قطر الخيرية تضع حجر الأساس لمدينة الكرامة شمال سوريا
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
بدعم من أهل الخير في قطر وبالتعاون مع ولاية غازي عنتاب بتركيا قامت قطر الخيرية بوضع حجر الأساس لمدينة الكرامة والتي توفر سكنا نموذجيا آمنا لنحو 8500 شخص من النازحين السوريين قرب مدينة الباب في ريف حلب الشمالي.
وقد جاءت هذه الخطوة بالتزامن مع توقيع كل من قطر الخيرية وولاية غازي عنتاب اتفاقية لإنشاء هذه المدينة بحضور عدد من المسؤولين الأتراك.
توقيع الاتفاقية
وقد قام بتوقيع اتفاقية إنشاء مدينة الكرامة في العاصمة التركية أنقرة كل من السيد يوسف بن أحمد الكواري الرئيس التنفيذي لقطر الخيرية والسيد آنال ألكال نائب والي مدينة غازي عنتاب بحضور كل من: مساعد رئيس إدارة الإغاثة والطوارئ التركية (آفاد) السيد اوندير بوزكورت، ومسؤول الطوارئ العام في الآفاد السيد إسماعيل بالاك أوغلو، ومدير عام الشؤون الدولية والهجرة في الهلال الأحمر التركي السيد ألبير كوتشوك، ورئيس بلدية اكجا كالي السيد محمد يالتشين كايا، والسيدة فاطمة شاهين رئيس بلدية غازي عنتاب، والمشرف العام على مكتب قطر الخيرية بتركيا السيد يوسف الحمادي.
وضمن جهود إعادة الإعمار لمتضرري الزلزال في تركيا قامت قطر الخيرية وبلدية غازي عنتاب أيضا بالتوقيع على اتفاقية أخرى لإنشاء سكن اجتماعي لصالح الأيتام في غازي عنتاب يتضمن 40 شقة سكنية بمساحة 100 متر مربع للشقة الواحدة.
وقد وقع هذه الاتفاقية السيد يوسف بن أحمد الكواري الرئيس التنفيذي لقطر الخيرية وآنال ألكال نائب والي مدينة غازي عنتاب والسيدة فاطمة شاهين رئيس بلدية مدينة غازي عنتاب.
وفي هذا الإطار قال الرئيس التنفيذي لقطر الخيرية: «إننا في قطر الخيرية نؤكد على أهمية دعم مشاريع إعادة إعمار المناطق التي تضررت في كل من تركيا والشمال السوري خاصة بعد الزلزال المدمر الذي ضرب هذه المناطق في فبراير الماضي وذلك بالتنسيق مع الجهات الرسمية والجهات الفاعلة والشركاء الإنسانيين. كما نواصل جهودنا الإنسانية الحثيثة في إقامة مدن إيواء نوعية للنازحين السوريين في الداخل السوري الذين يعانون من النزوح المطول إسهاما في حفظ كرامتهم الإنسانية».
وقد توجه الكواري بالشكر لأهل الخير في قطر على تبرعاتهم السخية ووقوفهم إلى جانب إخوانهم السوريين في محنتهم المتواصلة وإلى جانب المتضررين من الزلزال من الإخوة الأتراك للتخفيف من معاناتهم ودعم جهود توفير المأوى للنازحين وإعادة الإعمار للمتأثرين من الزلزال، كما وجه شكره للمسؤولين الأتراك على تعاونهم في التنسيق لتنفيذ هذه المشاريع الإنسانية.
من جهته ثمَّن نائب والي مدينة غازي عنتاب آنال ألكال مشروع مدينة الكرامة، معتبرا أنها ستنعكس على حياة النازحين السوريين في المنطقة التي ستقام فيها بالشمال السوري بصورة إيجابية، واعتبرها مدينة نموذجية لأنها ستوفر للأسر النازحة حياة كريمة، كونها لا تقتصر على الوحدات السكنية فحسب بل توفر لهم ولأطفالهم الخدمات التعليمية والصحية والترفيهية.
ووجه شكره لقطر، حكومة وشعبا، ولقطر الخيرية لأنهم كانوا سبَّاقين في تقديم الدعم الإنساني ومد يد العون للنازحين واللاجئين السوريين منذ بداية الأزمة وحتى الآن، كما كانوا سباقين في إغاثة المتضررين من الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في فبراير الماضي، ولتنسيقهم المتواصل مع الجهات التركية من أجل إقامة عدة مشاريع نوعية في المناطق التركية المتضررة.
