صافرة الموت الآزتيكية.. خبراء يعيدون الصوت الأكثر رعبا في العالم| شاهد
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
الصوت الأكثر رعبا في العالم، هذا ما عرفت به ضجيج الأداة الأسطورية "صافرة الموت الآزتيكية” التي أعاد خبراء شركة أمريكية إنشاء نسخة جديدة منها باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد.
ما بين عاصفة مخيفة من صفير الرياح وصرخة ألف جثة، خرج صوت "صافرة الموت الآزتيكية” التي ربما رافقت القرابين البشرية أو استخدمت في الاحتفالات أو لتخويف القبائل المتنافسة.
صافرة الموت الآزتيكية
ابتكر الخبراء “صافرة الموت الآزتيكية” بناء على التصميم الأصلي الذي كان على شكل جمجمة، والذي تم العثور عليه مع هيكل عظمي في المكسيك في أواخر التسعينيات، وفقا لما ذكرته صحيفتي ”الديلي ميل" و “الديلي ستار” اليوم الخميس.
وفي هذا السياق، تقول أسطورة الخلق الأزتكية، أنه اجتمع إلهان في نار قربانية وأصبحا الشمس والقمر، لكنهما ظلا ثابتين حتى نفخ إله الريح، إيكاتل عليهما.
نشرت قناة The Action Lab، وهي قناة تعليمية على اليوتيوب مخصصة في إجراء التجارب العلمية، مقطع فيديو جديدا للصافرة المطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد.
يقول مقدم البرنامج، جيمس جيه أورجيل: "صدق أو لا تصدقk هذا الصوت الأكثر رعبا في العالم، هذه ليست صرخة بشرية، والصوت الذي تصدره صافرة الموت يزرع الخوف في قلبك".
وعن تاريخ الصافرة، يضيف مقدم البرنامج جيمس جيه أورجيل: “في عام 1999، تم العثور على صافرة الموت الأصلية للأزتك في يد هيكل عظمي مقطوع الرأس أثناء التنقيب في معبد الأزتك في مكسيكو سيتي”.
تابع جيمس جيه أورجيل: “اعتقد علماء الآثار في البداية أن هذه لابد أن تكون لعبة ما، ولم يفكروا كثيرا في حقيقتها إلا بعد مرور 15 عاما عندما قام أحد العلماء بتفجير الحفرة الموجودة في الجزء العلوي منه، وكان هذا الصوت هو الذي خرج”.
واصل: “ كان اكتشافا مذهلا لأنه بدا وكأنه إنسان يصرخ”، منبها: “على الرغم من أن الغرض الدقيق لصافرة الموت لم يحسم تاريخيا، إلا أن هناك العديد من النظريات الرائدة حيث يعتقد بعض الخبراء أن الأزتيك ربما استخدموا الضجيج لمساعدة أرواح الأشخاص التي قدمت كقرابين إلى الوصول إلى الحياة الأخرى أو لربما تم دفن الهيكل العظمي الأصلي مع الجهاز كحماية لإخافة الأرواح الشريرة عند مغادرتها هذا العالم”.
وأردف: “ربما تم استخدام الصفارات التي تحاكي حنجرة الإنسان أيضا من قبل المحاربين لبث الرعب في قلوب الأعداء في بداية المعركة”.
أما عن طريقة عمل صافرة الموت الآزتيكية، لفت: “بمجرد أن ينفخ المستخدم فيه، ينقسم الهواء إلى قسمين، مما يؤدي إلى إنشاء موجات صوتية متذبذبة تدور حول غرفة كبيرة قبل الهروب من الفتحة الثانية، كما تحتوي بعض الصفارات على كرة داخل الحجرة، وغالبا ما تكون مصنوعة من الفلين، الذي يرتد ويشوه الصوت بشكل أكبر”.
وفقا للمتحف البريطاني، فإن المكسيكيون، الذين عُرفوا فيما بعد باسم الآزتيك، كانوا مهاجرين من الصحراء الشمالية وصلوا إلى أمريكا الوسطى في القرن الرابع عشر.
