سلط المحلل المتخصص في شؤون منطقة الخليج العربي، سيباستيان كاستيلير، الضوء على سباق السعودية للزمن باتجاه تحقيق هدف "الكهرباء الخضراء" بحلول عام 2030، مشيرا إلى إعلان شركة تصنيع مواد الطاقة الشمسية الصينية GCL Technology Holdings، في وقت سابق من هذا الشهر، أنها تجري مناقشات مع المملكة العربية السعودية لبناء أول مصنع خارجي لها.

وذكر كاستيلير، في تحليل نشره موقع "المونيتور" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الشركة الصينية تخطط لإنتاج 120 ألف طن من البولي سيليكون سنويًا، وهي مادة أساسية في سلسلة توريد الطاقة الشمسية الكهروضوئية، وتتطلع إلى الإمكانات الكبيرة لسوق الطاقة الشمسية في السعودية.

وأضاف أن السعودية تخطط للحصول على 50% من احتياجاتها الكهربائية من مصادر متجددة بحلول عام 2030، ولكن رغم أن حصة مصادر الطاقة المتجددة في قدرات توليد الكهرباء المثبتة في المملكة قفزت بأكثر من 12 ضعفا منذ عام 2020، فإنها تمثل حاليا 1.3% فقط.

ولذا فإن أكبر اقتصاد عربي في سباق مع الزمن، إذ تحتاج المملكة إلى زيادة قدرة توليد الطاقة المتجددة بمقدار 50 مرة على مدى السنوات السبع المقبلة لتحقيق طموحها المتمثل في توليد 58.7 جيجاوات من الكهرباء النظيفة بحلول عام 2030، مقارنة بنحو 1.2 جيجاوات فقط حتى الآن.

 ونوهت منظمة "جلوبال إنرجي مونيتور" بالولايات المتحدة إلى خطط لإنتاج 19.3 جيجاوات من مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في السعودية اعتبارًا من أغسطس/آب الماضي، لكن 45% فقط منها قيد الإنشاء.

وقالت مديرة مشروع الطاقة الشمسية في المنظمة، كاساندرا أوماليا : "ما زالت السعودية بعيدة عن تحقيق هدف 2030، لكنني أعتقد أنه قابل للتنفيذ. شيء واحد يجب أخذه في الاعتبار هو أنه يمكن بناء هذه المشاريع بسرعة كبيرة".

وتأمل السعودية أيضًا في بناء أول محطة للطاقة النووية لتغذية شبكتها جزئيا بالطاقة منخفضة الكربون عندما لا تتوفر الموارد المتجددة.

واعتبرت آمنة إبراهيم، محللة الطاقة الخليجية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بالبحرين، إن إضافة الطاقة النووية إلى مزيج الطاقة السعودي من شأنه أن "يغير قواعد اللعبة"، لكنها قالت إن تشغيل الطاقة النووية بحلول عام 2030 "سيكون صعبًا للغاية".

اقرأ أيضاً

بأرباح أرامكو.. "أمنستي" تدعو السعودية للتحول إلى الطاقة المتجددة

من يدفع؟

وسيعتمد حجم الطاقة المتجددة، المطلوبة لتحقيق هدف عام 2030، على مسار استهلاك الكهرباء، فمرحلة النمو المنخفض مثل الفترة 2015-2020، عندما نما استهلاك السعودية بنسبة إجمالية قدرها 7%، يمكن أن تسمح للمملكة بإيقاف محطات الطاقة التي تعتمد على النفط واستبدالها بمشاريع الطاقة المتجددة قيد التنفيذ.

وعلى العكس من ذلك، فإن مرحلة التوسع مثل الفترة 2010-2015، عندما ارتفع استهلاك الكهرباء بنسبة 53%، لن تترك للمملكة أي خيار سوى الاستثمار في القدرات الجديدة بشكل متزامن.

ويرجح كاستيلير السيناريو الأخير، مشيرا إلى أن السعودية تهدف إلى تنمية ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 54% بحلول عام 2030 إلى 1.7 تريليون دولار، مع السعي إلى "التخلص التدريجي من جميع محطات الطاقة التي تستخدم البترول والديزل"، حسبما أشارت إدارة التجارة الدولية التابعة لوزارة التجارة الأمريكية في تقرير لها.

توسع قطر

وهنا يشير كاستيلير إلى أن قطر شكلت مثالاً لدول الخليج الأخرى في كيفية توسيع نطاق مصادر الطاقة المتجددة في إطار زمني قصير.

