سواليف:
2025-05-19@03:29:33 GMT

ليس دفاعاً عن الناشط الفلسطيني أمين أبو راشد

تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT

ليس دفاعاً عن الناشط الفلسطيني أمين أبو راشد

ليس دفاعاً عن #الناشط #الفلسطيني #أمين_أبوراشد

بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي

لا أنوي في مقالي هذا الدفاع عن الناشط الفلسطيني أمين أبو راشد، الذي اعتقلته السلطات الهولندية بتهمة دعم حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وإن كان يستحق من كل الصادقين المخلصين، ومن أصحاب الضمائر الحية وذوي النوايا الحسنة، إبراز قضيته وتسليط الأضواء عليها، والدفاع عنه ومطالبة السلطات الهولندية بسرعة الإفراج عنه، وتعويضه عما أصابه ولحق به، والاعتذار له عن الطريقة التي أعتقل فيها، وقد كان جديراً بالحكومة الهولندية التي يحمل أبو راشد جنسيتها، أن تكرمه وتكافئه، وأن تقدر جهوده وتشجعه، فما كان يقوم به من أعمالٍ خيرية ومساعداتٍ إنسانية، تجعلها تفخر به وتعتز، لا أن تعتقله وتحاكمه.

لكن الحكومة الهولندية التي يتمتع بجنسيتها منذ أكثر من أربعين عاماً قد أساءت له وأخطأت معه، وهو الفلسطيني الذي لجأ إليها من لبنان جريحاً مصاباً، بعد مجزرة صبرا وشاتيلا التي كان بعض أهله من ضحاياها، وهي التي نعيش ذكرى مأساتها الواحدة والأربعين، وهو وإن نجا منها وقد كان صبياً صغيراً، فإن جسده النحيل ما زال يحمل الكثير من آثار هذه الجريمة النكراء، التي ارتكبها من أوشى به وحرض على اعتقاله، وخدع السلطات الهولندية وقدم لها المعلومات الكاذبة والمزورة، ليسوغ اعتقاله ويبرر محاكمته ومحاسبته، في الوقت الذي كان ينبغي عليها تسطير مذكرات اعتقالٍ دولية ضد الجهات التي قتلت أهله وأفراد عائلته، وتسببت في إصابته وبتر ذراعه.

مقالات ذات صلة الاردن والزلازل.. 2023/09/17

كان حرياً بالجهات التي قامت باعتقال “أبو راشد”، أن تدقق في المعلومات التي وصلتها، وأن تستقصي الحقيقة قبل أن تقوم بمداهمة بيته وترويع أهله، وسوقه مكبلاً كما المجرمين إلى سجنٍ بعيدٍ لا تستطيع عائلته الوصول إليه بسهولة، وأن تدرك أن الجهة التي قدمت لها المعلومات وزورتها، هي نفس الجهة التي قامت بعملية قرصنة دولية لسفينة إغاثةٍ إنسانية في عرض البحر الأبيض المتوسط، قبالة شواطئ قطاع غزة الذي تحاصره منذ أكثر من سبع عشرة سنة، فقتلت عدداً من المتضامنين مع الفلسطينيين المحاصرين، واعتقلت في الحادثة نفسها “أمين أبو راشد”، ولما لم تكن باستطاعتها توجيه تهمةٍ له تجيز استمرار اعتقاله ومحاكمته، فقد اضطرت أن تفرج عنه وترحله إلى بلاده “هولندا”، بعد أن تأكد لها أن أعماله إنسانية، وأن جهوده خيرية، وأنه يعمل بموجب قوانين “بلاده” للتضامن مع شعبه ورفع الحصار عنهم.

كما كان على الحكومة الهولندية التي تدعي أنها تساند الفلسطينيين، وأنها تعارض سياسات الحكومات الإسرائيلية ضدهم، وترفض سياسات الحصار والتجويع والعقوبات الجماعية التي تمارسها ضد الفلسطينيين، وجرائم القتل والإبادة والاعتقال والطرد والمصادرة والاستيطان التي ترتكبها بحقهم، أن تسأل سفارتها في فلسطين المحتلة عن الخدمات الإنسانية التي يقدمها أبو راشد للمواطنين الفلسطينيين المعوزين المحتاجين لأبسط المساعدات، ولماذا هي الحكومة الإسرائيلية غاضبة منه وحانقة عليه، ولماذا تريد اعتقاله وتجميد نشاطه، ألأنها تعلم أن جُل عمله كان مساعدة الفلسطينيين في ترميم البيوت التي دمرها عدوانهم، وعلاج الجرحى والمصابين الذين أطلق عليهم جنود الاحتلال رصاصهم القاتل.