ولم تكن هذه القبيلة البدوية سابقًا موضع ترحيب من قبل السكان المحليين الذين اعتبروها أقل شأناً.
تقول الأسطورة أنه نتيجة لذلك، تجول الأزتيك في انتظار إشارة تشير إلى المكان الذي يجب أن يستقروا فيه.
في عام 1325 م، شوهدت هذه العلامة، وهي عبارة عن نسر وثعبان يتقاتلان على نبات صبار، في بحيرة تيكسكوكو - مما دفع الأزتيك إلى تأسيس عاصمتهم، تينوختيتلان.
وبحلول عام 1430 م، استوعب الأزتيك جوانب من القبائل المحيطة وتطوروا إلى مجتمع منظم حتي أصبح جيشهم قويًا وتم خوض الحملات والانتصار فيها.
وتم إنشاء التحالف الثلاثي مع أمراء تيكسكوكو - الواقعة على الشواطئ الشرقية لبحيرة تيكسوكوكو - وتلاكوبان - التي يشار إليها أحيانًا باسم تاكوبا، الواقعة على الشواطئ الغربية لبحيرة تيكسوكوكو - مما أدى إلى تعزيز قوة الأزتك.
وذهب الأزتيك إلى الحرب لسببين رئيسيين؛ لتكريم الجزية والقبض على السجناء، كما يذكر أنهم احتاجوا إلى السجناء لأنهم اعتقدوا أنه يجب استرضاء الآلهة بدماء البشر وقلوبهم لضمان شروق الشمس كل يوم.
وأتاح غزو مناطق جديدة الفرصة للقبض على العبيد الذين كانوا جزءًا مهمًا من مجتمع الأزتك إضافة إلى أن جلب الرخاء والوحدة بين شعوب الأزتك أعطى الثقة في ظل سلسلة من الحكام الذي أرسلوا تم إرسال الجيوش عبر المكسيك.
ومع بداية القرن السادس عشر، امتدت إمبراطورية الأزتك من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ وإلى غواتيمالا ونيكاراغوا.
وأدى وصول هيرنان كورتيس عام 1521 م مع الجنود الإسبان إلى نهاية الإمبراطورية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الآزتيك المكسيك هيكل عظمي
إقرأ أيضاً:
صوتك لا صدى غيرك!
بلقيس بنت خلفان الشريقية
يعيش الإنسان في هذا العصر صراعًا بين ذاته وعالمه الخارجي، حيث إن العالم الخارجي ملوث بأصوات وآراء ومعتقدات قد تختلف عن الوجهة التي اتخذها في بداية الأمر، ربما وجهات تُزاحم فكره وتشعره بالاختناق أو الحيرة أحيانًا، فيصبح غير قادر على الاستماع أو النظر إلى دوافعه أو أفكاره الداخلية؛ فيصبح أسيرًا لضجيج العالم الخارجي؛ ففي كل يوم تولد شعارات أو ما يُعرف بـ "الترند الجديد".
الذي ينجر خلف تجربته الكثير فيُصاب الفرد بالذهول من الأمر والحيرة ولا يستطيع التمييز بين ما يريده حقًّا، وما الشيء الذي يندفع إليه فقط لأن هذا الشيء جربه الكثير وأن الكثير في هذا المجال. بين الكم الهائل من هذه الفوضى الهادئة، كان لا بد عليه من العودة والتفتيش إلى الجانب الداخلي أمرًا ضروريًا؛ لتتذكر أن هناك في جوفك قلبًا يسمع، وعقلًا يبصر ويفكر، وصوتًا داخليًّا أهدأ من الصخب والضجيج المنفجر خارجيًّا لكنه يحمل في طياته عمقًا كبيرًا.