وافتتحت الدولة الخليجية الصغيرة أول محطة للطاقة الشمسية على نطاق واسع قبل شهر من انطلاق كأس العالم 2022، ما رفع حصتها من الكهرباء المتجددة إلى 7.2% في عام 2022، من 0.2% في العام السابق.

لكن حجم الاستثمار في السعودية له حجم مختلف، إذ يمكن أن يلبي إنتاج الكهرباء من محطة الخرسعة للطاقة الشمسية استهلاك الطاقة لـ 55 ألف أسرة قطرية فقط، في حين يقدر التعداد السكاني الحكومي لعام 2022 أن عدد سكان السعودية يبلغ 32.2 مليون نسمة.

ومع ذلك، فإن السعودية وقطر تتشابهان في أوجه، إذ يتم دعم الكهرباء بشكل كبير في كلا البلدين كجزء من عقد اجتماعي يعيد توزيع ثروة الوقود الأحفوري على المواطنين.

وأنفقت السعودية 14 مليار دولار في عام 2021 لتوفير الكهرباء بأقل من التكلفة، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية، ما يعني أن تكلفة إزالة الكربون من شبكة المملكة على الجهات الحكومية لا المستهلكين، وهذا أحد أسباب "ركود" الاستثمارات في الطاقة الشمسية حتى وقت قريب، كما خلص البنك الدولي في تقرير عام 2020.

اقرأ أيضاً

مصر والسعودية توقعان اتفاقية لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح

ثمة سبب آخر يتمثل في أن محطات توليد الطاقة التي تحرق الوقود الأحفوري المحلي كانت أكثر جدوى اقتصاديا من مصادر الطاقة المتجددة حتى وقت قريب، إذا تم استبعاد تكلفة الأضرار البيئية.

ومثل معظم مشروعات رؤية 2030، سيدفع صندوق الاستثمارات العامة (السيادي) نصيب الأسد من التمويل السعودي، وقد أعلنت إدارته العمل على تطوير 70% من الطاقة المتجددة في المملكة بحلول عام 2030، عبر شركته التابعة، أكوا باور.

ولم تكشف السعودية عن النفقات الرأسمالية اللازمة للوصول إلى هدف الطاقة المتجددة، ومع ذلك أعلنت وزارة الطاقة، خلال منتدى ميزانية عام 2021، أنها تتوقع أن تستثمر المملكة 293 مليار دولار في مشروعات الطاقة التقليدية والمتجددة بحلول عام 2030، بما في ذلك استثمارات كبيرة لتطوير خطوط النقل وشبكات التوزيع.

كثافة الكربون

وتعهدت السعودية في عام 2021 بالقضاء على جميع انبعاثاتها من الغازات المسببة للاحتباس الحراري أو تعويضها بحلول عام 2060، لكن الكهرباء في المملكة لا تزال من بين أكثر الكهرباء كثافة في الكربون على مستوى العالم، حيث تبلغ 571 جرامًا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون المنبعثة لكل كيلووات/ساعة من الكهرباء في عام 2021.

ويعادل ذلك ضعف معدل الاتحاد الأوروبي، حيث انخفضت كثافة الكربون في الكهرباء بنحو 32% على مدى العقدين الماضيين، بينما انخفضت الكثافة ذاتها في السعودية بنسبة 5.3% فقط خلال نفس الفترة الزمنية.

ويعني ذلك أن كثافة الكربون في الاقتصاد السعودي تحركت في الاتجاه المعاكس لبقية العالم، بارتفاع بلغ 43% منذ عام 1990 لتصل إلى 0.37 طن من ثاني أكسيد الكربون لكل ألف دولار من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021.

وفي الوقت نفسه، انخفضت كثافة ثاني أكسيد الكربون في الاقتصاد العالمي بنسبة 36%، حسبما أظهرت قاعدة بيانات الانبعاثات التابعة للاتحاد الأوروبي.

وإزاء ذلك، يشير أوماليا إلى أن "أكبر عائق على الطريق يتمثل في التغلب على الرفض الداخلي والجمود على الأرجح"، مضيفا: "لديك الكثير من الشركات والأشخاص الأثرياء من بيع النفط والغاز في السعودية، وبالتالي ستكون هناك مقاومة للتغيير، كما هو الحال في الولايات المتحدة".