هل سألوا الفلسطينيين في قطاع غزة كم عربة طبية وفرها للمرضى المسنين والمصابين المقعدين، وكم مريضاً عالج وشاباً زَوَّجَ، وكم طالباً معوزاً سدد عنه أقساطه الجامعية، ومكنه من مواصلة دراسته، وكم أسرة فقيرة ساعدها وتفقد أحوالها، فاشترى لأطفالها فراشاً عليه ينامون، وأغطيةً بها يحمون أنفسهم من برد الشتاء، وكم بيتاً أدخل عليه الفرحة والمسرة صبيحة أيام العيد، ببعض أضاحي ساهم في توفيرها، وأشرف على توزيع لحومها على بيوت كثيرة لا تعرف طعم اللحم إلا في المناسبات.

ألم يروا أكف الكثير من الفلسطينيين ترفع وهي تدعو الله عز وجل له بالبركة، وأن يجزيه عن عمله خير الجزاء، فلقد كان يتلمس الجراح، ويسأل عن البيوت المستورة والعائلات المتعففة، ويقدم المساعدة حيث يستطيع، وهو يعلم أن ما يقدمه قليل، وأن ما يتوفر لديه لا يكفي، لكنه جهد المقل، في الوقت الذي تقف فيه الدول والحكومات عاجزة عن تقديم العون والمساعدة للمتضررين بسبب الكيان الذي أوجدوه، والدولة التي زرعوها ومكنوها، وساندوها وأيدوها، وسلحوها ودافعوا عنها.

أمين أبو راشد لم يكن يقدم المساعدة للفلسطينيين في قطاع غزة وحسب، بل اهتم بكل المحتاجين والمتضررين، ولم يكن يفرق بين محتاجٍ وآخر، فقد كانت مهمته إنسانية، وجهوده خيرية، بعيداً عن الحسابات السياسية والانتماءات الحزبية والتابعية القومية، ولهذا فقد تجشم الصعاب وتعرض للأخطار، وغامر بحياته وهو ينظم حملات الإغاثة لمساعدة السوريين في أماكن القتال، وزار مخيماتهم واطلع على حياتهم وقدر حاجاتهم، وعمل بجدٍ لمساعدتهم، تماماً كما انبرى لنجدتهم إبان الزلزال المدمر الذي أصاب تركيا وشمال سوريا، فكان من أوائل الهيئات الإنسانية والجمعيات الخيرية التي هبت لنجدة المتضررين ومساعدة المنكوبين.

وهو نفسه الذي يمم شطر لبنان كثيراً، يتفقد أحوال اللاجئين السوريين والفلسطينيين على السواء، فزارهم في مخيماتهم، واستمع إلى شكواهم، واستجاب لبعضهم، وكان لا يفرق بينهم، ولا يتأخر عن مساعدتهم، ولا يتوقف عن السعي من أجلهم، رغم أنه مصابٌ ويعاني من إعاقةٍ بسبب بتر يده فضلاً عن فقدانه لإحدى عينيه، لكنه كان يشعر أنه يقوم بواجبٍ إنساني، ويؤدي مهمة نبيلة، فيفرح عندما يرسم بسمةً على شفاه الأطفال، ويسعد كثيراً عندما يرى مريضاً قد شفي ومصاباً قد برئ.

