الجزيرة:
2025-10-14@23:48:13 GMT

مصير قسد في الحسابات الجديدة لواشنطن بسوريا

تاريخ النشر: 10th, July 2025 GMT

مصير قسد في الحسابات الجديدة لواشنطن بسوريا

واشنطن- بعد أيام من إعلان وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)عزمها إحالة ملف معتقلي تنظيم الدولة الإسلامية إلى الحكومة السورية الجديدة، خصصت الوزارة نحو 130 مليون دولار ضمن مشروع ميزانية عام 2026 لدعم مجموعات مسلحة في سوريا، أبرزها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وفصائل من الجيش السوري الحر في الجنوب الشرقي.

ويشمل هذا الدعم المخصص عبر "صندوق التدريب والتجهيز لمكافحة تنظيم الدولة" تمويل برامج التدريب، وتوفير الأسلحة الخفيفة والإمدادات الطبية، ودفع رواتب شهرية للمقاتلين، بالإضافة إلى مشاريع لإصلاح البنى التحتية المدمرة، في إطار إستراتيجية تهدف إلى "احتواء خطر التنظيم المستمر على استقرار المنطقة وعلى مصالح الولايات المتحدة وحلفائها".

لكن، ورغم استمرارية هذا الدعم، تشير المعطيات الأخيرة إلى أن الولايات المتحدة بدأت فعليا تقليص التزاماتها العسكرية في سوريا، ضمن مقاربة أوسع لإعادة ترتيب أولوياتها الإقليمية.

وظهر هذا التوجه في إعلان البنتاغون نيته نقل مسؤولية تنظيم الدولة إلى عهدة الحكومة السورية، مما يعكس رغبة واشنطن التخفف من عبء هذا الملف الذي تولته "قسد" بدعم أميركي مباشر خلال السنوات الماضية.

الرئيس السوري أحمد الشرع (يمين) يستقبل المبعوث الأميركي الخاص توماس باراك (أسوشيتد برس) تحول براغماتي

منذ صعود الرئيس أحمد الشرع إلى السلطة في دمشق بعد سقوط نظام الأسد، أظهرت الإدارة الأميركية تحولا لافتا في خطابها تجاه الحكومة السورية الجديدة.

وعلى عكس المواقف السابقة التي كانت تربط أي انفتاح بإصلاحات ديمقراطية أو تغيير في بنية النظام، بات الخطاب الأميركي أكثر براغماتية وواقعية اليوم.

فقد وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرا مرسوما يلغي العقوبات المفروضة على سوريا، وهو ما اعتُبر على نطاق واسع اعترافا غير معلن بشرعية السلطة الجديدة.

ويرى مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما جوشوا لانديز أن الولايات المتحدة تتبنى الرئيس الشرع وتعتبره مفتاحًا لاستقرار سوريا، مؤكدا أن هذا الموقف يندرج ضمن تحول أوسع نحو التهدئة بدلا من المواجهة والتغيير القسري.

إعلان

وفي حديث للجزيرة نت، يقول لانديز إن دعم واشنطن للشرع -رغم خلفيته في "هيئة تحرير الشام"- يمثل تحولا سياسيا عميقا في تعامل الإدارة الأميركية مع فصائل كانت مصنفة سابقا على قوائم الإرهاب. ويضيف أن خطوات واشنطن تجاه الهيئة ليست معزولة بل هي جزء من مقاربة شاملة لإعادة هندسة التوازنات في سوريا.

ويؤيد هذا التقدير دوغ باندو مساعد الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان، والباحث في معهد كاتو بواشنطن، قائلا -في حديث للجزيرة نت- إن "الولايات المتحدة تبدو مستعدة للتعامل مع الحكومة الحالية في سوريا كحكومة شرعية. وبالتالي، فإن الحفاظ على العقوبات ضد رئيسها أو الحركة التي يمثلها بات أمرا يصعب تبريره سياسيا".