اقرأ أيضاً

السعودية تطرح 5 مشروعات لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة المتجددة

المصدر | سيباستيان كاستيلير/المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية قطر الكهرباء الخضراء صندوق الاستثمارات العامة الطاقة المتجددة الطاقة الشمسیة بحلول عام 2030 فی السعودیة فی عام 2021

إقرأ أيضاً:

استثمارات الصين الخارجية بالطاقة المتجددة تتجاوز الوقود الأحفوري

تجاوزت الاستثمارات الصينية الخارجية في مصادر الطاقة المتجددة الوقود الأحفوري لأول مرة منذ أن بدأت بكين في دعم مشاريع الطاقة الأجنبية في أوائل العقد الأول من القرن الـ21.

ويؤدي هذا التحول إلى تأثيرات دولية واسعة النطاق على كل شيء، بدءا من تغير المناخ وحتى الجغرافيا السياسية، كما يسلط الضوء على هيمنة الصين المتزايدة في تكنولوجيات الطاقة المتجددة وسلاسل توريد المعادن والتقنيات التي تدعمها.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4ليس فقط لإنتاج الطاقة.. الصين تغطي الجبال بالألواح الشمسيةlist 2 of 4كم الطاقة الشمسية الواصل لسطح الأرض أصبح أكبر من قبلlist 3 of 4سطوة الطبيعة.. الغبار يغطي جبال حوض تاريم الصينيlist 4 of 4هل السيارات الكهربائية حل جذري لتغير المناخ؟end of list

تاريخيا، هيمنت محطات الطاقة العاملة بالفحم على مبادرة الحزام والطريق الصينية المدعومة من الدولة وبرنامجها السابق. ولكن بين عامي 2022 و2023 اتجهت 68% من استثمارات الصين في الطاقة الخارجية إلى مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وفقا لتحليل جديد صادر عن مركز سياسات التنمية العالمية بجامعة بوسطن.

وفي الفترة من عام 2000 إلى عام 2021، لم تتجاوز نسبة الاستثمارات الصينية في الطاقة الخارجية 13%.

وضخّ برنامج الاستثمار الخارجي الصيني المدعوم من الدولة مئات المليارات من الدولارات في مشاريع البنية التحتية والطاقة في أميركا اللاتينية وأفريقيا وجنوب شرق آسيا وأماكن أخرى.

وتركزت استثمارات الصين الخارجية في طاقة الرياح والطاقة الشمسية بشكل رئيسي في دول في آسيا والأميركتين، بينما لم تتدفق إلا 4% منها إلى الدول الأفريقية، وفقا لدييغو مورو الباحث المشارك في التحليل وعالم البيانات في جامعة بوسطن.

إعلان

يشير التحليل إلى أن الصين التزمت بتعهدها لعام 2021 بعدم تمويل محطات طاقة جديدة تعمل بالفحم في الخارج، رغم عدم وجود ما يشير إلى إلغاء استثمارات طاقة الفحم الجاري تنفيذها اعتبارا من عام 2021. وقال الباحثون إن هذه الاستثمارات "لا تزال قيد التنفيذ وستُصدر ثاني أكسيد الكربون لعقود قادمة".

ويقول الباحثون "لا يُمثل هذا التحول طفرة ملحوظة في قطاع الطاقة المتجددة، إذ لا يزال حجم التمويل محدودا نسبيا". فقد مُوِّلت 3 غيغاواتات فقط من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بين عامي 2022 و2023. وبالمقارنة، بلغ متوسط استثمارات الصين السنوية في الطاقة الخارجية بين عامي 2013 و2019 نحو 16 غيغاواتا.

وفي حين هيمنت طاقة الفحم على تلك الاستثمارات السابقة، جاءت مشاريع الطاقة الكهرومائية والغاز في المرتبتين الثانية والثالثة.

رغم ريادتها في الطاقة المتجددة ما زالت الصين تعد أيضا أكبر مصدر للانبعاثات (رويترز) ريادة عالمية

وتواصل الصين محليا ريادتها العالمية في تطوير محطات توليد الطاقة الجديدة العاملة بالفحم. ففي العام الماضي، بدأ بناء 94 غيغاواتا من الطاقة العاملة بالفحم في الصين، مقارنةً بـ7.4 غيغاواتا في بقية أنحاء العالم مجتمعةً، وفقا لتقرير "مراقبة الطاقة العالمية".