لست فيما أوردت مدافعاً عن رجلٍ انبرى لفعل الخير، وسعى لمساعدة الناس، فهذه شيمٌ قد تربينا عليها، وعادات قد نشأنا عليها، يدعونا إليها ديننا، وتحض عليه مجتمعاتنا، بل أدافع عن القيم والأخلاق والقوانين والمثل، ولا أظن أنا أبا راشد نادمٌ على ما قدم وأعطى، ولو أطلق سراحه فإنه سيعود لمواصلة ما بدأ، ولن يخاف مما قد لاقى، فهو يعلم أن ما يقوم به ليس جريمةً ولا مخالفة، وليس فيه ما يريب أو يثير الشبهة، وعلى الحكومة الهولندية أن تتراجع عن خطئها، وأن تعتذر عن إساءتها، وأن ترد على الكيان شكواه، وأن تعجل بإطلاق سراحه فوراً، فهو يستحق منها المكافأة والتكريم، لا العقاب والمحاكمة.

بيروت في 17/9/2023

moustafa.leddawi@gmail.com

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الناشط الفلسطيني الحکومة الهولندیة

إقرأ أيضاً:

الغنوشي بين الإسلام والديمقراطية.. حين يكتب المفكر شهادة حداثةٍ شرعية (2)

في هذه الحلقة الثانية من قراءته المقارنة لأطروحات رموز الحركات الإسلامية في المشرق والمغرب، يواصل الكاتب والباحث المغربي في الفكر الإسلامي محمد يتيم تسليط الضوء على المسار الفكري والسياسي للأستاذ راشد الغنوشي، أحد أبرز العقول الإسلامية المعاصرة التي سعت إلى بناء جسر معرفي راسخ بين الإسلام والديمقراطية.

من خلال تحليل كتابه "الإسلام والديمقراطية وحقوق الإنسان" وسياقه التاريخي، يتتبع محمد يتيم في هذه المقالات الخاصة بـ "عربي21"، كيف سعى الغنوشي إلى تفكيك الصور النمطية عن رفض الإسلاميين للديمقراطية، مقدّماً أطروحة فكرية تنطلق من داخل المرجعية الإسلامية لتؤسس لمصالحة واعية بين الحرية السياسية والهوية الدينية، وتفتح باب المراجعة والنقد الذاتي ضمن المشروع الإسلامي المعاصر، في لحظة عربية مشحونة بأسئلة الانهيار والتحول.

راشد الغنوشي.. مسار سياسي ومسار فكري

ليس من شك في أن الأستاذ راشد الغنوشي قد عرف بنضاله السياسي وبترؤسه لإحدى الحركات الإسلامية المعاصرة وببلائه السياسي وما تعرضت له من تضييق وملاحقة في مراحل مختلفة من مسار النظام السياسي التونسي، لكن يتعين الالتفات إلى وجه آخر لإسهامه أي الإسهام  العلمي والفكري، ومنهجه في التعامل مع الواقع السياسي.

ويمكن اعتبار كتاب الإسلام والديمقراطية وحقوق الإنسان مثالا حيا على هذا التميز المغربي في تجربة الحركة الإسلامية ، وكما تشهد له كتاباته الأخرى من قبيل: الحريات العامة في الدولة الإسلامية، حقوق المواطنة: حقوق غير المسلم في الدولة الإسلامية، الوسطية السياسية عند الإمام الدكتور يوسف القرضاوي، كتاب القدر عند ابن تيمية ـ مقاربات في العلمانية والمجتمع المدني .

أهمية كتاب راشد الغنوشي "الإسلام والديمقراطية" في سياقه الفكري والتاريخي

لقد جاء صدور الكتاب في ظل الحراك السياسي الكبير الذي عرفته  تونس ومصر والمنطقة العربية، والذي امتحنت فيه هذه المقولات على ارض الواقع، حيث كانت الحركات الإسلامية متهمة من عدد من خصومها الإيديولوجيين والسياسين برفضها للديمقراطية، او بقبولها كالية أو تاكتيك للوصول الى السلطة والاستحكام فيها فحسب.

وصدور هذا الكتاب وغيره من الدراسات والمقالات التي تصب في نفس اهتمامه  من شخصية بهذه الأهمية والمكانة في الحركة الإسلامية العربية  له دور وازن في نظرة القوى السياسية المختلفة أو المناهضة للإسلاميين، وفي نظرة الإسلاميين لأنفسهم خاصة.