"أولوية أميركية"

ويقارن باندو هذا التحول بحالة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، حين رفعت واشنطن العقوبات عنه بعد انتخابه، رغم ماضيه المثير.

ويوضح في حديثه للجزيرة نت أن "جميع المبررات التي كانت تدفع الإدارة الأميركية للبقاء في سوريا تتلاشى" وإيران لم تعد حاضرة عسكريا، وحزب الله تراجع، وتركيا تبني علاقة جيدة مع دمشق "وكل هذه العوامل تجعل انسحاب القوات الأميركية مسألة وقت فقط".

كما تدرك القيادة الكردية شمال شرق سوريا هذه التحولات، لا سيما مع التقارير التي تحدثت عن خلافات عالقة في المفاوضات الجارية بين قائد "قسد" مظلوم عبدي والحكومة السورية.

وسبق أن أكّد عبدي في تصريح لمجلة "المجلة" في مارس/آذار الماضي أنهم لا يسعون إلى تكوين جيشين في سوريا "بل يطالبون بوجود جيش واحد فقط ضمن الدولة الواحدة".

وبينما تطالب "قسد" بضمانات دستورية لحقوق القومية الكردية، يبدو أن واشنطن لم تعد تضغط بهذا الاتجاه، بل تُحضّر لتقليص دعمها السياسي تدريجيا.

ورغم استمرار الدعم الأميركي المالي والعسكري لـ"قسد" إلا أن مؤشرات عديدة توحي بأن واشنطن لم تعد ترى فيها شريكا إستراتيجيا طويل الأمد، بل تعتبرها طرفا مؤقتا لتأمين انسحاب منظم وتخفيف التزاماتها الميدانية.

ويوضح لانديز للجزيرة نت أن الولايات المتحدة بصدد إنهاء وجودها في سوريا، وملف معتقلي تنظيم الدولة هو العقبة الأخيرة التي تعرقل هذا الانسحاب الكامل.

ويضيف أن تسليم هذا الملف للحكومة السورية يُفهم كخطوة عملية لحل مشكلة أميركا مع التنظيم، وليس إشارة إلى تعزيز شراكة مستدامة مع قوات قسد، مشيرا في هذا السياق إلى أن الأكراد باتوا يعرفون أن القوات الأميركية قد ترحل قبل أن يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق نهائي مع دمشق.

إعادة تعريف "قسد"

يرى محللون أن المقاربة الأميركية باتت أكثر تعقيدا بخصوص إعادة صياغة العلاقة مع "قسد" فبحسب لانديز، تتجه واشنطن نحو الفصل الوظيفي بين "قسد" كمكون محلي مسلح لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، وبين حزب العمال الكردستاني المصنف كتنظيم إرهابي.

ويقول لانديز إن "واشنطن لا ترى أن هناك مستقبلا لقسد بصيغتها الحالية، إذا استمرت بالارتباط التنظيمي أو الأيديولوجي مع حزب العمال" مشيرا إلى أن الإدارة الأميركية ترغب في إنهاء دور الحزب داخل الأراضي السورية، وعزل "قسد" عن امتداداته الإقليمية، بما يفتح الباب لإعادة دمجها لاحقا ضمن ترتيبات أمنية محلية لا تُغضب تركيا.

إعلان

وفي تطور لافت، عقد اجتماعي ثلاثي في دمشق أمس بين الرئيس السوري وعبدي والمبعوث الأميركي توماس باراك، بهدف "إزالة عوائق" تطبيق الاتفاق السابق لدمج قوات "قسد" ومؤسسات الإدارة الذاتية ضمن أجهزة الدولة السورية بنهاية العام، بما يشمل المعابر والمطارات وحقول النفط.

وكان عبدي قد عبّر في مايو/أيار الماضي عن انفتاحه على تحسين العلاقات مع أنقرة، قائلا إن قواته "ليست في حالة حرب مع تركيا" في إشارة إلى استعداده للتجاوب مع الضغوط الإقليمية والدولية.