وفي عام 2013، أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ عن مبادرة الحزام والطريق. ويشكل هذا البرنامج استمرارا لسياسة "الخروج" التي تنتهجها الصين منذ أوائل العقد الأول من القرن الـ21، وقد أطلق عليه مؤخرا اسم مبادرة التنمية العالمية الصينية.

ورغم أن هذه البرامج منحت بكين نفوذا جيوسياسيا غير مسبوق على أكثر من 150 دولة حول العالم، فإنها أثارت انتقادات شديدة بسبب الأضرار البيئية وحقوق الإنسان المرتبطة بالموانئ والمناجم والسكك الحديدية والطرق السريعة وغيرها من المشاريع التي تمولها وتبنيها الشركات الصينية.

إعلان

انتقد دعاة حماية البيئة الصين، أكبر مُصدر لغازات الاحتباس الحراري في العالم حاليا، لتمويلها عشرات محطات الطاقة العاملة بالفحم في الدول النامية، مما يُقيد هذه الدول فعليا بأنواع الطاقة الكثيفة الكربون لعقود قادمة.

وفي عام 2023، نفثت محطات الطاقة الممولة من الصين في الخارج كمية من تلوث الكربون تُعادل تقريبا الكمية التي نفثتها ماليزيا، وفقا لتحليل جامعة بوسطن.

وتزعم بكين وحلفاؤها أن هذه الاستثمارات جلبت القدرة على الوصول إلى الطاقة والنمو الاقتصادي لبعض أفقر شعوب العالم، وهم أشخاص لم يساهموا إلا قليلا في ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي.

مع ذلك، دفعت هذه الانتقادات شي إلى التعهد في عام 2021 بوقف تمويل وبناء محطات طاقة جديدة تعمل بالفحم في الخارج. ويشير تحليل جامعة بوسطن الجديد إلى أن بكين التزمت حتى الآن بهذا الوعد في سياق المشاريع الممولة من الدولة.

ويرى محللون أن تحول الصين نحو الاستثمارات الخارجية المنخفضة الكربون يُعد خطوة إستراتيجية. فمع تباطؤ الاقتصاد المحلي وفائض تقنيات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، تسعى بكين إلى أسواق خارجية جديدة لاستيعاب صادراتها من الطاقة المتجددة.

مع ذلك، هناك دلائل تشير إلى أن بكين قد تزيد استثماراتها الخارجية في طاقة الرياح والطاقة الشمسية، إذ تعهدت عام 2024 بمبلغ 51 مليار دولار خلال المنتدى الصيني الأفريقي لدعم التنمية الأفريقية وبناء 30 مشروعا للطاقة المنخفضة الكربون على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

وسعت الصين إلى ترسيخ مكانتها بوصفها قائدا عالميا في مجال تغير المناخ، حيث صرح الرئيس الصيني مؤخرا لقادة عالميين في مؤتمر للأمم المتحدة بأن الصين قد بنت "أكبر وأسرع نظام للطاقة المتجددة نموا في العالم، بالإضافة إلى أكبر وأكمل سلسلة صناعية للطاقة الجديدة". وحثّ الحكومات الأخرى على دعم التدفق الحر "للتقنيات والمنتجات الخضراء العالية الجودة"، وخاصة للدول النامية.

إعلان

مقالات مشابهة

  • وزير الكهرباء يتفقد أكبر محطات الطاقة الكهرومائية في أوروبا
  • استثمارات الصين الخارجية بالطاقة المتجددة تتجاوز الوقود الأحفوري
  • الاقتصاد الأصفر.. «معلومات الوزراء» يستعرض فرص التحول نحو الطاقة الشمسية في مصر
  • العوفي: بدء تنفيذ 6 مشروعات جديدة لإنتاج الطاقة المتجددة من الرياح والشمس
  • وزير الكهرباء يتوجه إلى فرنسا لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة النظيفة ومشروعات الضخ والتخزين
  • العام الجاري .. بدء تنفيذ 5 أو 6 مشروعات لإنتاج الطاقة المتجددة
  • بــ 160 معدة وسيارة..صرف الإسكندرية تسابق الزمن لنزح المياه
  • برلمانى يثمن تعهدات الحكومة بعدم تخفيف أحمال الكهرباء خلال الصيف
  • محافظ أسيوط يشيد بالتعاون المؤسسي في دعم جهود محو الأمية وستمرار الدعم لتحقيق رؤية مصر 2030
  • كيف صارت الطاقة الشمسية أكسجين الغزيين؟