عربي21:
2025-05-23@10:06:50 GMT

العِجل هدّ المصطبة!

تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT

(مقالات معطلة)

تعطلت مقالاتي في الأسابيع الماضية لأسباب كثيرة؛ أقلها شخصي وأكثرها سياسي، فالظروف الصحية (وبالتالي الذهنية) مقدور عليها، فكم كتبنا ونحن نعاني، وسنظل نكتب برغم كل معاناة، لكن الظرف العام الذي نعيشه في مصر محزن ومهلك للمشاعر وللضمائر وللعقول أيضا، فتصور أننا دولة بعد 21 قرنا من ميلاد المسيح تصورٌ افتراضي لا يقترب من حقيقة المعيشة التي يعيشها في مصر أي مواطن يحمل فوق كتفيه رأسا ويلتمس بعضا من (وليس كل) الكرامة.

.

الدولة في مصر بكل أطيافها ومؤسساتها أقل احتراما ومواثيق من أي طور قَبَلي أو إدارة ريفية في قرية نائية، دولة تتحدث في كل شيء بمنطق "اللغة الخشبية" التي هجاها "أورويل" في مقال جريء وهجومي، وبديهي أن تتأثر المقالات السياسية بحالة الكلام الدائر لدى النخب ولدى الناس في الشارع، وبديهي أيضا أن تتخذ الكتابة هدفا أو جمهورا تخاطبه وتؤثر فيه، وبديهي أن يقيس الكاتب حالة التلقي، ومدى تأثير كتاباته في جمهورها المفترض.. لكن هذه البديهيات غائبة تماما، وتجعل من الكتابة السياسية (في مصر تحديدا) خالية من أي هدف وأي تأثير، يعني "كلام فارغ" حسب التعبير الشعبي المصري الثاقب..

ربما كان لهذا المناخ العام التأثير الأكبر في تعطلي عن الكتابة، فأنا لم أتعود المشاركة في السرادقات التي ينصبها النظام كلما رغب في "جمع النقطة" من المعازيم، وهذا العزوف عن المشاركة "وضع الماء في فمي"، وهي حالة مزعجة لتكويني النفسي فلا أستطيع الصبر عليها، وسريعا ما أبصق الماء في وجوه المنافقين وأنطلق في الكلام المضاد..

لكن يعاودني السؤال:

هل يفيد الكلام؟

وهل يعقل العجول؟

(لا تلقي الجواهر أمام الخنازير)

كتبت في الأسابيع الماضية أجزاء من مقالات لم أستكملها لشعوري بأنها أخطر من أن تنشر في "سوق الخبل المنصوب"، منها مقال بعنوان "ما لكَ وأولادنا أيها المالتوسي؟"؛ أناقش فيه تصريحات السيسي خلال ما سمي "المؤتمر العالمي الأول للسكان والصحة والتنمية" الذي أقيم قبل أسبوعين برعاية الحاكم الكاره للسكان وللصحة وللتنمية، ومنها مقال عن الهدم العشوائي الذي يقترفه "مقاول الهدد" بزعم سعيه للبناء والتطوير، ومنها مقال عن خلفيات الانضمام لـ"بريكس"، والذي يذكرني بإجابة التلاميذ الظرفاء على سؤال: بتعملوا إيه في المدرسة يا حبيبي؟

بالنسبة للناس في بلادي، فهم يعرفون أكثر بكثير مما نكتب عنه، فسوء الأحوال المعيشية بلغ درجة يصعب وصف مرارتها بأي كلام، ومن هذه الأزمة يفرض الصمت حضوره
فيقولون: بنلعب مع أصحابنا وناكل الساندويتشات، فالنظام الذي لا يملك ما يصدره وينتفع به انتفاعا إيجابيا، ينظر للانضمام باعتباره فرصة سانحة للاقتراض، فدخول مطعم أو نادٍ والتعرف على بعض الأثرياء يعتبر "إنجازا" عند أصحاب العقول والجيوب المفلسة، لأنه يدعم سياسة "سلّفني وخد الساعة رهن"..

