بعد أزمة بين كندا والهند.. ترودو في ورطة الحسابات الضيقة قبل الانتخابات
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
قال الباحث الأمريكي مايكل روبين، إن رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو فجر أزمة دبلوماسية باتهام للحكومة الهندية بالتواطؤ في مقتل هارديب سينغ نيجار، زعيم السيخ المقيم في كندا في ضاحية فانكوفر في يونيو(حزيران) الماضي.
وقال روبين، وهو زميل بارز في معهد أمريكان انتربرايز، و سبق له العمل في وزارة الدفاع الأمريكية وتعامل مع قضايا منطقة الشرق الأوسط، وهو حاصل على الدكتوراة في التاريخ من جامعة يل، إن "الحكومة الكندية تلمح إلى معلومات استخباراتية لا تعطى تفاصيلها أو تكشفها".تراجع شعبية ترودو
وأضاف، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال انتريست" الأمريكية، أن إعلان ترودو الأمر يأتي على خلفية شعبيته المتراجعة واستقباله الفاتر في قمة مجموعة العشرين التي عقدت في الهند في وقت سابق الشهر الجاري.
وكان استطلاع للرأي نشر في يوليو (تموز) الماضي قد أظهر أن الغضب من حكومة ترودو بلغ 51% .
وعقب تصريحات ترودو، طردت كندا والهند دبلوماسيين رفيعي المستوى من سفارتيهما في البلدين، وترددت تقارير أن كندا طلبت دعم الولايات المتحدة في مشاحنتها مع الهند. وتنفي إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن رفض طلب كندا، ولكن يبدو أنها حذرة من استعداء الهند.
وقال روبين إن "بايدن، صراحة، على حق في تجنب الدعم الفوري لترودو. أولًا، هناك مشكلة نيجار نفسه. وربما يقول الكنديون إنه ببساطة كان سباكاً وناشطاً سياسياً أيضاً. والحقيقة أكثر تعقيداً".
جماعة انفصاليةو نيجار عاش في الهند 20عاماً، انضم خلالها إلى قوة نمور خاليستان، وهى جماعة انفصالية متمردة في البنجاب، وهى ولاية هندية تبلغ مساحتها ضعف مساحة ولاية مساتشوستس، وعدد سكانها مماثل لعدد سكان فلوريدا.
وتسعى خاليستان إلى إقامة دولة منفصلة للسيخ، وهو هدف يسعى المتشددون غالباً لفرضه بالعنف نظراً لأن غالبية السيخ يرفضون مثل هذه القومية الدينية.
وفي 1997، ترددت تقارير عن هرب نيجار إلى كندا بجواز سفر مزور باسم رافي شارما.وقبضت عليه الشرطة في مطار تورنتو، ولكنه رد على ذلك بطلب اللجوء على أساس زعمه التعرض لمضايقات من الشرطة في الهند.
وفي نهاية المطاف، رفضت المحاكم طلبه للجوء، ولكنه سعى بعد ذلك للحصول على المواطنة بعد زواجه بكندية.
ورفضت سلطات الهجرة في البداية هذا أيضاً للاشتباه في أن الزواج غير حقيقي. ولكن بناء على استئناف، منحته الحكومة الكندية المواطنة، وجواز سفر.
وفي 2015، تردد أن وكالة المخابرات الباكستانية استعانت بنيجار لمساعدتها في إنشاء معسكر تدريب للمسلحين من حركة خاليستان قرب منطقة ميشن في كولومبيا البريطانية في كندا.
واتهمت الهند نيجار بالتورط في عدد من الأعمال الإرهابية، بينها التخطيط لتفجير دار سينما لودهيانا في 2007، وقتل السياسي البارز من السيخ رولدا سينغ في 2009، والتأمر لقتل الزعيم الديني الهندوسي كامالديب شارما في جالاندهار، والتورط في تفجير معبد في باتيالا في 2010، وفي عدد من الاغتيالات.
حقيقة الأمروذكر روبين أنه في حقيقة الأمر ، وفرت كندا عن قصد المأوى لمشبوه بتلطخ يده بالدماء . والهند على حق في شعورها بالقلق والانزعاج من تسامح كندا مع تطرف السيخ.
ولاتؤوي كندا جماعة قوة نمر لحركة خالستان فحسب، ولكنها تستضيف أيضا منظمة السيخ العالمية، وجماعة السيخ من أجل العدالة، ومجموعة بابار خالسا الدولية، وكلها مجموعات يقول المسؤولون الهنود إنها تشجع على العنف أو لها صلات بقوى أجنبية أو متورطة في الأمرين.
