عربي21:
2025-05-27@21:12:28 GMT

مشروع الممر الدولي الجديد: مصر هي الخاسرة الكبرى

تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT

لقد تناقلت وسائل الإعلام العالمية خبر الاتفاق الأولي الذي جرى الإعلان عنه في نيودلهي يوم السبت الماضي بحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد وولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لايين، وهو اتفاق على إنشاء ممر نقل بحري/ بري من الهند إلى أوروبا.



يبدأ الممر المزمع إنشاؤه بخط بحري بين ميناء موندرا في الهند، وهو أكبر الموانئ الهندية شمالا على بحر العرب (يقع في ولاية كجرات التي ينتمي إليها مودي، وقد شغل منصب رئيس وزرائها عدة سنوات قبل توليه حكم البلاد بأسرها بدءا من عام 2014) وميناء الفجيرة في الإمارات، بما يتفادى المرور بمضيق هرمز الذي تستطيع إيران إغلاقه. ثم يجري النقل بالسكك الحديدية عبر الإمارات والمملكة السعودية والأردن وصولا إلى ميناء حيفا، إذ جرى إشراك دولة إسرائيل في المشروع. ومن حيفا، يتواصل النقل عبر البحر الأبيض المتوسط إلى شتى الموانئ الأوروبية المطلة على المتوسط، لاسيما موانئ اليونان وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا.

وقد أشارت معظم وسائل الإعلام إلى أن مصلحة أمريكا في مشروع الممر، بالرغم من أن لا علاقة لها به من حيث الجغرافيا، إنما تقوم على منافسته للمبادرة الصينية الكبرى المعروفة باسم «الحزام والطريق» والتي تشمل مشاريع متعلقة بالبنية التحتية في كافة القارات.

إلا أن ذلك إغفال للمشروع الحقيقي الذي يتوخى المشروع الجديد منافسته، ألا وهو «معبر النقل الدولي بين الشمال والجنوب» الذي شرعت الهند في تجهيزه منذ عدة سنين مع كل من إيران وروسيا. فإن «الممر» الجديد المزمع إنشاؤه لا ينافس حقا «مبادرة الحزام والطريق» إذ هو من طبيعة مختلفة ونطاقه أضيق بكثير، بينما ينافس تماما مشروع «المعبر» (التسمية الإنكليزية واحدة «corridor» للمشروعين، لكن التمييز بين التسميتين بالعربية يسهّل الحديث) الذي يقوم على وصل ميناء مومباي الهندي بميناء بندر عباس الإيراني، ومن ثم العبور برا من هذا الميناء الأخير عبر إيران وأذربيجان وروسيا حتى وسط القارة الأوروبية (وصفنا هذا المشروع على هذه الصفحات قبل أكثر من عام: «روسيا وإيران تسرّعان مشروعهما المنافس لقناة السويس» 21/6/2022).

يشكل «الممر» المزمع إنشاؤه إخفاقا فادحا لعبد الفتاح السيسي، الذي كان في نيودلهي وقد مرت العملية من تحت أنفه على ما يبدو، بدل أن يبذل مساعي حثيثة من أجل إقناع الإمارات والسعودية باشتراط إشراك مصر في المشروع

وكانت روسيا قد بدأت تخطط لمشروع «المعبر» مع الهند وإيران منذ بداية القرن الحالي، أي قبل ما يقارب ربع قرن، وقبل أن تنحط علاقاتها بمعظم الدول الأوروبية بنتيجة غزوها الأول لأوكرانيا في عام 2014 ومن ثم غزوها الثاني والأخطر في عام 2022. ومن الواضح أن فكرة روسيا بإنشاء «سويس جديدة» (كما أسماها المعلقون الروس) لتكون معبرا من آسيا إلى أوروبا الغربية عبر أراضيها قد انتهت بما لا رجعة عنه. هذا ويبقى مشروع «المعبر» صالحا لوصل جنوبي شرق آسيا وشبه القارة الهندية بآسيا الوسطى والقوقاز وروسيا، لكن الطموح السابق بأن تستخدمه سائر الدول الأوروبية بات مستحيلا. وهنا يأتي دور «الممر» كبديل عن «المعبر» بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي.

إن المشروع الجديد بديل عن المشروع السابق على حساب إيران وروسيا ولصالح الإمارات والمملكة السعودية. لكن خطورته كامنة في أن إدارة بايدن سهرت على ضم دولة إسرائيل إليه، بما يدعم المساعي المكثفة التي تبذلها منذ أشهر من أجل استكمال ما أشرفت عليه إدارة دونالد ترامب من «تطبيع» بين الإمارات وإسرائيل، وذلك بترتيب اتفاقية «تطبيع» مماثلة بين المملكة والدولة الصهيونية.

أما الخاسرة الكبرى إزاء كافة هذه المناورات، فهي مصر. ذلك أن المشروعين، «المعبر» و«الممر» يلتقيان في أنهما يرميان على حد سواء إلى التعويض عن قناة السويس. وهذا ينذر بالطبع بانخفاض العائدات التي تجنيها مصر من عبور القناة، بما من شأنه تأكيد صحة الانتقادات التي تم توجيهها لمشروع شق «قناة السويس الجديدة» أول مشاريع عبد الفتاح السيسي «الفرعونية» الذي شرع فيه على الرغم من الدعوات إلى التريث نظرا للشكوك في شأن تزايد الملاحة عبر القناة في المدى المتوسط والبعيد.

