مقارنة بين دور الجمعيات المهنية والنقابات العمالية

تُعدُّ الجمعيَّات المهنيَّة، والنقابات العمَّاليَّة من أنواع المنظَّمات الأهليَّة غير الربحيَّة، والتي تُعدُّ تجمُّعًا بَيْنَ المختصِّين في مهنة معيَّنة، مِثل الأطبَّاء، والمهندسين، والتربويِّين، والمحاسِبين، والحِرفيِّين، وغيرهم، أو يضمُّ هذا التجمُّع العمَّال الذين يعملون في مؤسَّسة أو مصنع معيَّن على اختلاف تخصُّصاتهم كالعاملين في شركة نفط معيَّنة، أو مصنع ما، فيضمُّ هذا النَّوع من النقابات جميع التخصُّصات من مهندسين، وإداريِّين، وعمَّال، وسوَّاق، ومراسلين، وإعلاميِّين وجميع الذين يعملون في تلك المؤسَّسة.

ويكُونُ أعضاء الجمعيَّات المهنيَّة من المختصِّين الحاصلين على مؤهّلات علميَّة أو رخص مهنيَّة في مجال تخصُّص الجمعيَّة، بشرط أن تكُونَ هذه المؤهلات سارية المفعول، لذا يجِبُ على عضو الجمعيَّة العموميَّة تجديد رخصة عمله أو مؤهله العلمي عن طريق التقَدُّم لامتحانات تجديد رخص المؤهّلات في البلد التي يعمل بها. ويكُونُ أعضاء الجمعيَّات المهنيَّة موظفين في مؤسَّسات مختلفة ولا يوجد شروط أو ضوابط لنَوْع هذه المؤسَّسات، سواء داخل البلد أو خارجها.
وتهدف الجمعيَّات المهنيَّة إلى دعم المختصِّين في مجال المهنة فنيًّا، وتطوير قدراتهم، وخلق بيئة صحيَّة لتبادل الخبرات، ونقلها من جيل إلى جيل عن طريق المؤتمرات، وإصدار الدَّوْريات والمجلَّات العلميَّة التي تُعنى بنَشْرِ البحوث العلميَّة في مجال اختصاصهم، وإقامة النَّدوات والحلقات التي يُستقطب فيها الخبراء المختصُّون في هذا المجال. كما تهتمُّ تلك الجمعيَّات بتدريب وتهيئة وإعداد كوادر جديدة عن طريق استقطاب الطلبة الجامعيِّين الذين يدرسون نَفْس التخصُّص لعضويَّة تلك الجمعيَّات، وتشجيعهم على حضور أنشطة الجمعيَّة للاستفادة من خبرات الأعضاء، كما تهتمُّ بتدريب الطلبة، وإعدادهم لسُوق العمل، ودعمهم للحصول على فرص للعمل، وتنمية قدراتهم في بداية حياتهم المهنيَّة لتمكينِهم وتعزيز قدراتهم. كما تدعم تلك الجمعيَّات الطلبة بتحمُّل تكلفة الدراسة الجامعيَّة أو جزء مِنْها. وتقَدِّم الجمعيَّات النُّصح والإرشاد الأكاديمي لطلبة المرحلة الثانويَّة لمساعدتهم على اختيار التخصُّص المناسب لهم في الجامعة، وذلك عن طريق إلقاء المحاضرات في المدارس الثانويَّة وتنظيم وإقامة معارض الجامعات والكُليَّات في مجال اختصاصهم مِثل معرض الكًليَّات الهندسيَّة، ومعرض كُليَّات المحاسبة. وحرصًا من تلك الجمعيَّات على تطوير قدرات أعضائها المهنيَّة ورفع كفاءتهم تفتح آفاق التعاون مع الجمعيَّات المهنيَّة الأخرى التي تنشط في نَفْس مجال اختصاصهم في دوَل أخرى، كما تتعاون مع المنظَّمات الدوليَّة في نَفْس المجال، وذلك في سبيل نقل الخبرات. ومثال ذلك: أن تستقطبَ الجمعيَّة طبيبًا مختصًّا في إجراء عمليَّة من نَوْع نادر في أحد المستشفيات في بلد تلك الجمعيَّة؛ وذلك لإجراء عمليَّات لمجموعة من المرضى، وخلال العمليَّة يتمُّ ترشيح عددٍ من الأطبَّاء من أعضاء الجمعيَّة ليتدرَّبوا على إجراء هذا النَّوع من العمليَّات عن طريق مشاركة الطبيب الزائر في إجراء العمليَّة. وتحرص بعض الجمعيَّات الهندسيَّة على تنظيم زيارات لأعضائها