دعا محرر الشؤون العالمية في صحيفة الإندبندنت البريطانية سام كيلي أوروبا إلى قيادة المفاوضات في أوكرانيا بدلا من الاعتماد على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تسعى لإجبار أوكرانيا على الاستسلام، مؤكدا قدرة القارة الأوروبية على إيقاف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأكد المقال أن أوروبا تمتلك القدرة على قيادة المفاوضات وتوجيه تهديدات حقيقية لموسكو، مشددا على ضرورة أن يكون وقف إطلاق النار "وفق شروط ترهب" روسيا باحتمال شن هجوم واسع النطاق على قواتها داخل الأراضي الأوكرانية.

وأوضح كيلي أن التهديدات الأوروبية يجب أن تشمل استخدام القوات الجوية والصواريخ بعيدة المدى القادرة على إلحاق دمار كبير بالقوات الروسية، ما يشكل رادعا حقيقيا يدفع موسكو نحو تسوية جدية.

إنهاء الحرب

وفي سياق متصل، رأى الخبير في الشؤون الروسية توماس غراهام في مجلة فورين أفيرز أن الوقت ملائم جدا لإنهاء الحرب في أوكرانيا، معتبرا أن الرئيس ترامب قادر على لجم المشككين وإتمام صفقة بهذا الشأن.

وأضاف غراهام أن النجاح ليس مضمونا بالطبع ولن يتحقق بالسرعة التي يتمناها ترامب، لكن بجهد دؤوب قد يتمكن مرة أخرى من إنهاء نزاع ظنه الآخرون مستعصيا على الحل.

وطرح الخبير تساؤلا حول ما إذا كانت إدارة ترامب قادرة على حشد المهارة والصبر والمثابرة اللازمة لدفع العملية الدبلوماسية نحو نهاية ناجحة تحقق الاستقرار في المنطقة.

وعلى صعيد آخر،  نقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن الأمم المتحدة  تأكيدها أن أكثر من 9 آلاف طفل أُدخلوا إلى المستشفيات بسبب سوء التغذية الحاد خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأشارت منظمات إغاثية إلى استمرار القيود الإسرائيلية على شحنات المساعدات الإنسانية التي لا تلبي احتياجات السكان الذين أُنهكوا بسبب عامين من الحرب والتشرد والعيش في ملاجئ متهالكة.

إعلان

ونقلت الصحيفة عن المتحدثة باسم اليونيسيف تيس إنغرام مشاهداتها للعديد من الأطفال حديثي الولادة في مستشفيات غزة تَقِل أوزانهم عن كيلوغرام واحد وهم في حالة صراع للبقاء على قيد الحياة.

كما  كشف تقرير لواشنطن بوست عن منع  إسرائيل بعض الأطباء الأميركيين والأجانب من الدخول إلى غزة رغم وجود اتفاق وقف إطلاق نار مدعوم من الولايات المتحدة ينص على زيادة كبيرة في المساعدات الإنسانية.

ويخطط هؤلاء الأطباء لإجراء عمليات جراحية معقدة للفلسطينيين المصابين وتدريب الأطباء المحليين على تقنيات أحدث وأكثر أمانا ليتمكنوا من إجراء العمليات بأنفسهم في ظل الحصار المستمر.

ولفتت الصحيفة إلى أن أكثر من 40 ألف فلسطيني في غزة يعانون من إصابات بالغة تهدد حياتهم بما في ذلك جروح تتطلب رعاية مستمرة وعمليات جراحية إضافية لا تتوفر لها الإمكانيات حاليا.

وضع غزة

ومن جهة أخرى، انتقد المحامي ألفونسو دورادو والخبير الدولي باتريك زاند في مقال بصحيفة لوموند الفرنسية قرار مجلس الأمن الدولي الذي يرسخ وضع قطاع غزة تحت وصاية ما يسمى مجلس السلام بعيدا عن أي مشاركة فلسطينية أو إطار أممي متعدد الأطراف.

ورأى الكاتبان أن القرار يتيح إنشاء مجلس دولي يسيطر على غزة بقيادة ترامب دون حياد أو التزام بالقانون الدولي الإنساني، مشيرين إلى أن القرار يتجاهل القرارات الدولية السابقة ويكرس واقعا يشبه الوصاية الاستعمارية.

واعتبر الخبيران أن هذا النهج يمثل عدم مراعاة للقانون الدولي والمصداقية الأممية، ما يهدد بتحويل القضية الفلسطينية إلى ملف إداري بعيد عن جوهر الحقوق السياسية والوطنية للشعب الفلسطيني.