وعموماً، ستكون كندا محقة في شعورها بالغضب إذا قررت جماعة متطرفة في مقاطعة كيبيك الناطقة بالفرنسية أن الوسيلة المناسبة للسعى لإقامة دولة قومية في كيبيك، هى اغتيال سياسيين، وتفجير دور السينما. وإذا استقر مثل هؤلاء الإرهابيين في الهند ، لكانت لغة كندا في الخطاب مختلفة تماماً.
وربما يكون ذلك أمراً افتراضياً، ولكن التناقضات في نهج ترودو مع العنف بينما يكون المرء في موقع السلطة ومسؤولًا عما يحدث، حقيقية. فأنظر إلى وفاة كريمة بالوش، الناشطة الباكستانية في الدفاع عن حقوق الإنسان التي عثر عليها مقتولة في تورنتو.
وتولت الشرطة الكندية القضية. وحتى بعد إشارات إلى ضلوع الحكومة الباكستانية في الحادث ، لزم ترودو الصمت.
ويبدو أيضاً أن الكنديين ينحون باللائمة على الهند في العنف في مجتمع السيخ على أرضهم. وقد تكون وفاة نيجار بسهولة انتقاماً لقتل سابق.
وفي يوليو (تموز) 2022، قتل مسلحان ريبودامان سينغ ماليك، وهو سيخي بارز، اتهم في الماضي بتفجير طائرتين لشركة الخطوط الجوية الهندية إير إنديا، ولكن تم بعد ذلك برأته محكمة في فانكوفر.
وأصبح ماليك فيما بعد رئيساً لاتحاد ائتماني كبير وعمل رئيساً لمدرستين وأدار جمعية براشار ساتنام الدينية.
واحتج نيجار على طباعة المجموعة "سري كورو غرانث ساهيب"، الكتاب المقدس الرئيسي للسيخ دون تصريح من الشخصيات السيخية الأخرى.
وقبل أيام فقط من قتل ريبودامان، قاد نيجار مجموعة من السيخ لاقتحام إحدى مدارسه واستولى على آلة الطباعة بالمدرسة، والحقيقة البسيطة هى أن الموقف معقد.
هل تمكن عملاء هنود من قتل نيجار ؟ الإجابة هي بالتأكيد، رغم أنه لايبدو أنه السيناريو المرجح .في غياب الأدلة
ويشير عجز ترودو عن ذلك ، إلى أنه ربما لم يفكر ملياً في الأمر وأضفى الطابع السياسي على التحقيق في الأمر.
ويرى روبين أن النشطاء السيخ مؤثرون في مناطق رئيسية في الانتخابات المقبلة. وربما أراد ترودو ببساطة أن يغير النقاش السياسي الداخلي عندما اتهم الهند دون أن يدرك أنه سيتسبب في حادث دبلوماسي.
وأوضح روبين أنه في حقيقة الأمر، يفعل السياسيون الأمريكيون نفس الشئ، فقد وعد الرئيس السابق دونالد ترامب أن تدفع المكسيك ثمن الجدار الحدودي الذي كان يأمل تشييده.
وعندما كان سيناتوراً شن جو بايدن، الذي كان نائب الرئيس الأسبق باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية في 2008، هجوماً شديداً ضد الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، ووصفه بوكيل لآخرين لتوجيه الانتقادات لبراعة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن في السياسة الخارجية.
وتفاقم الخلاف الأمريكي الإسرائيلي بعدما وصف مسؤول رفيع المستوى في إدارة أوباما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بشخص لملء الفراع، أي سد خانة. وفي كل حالة من الحالتين، فإن ما كان خطاباً موجها في الأساس للجمهور الداخلي، يستفحل ويتحول إلى حادث دولي.
واختتم روبين تقريره بالقول إن من المرجح ألا يكون انتقاد ترودو للهند مختلفاً. والعلاقة بين الهند والولايات المتحدة ببساطة مهمة بحيث لايمكن التضحية بها بسبب قلة كفاءة وغطرسة سياسي كندي، يظهر نفسه بشكل متزايد على أنه سطحي ويفتقر إلى الجدية .
