عزّ الدين سعيدان: صندوق النقد مستبعد من ميزانية تونس لسنة 2024
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
استبعد الخبير الاقتصادي، عزّ الدين سعيدان، في مداخلة هاتفية خلال برنامج "ميدي شو"، الثلاثاء 26 سبتمبر 2023، أن تكون فرضيّة الحصول على قرض من صندوق الدولي مطروحة ضمن ميزانية البلاد التونسية لسنة 2024، عكس السنة الجارية.
وشدّد عزّ الدين سعيدان على أنّ إعداد ميزانية 2024 موعدا مهما، وبالتالي من المفترض أن يكون هناك أقصى حدّ من النقاش.
وأوضح سعيدان أنّه قبل الانطلاق في إعداد الميزانية يتعيّن علينا طرح جملة من الأسئلة الأساسية على غرار "هل ستواصل تونس الزيادة في حجم الميزانية أيّ في نفقات الدولة دون اعتبار قدرة الاقتصاد على تحقيق النمو؟.. هل سنواصل في سياسة الاقتراض من الخارج؟.. وهل ستدخل تونس في إصلاحات رغم التخوّف من انعكاساتها الاجتماعية؟..".
وفي هذا السياق، بيّن المتحدّث أنّ كلّ الإصلاحات لها انعكاسات اجتماعية، لكن الأهم من ذلك هو "ما هي الكلفة الاجتماعية لعدم القيام بالاصلاحات على المستوى الاقتصادي والمالي وكذلك الاجتماعي".
وقال: "الإصلاحات ضرورية ولا مفرّ منها، وقد تأخّرت كثيرا وحاولنا تجنّبها، وخسرنا سنوات مهمّة وثمينة جدّا.. والآن، لا بدّ من الدخول في هذه الإصلاحات..".
إضافة إلى ذلك، طرح سعيدان سؤالا آخر وهو "هل ستكون ميزانية 2024، ميزانية نفقات عمومية، مثلما حدث في سنوات 2011 و2012 … أم ستكون فعلا ميزانية إنقاذ اقتصادي وتهدف إلى تحقيق أقلّ ما يمكن 6 بالمائة نسبة نموّ..".
المصدر: موزاييك أف.أم
إقرأ أيضاً:
النقد الغائب.. والنقاء المهدد!
في زمن تطغى عليه الضوضاء، وتتصارع فيه الصور والكلمات بلا هوادة، تكاد تسمع صرخة حادة تبحث عن أذن تسمع: أين هم النقاد؟ ليس أولئك الذين يوزعون الشهادات الرخيصة، بل حماة الذائقة، وحراس الجودة، وضمير المجتمع الحي في شتى المجالات.
لم يعد النقد رفاهية أو ترفاً فكرياً، بل تحول إلى ضرورة حيوية، هو الميزان الذي يمنع انهيار الجودة، والنور الذي يكشف زيف الرديء عن قيمة الأصيل..ومع ذلك فنحن نواجه غياباً مريباً لسلطته، وتراجعاً صارخاً لدوره، في لحظة تاريخية نحتاج فيها إلى صوته أكثر من أي وقت مضى.
لماذا غاب الناقد؟
لأن العالم اليوم يركض خلف السرعة: إنتاج سريع، واستهلاك أسرع، و"إعجابات" تقاس بالثواني..في هذا الزخم، لا مكان للقراءة الهادئة، ولا للتفكير المتعمق، ولا للكلمة الصادقة التي تبحث عن الحقيقة قبل أن تبحث عن الإطراء..لقد ضاقت المساحة حول الناقد، وتحولت كلمته في نظر الكثيرين من دعامة إصلاح إلى تهديد شخصي، فآثروا خطاب المديح الآمن الذي يربت على الأكتاف ولا يبني أفقاً.
النتيجة: غياب النقاء
وبطبيعة الحال مع غياب النقد، يغيب "النقاء" – نقاء التقييم، وصدق الموقف، وصفاء الرؤية..في الفن والإعلام، في التعليم والسياسة، في الاقتصاد والإدارة، يختلط الحابل بالنابل، ويتساوى الجهد العميق مع الادعاء السطحي..حيث يصبح الاحتفاء الحقيقي – المبني على معايير صلبة – هو الخطوة الأولى لأي نهضة تُرجى.
أين نماذجنا التي نفتقدها؟
لطالما كانت الحياة الثقافية العربية تزخر بمن كانوا ضميراً يقظاً..كان طه حسين ناقداً صارم العين، جريء السؤال، قبل أن يكون عميداً..وكان العقاد صاحب القلم الذي يحلل بعمق ولا يجامل..وظهرت أمينة رشيد كنموذج للنقد المنفتح المتوازن..ومارس يوسف إدريس نقداً حياً ينبض بتجربة المبدع وقدرة القاصّ على رصد التفاصيل. .لقد احترموا عقل القارئ، واستفزوا أسئلته، ولم يخشوا سوى التزييف والزيف.
هل من أمل في العودة؟
نعم.. العودة ممكنة.. لكنها تحتاج إلى إدراك جماعي أن النقد الحقيقي ليس هدماً، بل هو بناء..هو محاولة لإقامة ميزان عادل، وفتح باب للحوار الجاد، الناقد الحقيقي لا يكتب ليسقط أحداً ،بل ليرفع السقف، وليضيء الطريق.
عندما نعيد الثقة في الحوار، ونحترم العقل كقيمة عليا، ويعود الاحترام للكلمة الموضوعية، سيعود الناقد إلى مكانه الطبيعي: حارساً للنقاء، وشرطاً لأي تميز، وضرورة لأي حياة فكرية وثقافية حقيقية تستحق أن تحتفى.