يقرر راشد الغنوشي أن المباح في الإسلام هو الحرية ذاتها بل هي أوسع أحكام الشريعة وميادين عملها، وينتقد جماعات إسلامية أخرى ترفع شعارات أخرى بديلة عن الديمقراطية من قبيل ‘شورى أهل الحل والعقد، معتبرا إياها شورى سائبة تردد عموميات وهي لا تعني في المحصلة شيئا إلا إذا كانت تلك الجماعات المتشددة تعني نفسها حين تتحدث عن أهل الحل والعقد، فمن سيسلم لها بذلك؟كما يشكل إضافة نوعية للفكر السياسي الإسلامي المعاصر وتصوره للدولة وللديمقراطية ول" الحداثة السياسية " الأصيلة  ، حيث يثبت أن تلك "الحداثة" يمكن أن تتحقق دون نزاع أو صراع متوهم مع هوية الأمة ومرجعيتها وثقافتها.

وفي هذا السياق يقرر الشيخ راشد عددا من المعطيات في الكتاب منها:

ـ الخطأ الشائع في عدد من الأوساط المعادية للحركات الإسلامية داخل العالم الإسلامي أو خارجه بترويج دعوى عداء الإسلاميين للديمقراطية وتحذير تلك الأوساط من دخولهم طرفا في النظام السياسي القانوني.

ـ يقوم الأستاذ راشد الغنوشي بالتأصيل الفكري والمعرفي للديمقراطية ، وبيان مقاصدها وفوائدها ونتائجها على المستوى الاجتماعي من خلال عدد من التقريرات المعرفية منها:

ـ التأكيد أن الديمقراطية "تضمن حق الاختلاف الذي هو من فطرة الإنسان، ومن ممارسة الحريات الإنسانية بشكل علني منظم، مثل حرية التفكير والاعتقاد والممارسة الدينية، وحق التعبير وإقامة الجمعيات والأحزاب، وحق التقاضي الى قضاء مستقل وفق شروط المحاكمة العادلة".
 
 ـ بيان أن النظام الديمقراطي يحمي "الحريات الخاصة" و"مقومات الكرامة الإنسانية".

 ـ أن أكبر شهادة للنظام الديمقراطي تأتي من مقارنته بغيره من الأنظمة، أي الأنظمة الديكتاتورية أو الديمقراطية الناقصة.

 ـ نقد الأطروحة العلمانية المتطرفة التي تسعى لـ "أدلجة " النظام الديمقراطي "بإقامة رباط لا ينفك بينه وبين شتى ضروب العلمنة وإقصاء الدين من المجال العام وحتى الخاص’".

ـ أن واقع التطبيقات المتنوعة للنظام الديمقراطي تشهد على توفره على أسس متينة لحيادية آلياته وعدم ارتباطها بأي منظور إيديولوجي علمانيا كان أو دينيا.

 ـ أن الدين نفسه قد يتخذ أساسا لتسويغ أنظمة ثيوقراطية ( لاهوتبة ) ديكتاتورية، كما أن الدين يمكن أن يمثل أساسا للسماحة والقبول بالتعدد أو على الأقل للتعايش الديمقراطي.

ـ لا يرى الغنوشي أي مبرر معقول لرفض النظام الديمقراطي على اعتبار أن الديمقراطية ‘هي جملة من التسويات والترتيبات الحسنة التي تتوافق عليها النخب المختلفة من اجل إدارة الشأن العام بشكل توافقي بعيدا عن القهر وعلى أساس المساواة في المواطنة حقوقا وواجبات’. وأنه ليس في الإسلام ما يمنع الترتيبات التي جاء بها النظام الديمقراطي علاجا لآفة الديكتاتورية.

مناقشة موقف الحركات الإسلامية من الديمقراطية

يحلل الأستاذ راشد الغنوشي وينتقد الموقف الرافض للديمقراطية من قبل بعض التوجهات في الساحة الإسلامية الذي يصل بعضها إلى تكفير الديمقراطية تأسيسا على نظر مبسط لكل من الإسلام والديمقراطية من قبيل قولهم إن الديمقراطية هي حكم الشعب والإسلام حكم الله، معتبرا أن هذا من قبيل الحق الذي يقصد به باطل، وبعض المواقف التي تقول أنه ليس في الإسلام حرية معتبرا أن هذا الطرح حامل لنذر الإرهاب والدم والقمع باسم الإسلام".