وعلى المستوى الإقليمي، أفادت صحيفة وول ستريت جورنال أن الموقف الإسرائيلي المتشدد تجاه سوريا يتعارض مع دعم الرئيس ترامب للرئيس السوري أحمد الشرع، ما يثير قلقا متزايدا في الأوساط الأمنية الإسرائيلية.

وعبّر بعض الجنرالات السابقين والخبراء الأمنيين عن قلقهم من مبالغة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية في إجراءاته تجاه سوريا، ما قد يهدد علاقة إسرائيل بأهم حلفائها الولايات المتحدة ويصورها على نطاق أوسع كقوة عدوانية في المنطقة.

 

إلى أين تسير أميركا؟

وعلى الصعيد الداخلي الأميركي، أظهر استطلاع حديث نشر نتائجه موقع ذا هيل أن 52% من الناخبين الأميركيين يرون أن الولايات المتحدة تسير في الطريق الخطأ، مقابل 39% قالوا إنها في الطريق الصحيح.

وارتفع معدل الدعم لأداء الرئيس ترامب إلى 47% بينما بلغت نسبة المعارضين لأدائه 49%، في مؤشر على استمرار الانقسام السياسي حول سياساته المحلية والخارجية، وفقا لموقع ذا هيل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات حريات

إقرأ أيضاً:

أوروبا تحتاج إلى خطة لفك ارتباطها بالولايات المتحدة

عندما فوجئت أوروبا قبل أسبوعين أو نحو ذلك «بخطة السلام» الأمريكية الروسية حول أوكرانيا والتي لم تكن تتوقعها حذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي شعبه في خطاب بقوله: «الآن تمامًا قد تجد أوكرانيا نفسها في مواجهة خيار قاسٍ جدا، إما فقدان كرامتنا وإما المخاطرة بخسارة شريك كبير». إذا كان كل زعماء الاتحاد الأوروبي يتحدثون بمثل هذا الوضوح لربما استخدموا نفس الكلمات في الحديث عن بلدانهم؛ فأوروبا كلها باتحادها الأوروبي وبلدانه الأعضاء هي التي تواجه الاختيار بين أن تكون مسيطرة على شؤونها الخاصة وبين شراكتها التي طال بها الأمد مع الولايات المتحدة.

ثلاث مرات حاول دونالد ترامب دفع أوكرانيا إلى التسليم بالمطالب الروسية من أجل سلام ظاهري وغير عادل.

ثلاث مرات تدافع الأوروبيون لتغيير رأي رئيس الولايات المتحدة حول شيء يعتبرونه وجوديا عن حق (مسألة بقاء أو فناء). كم مزيدًا من الدروس يحتاجونها كي يتوصلوا إلى أن العلاقة عبر الأطلسية قد انتهت؟

القبول بهذا لا يعني أن من الخطأ دائما البحث عن هدف مشترك مع ترامب كلما كان ذلك ممكنا، أو عدم ضرورة ملاطفته لدفعه إلى تغيير مواقفه لمصلحة أوروبا.

لكنه يعني التعامل بجدية حول ما إذا كان الاتحاد الأوروبي -بحسب كلمات مفوضة الاتحاد الأوروبي تيريزا ريبيرا- «سيظل صانعا للقواعد، أم يتحول إلى مُتَلَقٍّ للقواعد في نظام يشكل في مكان آخر» أو في الواقع إلى سائل متضرع في عالم لا تحكمه قواعد على الإطلاق.

لتجنب هذا المصير على أوروبا السعي لتقليل تعرضها لضغوط الولايات المتحدة إلى أدنى حد ممكن، وهي ضغوط لن تتوقف.

لقد حان الوقت لإعداد خطة أوروبية تهدف إلى فك الارتباط بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مع اتخاذ خطوات لتقليل الضرر الذي بمقدور واشنطن تحت شعار ماغا (أمريكا أولا) إلحاقه بأوروبا.

مثل هذه الخطة يجب أن تغطي على الأقل ثلاث مجالات هي: التجارة والتمويل والدفاع.

لنأخذ التجارة أولا: في الصيف الماضي وافق الاتحاد الأوروبي على «صفقة» مع البيت الأبيض أقرَّت في الواقع انتهاك ترامب للقواعد الدولية، وقبلت زيادات كبيرة في الرسوم الجمركية على صادرات الاتحاد الأوروبي، وذلك ظاهريا بأمل تجنب شيء أسوأ يقدِم عليه ترامب. ردت الجماهير الأوروبية على الصفقة بغضب يشوبه الشعور بالإهانة.

فمهما كانت مزايا القبول برسوم ترامب في الأجل القصير يجب أن يكون من الواضح تماما أن اعتماد المرء في معيشته على مبيعاته للولايات المتحدة عبء متزايد أكثر منه امتيازا.