The U.S.-India relationship is simply too important to sacrifice, argues Michael Rubin. https://t.co/1oNaNUTo1H
— National Interest (@TheNatlInterest) September 25, 2023المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني كندا الهند بايدن فی الهند
إقرأ أيضاً:
هومي بهابها أبو البرنامج النووي
عالم فيزيائي هندي، ولد عام 1909، وتوفي عام 1966. أسس معهد "تاتا للأبحاث الأساسية" و"مركز أبحاث الطاقة الذرية" في ترومباي، وكان أول رئيس للجنة الطاقة الذرية الهندية عام 1948، ولقب بألقاب عدة منها "أبو البرنامج النووي الهندي" و"أبو الفيزياء النووية في الهند" و"الفيزيائي الهندي الرائد".
المولد والنشأةولد بهابها يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول 1909 بمدينة بومباي (مومباي) الواقعة على الساحل الغربي للهند. ونشأ في كنف عائلة أرستقراطية غنية ذات أصول فارسية.
كان والده جهانغير هرمجسي بهابها محاميا معروفا وبارزا في مومباي آنذاك، أما والدته مهرابي فرامجي بانداي فهي حفيدة السير دينشاو مانكجي بيتيت، وهو أحد أبرز رجال الأعمال المحسنين في الهند في القرن الـ19.
حرص والده على تعزيز اهتمامه بالقراءة والعلوم، فأنشأ له مكتبة منزلية خاصة، وشجعه على دراسة الرياضيات والفيزياء وكان له دور محوري في توجيه اهتمامه نحو العلوم.
وزرعت فيه والدته حب الموسيقى والفن، إذ امتلكت مجموعة من الأسطوانات الموسيقية الغربية الكلاسيكية لبيتهوفن وهايدن وشوبرت، وشجعته على الرسم والتصوير.
تأثر بهابها بعمه دورابجي تاتا الذي كان يرأس "مجموعة تاتا الصناعية"، وكان يقضي ساعات طويلة في اللعب بمجموعة "ميكانو" لبناء نماذج فيزيائية خاصة به.
الدراسة والتكوين العلميتلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة الكاتدرائية وجون كونون إحدى أرقى المدارس في مومباي الهندية، وفي سن الـ15 بدأ دراسة وفهم مبادئ النظرية النسبية العامة التي وضعها ألبرت آينشتاين عام 1915 وهي من أعقد النظريات في الفيزياء الحديثة.
وعند بلوغه سن الـ18 أرسله والده إلى جامعة كامبردج البريطانية رغبة منه في أن يصبح مهندسا، فحصل على البكالوريوس بدرجة الشرف في الهندسة الميكانيكية من كلية غونفيل وكايوس عام 1930.
وبعد تخرجه أرسل بهابها رسالة إلى عائلته معبرا فيها عن رفضه الاستمرار في مجال الهندسة، وطلب منهم تمويل دراسته في الفيزياء، فوافقوا شرط أن يحقق نتائج ممتازة.
وانضم عقب ذلك لقسم الفيزياء النظرية بشكل رسمي تحت إشراف العالم رالف فوار، والتقى بعلماء آخرين مثل بول ديراك ولفغانغ باولي ونييلز بور وأنريكو فيرمي.
إعلانكما شارك في امتحان "تريبوس" في الرياضيات عام 1932 وفاز بمنحة روز بول للسفر، مما ساعده في الذهاب إلى ألمانيا للعمل ثم إيطاليا، كما ظفر بـ"منحة إسحاق نيوتن" الدراسية عام 1934.
وفي 1935 حصل على شهادة الدكتوراه في الفيزياء النظرية، وركز في أطروحته على فيزياء الجسيمات عالية الطاقة، خاصة تلك المتعلقة بالإشعاع الكوني وتفاعلات الإلكترونات والبوزيترونات ونتج عنها ما يعرف "بتبعثر بهابها".
كما تناول الإشعاع الكهرومغناطيسي الناتج عن الجسيمات المشحونة في الحقول الكهرومغناطيسية.
عاد الفيزيائي الهندي إلى بلاده مع اندلاع الحرب العالمية الثانية في الأول من سبتمبر/أيلول 1939، مما صعّب رجوعه إلى أوروبا، فانضم إلى المعهد الهندي للعلوم في بنغالور وهناك بدأ يخطط لحلمه الكبير.
وكتب بهابها رسالة إلى جواهر لال نهرو الذي كان في طريقه لقيادة الحكومة الهندية عام 1944، وطلب منه تأسيس برنامج نووي مستقل، مؤكدا ضرورة الاستثمار في الأبحاث النووية.