ـ يقرر راشد الغنوشي أن المباح في الإسلام هو الحرية ذاتها بل هي أوسع أحكام الشريعة وميادين عملها، وينتقد جماعات إسلامية أخرى ترفع شعارات أخرى بديلة عن الديمقراطية من قبيل ‘شورى أهل الحل والعقد، معتبرا إياها شورى سائبة تردد عموميات وهي لا تعني في المحصلة شيئا إلا إذا كانت تلك الجماعات المتشددة تعني نفسها حين تتحدث عن أهل الحل والعقد، فمن سيسلم لها بذلك؟

- يقرر الأستاذ أيضا أن الحركات الإسلامية باستثناء أقليات عنيفة تطورت في اتجاه الديمقراطية وسط مناخات قمعية، فكيف لو كانت تعيش في مناخات نقية (…) وكيف سيتسارع تطورها لو انتقلت من المعارضة إلى تحمل مسؤولية إدارة شؤون الناس (…) وما يفرضه ذلك من تعامل مع عالم ليس صديقا غالبا؟.

ـ يتطرق  بناء على هذه النقطة إلى الموقف المناهض الذي اتخذه العالم من حركة حماس بعد فوزها في الانتخابات فيتساءل : وإن العالم لو تعاطى معها ايجابيا ماذا كان يكون انعكاس ذلك على تطورها وعلى تطور النظام الديمقراطي كله في المنطقة؟".

ـ يستحضر راشد الغنوشي ويستعيد تاريخ المنطقة العربية وعددا من الحالات مثل الحالة الجزائرية والحالة التونسية وغيرهما ، ويستنتج ان ‘البطش الذي تعرضت له الحركات الإسلامية هو الذي هيأ المناخ الذي تولدت فيه القاعدة وامتداداتها، مؤكدا أن تهمة اللجوء إلى العنف تصدق على الجهات العلمانية التي تستصرخ العسكر ‘لتسحق بصناديق الذخيرة صناديق الاقتراع".

ـ في تناوله لحرية المعتقد يشير الغنوشي  إلى أن أية "لا إكراه في الدين"، تمثل قاعدة كبرى من قواعد الإسلام، ولمقتضياتها نتائج سياسية كبيرة، فاكراه الناس على الإيمان ممتنع لأن ‘الاعتقاد محله القلب".

 ـ يقرر أيضا أن نسخ الاعتبارات الشرعية العظمى بآيات الجهاد ‘قد اثبت التحقيق المعاصر بطلانه’ منكرا بالتالي ان يكون الإسلام، على ما يزعم البعض، "دين السيف".

يخلص الغنوشي إلى أن الناس لو فقهوا لمطالب كل من الديمقراطية والإسلام، لوقفوا على حقيقة المساحة الواسعة للاشتراك والتداخل بينهما، وأنهما يصلحان أساسا متينا لتبادل المنافع والتعايش، كما أن التباين معها والاستدراك عليها واردان، وأن تلك هي حصيلة تأملاته لسنوات طويلة، وأنه خرج ورفاقه من المعتقلات لننخرط في ساحات النضال اليومي ضد الديكتاتورية متسلحين بهذين السلاحين: الإسلام والديمقراطية.كما يتناول الغنوشي مجمل قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات وعلاقتها بالإسلام والإسلاميين، مستوفياً شروط الموضوع السجالية والمنطقية والتاريخية، وهو في هذا لا يختلف عن اتجاه عام في الفكر الإسلامي لتظهير أفضل ما أخرجته التجربة الإسلامية من آراء ومقترحات ونقاشات، عائداً بشكل دائم إلى النص والسنّة والتشريع والتاريخ والفقهاء.

تناول الأستاذ راشد الغنوشي قضايا ترتبط بالاقتصاد والمرأة والمجتمع المدني وحرية العقيدة وغيرها من نقاط إشكالية في الفكر الإسلامي، لكنه يترك بعضها مفتوحا مثل مسألة الردة، وهي مسألة تتناقض مع إحدى الحريات الأساسية في المجتمع المدني وهي حرية العقيدة.