حفظ كرامة النازحين
ويشير تقرير تقييم الاحتياجات الإنسانية لسوريا للعام 2023 المعد من طرف وكالات الأمم المتحدة المتخصصة وباقي الفاعلين الإنسانيين إلى أن احتياجات المأوى لا تزال شديدة، ويضيف التقرير أن جزءا كبيرا من السكان يعانون من النزوح المطول في شمال شرق وشمال غرب سوريا.
وقد تم تسمية مدينة الكرامة بهذا الاسم بهدف الحفاظ على كرامة النازحين عبر توفير مسكن آمن وحياة كريمة لهم وتوفير خدمات أساسية متكاملة كما يسهم تنفيذ مشروع مدينة الكرامة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وبصفة خاصة مقاصد الهدف 11 والذي يهدف إلى جعل المدن شاملة، وآمنة، ومرنة، ومستدامة.
مرافق متكاملة
وتتألف مدينة الكرامة من 1680 وحدة سكنية توفر الخدمات الأساسية عبر إنشاء مرافق خدمية وتعليمية وترفيهية وبنية تحتية متكاملة حيث تحتوي على 4 مدارس وروضة ومركز صحي للرعاية الصحية الأولية يتكون من غرف معاينة واستقبال وصيدلية وقسم لإقامة المرضى، كما تحتوي على مسجد يتسع لـ 600 مصلٍ، وسوق تجاري، وبئر وخزان للمياه ونادٍ رياضي، وفرن للخبز، وشبكة كهرباء لكامل المدينة والمنازل، وشبكة للمياه والصرف الصحي، ومبنى للخدمات العامة، وصالة متعددة الاستخدامات، وحديقة عامة وأماكن للعب الأطفال.
مشاريع سابقة
كانت قطر الخيرية قد أطلقت حملة لجمع التبرعات لإيواء النازحين «تحدي ليلة 27» بمشاركة كل من المؤثرين على شبكات التواصل في قطر وهم: عبد الله الغافري والدكتور عبد الرحمن الحرمي ومحمد عدنان وذلك في ليلة السابع والعشرين من رمضان الماضي، حيث نجحت في جمع تبرعات من أهل الخير بلغت قيمتها 33 مليون ريال قطري خلال 3 ساعات لتمويل مدينة الكرامة في الشمال السوري ومدينة الخير آت في اليمن.
الجدير بالذكر أن قطر الخيرية كانت قد قامت بإنشاء مدينة الأمل لتوفير 1400 بيت لأكثر من 8800 شخص من النازحين في الشمال السوري، وتعد هذه المدينة مدينة متكاملة المرافق والخدمات وقد صممت استرشادا بخطة الاستجابة الإنسانية لسوريا وتحقيقا لأهداف التنمية المستدامة، وتحتوي على جميع المرافق الأساسية كالمرافق التعليمية ورياض الأطفال ومسجد ومركز صحي وسوق وأماكن مخصصة للعب الأطفال.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر قطر الخيرية النازحين السوريين قطر الخیریة فی قطر
إقرأ أيضاً:
فؤاد باشا سراج الدين .. الرجل الذى علم المصريين معنى الكرامة
منذ يومين مرت الذكرى الرابعة والعشرون لرحيل رجل من أعظم رجال مصر فى القرن العشرين؛ رجل لم يكن مجرد سياسي أو صاحب منصب، بل كان مدرسة كاملة فى الوطنية والعناد الشريف والإصرار على أن تبقى مصر واقفة مهما حاولت قوى الاحتلال أن تكسر إرادتها.
أتحدث هنا عن فؤاد باشا سراج الدين، الرجل الذى ترك بصمة لا تمحى فى الوجدان المصرى، والذى رحل عن عالمنا فى التاسع من أغسطس عام 2000، لكنه لم يرحل يوما عن ذاكرة الوطن.
فى كل مرة تمر فيها ذكرى رحيله، أشعر أن مصر تعيد اكتشاف جزء من تاريخها؛ تاريخ لا يمكن فهمه دون الوقوف أمام شخصية بهذا الثقل وبهذه القدرة على الصمود.
ولد فؤاد باشا سراج الدين سنة 1910 فى كفر الجرايدة بمحافظة كفر الشيخ، وبدأ مشواره شابا يحمل حلم الوطن فى قلبه قبل أن يحمله على كتفيه.
تخرج فى كلية الحقوق، ودخل معترك الحياة العامة صغيرا فى السن، لكنه كبير فى العقل والبصيرة، وفى سن لم تكن تسمح لغيره سوى بأن يتدرب أو يتعلم، أصبح أصغر نائب فى تاريخ الحياة البرلمانية المصرية، ثم أصغر وزير فى حكوماتها المتعاقبة، فى زمن لم يكن الوصول فيه إلى المناصب بالأمر السهل ولا بالمجاملات.
