لفت ديفيد إغناتيوس في عموده بصحيفة "واشنطن بوست" اليوم إلى مقولة الزعيم الصين ماو تسي تونغ ذات مرة إن "السلطة السياسية تنمو من فوهة البندقية".

ويرى الكاتب أن هذا الدرس القاسي ينطبق بالتأكيد على المعركة طويلة الأمد بين أرمينيا وأذربيجان على الأراضي المتنازع عليها المعروفة باسم ناغورني قره باغ، حيث فرضت أذربيجان هذا الأسبوع سيادتها بالقوة العسكرية.

وبالنسبة للأرمن الذين يعيشون في "ظل الإبادة الجماعية العثمانية عام 1915" -حسب وصف الكاتب- كانت محنة نحو 120 ألف أرمني عرقي في قره باغ مؤرقة. وفي ظل افتقارهم إلى القوة العسكرية لمنافسة أذربيجان، ومن دون حماية من روسيا أو الولايات المتحدة أو حتى أرمينيا نفسها؛ اضطر أرمن قره باغ إلى الاستسلام في غضون يومين.

وأشار الكاتب إلى الاجتماع الذي ضم ممثلي الحكومة الأرمينية التي كانت تدير قره باغ الخميس الماضي مع ممثلين أذريين، وقال إنه كان دليلا على أن أذربيجان كانت تعيد ترسيخ سلطتها على الأراضي التي كانت تسيطر عليها قانونا، ولكن ليس فعلا، وأن أرمن قره باغ كانوا يخضعون للواقع السياسي الجديد الذي كانوا يأملون تجنبه منذ زمن طويل.


وأرجع الكاتب الاضطرابات في الإقليم جزئيا إلى الفراغ في المنطقة الناجم عن انشغال روسيا بأوكرانيا، حيث كانت لدى موسكو قوة حفظ سلام صغيرة قوامها 2000 جندي في قره باغ، كان من المفترض أن تمنع الصراع، وأثبت الروس عجزهم، وقالت روسيا إن بعض جنودها قُتلوا بنيران أذرية هذا الأسبوع.

وأضاف أن أرمينيا -التي اعتمدت على الحماية الروسية قرنا من الزمان- بدأت تشك في موسكو وتتحول نحو الغرب هذا العام، على أمل الحصول على حلفاء أكثر موثوقية. وعرضت إدارة بايدن المساعدة الدبلوماسية في محاولة التوسط في تسوية بين باكو ويريفا، ولكن من دون جدوى.

وختم المقال بأنه من المحتمل أن يكون تحول أرمينيا نحو الغرب جاء في وقت غير مناسب، وأنها تركت الروس من دون جلب مساعدة غربية موثوقة. وكان الأرمن -خاصة في قره باغ- معزولين وضعفاء ينتظرون الخلاص الأجنبي الذي لم يأت قط. وفي هذا الصدد، كان ذلك بمثابة تلخيص قاس للتاريخ الأرمني الحديث.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: قره باغ

إقرأ أيضاً:

الحرب تعيد الخربة إلى أصلها: هل كانت مزرعة عدس؟

"كنا نصحو مع شروق الشمس لنزرع الأرض التي ورثناها عن أجدادنا. اليوم نصحو على دويّ القذائف التي تدفن تراثنا تحت الركام". بهذه الكلمات يبدأ يوسف محمد، أحد مزارعي خربة العدس جنوب قطاع غزة ، سرد حكاية قريته التي كانت تنتج جزءا من سلة غذاء غزة.

الحرب، كان يعيش في هذه المنطقة 23 ألف نسمة (وفق سجلات بلدية رفح، 2023)، يعتمد 80% منهم على الزراعة، حيث كانت تنتج 40% من احتياجات القطاع من العدس. أما اليوم، فلم يبقَ سوى حطام منازل.

خربة العدس، التي اكتسبت اسمها من زراعتها التاريخية للبقوليات، تُشكل نموذجاً للاكتفاء الذاتي رغم الحصار. اعتمد مزارعوها على تقنيات تقليدية مثل "الزراعة البعلية" لتعويض شح المياه، حيث كانت 70% من الآبار الجوفية تعمل بكفاءة محدودة (تقرير الأمم المتحدة، 2021).

سكان الخربة يزرعون العدس والقمح ويبعون الفائض في أسواق غزة، لكن هذه الذكريات تبدو بعيدة اليوم بعد أن تحولت 85% من الأراضي الزراعية إلى مناطق غير صالحة للزراعة (هيئة مكافحة التصحر، 2024).

تصاعد القصف، تحولت خربة العدس إلى ملاذ لنازحين من خانيونس المجاورة، حيث وصل عددهم إلى 12 ألف نازح (مفوضية اللاجئين، 2024) يقول أحد النازحين من خانيونس: "وضعنا الخيام فوق الحقول.. كنا نأكل من خيرات هذه الأرض، والآن نحن ندفنها".

