.. اعرف هيئتها ومواطن خروجها وماذا ستفعل بالناس
  • «لله درك يا ابن عباس».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 11 يوليو 2025
  • مستقبل وطن بالعلمين: العمل السياسي مسؤولية والحزب هو الأقرب للمصريين بجميع المحافظات
  • نائب يستبعد تضمين خور عبد الله بجلسة البرلمان المقبلة: هناك سوء فهم للقضية
  • علي جمعة: النبي عظَّم أمرَ الصلح بين الناس تنفيذًا لأوامر الله