دقيقة من وقتك.. كيف ترق القلوب..؟
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
كثرت هموم الناس، وانشغلوا بالدنيا، هذا يشكو أخيه، وتلك تشكو قريبا، الابن تنصل من واجباته. والآباء صاروا يفرقون بين أولادهم، صلة الرحم باتت غريبة، والمتمسك بمبادئه أصبح متخلفا عن عصره. وكل هذا لأن القلوب تغلفت بالقسوة، ولم يعد للمودة محلا من الإعراب في لسان الأشخاص، فما السبيل إلى رقة القلب؟
إن رقة القلب لا تكون إلا بتشخيص دائه وعلته، فنقوم بإقلاعه واستئصاله وإحلال الدواء مكانه.
1- أداء الفرائض كما أمر الله جل وعلا، الاشتغال بذكر الله. وملازمة الحمد الاستغفار على سائر الأحوال، وتدبر الآخرة، وما أعده لعباده الصالحين من نعيم.
2- الرحمة بالضعفاء والمساكين، وتفقُد المحتاج والفقير، عيادة المريض، وإتباع الجنائز، كلها أعمال تحيي في القلب الانكسار، وتجعله يتفكر النعم التي منّه الله بها. فيرغب في عفوه ورحمته.
3- محاسبة النفس فيما أصابت وفيما أخطأت. والابتعاد عن الرفقة السيئة فإنها باب الشر وأصله.
فليس هناك أنفع من إصلاح الفؤاد وسلامة القلب..
في ظل كثرة الفتن والابتلاءات والمصائب، إذا أصابتك فاقة أو محنة أو غمِّ أو همّ أو كرب فاجعل ملاذك هو الله جل في علاه، وتذكر قوله تعالى:
{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}. {أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}
{أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}. وتذكروا أيضا أن أساس التوفيق الإخلاص هو صدق النية، تأملوا قوله سبحانه: {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِم فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ علَيْهِم}
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
علي جمعة يوضح الفرق بين القلب والفؤاد..فتعرف عليه
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عبر صفحته الرسمية على فيس بوك إن يقول سبحانه وتعالى يقول: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأنعام: 110].
الفرق بين القلب والفؤاد
إذًا فهناك ما يُسمَّى بالقلب، وهناك ما يُسمَّى بالفؤاد. وكلمة «القلب» في اللغة العربية سُمِّيَت بذلك؛ لأن القلب له أحوال، فهو يتقلَّب في هذه الأحوال. وقال الشاعر:
وما سُمِّيَ القلبُ إلَّا أنَّه يتقلَّبُ * وما أوَّلُ ناسٍ إلَّا أوَّلُ النَّاسِ
فأوَّل مَن نَسِيَ سيدُنا آدمُ عليه السلام.
وسُمِّيَ القلبُ لأنَّه يتقلَّب في الأحوال، ولذلك يقول سيدُنا ﷺ: «إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ». إذًا تقلُّبُ القلب بين الأحوال هو من أمر الله؛ فالله سبحانه وتعالى هو الذي يُثبِّت القلوبَ على حالٍ، أو يُقَلِّبُها بين حالٍ وحالٍ؛ فكلُّ ذلك بيد الله سبحانه وتعالى، يفعل ما يشاء. فإذا كان القلب في حالة الثبات على الخير، فإنَّه يُسمَّى «فؤادًا».
إذًا القلب يتقلَّب بين الأحوال؛ بين الخير والشر، وبين العلو والنقصان، فالإيمان يزيد وينقص. فإذا كان في حالة العلو، وكان في حالة الوضوح، وكان في حالة الثبات، كان «فؤادًا». لكنَّ الإنسان لا ينبغي له أن يأمَنَ مكرَ الله، بل لا بدَّ أن يُراقِبَ نفسَه، وأن يكون دائمَ المراقبة حتى لا يَذِلَّ، ولا يُخطِئ، ولا يتدهور حالُه مع الله سبحانه وتعالى من حيث لا يشعر؛ لأنَّه قد يُستدرَج وتتدهور حالُه دون أن يشعر. قال تعالى في شأن هؤلاء: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [الأعراف: 182، 183].
إذًا فالإنسان العاقل يكون خصيمَ نفسِه، متدبِّرًا في حاله، يخشى أن يُستدرَج. فإن ترك الإنسانُ نفسَه للمعاصي استُدرِج، وتدهوَر؛ فتراه يرتكب المعاصي وهو يُنكِرها أوَّلًا، ثم يألفها ثانيًا فلا يُنكِرها، ويفعل المعصية دون نكير، لا يجد في قلبه حرجًا من فعلها، ثم بعد ذلك يتدهور حالُه مع الله سبحانه وتعالى فيستحلُّها.
في البداية يُبرِّرها لنفسه بقوله: «كلُّ الناس تفعل ذلك»، ثم يألفها حتى لا يرى فيها بأسًا، ثم يستحسنها، ثم يُخطِّئ مَن يُخالِفُه فيها؛ فالمعصية التي يفعلها هي في نظره «الصواب»، وغيرُها هو الخطأ. إذًا هذا استدراج.
في الأولى فعلها وهو مُتوجِّسٌ خيفةً،
وفي الثانية فعلها من غير توجُّس،
وفي الثالثة فعلها مُستَحِلًّا لها،
وفي الرابعة فعلها مُستَحسِنًا لها، ومُخطِّئًا مَن خالفها.
فهل لا يزال قلبُ ذلك الإنسان على حالةِ الفؤاد، أم أنَّه قد خرج من حالة الفؤاد إلى حالةٍ أخرى؟ يبدو أنَّه قد قُلِب.
الفؤاد
إذًا حالةُ الفؤاد قد تكون هي الحالةَ العُليا الصافية، ثم ينقلب على عَقِبَيْه، فإذا انقلب القلبُ لم يَعُدْ يُؤدِّي وظيفتَه، فيدخُل عليه الكِبْر، وهذا الكِبْر يمنعه من أداء وظيفته، فلا تستطيع أن تضع فيه شيئًا، ولا أن تستفيد منه فيما صُنِع له. فيصف الله حالَ هؤلاء بقوله: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ}؛ فما معنى هذا؟
أوَّلًا: أنَّهم كانوا على حالة الفؤاد، وهي حالةٌ خيِّرة.
ثانيًا: أنَّ الله سبحانه وتعالى قد استدرجهم، فأخرجَ الفؤادَ من حالته.
ثالثًا: أنَّه قَلَبَه؛ فنتج عن هذا القلبِ تعطيلُ الوظيفة؛ فالفؤاد الذي كان محلًّا لنظر الله، ولتَنَزُّلِ الرحمات من عند الله، أُغلِق وقُلِب، فذهبت وظيفتُه: وظيفةُ التلقِّي، ووظيفةُ الشفافية، ووظيفةُ البصيرة، ووظيفةُ الرؤية السليمة الربانية الإلهية التي يرضى عنها ربُّنا سبحانه وتعالى.