لكن ما يجعل الرجل يستحق التوقف أمامه ليس كثرة المناصب، بل طريقة أدائه فيها، فقد كان نموذجا للمسؤول الذى يعرف معنى الدولة، ويؤمن بأن خدمة الناس شرف لا يباع ولا يشترى.
ومن يعيش تفاصيل تاريخه يدرك أنه لم يكن مجرد جزء من الحياة السياسية، بل كان جزءا من الوعى العام للمصريين، وصوتا قويا فى مواجهة الاحتلال، وسندا لحركة الفدائيين فى القناة، وواحدا من الذين كتبوا بدموعهم وعرقهم تاريخ كفاح هذا الوطن.
ويكفى أن نذكر موقفه الأسطورى يوم 25 يناير 1952، حينما كان وزيرا للداخلية، ورفض الإنذار البريطانى الداعى لاستسلام رجال الشرطة فى الإسماعيلية.
وقتها لم يتردد لحظة، واختار الكرامة على السلامة، والوطن على الحسابات السياسية، ذلك اليوم لم يصنع فقط ملحمة بطولية، لكنه صنع وجدانا كاملا لأجيال من المصريين، وأصبح عيدا رسميا للشرطة تخليدا لشجاعة رجال رفضوا أن ينحنوا أمام الاحتلال، وهذه الروح لم تكن لتظهر لولا وزير آمن برجاله وبمصر أكثر مما آمن بنفسه.
كما لا يمكن نسيان دوره الحاسم فى إلغاء معاهدة 1936، ودعمه لحركة الكفاح المسلح ضد الإنجليز، ولا تمويله للفدائيين بالمال والسلاح، كان يعلم أن المستقبل لا يهدى، وإنما ينتزع انتزاعا، وأن السيادة لا تستعاد بالكلام، وإنما بالمواقف.
وفى الداخل، قدم سلسلة من القوانين التى شكلت تحولا اجتماعيا حقيقيا؛ فهو صاحب قانون الكسب غير المشروع، وصاحب قوانين تنظيم هيئات الشرطة، والنقابات العمالية، والضمان الاجتماعى، وعقد العمل الفردى، وقانون إنصاف الموظفين.
وهى تشريعات سبقت عصرها، وأثبتت أن الرجل يمتلك رؤية اجتماعية واقتصادية عميقة، وميلا دائما للعدل والمساواة، وفهما راقيا لطبيعة المجتمع المصرى.
ولم يكن خائفا من الاقتراب من الملفات الثقيلة؛ ففرض الضرائب التصاعدية على كبار ملاك الأراضى الزراعية حين كان وزيرا للمالية، وأمم البنك الأهلى الإنجليزى ليصبح بنكا مركزيا وطنيا، ونقل أرصدة الذهب إلى مصر للحفاظ على الأمن الاقتصادى للدولة، وكلها خطوات لا يقدم عليها إلا رجل يعرف معنى السيادة الحقيقية ويضع مصالح الوطن فوق كل اعتبار.
ورغم الصدامات المتتالية التى تعرض لها، والاعتقالات التى مر بها فى عهود متعددة، لم يتراجع ولم يساوم، ظل ثابتا فى المبدأ، مؤمنا بالوفد وبالحياة الحزبية، حتى أعاد إحياء حزب الوفد الجديد عام 1978، ليبقى رئيسا له حتى آخر يوم فى حياته، وقد كان ذلك الإحياء بمثابة إعادة الروح لمدرسة سياسية كاملة ترتبط بتاريخ النضال الوطنى الحديث.
إن استعادة ذكرى فؤاد باشا سراج الدين ليست مجرد استدعاء لصفحات من التاريخ، بل هى تذكير بأن مصر لم تبن بالكلام، وإنما صنعت رجالا مثل هذا الرجل، آمنوا أن الحرية حق، وأن الوطنية فعل، وأن الكرامة لا تقبل المساومة.
وفى زمن تكثر فيه الضوضاء وتختلط فيه الأصوات، يبقى صوت أمثال فؤاد باشا أكثر وضوحا، وأكثر قوة، لأنه صوت نابع من قلب مصر، من تربتها وأهلها ووجدانها.
رحل جسد الرجل، لكن أثره باق، وتاريخه شامخ، وسيرته تذكرنا دائما بأن الوطن لا ينسى أبناءه المخلصين وأن مصر، رغم كل ما تمر به، قادرة دائما على إنجاب رجال بحجم فؤاد باشا سراج الدين.