لم تكتمل هذه المقالات وغيرها، ربما لأنني وصلت لحالة اليأس القاطع من الإصلاح السياسي عن طريق النقد، أو النقاش، أو تحليل الخطاب، أو إظهار العيوب والأخطاء لنظام أحمق لا يعترف إلا بما يقوله ويفعله هو، فمن الصعوبة على عاقل أن يضع نفسه في موضع حوار مع أحمق يتذاكى.

وبالنسبة للناس في بلادي، فهم يعرفون أكثر بكثير مما نكتب عنه، فسوء الأحوال المعيشية بلغ درجة يصعب وصف مرارتها بأي كلام، ومن هذه الأزمة يفرض الصمت حضوره.

(عن ماذا أكتب إذن؟)

توقفت برهة أمام عنوان هذه الفقرة، وسألت نفسي: أكتبها "إذن" أم "إذاً"؟ وسخرت بمرارة من هذا التدقيق مستدعياً قولا شهيرا يتداوله الظرفاء على مواقع التواصل وفي البيوت للفيلسوفة يسرا تقول فيه "يا اختي كده ينفع، وكده ينفع"..

وبينما أنا مستغرق في التفكير المعطل على طريقة "حمار بوريدان" طرأ على ذهني تعبير "العِجْل هدّ المصطبة"، وتصورت في أول الأمر أنه مثل شعبي، ثم تذكرت أنه مقطع من أغنية ريفية شهيرة في حفلات الزواج تقول كلماتها: "العجل هدّ المصطبة/ يا مْنجِّد عللّي المرتبة/ عروستنا حلوة مؤدبة/ واعمل حساب الشقلبة"..

انتبهت أن الأغنية عبرت سريعا على "جريمة العِجل" ووجهت رسالتها للمنجّد لتؤكد عليه تعلية المرتبة تحسبا لمخاطر الشقلبة.

لكن لماذا سيطر العِجْل على تفكيري؟

قلت بما يناسب الحالة العبثية التي تحاصرني: ولماذا لا أكتب عن هذه القضية المهمة؟.. لماذا لا أكتب عن العِجْل وما فعله بالمصطبة؟

(كده ينفع وكده ينفع!)

أتأخر في إصدار أحكامي لأسباب ترتبط بالتدقيق والإتقان والتيقن (ثلاثة تاءات)، وبالمرة حتى لا أسقط ضحية لأبواق الجماعة الإرهابية، ثم يخرج المصدر الأمني لينفي كل ما تحمست من أجله ضد النظام البريء، ولذلك لم أنجرف في أحاديث الناس الطيبين على مواقع التواصل بخصوص هدم الآثار والمقابر التاريخية، لكن فجأة وجدت أمامي نص استقالة مهندس مسؤول يحتج على طريقة التعامل التي تتم في منطقة المقابر التاريخية في صحراء المماليك شرق القاهرة، مؤكدا بأن هناك "إهدارا وصل لتحطيم أماكن لها قيمة تاريخية".

أستاذ الهندسة المحتج "أيمن ونس"، كان يتولى رئاسة لجنة الطراز المعماري في شرق القاهرة، ويتحدث من واقع تخصصه الهندسي ومن منطلق مسؤوليته عن الثروة المعمارية في المنطقة محل الهدم..

إحساس جميل أن تشعر بشجاعة مسؤول مصري يحترم تخصصه ويراعي ضميره العلمي والوطني، فيكشف لنا حقيقة ما يحدث من تخريب تحت مسمى التطوير، لذلك ينبغي أن نناقش القضية كجريمة (بحكم قوانين حماية الآثار والطرز المعمارية)، فهي منسوبة لجهة اختصاص وليس لشائعات تستهدف البلبلة وتطعن في الإنجازات العظيمة للجمهورية الجديدة، وكنت أبتسم وأنا أفكر في ورطة المصدر الأمني المتخصص في النفي، فالكلام هذه المرة من المشرف على المصطبة بذات نفسه!