الحرية والحضارة والاستبداد والتخلف

خصص الغنوشي فصلا من كتابه لـ "إثبات وجود علاقة تلازم بين الحرية والحضارة"، وكذلك لإثبات "التلازم بين الاستبداد والتخلف".

وبعد جولة في الإشكالات التي تعرض لها الفلاسفة في موضوع الحرية،  يخلص إلى إن رحلة مبحث الحرية انتهت إلى أن "غدت الديمقراطية ينظر إليها على أنها الإطار المناسب بل الوحيد لممارسة الحرية بدل الجدل حول نظرياتها الفلسفية"،

ويقدم هذا الطرح الغنوشي في صورة الواعي والمتقبل للتطور التاريخي للمدنية والحضارة بحيث يمزج بين نظريات المفكرين الغربيين وبين آراء الإسلاميين مثل المعتزلة وبن حنبل الذي يعتبر "أن ثورته منعت قيام وصاية للدولة على الدين، لكنها ‘أفضت بالنتيجة إلى إطلاق العنان للقوى المضادة للحرية"، مما أبعد مبحث الحرية عن حقوق الناس بينهم وبين حكامهم، فضاق الحديث في هذه الساحة الرئيسية وغلبت عليه "ضروب التملق للحكام، ووصايا كتاب الدواوين التي أحيت في الإدارة والثقافة الإسلامية مواريث الساسان الثيوقراطية".

ويعتبر أن ذلك كان الباب الرئيس الذي دخل منه الانحطاط "ولا يزال مخيما على دنيا المسلمين".
 
وهنا يضع الغنوشي إصبعه على موضوع خطير وهي ضرورة نقد الفكر الإسلامي وضرورة المراجعة التاريخية لأسباب انحطاطه وتراجعه.

حرية العقيدة ومسألة الردة’

في رأيه حول "حرية العقيدة ومسألة الردة"، أورد الغنوشي ما أجمعت عليه الآراء والفتاوى دون أن يدلي برأي اجتهادي يتناسب مع ما هو سائد في  الأعراف الإنسانية الحديثة وحقوق الإنسان.

وفيما يتعلق بمسألة "المرأة والحرية" يستند الغنوشي إلى الحديث النبوي "النساء قائق الرجال"، ويقرر أن "الكون قائم على نظام الزوجية" مع التأكيد على ضرورة "التمييز بين التساوي والتماثل، فمراعاة الخصوصية هو من ضرورات احترام الإنسان".

يخلص الغنوشي إلى أن الناس لو فقهوا لمطالب كل من الديمقراطية والإسلام، لوقفوا على حقيقة المساحة الواسعة للاشتراك والتداخل بينهما، وأنهما يصلحان أساسا متينا لتبادل المنافع والتعايش، كما أن التباين معها والاستدراك عليها واردان، وأن تلك هي حصيلة تأملاته لسنوات طويلة،  وأنه خرج ورفاقه من المعتقلات لننخرط في ساحات النضال اليومي ضد الديكتاتورية متسلحين بهذين السلاحين: الإسلام والديمقراطية.

إقرأ أيضا: بين المشرق والمغرب.. جدل الوحدة والتمايز في التجربة الحركية الإسلامية (1)

مقالات مشابهة

  • سالم بن سلطان يعزي في وفاة والدة علي بن درويش برأس الخيمة
  • شاهد بالصورة والفيديو.. في ليلة زفافها.. عروس سودانية ترتدي أطقم من الذهب مكتوب عليها اسم الناشط الشهير (الإنصرافي)
  • عامل يتعرض لاعتداء بسلاح أبيض دفاعا عن زوجته فى قرية ناهيا بكرداسة
  • غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء
  • مكتبة سناو العامة تنظم الأمسية الشعرية الأولى
  • الغنوشي بين الإسلام والديمقراطية.. حين يكتب المفكر شهادة حداثةٍ شرعية (2)
  • خالد بن محمد بن زايد يحضر حفل استقبال بمناسبة زفاف عبدالله بن راشد بو حسن الشامسي
  • الجزائر تحذر: عقوبات صارمة لمروّجي المخدرات والعنف في الأغاني والمحتوى الرقمي
  • بث مباشر.. نقل شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر
  • عزت راشد قارئًا.. نقل شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر