100 سنة هيكل| حكايات الأستاذ مع رؤساء وزعماء مصر (تسلسل زمني)
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
حكايات عدة جمعت أستاذ الصحافة المصرية محمد حسنين هيكل، الذي يمر 100 عام على ميلاده غدا 23 سبتمبر 2023 برؤساء مصر الذين عاصرهم حتى توفي في فبراير 2016.
وولد محمد حسنين هيكل في قرية باسوس بمحافظة القليوبية 23 سبتمبر 1923، وتلقى تعليمه في القاهرة واتجه إلى الصحافة في وقت مبكر حيث التحق بجريدة "الإيجيبشيان جازيت"، ثم التحق بمجلة آخر ساعة عام 1945 كمحرر أيضًا، وفي عام 1951 حيث تولى منصب رئيس تحرير مجلة آخر ساعة، وفي نفس الوقت مدير تحرير جريدة أخبار اليوم ثم عين رئيس تحرير جريدة الأهرام لمدة 17 عاما.
وطوال رحلة محمد حسنين هيكل كتب عدد من المؤلفات التي رصدت تاريخ مصر والعرب، واعتزل الكتابة المنتظمة والعمل الصحفى فى 23 سبتمبر 2003 بعد أن أتم عامه الثمانين، ومع ذلك فإنه استمر يساهم فى إلقاء الضوء بالتحليل والدراسة على تاريخ العرب المعاصر وثيق الصلة بالواقع الراهن حتى توفى في 17 فبراير 2016.
حكايات الأستاذ مع رؤساء مصر.. من الملك فاروق لـ "السيسي"
وعاصر محمد حسنين هيكل ملك و5 رؤساء في حياته، فالبداية كانت مع الملك فاروق مرورًا بالرئيس محمد نجيب ثم الرئيس جمال عبدالناصر، ثم محمد أنور السادات، ثم محمد حسني مبارك، ثم محمد مرسي، وأخيرًا الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي.
علاقة محمد حسنين هيكل بـ "الملك فاروق"
بدأ هيكل عمله في الصحافة في عام 1942 عندما كان فاروق ملكا على مصر، وكانت العلاقة بينهم عادية، فهو أحد الصحفيين المتتبعين لما يجري على الساحة السياسية.
وكانت ل محمد حسنين هيكل شهادة مطولة تقع في 35 صفحة كشف فيها عن أسرار الملك الخاصة، بل إنه كتب فقرة مطولة تحت عنوان: "دموع ملك في حالة قلق"، ونقل من مذكرات حسين سري باشا أن الملك فاروق بكى وتأثر خلال مناقشة حامية بينهما.
علاقة محمد حسنين هيكل بـ "محمد نجيب"
كان محمد حسنين هيكل رافضا وجود اللواء محمد نجيب على سدة الحكم، كون نجيب لا يصلح للاستمرار في رئاسة مصر، لعدم تطابق صفات الترشح عليه، خاصة فيما يتعلق بجنسية الأم التي قال هيكل إنها كانت سودانية.
و فى كتاب عبدالناصر والعالم، زاد "الأستاذ" من هجومه على نجيب بأن اتهمه بالعمالة لأمريكا، من خلال واقعة تلقيه مبلغ 3 ملايين دولار، كاعتماد أمريكي، لبناء برج لاسلكي للاتصالات العالمية، ودفع ذلك نجيب لمقاضاة هيكل أمام محكمة جنايات الجيزة، فى نوفمبر من عام 1972، إلا أن هيكل استطاع أن يصل إلى صيغة تصالح مع نجيب، مقابل نشر هيكل بيان تكذيب فى صحف "ديلي تلجراف" والأهرام والنهار اللبنانية، ورحل نجيب عن الحياة قبل أن تصفو العلاقة بينه وبين الأستاذ هيكل.
محمد حسنين هيكلعلاقة محمد حسنين هيكل بـ "جمال عبدالناصر"بعد قيام ثورة 23 يوليو 1956، أصبح هناك علاقة قوية بين جمال عبد الناصر وهيكل ليصبح بعد فترة المتحدث الرسمي باسم حركة الضباط الأحرار، ثم تحولت العلاقة لصداقة جعلته في خانة إلى المشارك في صنع القرار، والمحرك للعديد من الأحداث، وأحد صناع تاريخ مصر بعد ثورة يوليو، وتم تعيينه وزيرًا للإعلام في عام 1970، ثم أضيفت إليه وزارة الخارجية لفترة أسبوعين في غياب وزيرها الأصلي محمود رياض.
