تقرير أمريكي: الحوثيون يلقنون الصبيان والفتيات عقائديا والكذب عليهم والتلاعب بهم للزج بهم في المعارك
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
ترجمة:
*معهد دول الخليج في واشنطن
*جريجوري دي جونسون: باحث غير مقيم في معهد دول الخليج في واشنطن وعضو سابق في فريق خبراء الأمم المتحدة بشأن اليمن
في عام 2020، التقط المصور اليمني علي السنيدار لحظة لخصت أهوال الحرب الحالية في اليمن إلى جانب المخاوف بشأن الحروب في المستقبل. تُظهر الصورة، التي التُقطت في صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، صبيين صغيرين يحملان بنادق على أكتافهما، ويمران بجانب صبي صغير آخر يحمل حقيبة مدرسية.
الأطفال الذين يحملون البنادق ليسوا ظاهرة جديدة في اليمن. على مدى قرون، كان الصبيان الصغار، الذين تتراوح أعمارهم عادة ما بين 12 و15 سنة، يحملون السلاح لحماية عائلاتهم أو للدفاع عن أراضي القبيلة. ولكن ما يحدث في اليمن الآن هو شيء مختلف تماما وأكثر إزعاجا. لا يكتفي الأطفال بالانضمام لمجموعات الدفاع الجماعي المحلية. بل أصبحوا بدلاً من ذلك هدفا للتجنيد، فيتم تدريبهم وتحويلهم في نهاية المطاف إلى جنود. ويتم في اليمن إضفاء الطابع المؤسساتي على هذه العملية كما يجري تمجيد الجنود الأطفال الذين تنتجهم هذه العملية.
وبصرف النظر عن كيف ومتى سينتهي الصراع الدائر حاليا في اليمن، فإن ظاهرة الجنود الأطفال لن تختفي بسهولة. سوف تؤثر هذه المشكلة على اليمن والدول المجاورة لعقود قادمة. فهؤلاء الجنود الأطفال هم بذور حروب اليمن في المستقبل.
توصل تقرير حديث للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، إلى أن الحوثيين – إلى حد بعيد – أكبر الجهات التي لديها جنود أطفال في اليمن.
وتشير معظم التقارير – بما في ذلك تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول "الأطفال والنزاع المسلح"، وتقارير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي والمعني بالشأن اليمني، والتقارير التي أعدتها مجموعة الخبراء البارزين الدوليين والإقليميين التابعة للأمم المتحدة والتي تم حلها الآن- إلى أن الحوثيين مسؤولون عن أكثر من ثلثي الجنود الأطفال في اليمن. ويُعزى ذلك جزئيا إلى التاريخ الحديث، ويجادل الحوثيون بأن جزءا منه ناجم عن الضرورة العسكرية، لكن ذلك كله متعمد.
خلال الصراع الحالي، الذي بدأ في عام 2014، دأب الحوثيون باستمرار على دفع الأطفال إلى الخطوط الأمامية، وخاصة في الحديدة وما حولها في عامي 2018 و2019، وفي مأرب في عامي 2020 و2021 كوسيلة لتعويض النقص في قواتهم. كما قام الحوثيون أيضا بتجنيد الفتيات الصغار، واستخدامهن في زراعة الألغام الأرضية والطهي والتجسس.
يستخدم الحوثيون نهج الدفع والجذب لتجنيد الأطفال، ويعيدون بهذه العملية تشكيل المجتمع اليمني. أولاً، تقوم الجماعة باستغلال الفقر، وهو أكبر دافع لتجنيد الأطفال في اليمن في ظل الاقتصاد البائس في البلاد. عندما اندلعت الحرب في عام 2014، كان الريال اليمني يُتداول بسعر 250 ريالاً للدولار الواحد. أما اليوم وفي المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون فيُتداول الريال بسعر 650 للدولار تقريبًا. والرواتب لم تتغير بالنسبة للفئة القليلة التي ما تزال تتلقى رواتب، أما قيمة الريال الشرائية فقد انخفضت بشكل كبير للغاية.
وقد تسبب هذا في انعدام الأمن الغذائي للكثير من العائلات، وهو ما استغله الحوثيون عن طريق تقديم وعود بتوفير السلال الغذائية للعائلات التي تساهم بالجنود بما في ذلك الأطفال. خلاصة الأمر، أن الحوثيين يستخدمون المساعدات الإنسانية كسلاح.