وهذا العبء لا يقتصر على المصدرين الأوروبيين الذين قد يجدون أنفسهم ممنوعين من دخول السوق الأمريكية عندما يريد البيت الأبيض انتزاع شيء ما بالابتزاز في المرة القادمة.

فتداعيات التقييد الفجائي لنشاط الشركات ستمتد إلى الحكومات والاقتصادات بأكملها بسبب العاملين الذين توظفهم هذه الشركات والسلع أو الخدمات الحيوية التي تقدمها أو النفوذ السياسي الذي تمارسه في العادة.

إذن المبررات قوية لاتباع سياسة واعية بتقليل الانكشاف التجاري للولايات المتحدة إلى مستوى أدنى مما يمكن أن تفعله الشركات الخاصة بنفسها؛ فمجرد التصريح بفك الارتباط الاقتصادي مع الولايات المتحدة كهدف سياسي يبعث برسالة قوية إلى القطاع الخاص.

يمكن للسلطات سحب حوافز التعزيز التجاري للصادرات إلى الولايات المتحدة. أيضا عندما يريد ترامب في المرة القادمة رفع الرسوم الجمركية يجب عدم مقاومة ذلك، بل انتهاز الفرصة في الرد عليها باستهداف الأنشطة الأمريكية التي تفاقم الضعف الأوروبي مثل الخدمات الرقمية.

الشيء الثاني الذي يجب اتخاذ تدابير بشأنه هو الصادرات الكبيرة لرأس المال الأوروبي؛ فهي لا تقتصر فقط على تدفقها نحو أمريكا، ولكن ندرة التمويل المحلي التي تتسبب فيها تفاقم الضعف الأوروبي أمام التصرفات العدائية للولايات المتحدة.

عندما يصارع القادة لتمويل الاستثمارات الضرورية العامة والخاصة، ويهاجر أفضل وأذكى عقول أوروبا -رأسمالها البشري- إلى الولايات المتحدة لتمويل نمو شركاتها يجب ألا يرسل الاتحاد الأوروبي ما تصل قيمته إلى نصف تريليون يورو من صافي المدخرات إلى خارج الكتلة في كل عام.

هذا قد يتطلب معارضة القرارات التي تعتبرها الشركات معقولة بالاستثمار خارج أوروبا بدلا من داخلها؛ فهذه القرارات الخاصة لا تضع في الاعتبار التكلفة الاقتصادية والجيوسياسية لترك أوروبا بدون استثمار كاف.

ومن شأن اعتماد تعديلات استراتيجية في الإجراءات التنظيمية لتحويل الفرص من الاستثمار في الخارج إلى الاستثمار في الداخل تقليص الفجوة بين الادخارات والاستثمار في أوروبا وتحديدا بجعل التمويل أكثر وفرة للاحتياجات الرأسمالية الأوروبية.

أخيرا؛ تحتاج أوروبا إلى بديل محلي للقدرات العسكرية الاستراتيجية التي تعتمد الآن على الولايات المتحدة في توفيرها.

لقد أعدَّ الاقتصاديون فيليب هيلديبراند، وهيلين رَي، وموريتز شولاريك إطارا للتمويل الأوروبي المشترك بواسطة تحالف البلدان الراغبة لتحقيق الاكتفاء الذاتي الدفاعي.

تُتداول هذه الخطة على أعلى المستويات في فرنسا وألمانيا، ومن المؤمَّل أن يسارع هذان البلَدَان مع الدول الأوروبية الأخرى إلى دعمها.

اعتماد أوروبا على الولايات المتحدة ليس أمرًا مفروغًا منه، ولكنه عجز مُكتَسب على مدار 80 عاما، ويجب أن يبدأ التخلص منه الآن.

مارتن ساندبو معلق الاقتصاد الأوروبي بصحيفة الفاينانشال تايمز

مقالات مشابهة

  • لافروف: موسكو لا تريد المواجهة مع أوروبا
  • صحف عالمية: أكثر من 40 ألف فلسطيني بغزة يعانون من إصابات بالغة
  • أوروبا تحتاج إلى خطة لفك ارتباطها بالولايات المتحدة
  • ترامب ينتقد قيادة أوروبا ويعلن استعداده لدعم سياسيين ينسجمون مع رؤيته
  • إعلام عبري: لن يدخل المناطق الخضراء برفح إلا العائلات الفلسطينية التي لا ترتبط بحماس
  • المفاوضات تدخل منطقة الضباب.. «سلام أوكرانيا».. موسكو تترقب وكييف تتريث
  • ترامب يحذر الدول التي تغرق الولايات المتحدة بالأرز الرخيص
  • صحافة عالمية: إطلاق البرغوثي سيساعد على إحلال السلام
  • صحافة عالمية: قادة إسرائيل الأمنيون يدعمون التحول للدبلوماسية