وفي هذا السياق، يؤكد دوغ باندو المستشار السابق بالبيت الأبيض أن "الظروف تتهيأ شيئا فشيئا لتفاهم ثلاثي بين دمشق وأنقرة وواشنطن، يعاد فيه تعريف دور قسد ضمن هيكل أمني جديد، بما يسمح بخروج أميركي مشرّف من سوريا". ويضيف أن هناك ضغطا متزايدا من الأطراف الثلاثة على قسد "للقبول بدمج مقاتليها ضمن تسوية مع دمشق".

اتفاق الحكومة السورية مع "قسد" وصف حينها بأنه تاريخي ويمهد لمرحلة جديدة بالبلاد (الجزيرة) مع وقف التنفيذ

ومنذ مارس/آذار الماضي، أحرزت العلاقة بين الحكومة وقوات "قسد" تقدما غير مسبوق، تُوّج بتوقيع اتفاق أولي يقضي بدمج المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة لقسد ضمن الدولة السورية. وقد أسفر ذلك -مطلع يونيو/حزيران- عن عقد اجتماعات رسمية في دمشق لتثبيت البنود المتفق عليها ميدانيا.

غير أن الخلافات الجوهرية ما تزال تعرقل تنفيذ الاتفاق، خاصة فيما يتعلق بالشق العسكري. فبينما يطالب قائد "قسد" بدمج قواته ضمن الجيش بصيغة "كتلة عسكرية موحدة" ترفض وزارة الدفاع السورية هذا الطرح، متمسكة بمبدأ التفكيك الكامل قبل إعادة الإدماج ضمن البنية الهرمية التقليدية للجيش النظامي.

وتشمل نقاط الخلاف الأخرى إدارة المعابر الحدودية وحقول النفط، وكذلك آلية دمج موظفي الإدارة الذاتية ضمن هيكل الدولة الرسمي.

ورغم ما تحقق من اعتراف سياسي وتقدم ميداني، لا تزال "قسد" تحتفظ ببرامج تجنيد وتسليح مستقلة، تبرّرها بـ"ضرورات الأمن المحلي" مما يعكس هشاشة الاتفاق واحتمال انهياره في حال انسحاب واشنطن دون ضمانات تنفيذية واضحة.

وفي المقابل، تشير مصادر سورية إلى أن تركيا لعبت دورا حاسما في تسهيل التطورات الأخيرة، عبر فتح قنوات اتصال بين واشنطن ودمشق، في مساع لتفادي فراغ أمني أو تصادم مع قسد، وربما تمهيدا لصفقة إقليمية أوسع تشمل إعادة الإعمار، وضبط النفوذ الإيراني والروسي بالمنطقة، وضمان أمن الحدود التركية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات الإدارة الأمیرکیة الولایات المتحدة الحکومة السوریة تنظیم الدولة للجزیرة نت فی سوریا إلى أن

إقرأ أيضاً:

لافروف: سوريا الجديدة تسعى للإبقاء على القواعد الروسية

أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الإثنين، أن السلطات السورية الجديدة "مهتمة بالإبقاء على القاعدتين العسكريتين الروسيتين" في البلاد، مع إعادة تنظيم مهامهما بما يتناسب مع المتغيرات السياسية والعسكرية. فيما تواصل موسكو إعادة رسم حضورها العسكري في سوريا بعد الإطاحة ببشار الأسد. 

وقال لافروف، خلال لقائه مع صحفيين في موسكو، إن "الجانب السوري مهتم بالحفاظ على قواعدنا العسكرية هناك، وكما أكد رئيسنا مراراً، فإننا نستند إلى مصالح الجمهورية العربية السورية"، مشيرا إلى أن هذه القواعد "يمكن أن تلعب دوراً مختلفاً في ظل الظروف الجديدة، وليس مجرد موقع عسكري".