وفي الوقت نفسه، تبخرت الفرص التعليمية في اليمن. فالمدرسون، الذين لا يتقاضى الكثير منهم أي رواتب لعدة أشهر، إن لم يكن على الإطلاق، فيتم دفعهم للانضمام إلى المليشيات المسلحة، التي تعد أحد المجالات المتنامية القليلة في اليمن.
وفي حالات أخرى، لم تتم إعادة بناء المدارس التي تعرضت للقصف. وما يزيد الطين بلة، وفقا لمقابلات مع أشخاص على الأرض، فإن الحوثيين قد بدأوا بفرض ما يرقى لأن يكون ضريبة على الأطفال الذين يذهبون إلى المدارس الحكومية. إن هذه المبالغ الإضافية، التي تبلغ حوالي 1000 ريال يمني شهريا، كفيلة بثني بعض الأسر عن إرسال أولادها إلى المدارس. وإن لم ينجح هذا الأمر، فإن الحوثيين القائمين على التجنيد موجودون هناك أيضا للهمس في آذان أولياء الأمور بأنه بدلا من دفع الرسوم المدرسية، فإن الأسر قد تتلقى المال وتدافع عن اليمن فقط إذا انضم أطفالهم للقتال.
وفي أبريل 2022، وبالتزامن مع الهدنة الوطنية، وقع الحوثيون اتفاقية مع الأمم المتحدة تلزم الجماعة بالتوقف عن تجنيد الأطفال. وعلى الرغم من هذه الاتفاقية، توصل فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بالشأن اليمني إلى أن الحوثيين "مستمرون في التلقين العقائدي والتجنيد، وفي بعض الحالات، التدريب العسكري للأطفال في المعسكرات الصيفية". وفي الحقيقة، يزيد الحوثيون بعدة طرق من جهودهم المبذولة لتجنيد الأطفال وتدريبهم.
تحتوي الكتب المدرسية الحوثية فصولا حول الأطفال "الشهداء"، الذين حاربوا وماتوا في الحرب الحالية. وغالبا ما تنتشر في شوارع صنعاء ومدن الشمال الأخرى ملصقات للجنود الأطفال على جدران المحلات التجارية. أما الزامل، وهو الشعر الشعبي الذي غالبا ما تعرضه محطة الإذاعة التي تخضع لسيطرة الحوثيين، فيقوم على تعظيم وتمجيد الأطفال الذين "ضحوا" بأنفسهم للدفاع عن اليمن.
هذا هو مستقبل اليمن: يتم تلقين الصبيان والفتيات عقائديا، والكذب عليهم، والتلاعب بهم ليحملوا السلاح. هؤلاء الصبيان والفتيات هم الذين سيخوضون حروب اليمن القادمة.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
إقرأ أيضاً:
ما بعد نقطة اللاعودة: طبيب أمريكي متطوع في غزة يكشف واقع المجاعة
#سواليف
قال الدكتور مارك براونر، وهو #طبيب #طوارئ #أمريكي تطوّع مؤخرًا في قطاع #غزة، إن #الأطفال #الفلسطينيين تجاوزوا بالفعل ” #نقطة_اللاعودة “، محذرًا من أن شهري أغسطس وسبتمبر قد يشهدان أعدادًا ضخمة من #الوفيات نتيجة #التجويع، وفق ما نشر موقع “هاف بوست”.
ورغم السماح الجزئي بدخول مساعدات غذائية محدودة استجابةً للغضب العالمي، تواصل حكومة الاحتلال – بدعم أمريكي – تنفيذ سياسات تُعمّق التجويع الشامل، ما ينذر بآلاف الوفيات القابلة للتفادي في ظل التدهور الحاد في الظروف الإنسانية، بعد حرب دموية أسفرت عن استشهاد أكثر من 60,000 فلسطيني حتى الآن.
وحذّرت منظمة الصحة العالمية من أن #سوء_التغذية يسير في مسار خطير، مشيرة إلى أن حجم الكارثة قد يكون أكبر من المعلن بسبب عدم قدرة آلاف العائلات على الوصول إلى المرافق الصحية لتشخيص وعلاج أطفالها.
مقالات ذات صلة متظاهرون مناهضون للحرب على غزة يحتجون على وصول سفينة سياحية إسرائيلية بجزيرة كريت اليونانية (فيديو) 2025/07/29براونر، الذي عمل بمستشفى ناصر الطبي في خانيونس، وصف الظروف على الأرض بالمروعة، وقال: “الانفجارات كانت تقع كل عشر دقائق تقريبًا قرب المستشفى. رأيت أجسادًا هزيلة لأطفال لم يعد بإمكانهم امتصاص الغذاء أو الماء بسبب تدهور بطانة الأمعاء، ما يجعل إعادة التغذية نفسها تهديدًا لحياتهم”. وأضاف: “هؤلاء الأطفال يموتون أمامنا، والموت الجماعي بات حتميًا”.