وظهرت الصداقة التى ربطت هيكل بعبد الناصر جلية فى صياغته لخطاب التنحى الذى ألقاه عبد الناصر على الشعب بعد حلول نكسة عام 1967، وهو الخطاب الذى تمكن فيه الرئيس المهزوم من جعل موقف المصريين موقفًا عاطفيًّا يتمسك فيه المصريون برئيسهم، وحين تحدث الكاتب الكبير حسنين هيكل عن فترة معاصرته للزعيم، قال: "كان عبد الناصر يتصل بى مرتين، الأولى قبل نومه، والثانية عندما يستيقظ".
محمد حسنين هيكل وجمال عبدالناصرعلاقة محمد حسنين هيكل بـ "محمد أنور السادات"عقب تولى السادات رئاسة الجمهورية، بعد وفاة عبدالناصر في سبتمبر 1970، كتب هيكل ثلاثة مقالات حملت عنوان "السادات وثورة التصحيح" أشاد خلالها "الأستاذ" بالرئيس الذي لم يكمل عامه الأول وقتها في سدة الحكم، وقال في أحدها: "كان السادات هائلًا في هذه الساعة الحاسمة من التاريخ بأكثر مما يستطيع أن يتصور أحد،كانت قراراته مزيجًا مدهشًا من الهدوء والحسم، هذه المرحلة هي التي ستجعل من أنور السادات، قائدًا تاريخيًا لشعبه وأمته، لأن القيادة التاريخية مرتبة أعلى بكثير من الرئاسة مهما كان وصفها".
وظلت علاقة هيكل بالسادات جيدة حتى حرب أكتوبر، لكن هيكل رفض طريقة تعامل الرئيس السادات مع انتصار حرب أكتوبر سياسيًا، وكان يرى أن السادات يعطي للولايات المتحدة دورًا أكبر مما ينبغي بعد انتصار تحقق بسلاح جاء من الكتلة الشرقية وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي.
انتهى خلاف السادات مع هيكل بقرار أصدره السادات في الثاني من فبراير 1974، بنقل هيكل من الأهرام للعمل مستشارًا للرئيس، وهوما رفضه هيكل بوضوح، بلغ الصدام ذروته بين هيكل والسادات، عندما تحدث الأخير أمام كاميرات التليفزيون فى شهر سبتمبر سنة 1981، متهمًا هيكل بأنه لم يعد صحفيًا بل سياسيًا، وعليه أن يترك الصحافة إلى السياسة، و"ليس من حقه كصحفي أن يناقش القرار السياسي، فتلك مسئولية الرئاسة".
كان قرار السادات بإبعاد هيكل عن "الأهرام" بداية القطيعة بينهما، واستكمل السادات بوضع هيكل في السجن ضمن اعتقالات طالت كثيرين من المعارضين في سبتمبر 1981، ورحل السادات بعد حادث اغتياله خلال العرض العسكري، في 6 أكتوبر من العام نفسه، وحاكمه هيكل في الكتاب الذي حمل اسم "خريف الغضب"، حيث حمَّله مسئولية ما رأى أنه تعامل خاطئ في ملف الصراع العربي الإسرائيلي بعد حرب أكتوبر.
مرت سنوات على رحيل السادات وبدأ قرن جديد وفي إحدى ندواته بالإسكندرية قال هيكل إنه يشعر بالامتنان بأثر رجعي لما قام به السادات بإرجاع سيناء بعدما قارن وضع مصر بسوريا والأراضي الفلسطينية.
محمد حسنين هيكلعلاقة محمد حسنين هيكل بـ "محمد حسني مبارك"في عهد مبارك بدت العلاقة بين هيكل ومبارك عادية، فكان هيكل معجبًا بمبارك فى بداية حكمه، وأعلن تأييده الشخصي له، بل تجاوز الأمر حدود الإعجاب، ودعا هيكل المواطنين لتأييد مبارك ومساعدته لينجح فى مهمته، حيث رأى "الأستاذ" أن الصفحة التى فتحها مبارك معه ومع غيره من السياسيين الذين ألقاهم السادات فى سجونه، باتت صفحة مشرقة تستحق المساندة.
وفي عام 2002 كانت المحاضرة التى ألقاها هيكل فى الجامعة الأمريكية، بمثابة رصاصة في قلب نظام مبارك، بعدما قال إن "السلطة شاخت فى مواقعها، وهناك مخطط واضح لتوريث الحكم، ومهما كانت الصورة حلوة، فلا بد أن نقول كفاية".. فى إشارة إلى ضرورة رحيل مبارك عن الحكم".