المخيب للابتسام أنني قرأت النفي سريعا، ولكن على لسان المشرف نفسه، فقد حذف الاستقاله من حسابه وكتب مؤيدا لجهود الدولة ومؤكدا عودته لرئاسة لجنة "الهدر الحتمي"، وقال الدكتور ونس: لاحظت إساءة استخدام استقالتي للهجوم على جهود الدولة المستمرة في التطوير وتحسين البيئة العمرانية وحياة المواطنين (بالمرة)، وقال إنه يثمن جهود الدولة ويعلم قيمتها جيدا، من خلال عمله كرئيس لإحدى اللجان الدائمة لحصر المباني التراثية، وكدت أسمع الكمنجات تعزف: ضحيت هنايا فداه.. اشهد عليه يا ليل.

وقلت: حتى أنت يا ونس؟

سألتني شيطانتي: ونس أم ولس؟

قال قريني المستظرف: يا أختي كده ينفع وكده ينفع.

(أين العِجْل؟)

عادت شيطانتي لدأبها الشرير فقالت هازئة:

كتبت عن حمار بوريدان والمنجِّد والمرتبة ويسرا وأستاذ التصميم المعماري وبروتس.. ثم فعلت ما فعلته الأغنية الريفية ولم تخبرنا عن العِجْل وما فعل.

قلت: سأكتب، سأكتب بكل تأكيد.. أعرف أن الناس يرددون النصيحة التي تربى عليها عمرو أديب: إن دخلت بلد تعبد العِجْل حِشّ واديلو، لكنني لم أحش يوما لأي عجل ولا أنوي علف العجول.

[email protected]

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر الكتابة الآثار مصر آثار السياسة سخرية الكتابة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الع ج ل فی مصر

إقرأ أيضاً:

ما الذي تصبو إليه رواندا والكونغو وحركة إم23 من مساعي السلام؟

من بين كثير من الصراعات التي شهدتها القارة الأفريقية عبر تاريخها الحديث، يبرز الصراع الأكبر والأطول في منطقة البحيرات العظمى، وتحديدا شرق الكونغو الديمقراطية شمال بحيرة كيفو.

صراع امتد 3 عقود أو أكثر، بدوافع محلية وتوابع إقليمية، بالإضافة إلى أياد دولية، حتى بات يصطلح عليه باسم "الحرب العالمية الأفريقية".

محطات كثيرة مر بها الصراع خلال العقود الثلاثة المنصرمة، اتخذت فيها الأحداث تارة طابع الحرب الأهلية، وتارة اتسمت بالحروب مع دول الجوار، وأحيانا سادت الأجواء بعض الهدن وقليل من السكون الذي صاحب جولات من الوساطات الإقليمية.

ولم تفض الوساطات من داخل القارة إلى إنهاء الصراع الطويل، بل إن بعضها زاد من تعقيدات المشهد، وعمّق الفجوة بين الأطراف المعنية.

وبعد إرسال قوات حفظ سلام أفريقية، تعرضت هي أيضا لهجمات، فضلا عن اتهامات وُجّهت لتلك القوات بالانحياز لهذا الطرف أو ذاك.

العاصمة الكونغولية كينشاسا (الجزيرة)

بدأت حركة إم23، ومعها تحالف نهر الكونغو (AFC)، مطلع العام الجاري 2025 هجوما متصاعدا تهاوت أمامه قرى ومدن شرق الكونغو واحدة تلو الأخرى، فقد سقطت مدن غوما ثم بوكوفا مرورا بروبايا، أمام تقهقر الجيش الكونغولي وانسحابه من بعض مواقعه من دون قتال.

إعلان

توالت إثر تلك التطورات الاجتماعات والبيانات الأممية، داعية إلى ضرورة وقف الهجوم، كما وجهت اتهامات لرواندا بزجّ قرابة 5 آلاف مقاتل للمشاركة في تلك الهجمات.