وأشار إلى أن معدلات سوء التغذية الحاد لدى أطفال غزة تجاوزت 15%، فيما يعاني ما لا يقل عن 10% من الأطفال من سوء تغذية حاد خطير. وقال: “الأطفال الذين ينجون، سيواجهون على الأرجح إعاقات عصبية دائمة، نتيجة نقص فيتامينات أساسية كالثيامين، ما يؤثر على قدراتهم المعرفية مدى الحياة”.
وتحدّث عن حالات لرضع وأطفال تُوفيوا بسبب أمراض مرتبطة بالجوع، مثل “التهاب الأمعاء السام” الناتج عن تحلل الأمعاء ذاتيًا بسبب نقص الغذاء.
أما بالنسبة للبالغين، فأوضح براونر أنهم في حالة “هزال شديد”، حيث أجريت عمليات جراحية لمرضى أظهرت أضلاعهم بشكل واضح، و”لم تكن هناك صعوبة في إدخال أنابيب الصدر بين الأضلاع لأن الجسم كان شبه عظمي”.
وأضاف: “حتى لو لم تكن مصابًا، فإن البيئة نفسها كفيلة بتدميرك. الجروح البسيطة لا تلتئم بسبب نقص البروتين والماء، وتؤدي إلى التهابات متكررة لا تجد من يعالجها”. وروى مشاهداته لأطباء وممرضين كانوا يفقدون وعيهم أثناء العمل أو خلال العمليات الجراحية، بسبب سوء التغذية وعدم توفر وجبات غذائية منتظمة لهم.
وأكد على الضغط الهائل على الطواقم الطبية في غزة، الذين يعملون ساعات طويلة وسط نقص الأدوية والإمدادات، مع تعرضهم المستمر للتهديدات الجوية وعمليات القصف. يقول أحد الأطباء إنهم يعيشون حالة انهيار نفسي وجسدي متزامن، حيث تفقد الكوادر الطبية القدرة على الاستمرار بسبب الإرهاق والصدمة.
وقال إن الطواقم الطبية في غزة كانت تعمل يوميًا ما بين 16 و18 ساعة، ثم تعود مشيًا إلى خيامها قبل الفجر، لتعود مجددًا في اليوم التالي، وأكد: “لم أرَ مسلحين أو شعارات حاقدة، بل رأيت شبابًا مرهقين، في جيوبهم فراغ، وفي أقدامهم نعال ممزقة”.
ويروي الطبيب مشاهد مأساوية حيث يعاني المرضى من حالات متقدمة من سوء التغذية، بحيث تبدأ أمعاؤهم تهضم نفسها نتيجة نقص الغذاء الحاد، مما يؤدي إلى فشل أعضاء حاد ومضاعفات لا علاج لها. يصف أحد الأطباء هذه الحالة على أنها “جوع من نوع مختلف، حيث يصبح الجسم عدو نفسه”.
ويشير كذلك إلى تجاهل الإدارة الأمريكية بقيادة بايدن، وتاريخ سياسات ترامب في دعم الاحتلال الإسرائيلي بلا حساب، ما أدى إلى تفاقم الكارثة في غزة؛ فـ”الصمت الأمريكي يعتبره الأطباء والمراقبون تواطؤًا واضحًا يسمح للاحتلال بممارسة الإبادة دون محاسبة”.
ويؤكد وجود حالات إطلاق النار على الأطفال الفلسطينيين حتى في أماكن تجمعهم عند نقاط توزيع المساعدات، حيث لا يجد الأطفال ملاذًا آمنًا، ويقع القتل بشكل مباشر أمام أعين الجميع. تُروى شهادات عن استهداف متعمد للأطفال وهم ينتظرون المساعدات الغذائية والطبية.
قال براونر إنه أطلق حملة أميركية لتفعيل “قانون ليهي”، الذي يمنع تقديم الدعم العسكري الأميركي لأي قوة أجنبية يُشتبه بارتكابها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وأشار إلى أنه نشر مقالة في منصة “كومن دريمز”، وبدأ بجمع توقيعات على عريضة إلكترونية. وأكد: “نريد من الأميركيين، ديمقراطيين وجمهوريين، أن يفهموا حجم مسؤوليتهم عن تمويل هذه الإبادة، ونطالب بوقف الدعم العسكري والمالي للاحتلال فورًا”.