محمد حسنين هيكل ومحمد حسني مبارك
علاقة محمد حسنين هيكل بـ "محمد مرسي"
لم يكن هيكل يثق في حكم الإخوان ورفض الدستور ووقف بجانب ثورة ٣٠ يونيو، كما استعان الرئيس المعزول محمد مرسى، بالكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل للاستماع عن تصوراته للمشهد السياسي، حيث عقد مرسى لقاء بينه وبين هيكل استغرق حوالى 100 دقيقة شهد مناقشات بين الجانبين حول الأوضاع الراهنة الدخلية والخارجية.
محمد حسنين هيكلعلاقة محمد حسنين هيكل بـ "عدلى منصور"كما استقبل المستشار عدلى محمود منصور خلال تولية رئاسة الجمهورية فى المرحلة الانتقالية،الكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل، للاستماع إلى رؤيته حول التطورات الداخلية والخارجية.
محمد حسنين هيكل وعدلى منصورعلاقة محمد حسنين هيكل بـ "عبد الفتاح السيسي "علاقة هيكل مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، بدأت في مارس 2010 عندما تولى السيسي رئاسة المخابرات الحربية، فقد تحدث عنه هيكل وأشاد بكفاءته وقدراته، وبعد ثورة 30 يونيو 2013 قال هيكل إن المعلومات التي وصلته عن السيسي مباشرة، وينتظره مستقبل كبير، ويرى فيه ناصر آخر في مصر بل يراه أكثر الأشخاص المؤمنين بأفكار عبد الناصر.
محمد حسنين هيكل والرئيس عبد الفتاح السيسي
وانحاز الاستاذ إلى ترشيح السيسى لرئاسة الجمهورية، عقب سقوط حكم الاخوان وكان هو من سماه بـ "مرشح الضرورة"،حتى رحل عن عالمنا فى 17 فبراير عام 2016.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: هيكل محمد حسنين هيكل الملك فاروق محمد نجيب الرئيس جمال عبدالناصر الرئيس محمد انور السادات الملک فاروق عبد الناصر فی عام
إقرأ أيضاً:
انتصار الحبسية.. فنانة تنسج حكايات الماضي في صورة
تتجه عدسة المصوّرة الفوتوغرافية العُمانية إنتصار الحبسية إلى عيون الناس، تبحث عن الحكايات في نظراتهم، عن تاريخ حافل بالذكريات، وكأنها تريد أن تروي سيرة إنسان من خلال تفاصيل حياته اليومية، عاداتهم، تقاليدهم، وموروثهم المادي وغير المادي.
كلُّ لقطة تصنعها ليست مجرد صورة عابرة تُنشر في صفحاتها الافتراضية فحسب، بل تكون بمثابة شهادة على حياة بسيطة، مليئة بالذكريات، وبالقصص التي تحكي حضارة شعب.
انتظار لحظة الالتقاط، اختيار الزاوية، ترتيب المشهد أو التقاطه عفويًا، كلها عناصر ترافقها في رحلتها اليومية مع آلة التصوير التي لا تتوقف عن العطاء، ولو أخذت فترة من الاستراحة.
تقول انتصار: "بعض المشاهد عفوية فعلا، ولكن لا غنى عن صناعة المشاهد، خاصة تلك التي تُحاكي أيام الأسلاف الغابرة والتي عفا عليها الزمن، نصنع المشهد لنوثق برؤيتنا الفنية قدر الإمكان، لنقول: هكذا كانت حياتنا البسيطة الجميلة، وهكذا كانت أمهاتُنا يلبسن، وأطفالنا يتزينون، هكذا كانت البيوت والجدران ذات يوم مضى".
بدأت إنتصار الحبسية رحلتها مع التصوير منذ أيام المدرسة، حين كانت تلتقط الصور باستخدام الهاتف المحمول آنذاك.
تقول مصوّرتنا: "بعد أن اشترت لي والدتي آلة تصوير، بدأت أصوّر حياة الناس والأطفال بشكل خاص، ومع الوقت تعمّقت في هذا مجال التصوير الضوئي وشاركت في مسابقات ومعارض محلية ودولية".
ومع مرور الوقت، قررت أن تحوّل شغفها إلى مهنة حقيقية وتستثمر في موهبتها وشغفها: "من ثم قررت أن أدخل عالم الأعمال لأطوّر نفسي أكثر فأكثر، والحمد لله نسعى دوما لإبراز قدراتنا، وإثبات أنفسنا أمام الآخرين بأن تجاربنا الضوئية تصنع لهم الذكرى الجميلة".
كانت أول تجربة لها بالتصوير الاحترافي في سوق مطرح، حيث شدّها حيوية الناس ومحلات سوق مطرح التقليدية الباقية إلى اليوم، وحَرّك بداخلها شعور بأن لديها ما تُصوّره وتوثقه، في بيئة غنية بالتفاصيل المكانية والحيوية، من تفاصيل معمارية وحياة الناس.