الأزمة تفاقمت مع تدمير 64 بئراً مائياً من أصل 90 (بلدية رفح، 2024)، وتلوث المياه الجوفية بسبب تسرب المواد الكيميائية من المخلفات الحربية.

عندما أُعلنت أوامر النزوح الإسرائيلية، رفضت عشرات العائلات المغادرة. "هذه الأرض هي هويتنا.. لن نتركها"، كن القصف البري جعل البقاء مستحيلاً. اليوم، 90% من السكان نزحوا قسراً (منظمة حقوقية محلية، 2024).

لم تقتصر آثار الحرب على الدمار المادي فحسب، بل امتدت إلى الحياة اليومية لسكان غزة، حيث يعاني الأهالي من نقصٍ حادٍ في المواد الغذائية الأساسية، مما دفعهم إلى البحث عن بدائل غير مألوفة مثل طحن العدس واستخدامه كبديل للطحين في صناعة الخبز

مع استمرار الأزمة، يطالب السكان والمنظمات الإنسانية بضرورة التدخل العاجل لإعادة تأهيل المناطق المتضررة، وتوفير الاحتياجات الأساسية للنازحين. إن إعادة الحياة إلى خربة العدس ليست مجرد مسألة إعادة بناء، بل هي استعادةٌ للكرامة والحق في العيش بأمانٍ واستقرارٍ بعيدًا عن أهوال الحرب.

في اتصال مع أحد المزارعين في خربة العدس يدعى يوسف محمد، قال في السابق كنا نعتمد على زراعة العدس والقمح وبعض الخضار. الأرض هنا خصبة، والمياه كانت تكفي بالرغم من الصعوبات. كنا نبيع جزءًا من المحصول في سوق غزة ونخزن الباقي لأهلنا."

وفي إجابته على سؤال: ماذا حدث لمزرعتك بعد تصاعد العمليات العسكرية أجاب: "الدنيا انقلبت. القصف وصل لمناطق قريبة، والمياه صارت شبه معدومة بسبب تدمير البنية التحتية. جزء من الأرض صار غير صالح للزراعة، والبذور التي كنّا نخزنها تضررت. حتى الأدوات البسيطة اللي عندي انكسرت من شدة الاهتزازات."

"لو عاد السلام، سنزرع العدس مرة أخرى.. حتى لو نبت بين الرصاص"، بهذه الكلمات يختم يوسف يوسف محمد حديثه، بينما تغيب الشمس خلف أعمدة الدخان المتصاعدة من أرضٍ كانت ذات يومٍ مصدر حياة.

في قلب قطاع غزة، حيث كانت الحياة تنبض في خربة العدس، تحولت هذه المنطقة إلى شاهدٍ صامتٍ على آثار الحرب. كانت الخربة موطنًا للعديد من العائلات التي عاشت فيها لعقود، لكنها اليوم تعاني من الدمار والتشريد، حيث لم تسلم المنازل والبنية التحتية من القصف المستمر

قصة خربة العدس ليست مجرد سردية دمار، بل شهادة على انهيار نظام بيئي واجتماعي متكامل.

المصدر : وكالة سوا - مصطفى عفانة اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين السولار الصناعي... بابٌ مفتوح على الموت غزة: طلبة الهندسة يبتكرون حلولًا هندسية تحت الحرب استمرار عدوان الاحتلال على جنين ومخيمها لليوم الـ128 الأكثر قراءة الرئيس عباس يطلق نداءً عاجلا لقادة دول العالم حول الوضع الكارثي في غزة تطورات سياسية غير مسبوقة صحة غزة: الاحتلال يستهدف مولدات المستشفيات ويُفاقم الكارثة الطبية بينهم 3 سيدات.. الاحتلال يعتقل 20 مواطنا على الأقل من الضّفة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • محام: إذا كانت المرأة معتادة على شرب القهوة في بيت أبيها وجب على زوجها فعل ذلك
  • عادل عوض: تونس كانت تنظم 480 مهرجانا فنيا قبل الربيع العربي
  • حركة العدل والمساواة السودانية تنعي رائد الكتابة باللغات الافريقية الكاتب والمفكر الكيني نقوقي واثينقو
  • وفاة الكاتب الكيني المشهور نغوغي وا تيونغو عن 87 عاما
  • الجارديان: وفاة الكاتب الكيني نجوجي واثيونجو عن 87 عامًا
  • سفارة جمهورية أذربيجان تحتفل بمناسبة عيد الاستقلال
  • الرئيس المشاط يهنئ رئيس جمهورية أذربيجان بالعيد الوطني
  • "كانت داخلة مع صحابها".. القبض على المتهم بالتحرش بطالبة في القاهرة
  • الحرب تعيد الخربة إلى أصلها: هل كانت مزرعة عدس؟
  • الكاتب الإنسان.. ما سر التعاطف الواسع مع صنع الله إبراهيم في مرضه؟