قبل أيام كنت أتصفح في إحدى منصات التواصل الاجتماعي وإذا بمقال أدهشني كثيرًا يتحدث عن قصة رمزية عُرفت بـ "قفزة الخروف الأبيض". الفكرة التي عرضها الكاتب كانت كافية لتحرك أفكاري وتترك عمقًا كبيرًا في داخلي. لم تكن الحكاية فقط عن خرافٍ تعيش عند سفح جبل فحسب، بل كانت مرآة تخبرنا كيف يمكن للإنسان أن يستسلم في اتخاذ قراره للجماعة التي يتعايش معها، وكيف يمكن لخطوة أو قرار فرد واحد أن تصبح مصير مجموعة كاملة حين يغيب التساؤل عن المنطق، ويختفي الفكر، ويُترك الصوت الداخلي في زاوية لصالح الضجيج الخارجي.
كان المقال يروي أن قطيعًا من الخراف اعتاد أن يتحرك كجسد واحد؛ يتقدم أولهم فيتقدم الجميع، ويتوقف فيتوقفون خلفه، دون أن يسأل أحد: لماذا نسير هنا؟ ولماذا نتوقف هناك؟ وفي لحظة فارقة، قفز خروف صغير قرب حافة الجبل، ربما ظن أن الغيم المتكوّن تحت الجرف أرضٌ يمكن الوقوف عليها، وربما خُيّل إليه أنه اكتشف طريقًا جديدًا لا يعرفه الآخرون. قفز بثقة… فاندفع القطيع كله من خلفه، واحدًا تلو الآخر. لم يكن الخطر في قفزة الخروف الأول بقدر ما كان في استجابة الآخرين لها دون تفكير، في تلك الثقة العمياء التي جعلت الفعل الفردي قرارًا جماعيًّا لا رجعة فيه.
هنا رسمتُ خيالًا واسعًا داخليًّا لأحلل الصورة؛ ليس لأنها غريبة، بل لأنها تحمل في طياتها كمًّا مألوفًا من الوجع. فالله تعالى حذّرنا سابقًا من الاندفاع خلف الكثرة حين تغيب البصيرة، فقال عز وجل: "إِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ" (الأنعام: 116). وكأن الآية تضع يدها على جوهر المشكلة: أن الخطأ لا يتوقف عند شخصٍ بدأه، بل عند الذين جعلوا من عدده وكثرته شرعية تغني عن التفكير والسؤال.
وفي السُّنّة النبوية، يختصر النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى في جملة دقيقة: "لَا تَكُونُوا إِمَّعةً، تَقُولُونَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ، إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا" رواه الترمذي.
هنا ليس مطلوبًا على الإنسان الانطفاء والعزلة عن الناس ومن حوله، ولكن الخطر أن يذوب فيهم فيفقد ذاته وملامحه، فيصبح صدى لأصواتهم، لا صوتًا نابِعًا من الوعي والقيم التي تُميز بصيرته.
حين ننقل هذه المعاني إلى واقع اليوم، نجد أنفسنا أمام نسخٍ جديدة من القطيع ذاته، لكن بثياب رقمية هذه المرة. "ترند" ينتشر، فيتماشى معه الآلاف وربما الملايين، دون أن يسأل أغلبهم: هل أفهم أصل هذه الفكرة؟ من أي بلد أتت؟ هل تتناسب مع ديني؟ هل أتفق حقًّا مع محتواها؟ ما أثرها عليَّ وعلى من يتابعني؟ أم هي فكرة أتت فقط لتُلوث هذا الصفاء الذي كنت أعيشه؟ قد نرى مقطعًا يُهاجَم فيه شخص، أو يُسخر من قيمة، أو يُعاد تشكيل مفهوم، فينساق الناس بين مؤيدٍ ومهاجم، لا لأنهم درسوا الموضوع، بل لأن الموجة أقوى من سؤال: هل هذا صواب أصلًا؟
في زمن كهذا، يصبح الحفاظ على التوازن داخليًّا ضرورة لا خيارًا. أن تكون متوازنًا، تعرف متى تمضي، ومتى تتوقف، ومتى تعطي، ومتى تلتفت إلى قلبك لتسمع ما يقوله لك بصوت خافت. فالحياة لا تكافئ من يركض بلا اتجاه، ولا من يقف جامدًا خوفًا من الخطأ، لكنها تبارك تلك الخطوة التي سبقتها لحظة وعي، ومساحة تفكير، وهمسة صادقة من الداخل تقول: هذا يشبهني، وهذا لا يشبهني.
