تصدَّرت أخبار الأوبئة التي قد تصيب الإنسان، والمتحورات الجديدة للفيروسات وسائل الإعلام أخيراً، وأصبحت مادة مثيرة للنشر في وسائل التواصل الاجتماعي.


 فمع ظهور أولى المعلومات عن «آيرس»، المتحور الجديد لفيروس «كوفيد-19»، وتلك المتعلقة بـ«الطاعون الدبلي»، استشرى القلق بين أفراد المجتمع، وبات الجميع يتابع - بحرص وتوتُّر- أخبار تطورات الأوبئة والتهديدات، وانتشارها، وما قد تُمثّله من مضاعفات على الصحة العامة وسلامة المجتمعات.


وفي زمن يتَّسم بالتطور الطبي والتقدم التكنولوجي يتبادر إلى الذهن أن الإنسان قد تغلَّب على الأوبئة، وتمكَّن من التصدي لها ومنْع انتشارها، ولكنَّ الحقيقة، التي قد تبدو مفاجئة لكثيرين، هي أن الأوبئة ستظلُّ دوماً في طليعة سجل المخاطر التي تهدد البشرية. وقد صار مسلَّماً به أنه حينما نتحدث عن «الوباء المقبل»، فإن الأمر لا يتعلق باحتمال حدوثه فقط، بل بـ«متى سيحدُث؟» أيضاً.
وما يزيد تعقيد انتشار الأوبئة في عصرنا هذا مجموعة متنوعة ومتسارعة من العوامل التي تسهم في ذلك، ومنها النمو العالمي والمتزايد للمناطق الحضرية، والاكتظاظ في المدن، وكذلك سرعة وسائل التنقل وتطورها، إذ أصبح بإمكان فيروس واحد أن يجتاح العالم في أسابيع قليلة، ما يوفّر بيئة مواتية لتفشي الأوبئة.
وإلى جانب ذلك كله تُضيف التغيرات المناخية بُعداً جديداً إلى هذه المعادلة، وينبغي ألا ننسى التداخل المحموم للإنسان مع البيئة، وتآكل بعض العادات الفطرية، والتأثيرات غير المتوقَّعة التي قد تترتَّب عليها. وشهِد العالم العديد من الأوبئة المؤثرة التي غيَّرت مجريات الأحداث، وتركت جروحاً لم تندمل في سجل التاريخ البشري، ومن بينها «الطاعون الدبلي» الذي انتشر في أوروبا إبَّان العصور الوسطى، وأسفر عن فقدان ملايين الأفراد حياتهم، والإنفلونزا الإسبانية في عام 1918، التي أسفرت عن وفاة نحو 50 مليون شخص، وكذلك جائحة الإنفلونزا الآسيوية في عام 1957، التي تسبَّبت بوفاة ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم. ولا يمكن تجاهل فيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، الذي بدأ في ثمانينيَّات القرن الماضي، ويُواصِل التأثير في كثير من المجتمعات حتى اليوم.
ولا تزال الذاكرة الحاضرة متأثرة بما أسفرت عنه جائحة «كوفيد-19» التي اندلعت في أواخر عام 2019، وقلَبت أنماط حياة البشرية رأساً على عقب، وأخلَّت كثيراً بالاقتصادات العالمية، وأصابت عُشر سكان الأرض، وتسبَّبت بوفاة قرابة سبعة ملايين شخص. وحتى مع إعلان العالم انتهاء الجائحة، لا تزال جهود التعافي تتلمَّس طرق العودة إلى الحياة الطبيعية في مرحلة ما قبل الأزمة، في حين باتت بعض التأثيرات محفورة في جوانب مختلفة من الحياة اليومية. وتمثّل هذه الأوبئة التاريخية تذكيراً بقدرة الأمراض على تحويل مسار التاريخ، وتأثيرها الواسع في الحضارات والمجتمعات، كما تجعلنا ندرك أهمية الاستعداد والتنسيق الدولي في مواجهة مثل هذه التحديات الجسيمة.
والسؤال المهم هو: هل نحن مستعدون؟ ولا يعني الاستعداد توافر اللقاحات والأدوية فقط، بل يشمل أيضاً القدرة على الصمود في مواجهة الأوبئة عن طريق زيادة الوعي الصحي للأفراد، والقدرة على الكشف المبكر والاستجابة السريعة لها.
وفي هذا السياق يؤدي الاستثمار في تقنيات المعلومات المتطورة والبحث العلمي والجيني دوراً مهمّاً وملحّاً، ما قد يمكننا من فَهْم الأوبئة بصورة أفضل، وتطوير استراتيجيات أكثر فاعليَّة في التصدي لها. وفي الختام يمكن القول إن الأوبئة لن تغيب عن سجل المخاطر العالمي، ولكي نتمكَّن من مواجهتها يجب أن نعترف بحجم التحدي ونستعد له جيداً، كما يجب أن نعترف بأن مواجهة الأوبئة ليست مهمة القطاع الطبي فحسب، بل هي مهمة مشتركة تتكامل فيها الجهود الصحية العالمية والمحلية، مع تسليط الضوء على دور أفراد المجتمع، والتشديد على أهمية نشر التوعية الصحية السليمة، والأُسس العلمية للوقاية والتحصين.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني

إقرأ أيضاً:

قصف عنيف بين الهند وباكستان عند خط المواجهة في كشمير

البلاد- جدة
ذكرت رويترز أن قصفًا متبادلًا عنيفًا يجري بين الهند وباكستان عند خط المواجهة في كشمير

وتوعّد الجيش الباكستاني بالردّ على “ضربات جوية” نفّذتها الهند في “ثلاث مناطق” في باكستان، وفق ما أعلن متحدث باسمه اليوم الأربعاء، مشيرًا إلى استهداف مدينتين في شطر كشمير الخاضع لسيطرة إسلام أباد، ومدينة ثالثة في إقليم البنجاب المتاخم للهند.

وقال مسؤولون أمنيون باكستانيون في ساعة مبكرة من اليوم الأربعاء بالتوقيت المحلي: إن الهند أطلقت صواريخ عبر الحدود في ثلاثة مواقع، وسط توترات متصاعدة بين الدولتين على خلفية هجوم شنه مسلحون في الجزء الخاضع للهند من كشمير.

ووفقا لثلاثة مسؤولين أمنيين، ضربت الصواريخ مواقع في الجزء الخاضع للهند من كشمير وفي إقليم البنجاب شرقي البلاد.

ونقلا عن شهود عيان لرويترز، انقطع التيار الكهربائي عن المدينة بعد سلسلة من الانفجارات عن مدينة مظفر آباد (عاصمة الشطر الباكستاني من كشمير).

وقالت الحكومة الهندية اليوم الأربعاء: إن الجيش شن (العملية سيندور) مستهدفا تسعة مواقع في باكستان وجامو وكشمير. وأضافت الحكومة في بيان أن الجيش لم يستهدف أي منشآت عسكرية باكستانية.

وأعلنت أن قواتها شنّت “ضربات دقيقة” على تسعة مواقع تضم “بنى تحتية إرهابية” في باكستان، وذلك بعد أيام من اتهامها إسلام أباد بتنفيذ هجوم دام في الجانب الهندي من الإقليم المتنازع عليه.

وقالت الحكومة في بيان “قبل قليل: أطلقت القوات الهندية عملية (…) ضربت خلالها بنية تحتية في باكستان” وإقليم كشمير “حيث حصل التخطيط وقيادة الاعتداءات الإرهابية” ضد الهند.

وأغلقت باكستان مجالها الجوي لمدة 48 ساعة، ما سيؤدي إلى تعليق وصول ومغادرة الرحلات الداخلية والدولية، بحسب قناة “سماء”. ووفقًا لها، فإن مطار إسلام آباد الدولي مغلق ويتم تحويل جميع الرحلات إلى مطار كراتشي.

وأكدت القناة أن باكستان ضربت أهدافًا في الهند كإجراء رد.

مقالات مشابهة

  • إصابات العشرات بالتسمم بمحافظة عجلون بجرثومة (إي كولاي)
  • بولندا تنتقد بشدة سياسة الهجرة التي تنتهجها الحكومة الألمانية الجديدة
  • عام على رفح.. المدينة التي محاها القصف وبقيت تنتظر العالم
  • استمرار فعاليات بطولة العالم العسكرية للفروسية رقم (25) لقفز الحواجز بنادى الفروسية " كيان سيتى " بالعاصمة الإدارية الجديدة
  • بالصور.. تصعيد جديد يعيد شبح المواجهة بين الهند وباكستان
  • الأمم المتحدة عن المواجهة الهندية الباكستانية: العالم لا يحتمل حربًا جديدة
  • قصف عنيف بين الهند وباكستان عند خط المواجهة في كشمير
  • استبعاد لابورت عن مواجهة الاتحاد
  • أجواء تنافسية في اليوم الأول لبطولة العالم العسكرية للفروسية بالعاصمة الإدارية الجديدة
  • حملة طلابية من غزة تناشد العالم: أنقذوا العائلات التي تعيش بين الركام