تحقيق: لا خوف على مسجد "تنمل"... عملية التّرميم ستعيده كما كان قبل الزلزال المدمر (+فيديو)
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
يختزل ذاكرة جمَاعية، ويمتد بعمقه التاريخي إلى الدّولة الموحدية، فصنف ضمن اللائحة الأولية للتراث العالمي لمنظمة “اليونسكو”.
مسجد “تنمل” أو “المسجد الأعظم” الذي غزت صور الدمار الذي لحقه جراء زلزال الحوز صفحات التواصل الاجتماعي، أحدث حسرة لدى المغاربة باعتبار تفرد معماره، وباعتباره مرجعا تاريخيا عريقا، ومَعلمة هندسية فريدة تسكُن أعماق جبال الأطلس الكبير.
انبعاث وسط الأنقاض
قال أبو القاسم الشبري، باحث أثري، ورئيس اللجنة المغربية للمجلس العالمي للمباني التاريخية والمواقع، إن الدمار الذي شهده مسجد “تنمل” كان له “وقع كبير على نفوس المغاربة”.
وأشار الشبري، في لقاء مصور لـ “اليوم 24″، إلى أنه كان في عين المكان، مما جعله يعاين “الدمار الكبير” الذي لحق المسجد، إذ لم تتبق منه إلا أجزاء قليلة، حيث إن نصف المسجد “تعرض للدمار فيما الأسوار التي ما زالت واقفة تعرضت بدورها لشقوق وتصدعات”.
لم ينكر الشبري الصعوبة التي يتواجد عليها المسجد، فهو يحتاج لـ “عمل جبار ينتظر جميع المتدخلين لإعادته إلى وضعه الذي كان عليه”، مستدركا بالقول: “لكن أطمئن المغاربة وأقول إن المسجد سيرجع بإذن الله كما كان”.
واعتبر المتحدث، ما حدث “ضارة نافعة”، فقد أرجع المسجد إلى دائرة اهتمام المغاربة، وفتح لهم صفحة من تاريخهم المجيد، مشيرا إلى أهمية المكان، باعتباره “مهد إحدى أعظم الإمبراطوريات في تاريخ المغرب، فمسجد تنمل شاهد على إمبراطورية الموحدين ومؤسسها المهدي ابن تومرت”.
من جهتها، تحدثت نادية البورقادي، محافظة موقعي أغمات وتينمل الأثريين، في تصريح لـ “اليوم 24″، عن مميزات المسجد الأعظم الذي شيد وفق تصميم دقيق وصارم، فهو مرجع في العمارة الدينية الموحدية، ويتميز بصومعته المتواجدة وراء المحراب.
وأضافت، أنه، وبفضل المسجد، عُرفت المنطقة بالسياحة الثقافية، حين يزورها متخصصون وباحثون في مجالات التاريخ والتراث والمعمار، فالمسجد له “بناية معمارية دينية خاصة”.
ترميم وإعادة الإحياء
أهم ترميم وإعادة بناء تعرض لها المسجد، حسب ما أورده الشبري، هو الذي شهده في التسعينيات من طرف وزارة الثقافة ومؤسسة اقتصادية وطنية، حيث أخرج المسجد من تحت الأنقاض والرّكام، “فهنا بدأت أول عملية ترميم أعادت هذه المعلمة الموحدية للوَاجهة”.
وأشار إلى أن أي عملية ترميم تحتاج إلى عمل جماعي كل وتخصصه، فهناك جوانب تقنية تستدعي تصنيف الحفريات ودراستها، وعمل علمي توثيقي يهم معرفة الجوانب التاريخية من خلال استقراء المصادر التاريخية والفنون، وكذا الدراسات المخبرية التي تعتمد على دراسة المواد المستعملة كالطين والحجر وغيرها.
وفي السياق نفسه، أكد عبد الجليل بوزوكار، مدير المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، في تصريح لـ “اليوم 24″، أن الأعمال التوثيقية السابقة ستساعد في عملية الترميم، حيث هناك تجارب سابقة ستجعل مسجد “تنمل” يعود كما كان.
وبين المتحدث، دور التكنولوجيا الحديثة، والتصميم الهندسي ثلاثي الأبعاد في إعادة وضع المشاهد الآثرية قبل تجسيدها واقعيا، معبرا، في سياق آخر، عن افتخاره بـ “الخبرة الوطنية داخل المعهد الوطني للتراث والجامعات، وكذا مكانة الحرفي المغربي في حفظ ذاكرة المآثر وعملية ترميم وتشييد المآثر”.