دعِ الأيام تمضي دون أن تستنزفك موجات التقليد. لا تجعل "الترند" يُمسك بزمام وقتك، ولا تسمح لضجيج المنصات أن يصادر حقك في الاختيار. لا تنتظر اللحظة المناسبة لتعيش؛ اللحظة المناسبة تُصنع غالبًا حين تُقرر أن تُهدئ سرعتك قليلًا، أن تتراجع خطوة إلى الوراء لتُبصر الصورة كاملة، لا زاوية واحدة منها. خفف خطاك، وامنح ذاتك ما تستحقه من العناية، واسمح لقلبك بأن يستريح قليلًا؛ فالقلب الذي يجد راحته هو القادر على أن يمنح الآخرين أجمل ما فيه.
العمر لا يليق به أن يكون سباقًا بلا نهاية، ولا معركة طويلة تُستهلك فيها الأرواح في إثبات الوجود أمام الآخرين. العمر مساحة للطمأنينة، للابتسامات الصغيرة، وللأحاديث التي تُبنى عليها الألفة، لا على عدد المتابعين ولا على حجم التفاعل. ما جدوى أن نكسب كل المعارك في الخارج ونخسر أنفسنا بهدوء في الداخل؟ ما جدوى أن نتماشى مع كل موجة، ونقفز مع كل قفزة، ثم نكتشف في آخر الطريق أننا لا نعرف من نحن أصلًا؟
حين نتأمل قصة الخروف الأبيض من جديد، نكتشف أن السؤال الأهم ليس: لماذا قفز الأول؟ بل: لماذا قفز الآخرون خلفه؟ هذا السؤال، في جوهره، هو سؤال عن علاقتنا بالجمع، وعن المسافة التي ينبغي أن تبقى بيننا وبين القطيع. فليست المشكلة في أن نكون جزءًا من مجتمع، بل في أن نفقد وعينا ونحن نسير معه. ليست المشكلة في أن نتفاعل مع ما يحدث حولنا، بل في أن نترك ما يحدث حولنا يبتلع ما يحدث في داخلنا.
القرآن يرسم لنا ملامح هذا الطريق حين يقول الله تعالى: "قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ" (يوسف: 108).
البصيرة هنا ليست وصفًا للداعية وحده، بل لكل سائر في طريقه؛ أن يعرف لماذا يسير، وإلى أين، وبأي قلب، وبأي نية. البصيرة أن تسأل قبل أن تتبنّى، أن تفكر قبل أن تشارك، أن تُراجع نفسك قبل أن تنخرط في موجة لا تدري إلى أين تتجه.
وفي نهاية الأمر، لا يبقى مع الإنسان سوى صدى صوته الداخلي، ذلك الصوت الذي يخفت أحيانًا تحت وطأة الضجيج، لكنه لا ينطفئ أبدًا. العالم سيواصل ضجيجه، والترندات ستظهر وتختفي، والجماعات ستظل تركض في كل اتجاه؛ هذا أمر لا نملكه ولا نوقفه. ما نملكه حقًّا هو قرار واحد بسيط… لكنه مصيري: أن نسمح لذلك الصوت الهادئ في داخلنا أن يُسمع، أن نحميه من ذوبانٍ بطيء تحت تصفيق الآخرين أو تحت خوفنا من الاختلاف.
استمع لصوتك الداخلي، لا لأنه معصوم، بل لأنه الأقرب إلى حقيقتك. راجعه بنور القرآن، وبهدي السنة، وبعقلك الذي وهبك الله إيّاه لتُبصر لا لتُغلق عينيك. احفظه من الضياع وسط الجموع؛ فإن نجا هذا الصوت… نجوت أنت، حتى لو كان القطيع كله يتجه في اتجاهٍ آخر.