وقد دعا مجلس الأمن الدولي الأطراف كافة لوقف الأعمال العدائية واحترام سيادة الكونغو الديمقراطية، وأدان في قراره رقم 2773 هجمات حركة إم23 وطالب رواندا بسحب قواتها.

رفضت كيغالي تلك الاتهامات، كما نفت مشاركة قواتها في المعارك الجارية شرقي الكونغو، لتقرّ فقط باتخاذها إجراءات قالت إنها تعزز أمنها القومي عند حدودها الشمالية مع جمهورية الكونغو، إثر تعرض مدن وقرى رواندية لقصف اتهمت القوات الكونغولية بالوقوف وراءه.

ومن خارج القارة الأفريقية، وفي 18 مارس/آذار 2025 أعلن عن اجتماع بين أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وكُل من الرئيسين الرواندي والكونغولي، بول كاغامي وفيليكس تشيسيكيدي، والإعلان عن وساطة بين رواندا والكونغو من جهة، ومسار لحل الصراع في شرق الكونغو من جهة أخرى.

قطر توسطت في اتفاق وقف إطلاق النار بين الكونغو الديمقراطية ورواندا (الفرنسية)

وخرج عن ذلك الاجتماع المفاجئ للجميع بيان مشترك حول البدء بمسار نحو السلام، تبعته سلسلة اجتماعات على مستوى ممثلي الأطراف تشارك فيه وفود من رواندا والكونغو وحركة إم23.

وفي مسار مكمل لما يجري في دولة قطر، كانت هنالك خطوات في الولايات المتحدة أفضت حتى الآن إلى توقيع إعلان مبادئ نحو السلام بين كيغالي وكينشاسا، وأتبع في الخامس من مايو/أيار الحالي بتقديم الطرفين مسودات مقترحة لاتفاق سلام.

حرصت الأطراف جميعها على التكتم على مسار المفاوضات بغية إنجاحها وعدم التشويش على مجرياتها المعقدة بالطبع، إلا أن تساؤلات عما يتطلع إليه كل طرف، وكذلك هواجسه ومخاوفه، يمكن التوصل إليها عبر سؤال محللين ومتخصصين من مختلف الأطراف. وذلك ما سعينا له في هذا التقرير، إذ توجهنا بسؤالين عن الآمال والهواجس، إلى أولئك المتخصصين.

إعلان من كينشاسا

بدأنا بالعاصمة الكونغولية كينشاسا في محاولة لفهم رؤية الحكومة لمسار السلام بين الآمال والهواجس. سألنا السكرتير الفخري لحزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم الاجتماعي الحاكم، ديابانزا موانانيني، عن رؤية بلاده للجهود الدبلوماسية فقال إن بلاده في مرحلة ما "دعت الولايات المتحدة للمشاركة في مفاوضات اعتبرت ذات طابع قانوني يتعلق بالأمن"، وأضاف أن الخطوة تأتي بعد "30 عامًا من القضايا الأمنية وكانت رواندا الفاعل الرئيسي فيها"، حسب تعبيره.

ويقول موانانيني "إذا فهمت رواندا حجم الاستثمارات التي ستلي هذا الترتيب مع الولايات المتحدة، فستُدرك الفوائد التي يمكن أن تجلبها مثل هذه الشراكة". وبحسب موانانيني، فإن رواندا إذا انسحبت "فستكون الخاسر الرئيسي لأنها لا تمتلك القدرة اللوجستية التي تمكنها من مواجهة الولايات المتحدة، لا سيما أن هناك موارد تبدو الولايات المتحدة مهتمة بها بشكل خاص"، على حد قوله.

مدنيون فرّوا من غوما شرقي الكونغو الديمقراطية بسبب القتال بين متمردي إم23 والقوات الحكومية (رويترز)

ويختم موانانيني حديثه بالقول إنه "ينبغي لرواندا أن تفهم منطق الشفافية في هذا التبادل، وأن تتجنب اتخاذ موقف سلبي متشدد مع الاستمرار في تقويض جمهورية الكونغو الديمقراطية. أعتقد أن على رواندا هذه المرة أن تغتنم الفرصة حتى لا تخرج كطرف خاسر"، وفق ما قال.