تقول: "كانت أول تجربة لي في سوق مطرح، حيث لفت انتباهي حيوية الناس والأسواق القديمة، وشعرت حينها أنني أريد أن أسجّل هذه اللحظات التي لا تُعَوَّض".
يغلب على انتصار الحبسية ميولها نحو تصوير الحياة اليومية، خصوصا المشاهد المرتبطة بالبساطة والماضي العُماني، لأنها تمنح الصور صدقًا ودفئًا إنسانيًا. تقول: "اللحظات اليومية تكون طبيعية وغير مصطنعة، والناس فيها يكونون على حقيقتهم، هذا يعطي الصورة إحساسًا حيًا وقريبًا للقلب ويحكي قصتهم وثقافتنا العُمانية".
يمكن للمتابع من خلال صورها أن يرى الأم التي تمشط شعر ابنتها خصلة تلو الأخرى، لتتشكل جديلة متقنة تزين رأس الفتاة، أو الحِرَفيةَ القديمة التي ما زالت بعض النساء يفخرن بها وهي تغزل الخيوط، وكل ذلك يصنع لدى المشاهد إحساسًا بالألفة والحنين للماضي الجميل.
تركز إنتصار الحبسية وتصبّ تركيزها على ملامح الأشخاص وتعابير وجوههم، فهي ترى في كل ابتسامة أو عبوس أو نظرة قصصًا كاملة: "أبحث عن ملامحهم وتعابيرهم وقصصهم ومشاعرهم، كل تفصيلة في الوجه تحكي جانبًا من حياتهم". هكذا تعلّل انتصار سبب تركيزها بالملامح. اختيارها بين اللقطة العفوية والمعدّة مسبقًا يعتمد على طبيعة المكان والأشخاص، إذ تقول: "يعتمد الأمر على المكان والأشخاص، بعض اللقطات تكون عفوية وبعضها أصنع تكوينها لأجل المشهد المناسب".
تعتمد إنتصار في أعمالها على كاميرا نيكون 850 وعدسة 24-70، لكنها تؤكد أن الأدوات ليست كل شيء، قائلة: "المهم هو كيف يستخدم الشخص المعدات، فالإبداع لا يقتصر على التكنولوجيا".
يمكن للأداة الجيدة أن تساعد، لكنها لا تستطيع نقل الإحساس والتقنية والعمق البصري الذي يصنعه الفنان بيده وروحه وعينه الحساسة للفن.
مسيرة مصوّرتنا انتصار الحبسية مليئة بالإنجازات، وعضويتُها في الجمعية العمانية للفنون فتحت لها آفاق المشاركات الدولية والمحلية، ونالت عدة جوائز على المستويين، إضافة إلى تكريم من وزارة الثقافة والرياضة والشباب بمناسبة يوم الشباب العُماني.
وتصف مشاركاتها في المعارض المحلية والدولية بأنها "تعزز الخبرة من خلال التفاعل المباشر مع المصورين والمنافسين، سواء داخل السلطنة أو خارجها".
قد يجد الفنان نفسه ذات يوم أنه قدم كل ما لديه، فيصاب بنوع من الإحباط، وذلك الأمر ذاته الذي لامس إحساسَ انتصار الحبسية، فانقطعت عن التصوير فترة من الزمن، إلا أن هذا التوقف لم يكن سوى استراحةَ محارب، استراحةَ فنان أخذ من الإجازة وقتا كافيا لإعادة ترتيب أوراقه. ما يثبت أن الشغف المتحالف مع انتصار لا يزال باقيًا ومشتعلًا، مُتَوقدا بحرارة لا تهدأ، وهو المحرك الحقيقي في رحلتها، فهو يجمع بين الرغبة في التعبير، تحدي النفس، تطوير المهارة، والاحتفاظ بالذكريات.
تقول: "الاهتمام والتفاعل الإيجابي مع التصوير، والفرص الإبداعية المتعددة، والشعور بالإنجاز، كل هذا يسهم في الحفاظ على استمرارية شغفي بالتصوير".
بهذا المزج بين الحس الإنساني والعمق البصري، تحوّل إنتصار الحبسية تفاصيلَ الحياة اليومية إلى لحظات تنطق بالجمال، وتثبت أن الصورة -إلى جانب تعريفها البسيط بأنها "محتوى بين إطار"- فإنها كذلك وسيلة لرواية الإنسان والزمان والمكان برؤية فنية متفردة.
وفي كل معرض تشارك فيه أو مسابقة تُنظَّم، أو جلسة تصوير تُعِدُّ لها، يظل حضورها دليلا على أن التصوير بالنسبة لها لغة تعكس روح الإنسان وعلاقته بأرضه وتراثه، ولغة وافرة بلا كلمات ولا
صوت.