علي جمعة : الإيمان بوجود الخالق ركن العقيدة الأول
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
قال الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف إن الإيمان بوجود الخالق ركن العقيدة الاول، وهو القاعدة التي تبنى عليها مسائل العقيدة كلها, والإيمان بهذا الوجود هو السبيل إلى تحقيق الفهم الصحيح للخلق والمخلوقات ومعرفة معنى الوجود في هذا الكون.
. علي جمعة يصحح اعتقادا خاطئا بشأنهما
واضاف عبر الفيسبوك أن الكون الذي نراه ونشاهده ممكن الوجود; بمعنى أن العقل يقضي بأنه يحتمل أن يوجد بعد أن لم يكن موجودا ويحتمل ألا يوجد; فلابد أن يكون هناك مؤثر خارجي رجح فيه إمكان وجوده وأبعد عدمه, وقد كان الكون في أصله قابلا لكليهما بحد سواء وهذا الموجد هو الله عز وجل; قال تعالى: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ) [الطور:35-36] وكل عاقل بالمشاهدة والضرورة العقلية يقر بأن المخلوقات وجدت بعد العدم أي هي محدثة, والموجود بعد العدم لابد له من موجد أي محدث, وتسلسل المحدثات ممتنع باتفاق العقلاء.
وتابع: والتسلسل هو أن يكون للمحدث محدث وللمحدث محدث آخر إلى غير نهاية, ولا يزول هذا التسلسل إلا بمحدث أزلي لا يحتاج إلى غيره ولا يفتقر في وجوده إلى موجد, وهذا هو الله واجب الوجود. وواجب الوجود مستقل في الإيجاد أي لا يستند وجوده إلى شيء; قال تعالى: (قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ * قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) [الشعراء:23-28].
والإتقان والحكمة المبثوثان في أرجاء الكون وفي تفاصيل الخلق يجعلان من ينسب الخلق إلى المصادفة أو إلى المادة والطبيعة معدودا من المجانين والسفهاء.
قال تعالى: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) [النمل:88]، وقال سبحانه: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ) [السجدة:7]، وقال جل شأنه: (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) [يس:40].
وقال عز وجل: (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا * وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا * وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا * وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا * وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا * وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا * وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا * لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا) [النبأ:6-15]، وقال: (وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) [الذاريات:20-21]، وقال: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [فصلت:53].
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: العقيدة علي جمعة الأزهر علی جمعة ال أ ر ض
إقرأ أيضاً:
الهجرة مشروع الإيمان والتضحية .. دلالات إيمانية من محاضرة السيد القائد ضمن سلسلة القصص القرآني
يمانيون / خاص
تناول السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله في محاضرته الرابعة ضمن سلسلة القصص القرآني، موضوع الهجرة من منظور قرآني، موضحًا أنها استراتيجية لتحرير الدعوة من القيود وتحقيق التأثير، وبيّن أن الإيمان الحقيقي يرتبط بالتضحية والاستعداد للانتقال في سبيل الله، كما عقد مقارنة بين هجرة نبي الله إبراهيم وهجرة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله، مبرزًا أثر كل منهما في نشر الرسالة. مؤكداً أن الهجرة ليست هروبًا، بل انتقال واعٍ يخدم المشروع الإيماني في فضاء أوسع.
الهجرة كاستراتيجية لتحرير الدعوة من القيود وتحقيق التأثير
يبرز السيد القائد البعد الاستراتيجي للهجرة في حياة الرسالات الإلهية. فالهجرة ليست مجرد تنقّل جغرافي، بل هي خطوة محسوبة لكسر الحصار والقيود التي تفرضها قوى الكفر والاستكبار على الدعوة. من خلال الهجرة، استطاعت الرسالة أن تتحرر من التهديد والملاحقة والتضييق، وتنفتح على فضاء أوسع للتأثير والانتشار. وبالتالي، هي ليست انسحابًا بل تحرّكًا نحو القوة والتمكين ، ولها مدلول إيماني يظهر أن المشروع الإلهي يحتاج إلى مرونة استراتيجية وشجاعة إيمانية، وأن التحرك من موقع إلى آخر لا يعني الضعف بل يعكس فهماً عميقاً لمعطيات الواقع.
العلاقة بين الإيمان الحقيقي والاستعداد للتضحية في سبيل الله
يركّز السيد القائد على أن الإيمان الحقيقي لا يُفصل عن الفداء والبذل والتضحية، وأن الاستعداد للهجرة وترك الأهل والوطن والمصالح الشخصية يتطلب إيمانًا صادقًا وراسخًا. فالمهاجر في سبيل الله يتحرّك بدافع روحي عميق، وليس لمكاسب دنيوية والهجرة تُعدّ ميزانًا للإيمان الصادق، حيث يتمايز فيها الصادقون عن المدّعين. وهي تأكيد أن التحرك في سبيل الله يتطلب نفسًا مؤمنة مستعدة للابتلاء والامتحان.
مقارنة بين هجرة النبي إبراهيم وهجرة النبي محمد صلوات الله عليه وآله
عقد السيد القائد مقارنة عميقة بين هاتين الهجرتين التاريخيتين، لبيان الأنماط المتكررة في مسيرة الرسالات. إبراهيم (عليه السلام) هاجر من أور إلى فلسطين ثم إلى مصر، وكانت هجرته لبناء مجتمع التوحيد بعيدًا عن الأصنام والطغيان. أما النبي محمد صلوات الله عليه وآله فكانت هجرته من مكة إلى المدينة، إيذانًا ببناء الدولة الإسلامية وتمكين الرسالة
هذه المقارنة تُظهر أن الهجرة منهج ثابت في مسيرة الأنبياء، وأنها أداة إلهية لإحداث التحول الجذري من الضعف إلى القوة، ومن الاستضعاف إلى التمكين.
الهجرة ليست هروبًا بل انتقالًا إلى فضاء أوسع لخدمة المشروع الإيماني
أكد السيد القائد أن من يظن أن الهجرة هروب أو ضعف يجهل حقيقتها. فالهجرة انتقال واعٍ وهادف لخدمة المشروع الإلهي. إنها تحوّل تكتيكي ضمن الخطة الإلهية الكبرى لنشر الهداية ومواجهة الطغيان وهنا يكرّس السيد القائد حفظه الله فهمًا راقيًا للهجرة كجزء من سُنن التغيير الإلهي، ويقدّمها كرمز للمبادرة، والحكمة، والثقة بالله.
خاتمة
قدم السيد القائد حفظه الله ’’الهجرة’’ كمفهوم إيماني عميق، يتجاوز حدود الزمان والمكان لفهم التحرك في سبيل الله كجزء من مشروع تحرري شامل، يربط بين الماضي والواقع المعاصر. وفي ذلك تأكيد أن كل من يسير على نهج الأنبياء لا بد أن يخوض تجربته في الهجرة – سواء المكانية أو المعنوية – من أجل نصرة الحق.