رواندا.. الجار القريب

طرف آخر من الصراع كان علينا الاقتراب من موقفه وإن بشكل غير رسمي هنا في كيغالي؛ هو الصحفي الرواندي غيتيتي نييرينغابو روهوموليزا الذي لا يخفي بدوره آماله وقلقه في الوقت ذاته على المسار الدبلوماسي.

يقول روهوموليزا إنه "خلال العقد الماضي، وخاصة في السنوات الثلاث إلى الأربع الأخيرة، كانت الحملة المعادية لرواندا هي الوقود الذي يغذي الأجندة السياسية في كينشاسا". ويضيف أن "خطابهم المعادي" امتد ليؤدي بالضرورة "إلى اضطهاد التوتسي الكونغوليين والتنكيل بهم وقتلهم داخل جمهورية الكونغو الديمقراطية".

ملاذ آمن

ويقول روهوموليزا إنه "عند الإفراج عن مدانين بارتكاب الإبادة الجماعية، وفرت لهم الحكومة الكونغولية ملاذًا آمنًا". ويضيف "أن الرئيس الكونغولي هدد في مناسبات عدة بغزو رواندا".

لكن "أكثر الأفعال إثارة للقلق والتي لا تزال الحكومة الكونغولية تمارسها"، بحسب روهوموليزا، تتمثل "باستمرار تسليح وتمويل ودعم قوات الجبهة الديموقراطية لتحرير رواندا (FDLR) التي يقودها مرتكبو الإبادة الجماعية في رواندا".

إعلان

ويقول روهوموليزا إن خوفهم الرئيسي نابع من أزمة ثقة مع كينشاسا، إذ يرى أن مشاركة الحكومة الكونغولية في هذه المفاوضات من وجهة نظره "ربما لا تعدو أن تكون فرصة لإعادة التسلح، وتجنيد مزيد من المرتزقة وأفراد (FDLR)، ثم شن هجوم جديد على حركة إم23 بهدف جرّ الحرب إلى رواندا"، وفق قوله.

ويشير روهوموليزا إلى أن "خطاب الكراهية الموجه ضد رواندا عمومًا وضد التوتسي الكونغوليين بشكل خاص لن ينتهي بتوقيع اتفاق للأسف"، مشيرا إلى أن "تغذية خطاب الكراهية في الوعي العام سيحتاج عقودًا من العلاج". ويبدي الصحفي الرواندي خشيته "من أن التوتسي الكونغوليين سيحتاجون إلى وقت طويل قبل أن يشعروا بالأمان مجددًا في مناطق أخرى من بلادهم".

واتهم روهوموليزا الرأي العام الكونغولي بالانحياز ضد رواندا بشكل كبير، "إلى درجة أنه لن يسمح للسياسيين في كينشاسا بتطبيع العلاقات مع رواندا".

الفصيل الفاعل.. حركة إم23

وعن رؤية حركة إم23 ومواقفها تجاه مسار السلام، يقدم الباحث المقرب من الحركة البروفسور الكونغولي أليكس مفوكا، في حديثه للجزيرة نت، تقدير موقف يقول فيه "إن الحركة تأمل بشدة وتتوقع التوصل إلى حل سياسي يستند إلى معالجة الجذور العميقة للصراع".

قوات تابعة لحركة إم23 وسط مقاطعة كيفو في شرق الكونغو (رويترز)

ويضيف مفوكا أن الحركة تتطلع أيضا إلى "التخلص من المشكلات المتعلقة بغياب الحوكمة في الكونغو الديمقراطية وإنهاء الفساد المستشري في ظل نظام سياسي يعاني من مشكلات مزمنة في آليات الحكم".