استجاب نهرو لطلبه وقدم له دعما سياسيا وماديا، مما ساعد بهابها في تأسيس معهد تاتا للأبحاث الأساسية في الأول من يونيو/حزيران 1945، كما حرص على تصميم المعهد بأسلوب معماري حديث يتماشى مع الطراز الدولي.
تضمن المعهد أقساما عدة، منها الفيزياء النووية وفيزياء الجسيمات والجيوفيزياء وفيزياء الحالة الصلبة والفيزياء الكيميائية، ثم توسع في وقت لاحق وشمل البيولوجيا الجزيئية وعلم الفلك الراديوي.
وبعد استقلال الهند عن الاستعمار البريطاني في أغسطس/آب 1947، تولى بهابها رئاسة لجنة الطاقة الذرية المكونة من 3 أعضاء، هم الفيزيائي ميغناث ساها والسير كريشنان وشانتي سواروب باتناغار.
وفي 1954 أسس مركز الطاقة الذرية في ترومباي بالهند، وركز أثناء أبحاثه النووية على الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية وعمل إلى جانب علماء ومهندسين على تطوير إنتاج الطاقة النووية بشكل مستقل.
ووضعوا خطة على 3 مراحل، أولا مفاعلات تعمل باليورانيوم لإنتاج البلوتونيوم، ثانيا استخدام البلوتونيوم لتحويل الثوريوم إلى يورانيوم-233، وأخيرا تطوير مفاعلات نووية تعتمد على اليورانيوم-233 والثوريوم، وأشرفوا على إنتاج أول مفاعل نووي هندي "أبسارا" في الرابع من أغسطس/آب 1956.
تعاون دوليتعاون بهابها مع منظمات عالمية، من ضمنها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعلماء مثل نيلز بور وأوتو هان، كما أسهم في تبادل المعرفة وتطوير تقنيات نووية جديدة.
وحوّل اهتمامه إلى تصميم مفاعل يعمل بالماء الثقيل الذي يستخدم كمادة لإبطاء سرعة النيوترونات الناتجة عن الانشطار النووي دون امتصاصها مثلما يفعل الماء العادي وأحيانا كمادة مبردة.
ويسمح هذا باستخدام اليورانيوم الطبيعي غير المخصب كوقود، مما يجعل تشغيل المفاعل أرخص وأسهل بالنسبة للدول التي لا تملك قدرات تخصيب اليورانيوم.
ولتحقيق ذلك ذهب إلى كندا حيث التقى بصديقه لويس من أيام جامعة كامبردج، واتفقا على شراكة هندية-كندية بحكم امتلاك كندا مفاعلات ضمن برنامجها للطاقة الذرية، وأنتج ما يسمى مفاعل "سيروس" في العاشر من يوليو/تموز 1960.
إعلان الجوائز والأوسمةحصل هومي جهانغير بهابها على عدد من الجوائز والأوسمة الوطنية والدولية التي تكرم إنجازاته العلمية وإسهاماته في تطوير البحث النووي في الهند ومن بينها:
عضوية الجمعية الملكية البريطانية 1941، وهي واحدة من أرفع الهيئات العالمية، ونالها تقديرا لإنجازاته في فيزياء الجسيمات، لاسيما في دراسات الأشعة الكونية وتفاعلات البوزيترون. ميدالية آدامز من جامعة كامبردج البريطانية 1942، ومنحت له تكريما لتفوقه في قسم الرياضيات والفيزياء النظرية. وسام بادما بهوشان 1954 وهو ثالث أرفع وسام مدني في الهند، منح له تقديرا لمشاركاته في تحسين منظومة العلوم والتكنولوجيا وتطوير البرنامج النووي الهندي. كما منحته جامعات هندية عدة دكتوراه فخرية مثل جامعة دلهي وجامعة بنغالور تقديرا لإسهاماته في تأسيس نواة البحث العلمي المعاصر في الهند. الوفاةتوفي بهابها في 24 يناير/كانون الثاني 1966، إثر حادث تحطم طائرة فوق جبال الألب الفرنسية، أثناء توجهه إلى العاصمة النمساوية فيينا لحضور اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عن عمر ناهز 56 عاما.
وتكريما لمسيرته الحافلة خلدت الهند إرثه وأطلقت اسمه على "مركز أبحاث الطاقة الذرية في ترومباي ليصبح "مركز بهابها لأبحاث الطاقة الذرية"، كما أصدرت طابعا بريديا يحمل صورته.
ونصبت له تماثيل في مؤسسات عالمية عديدة مثل معهد تاتا للأبحاث الأساسية.