ولفت إلى أن المغرب زاخر بكفاءات تتقن عملية التوثيق والمساعدة فيما يخص قراءة الوثائق العلمية للمآثر التاريخية وفق المعايير الدولية، وكذا كفاءات علمية لها قدرة على مساعدة المُرممين لإعادة المباني التي تضررت”.
وتابع قائلا: “صراحة لم أشعر بأي قلق على هذه المباني التي تضررت بسبب الزلزال، خاصة مسجد “تنمل”، باعتبار أن المعرفة العلمية موجودة، والحرفة والاتقان متوفران، وبالتالي فإعادة المسجد إلى وضعه الأصلي “مسألة وقت”.
المآثر تصون الذّاكرة
تحدث عبد الجليل بوزوكار، عن المآثر التي اعتبرها لا تختزل فقط التاريخ والذاكرة، بل أيضا تصون جزءا من عبقرية الأجداد من حيث الزخرفة والتشييد في البناء والعمارة الدينية والأضرحة والقصور والمباني العسكرية وغيرها.
وأوضح أن المآثر التاريخية في العموم تتعرض للتّدهور والتلف سواء بسبب ظواهر طبيعية حيث تتعرض للتقادم مع مرور الزمن، أو للتخريب بسبب الفترات التاريخية العصيبة كالحروب، أو للعوامل الطبيعية مثل الزلازل والأمطار أو للحرارة.
من جانبها سلطت البورقادي، الضوء على خصوصية موقع مسجد تنمل فهو “محمي طبيعيا بالجبل شمالا ووادي نفيس جنوبا، كما حصنه الموحدون غربا وشرقا بسورين”، مؤكدة أن آثار السور الشرقي ما تزال متواجدة إلى اليوم.
يذكر أن مسجد “تنمل” شُيد سنة 1148م وظلت المدينة محجا ومزارا روحيا إلى حدود قدوم المرينيين الذين قاموا بتدمير المدينة سنة 1274 م مستثنين المسجد، كما كانت تينمل في الفترة الموحدية “مزارا مقدسا”، يتم الحج إليه لإحياء ذكرى الزعيم الروحي للموحدين المهدي بن تومرت.
حوار مع أبو القاسم الشبري، باحث أثري، ورئيس اللجنة المغربية للمجلس العالمي للمباني التاريخية والمواقع
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: الزلزال المدمر زلزال الحوز ضحايا الزلزال مسجد تنمل کما کان
إقرأ أيضاً:
زيارة ميسي التاريخية للهند تتحول لشغب جماهيري.. ماذا حدث؟
أعربت ماماتا بانيرجي، رئيسة وزراء ولاية البنغال الغربية في الهند، عن استيائها العميق من "سوء الإدارة" الذي شهدته زيارة ليونيل ميسي، قائد فريق إنتر ميامي الأمريكي، إلى ملعب سولت ليك في كولكاتا.
بدأ ميسي يومه في الهند بالكشف عن تمثاله الضخم الذي يبلغ ارتفاعه 70 قدمًا في المدينة، قبل أن يتوجه إلى ملعب سولت ليك.
هناك، توافد عدد كبير من القادة السياسيين ولاعبي كرة القدم السابقين والمدربين، مما تسبب في قلة الفرص المتاحة للجماهير العريضة الموجودة في المدرجات لمشاهدته عن كثب.
وعلى الرغم من ابتسامته طوال الوقت، إلا أن ميسي تحية للجماهير وسط هتافات حماسية، قبل أن يشارك في لقاء سريع مع لاعبي كرة القدم الهنود السابقين الذين شاركوا في مباراة استعراضية.
لكن في الوقت ذاته، بدأ بعض المشجعين يفقدون أعصابهم بسبب عدم قدرتهم على رؤية ميسي بشكل واضح، مما دفعهم إلى رمي الزجاجات والكراسي وتخريب ممتلكات الملعب.
ومع تصاعد التوتر، تم استدعاء قوات التدخل السريع للتعامل مع الوضع. ورغم محاولات السلطات المستمرة لتنظيم المسار وإخلاء الطريق، إلا أن الفوضى كانت قد انتشرت بشكل كبير، مما حال دون إتمام العديد من الفعاليات المخطط لها، بما في ذلك تكريم فريق البنغال الفائز بكأس سانتوش ودرس ميسي للأطفال.
وفي أعقاب الحادثة، عبرت ماماتا بانيرجي عن صدمتها من سوء تنظيم الحدث، قائلة: «كنت في طريقي إلى الملعب برفقة آلاف من المشجعين المتحمسين لمشاهدة نجمهم المفضل، ليونيل ميسي. أقدم خالص اعتذاري لميسي ولعشاق الرياضة ومعجبيه عن هذا الحادث المؤسف»، وذلك عبر منشور لها على موقع "إكس".