للاطِّلاع على تجربة مميَّزة في مجال الهندسة فترشِّح مجموعة من أعضائها للاطِّلاع على تجربة بناء مطار تمَّ تصميمه بطريقة مميَّزة، أو للاطِّلاع على تجربة إدارة مصنع من المصانع الضَّخمة. أمَّا النقابات المهنيَّة بأنواعها فيكُونُ أعضاؤها من المختصِّين في مجال تخصُّصها، مِثل نقابة الأطبَّاء، ونقابة المُمرِّضين، ونقابة المهندسين، وغيرها. كما وهناك نَوْع آخر من النقابات التي يكُونُ أعضاؤها من العاملين في شركة معيَّنة، مِثل نقابة عمَّال شركة نفط، ونقابة عمَّال مصنع معيَّن. ويُعدُّ الدَّوْر الرئيس لتلك النقابات هو الدِّفاع عن حقوق العاملين في مجال مهنة معيَّنة أو حقوق العمَّال في جهة عمل معيَّنة كعمَّال مصنع ما أو شركة ما. وتصنف النقابات العمَّاليَّة ضِمْن المنظَّمات الدِّفاعيَّة. وتستند في مطالباتها على القوانين والتشريعات لِتكُونَ مطالباتها العمَّاليَّة معتدلة ومُنصفة، ودفاعها عن حقوق منتسبيها على أُسُس قانونيَّة سليمة. ومن أمثلة المطالبات التي تنشط النقابات فيها: المطالبة بوضع كادر وظيفي لقِطاع مهنة معيَّنة، والمطالبة بتعديل رواتب فئة من العمَّال، والدِّفاع عن العمَّال المفصولين لا سِيَّما المفصولين فصلًا تعسفيًّا. وحماية سلامة جسد العمَّال كالدِّفاع عَنْهم عِنْد إجبارهم على العمل في أماكن خطرة تؤذي أجسادهم. وتُعدُّ النقابات الممثِّل الرَّسمي للعمَّال في المهنة أو في جهة العمل، لذا يكُونُ لمجلس إدارة النقابة تواصل مباشر مع المسؤولين في جهات العمل التي ينتمي لها أعضاؤها. وبالتَّالي فإنَّ النقابات العمَّاليَّة لا تركِّز على تنمية مهارات المختصِّين في مجال المهنة، فأولويَّة عملها ينصبُّ على المطالبة بحقوق العمَّال والدِّفاع عَنْهم. فإذا ما قارنَّا بَيْنَ الجمعيَّات المهنيَّة والنقابات العمَّاليَّة من حيث نَوْع الأعضاء المنتسِبين لها، ومن حيث الدَّوْر الذي تقوم به فنجد أنَّ الجمعيَّات المهنيَّة تُعدُّ من أنواع بيوت الخبرة؛ كونها تركِّز في خططها وأنشطتها على إعداد كوادر مهنيَّة بارعة في مجال تخصُّصها. وبالتَّالي فإنَّ الجمعيَّات المهنيَّة تضمُّ بَيْنَ أعضائها علماء وخبراء مختصِّين بارعين في مجال اختصاصها. لذا يُعدُّ هذا النَّوع من الجمعيَّات نَوْعًا من بيوت الخبرة التي يُمكِن الاستفادة مِنْها. ولا تنتهي عضويَّة المختصِّ بتقاعده من عمله أو باستقالته، حيث يواصل مَسيرته في نقل عِلْمه وخبرته للآخرين، وله الحقُّ في مواصلة اكتساب الخبرات وتنمية قدراته في مجال اختصاصه. أمَّا النقابات العمَّاليَّة فهي منظَّمات دفاعيَّة تدافع عن حقوق العمَّال في شتَّى مجالات التخصُّصات، من خلال تكتُّل العمَّال وتعاونهم لتحقيق مطالبهم وتحسين وضعهم الوظيفي، وتمكينهم في مجال عملهم، وتنتهي عضويَّة العامل من النقابة بتقاعده أو باستقالته من جهة عمله. اللهُمَّ في مجال المطالبة بحقوقهم كمتقاعدين. وعمومًا فإنَّ الجمعيَّات المهنيَّة والنقابات العمَّاليَّة تلتقي في هدف واحد مشترك وهو دعم ومساندة الإنسان في مجال عمله… ودُمْتُم سالمين.

نجوى عبداللطيف جناحي
كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية
متخصصة في التطوع والوقف الخيري
[email protected]
Najwa.janahi@

المصدر: جريدة الوطن