ويتحدث البحث المقرب من حركة إم23 عن "ثقافة سائدة من السياسات القائمة على أسس المركزية العرقية والتي تستغل القبلية وغيرها من أشكال العنصرية البدائية"، مشيرا إلى أن الحركة "تأمل وضع حد لثقافة خطاب الكراهية، ووقف التعبئة حول فكرة اضطهاد التوتسي الكونغوليين أو الناطقين بلغة الكينيارواندا من الهوتو والتوتسي" على حد سواء، والتي أصبحت، حسب ما يقول مفوكا، "شكلًا من أشكال الصواب السياسي في جمهورية الكونغو الديمقراطية".

إعلان

كذلك تأمل الحركة، وفق مفوكا، عودة 100 ألف لاجئ كونغولي. ويضيف البروفسور مفوكا للجزيرة نت أن حركة إم23 "تدرك أن الصراع في الشرق ليس مجرد نزاع قبلي بل هو سياسة شعبوية صادرة عن الحكومة المركزية".

وعن هواجس حركة إم23 إزاء الحكومة الكونغولية، يقول مفوكا إن الرئيس فيليكس تشيسيكيدي لديه سجل كبير في التنصل من الاتفاقيات السياسية واتفاقيات السلام"، وإن "حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية تفتقر إلى آليات مؤسساتية وقدرات حقيقية لتطبيق السلام والحفاظ على الاستقرار، وتقديم ضمانات لتنفيذ أي اتفاق سلام".

خريطة جمهورية الكونغو الديمقراطية (الجزيرة)

وأما بخصوص العراقيل التي يراها مفوكا لا تزال تعتري مسارات السلام بشكل عام، فيشير إلى وجود "قانون أقره البرلمان ويمنع الحكومة من التفاوض مع الحركة المتمردة، ولم يتم إلغاؤه أو تعديله منذ بدء المفاوضات".

ويؤكد مفوكا "أن التوترات العرقية المستمرة أو استغلال الموارد الطبيعية أو تدخل أطراف خارجية ليست السبب وراء غياب الاستقرار في الكونغو الديمقراطية"، بل يرى "أن فشل عمليات السلام السابقة أتى نتيجة غياب الإرادة السياسية، والفشل في معالجة الأسباب الجذرية للصراع"، وهي العوامل التي يقول إنها تمثل "مصدر القلق والخشية لدى حركة إم23".

وعليه، تبدو الآمال الواعدة بالسلام في منطقة البحيرات العظمى غاية تجمع عليها أطراف الصراع الأساسية، وفق ما هو معلن، بيد أن ذلك يتطلب إرادة جامحة لدى تلك الأطراف للسير نحو سلام يمنح خصوم اليوم الوقت الكافي لترميم تصدعات 3 عقود من خطاب الكراهية وسفك الدماء.

مقالات مشابهة

  • خور عبد الله ليس ملفاً مغلقاً: رد على مقال “السياسة” الكويتية
  • ما الذي تصبو إليه رواندا والكونغو وحركة إم23 من مساعي السلام؟
  • حلم الثري اليهودي فريدمان الذي يسعى سموتريتش لتحقيقه
  • الشي الوحيد الذي أصاب ترامب فيه
  • عدد الأصدقاء أم نوعيتهم؟.. ما الذي يحقق لنا السعادة في التواصل الاجتماعي؟
  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة في تغريدة عبر X: تلقى الشعب السوري اليوم قرار الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات المفروضة على سوريا، وإننا نثمن هذه الخطوة التي تعكس توجهاً إيجابياً يصب في مصلحة سوريا وشعبها، الذي يستحق السلام والازدهار، كما نتوجه بال
  • الشطر: الموظف الذي يفقد ذاكرتين كل يوم
  • الشوبكي يتساءل: من أين مصدر الغاز الذي ستعمل عليه سيارات الأردنيين؟
  • من الذي التهم صنم العجوة ؟
  • ما الذي يضمره أبو إيفانكا لسوريا وقيادتها؟