وأوضح أن بلاده تبحث مع دمشق إمكانية تحويل القاعدتين — الجوية والبحرية — إلى مراكز لوجستية وإنسانية، قائلاً: "نظراً للحاجة إلى إرسال مساعدات إنسانية إلى إفريقيا، فمن الممكن أن تكون هذه القواعد بمثابة مراكز إنسانية لإرسال الإمدادات إلى منطقة الساحل والصحراء وغيرها من الدول المحتاجة".

وفي تصريحات لافتة، تطرق لافروف إلى مصير الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد المقيم في روسيا، قائلاً إن وجوده وأفراد أسرته هناك "قائم على أسباب إنسانية بحتة"، موضحاً أنه "كان مهدداً بالقتل، ومنحناه حق اللجوء، ويعيش في موسكو بأمان، ولم يتعرض لأي محاولة تسميم كما تروج بعض الشائعات".

من جانبه، أكد الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، في مقابلة مع شبكة "سي بي إس" الأمريكية، نقلتها قناة "الإخبارية السورية"، أن بلاده "ستستخدم الوسائل القانونية المتاحة لمحاسبة بشار الأسد"، لكنها "لن تدخل في صراع مكلف مع روسيا التي تستضيفه".

وكان لافروف قد صرّح، الخميس الماضي، بضرورة "إعادة تنظيم وظائف القواعد الروسية في سوريا"، مؤكداً أن "الوجود الروسي هناك ليس من أجل دعم الحكومة السابقة ضد المعارضة"، وأن موسكو "مستعدة للتعاون مع القيادة السورية الجديدة في جميع المشاريع، لكن وفقاً للظروف المستجدة".


وأضاف الوزير الروسي أن الرئيس فلاديمير بوتين "أكد مراراً أن روسيا لن تتصرف ضد إرادة الحكومة السورية"، مشيراً إلى أن "الحكومة الجديدة وبعض دول المنطقة ترغب في استمرار الوجود الروسي ولكن في إطار مختلف".

كما لمح لافروف إلى أن القواعد الروسية قد تستخدم لنقل المساعدات الإنسانية من روسيا ودول الخليج إلى إفريقيا، مضيفاً أن موسكو "تتوقع مشاركة الرئيس السوري أحمد الشرع في القمة الروسية العربية المزمع عقدها في موسكو الأربعاء المقبل لإجراء محادثات مهمة".

لكن الكرملين أعلن في وقت لاحق تأجيل القمة بسبب "الانشغال بمتابعة اتفاق وقف إطلاق النار في غزة".

وتُعد روسيا الحليف الأبرز للنظام السوري السابق، إذ استخدمت حق النقض (الفيتو) 17 مرة في مجلس الأمن بين عامي 2011 و2022 لمنع صدور قرارات تدين نظام الأسد، من بينها ستة قرارات تتعلق باستخدام الأسلحة الكيميائية، وانضمت الصين إليها في ست حالات اعتراض.

مقالات مشابهة

  • أردوغان يدعو إلى تسريع دمج قوات قسد ضمن مؤسسات الدولة السورية
  • إردوغان يشيد بخطة دمج قسد في مؤسسات الدولة: خطوة ضرورية لتعزيز الوحدة في سوريا
  • سوريا: اتفاق مبدئي على دمج «قسد» ضمن وزارة الدفاع
  • لافروف: سوريا الجديدة تسعى للإبقاء على القواعد الروسية
  • مظلوم عبدي: اتفاق "مبدئي" على دمج قوات سوريا الديمقراطية ضمن وزارة الدفاع
  • سوريا.. مسلحون يلقون قنبلة على عميد كلية الآداب بجامعة دمشق في مكتبه
  • مظلوم عبدي: اتفاق مبدئي على دمج قوات سوريا الديمقراطية ضمن وزارة الدفاع
  • الحرب الاقتصادية الأميركية الصينية: من التعرفة الجمركية إلى معركة المعادن النادرة وانعكاساتها على الإقليم واليمن
  • الانعطافة السورية الروسية.. الدوافع والفرص والعقبات
  • جدل في سوريا بعد ظهور اسم حافظ الأسد على مئذنة الجامع الأموي بدمشق