علاوة على ذلك، وبنتيجة الضغط الأمريكي من أجل المضي قدما في التطبيع مع الدولة الصهيونية، جرى تفضيل المرور من المملكة السعودية عبر الأردن إلى ميناء حيفا على المرور عبر المملكة وسيناء إلى أحد المينائين المصريين في العريش وبور سعيد. وهذا ممكن بفضل مشروع «الجسر البري بين مصر والسعودية» القائم بين البلدين منذ عام 2016 والذي يرمي إلى ربط منطقة تبوك، التي يحرص محمد بن سلمان على تنميتها (مشروع مدينة نيوم العملاق) بشرم الشيخ، مرورا بجزيرة تيران التي تخلى السيسي عن السيادة المصرية عليها (هي وجزيرة صنافير) في عام 2016 ذاته بغية تسهيل المشروع.

هكذا يشكل «الممر» المزمع إنشاؤه إخفاقا فادحا لعبد الفتاح السيسي، الذي كان في نيو دلهي وقد مرت العملية من تحت أنفه على ما يبدو، بدل أن يبذل مساعي حثيثة من أجل إقناع الإمارات والمملكة باشتراط إشراك مصر في المشروع. والحال أن الطريق المصرية أضمن بكثير من طريق تمر عبر دولة بات يحكمها رجال متطرفون في عدائهم العنصري للعرب، وهي تعيش حالة اضطراب قصوى ليس ما يشير إلى إمكانية تخطيها في المستقبل المنظور، ناهيكم بالطبع من خطورة «التطبيع».

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الهندي مصر مصر الهند خسارة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من أجل

إقرأ أيضاً:

تأهل 5 مشروعات للمشاركة في منتدى لندن الدولي للعلماء الشباب

"عمان": تأهلت 5 مشروعات عمانية للمشاركة في الدورة الـ 66 لمنتدى لندن الدولي للعلماء الشباب، وذلك بعد الانتهاء من تقييم مشروعاتهم البحثية التي تقدموا بها، وتقدم للمنافسة "340" مشروعًا بحثيًا تم اختيار "30" مشروعًا منها ممن تنطبق عليها الشروط في تخصصات العلوم والتكنولوجيا والرياضيات والهندسة، ليتم اختيار أفضل "5" مشروعات لتمثيل سلطنة عُمان في منتدى لندن الدولي للعلماء الشباب 2025، المقرر إقامته خلال الفترة من 23 من يوليو إلى 6 من أغسطس القادمين، بلندن في المملكة المتحدة.

وأعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار اليوم عن تأهل حلا بنت علي الزعابية عن مشروعها "معالجة مزدوجة لعصارة النفايات باستخدام تانينات نوى التمر وتقنية الأكسدة المتقدمة"، والمنتصر بن سالم المعمري عن مشروعه "إنتاج الهيدروجين الأخضر المدعوم بالذّكاء الاصطناعي من شجرة المسكيت والمخلفات الصناعية"، وسيف بن جمعة الحشار عن مشروعه "انفاي"، وزينب بنت خميس المحاربية عن مشروعها منصة "نديم"، وديما بنت خلف المعولية عن مشروعها أول منصة رقمية مدعومة بالذّكاء الاصطناعي لتحديد أكثر الأنابيب المتضررة في الشبكة المائية، وتم تقييم المشروعات البحثية المتقدمة من قبل لجنة تحكيم مكونة من عدد من المختصين من جامعة السلطان قابوس، وجامعة الشرقية، والكلية العالمية للهندسة والتكنولوجيا، إضافة إلى الكلية العسكرية التقنية.

وقالت عبير بن مبارك الجابرية أخصائية بناء قدرات بحثية وابتكارية بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار: أن أهداف المشاركة في هذا المنتدى العالمي المرموق يتمثل في تعزيز تبادل الأفكار والآراء والتجارب البحثية الناجحة والبرامج العلمية المتميزة بين الباحثين الشباب من مختلف الثقافات، وتوفير بيئة محفزة للباحثين الشباب للمشاركة في منتديات عالمية وبناء الروابط المعرفية ونقل المعرفة مع أقرانهم من الباحثين الشباب، وتشجيع وتحفيز الباحثين على الإبداع، وتطوير مهاراتهم، إضافة إلى الاطلاع على أحدث ما توصل إليه العلماء في مختلف المجالات البحثية والمعرفية.

وتطرقت إلى إحصائيات المنافسة الوطنية للمشاركة في منتدى لندن الدولي للعلماء الشباب، حيث بلغ إجمالي المتقدمين خلال الفترة من 2016 – 2024 (817) متقدمًا، تأهل منهم للمنافسة (123) مشروعًا، في حين بلغ عدد المتأهلين لتمثيل سلطنة عُمان في هذا المحفل (43).

مقالات مشابهة

  • تأهل 5 مشروعات للمشاركة في منتدى لندن الدولي للعلماء الشباب
  • بحث مستجدات مشروع المخطط الهيكلي لمسقط الكبرى
  • بهذه الطريقة.. كريم عبدالعزيز يروج لفيلمه الجديد مشروع x
  • الإمارات تنظم الاجتماع الدولي لـ «كوسباس – سارسات» لعمليات البحث والإنقاذ
  • أول شاب أردني يستلم سيارة ضمن مشروع تمويل السيارات والسكوترات الذي أطلقه البريد الأردني
  • الإمارات و«الصحة العالمية» تكافحان الملاريا في 18 دولة
  • مشروع طموح لتبريد الأرض باستخدام السحب البحرية
  • حازم إمام: هذه المراكز التي تحتاج للتدعيم بالموسم الجديد.. واستراتيجية لجنة التخطيط في ملف كرة القدم
  • البرلمان يوافق مبدئيا على مشروع قانون مجلس النواب
  • تنمية الريف المصرى الجديد تفتتح عدداً من المشروعات التنموية بأراضى مشروع الـ ١.٥ مليون فدان