قدرة العقلاء من اليمنيين على تجاوز ما أحدثته الحرب
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
الدكتور /علي أحمد الديلمي
إن حجم ونطاق الخلافات المتعمّدة الذي يشهده اليمن حالياً يؤديان إلى تفكك الركائز الرئيسة لنموذج الحياة الاجتماعية والسياسية السائد في البلاد منذ تحقيق الوحدة اليمنية في عام 1990 ويتجلَّى هذا في انهيار الخدمات العامة الأساسية واستمرار الخلافات السياسية الداخلية المُنهكة ونتائج حرب السنوات الثمان الماضية ونزيف رأس المال البشري وهجرة الكفاءات على نطاق واسع وفي موازاة ذلك تتحمل الفئات الفقيرة والمتوسطة العبء الأكبر لما يحدث وهي الفئات التي لم يكن النموذج القائم يلبي حاجاتها أصلاً
تكاد لا تمر أيام في اليمن بلا نشوب توترات أمنية بين أفراد أو مجموعات تتبع لقوى سياسية مختلفة تسفر عن سقوط قتلى وجرحى وتعكس واقعا سياسيا واجتماعيًا مشحونا بخطاب طائفي ومناطقي .
وفاقمت حادثة قيام مجموعة مسلحة ليلة الاحتفال بعيد الثورة اليمنية 26 سبتمبر في شارع حده بالعاصمة صنعاء في أخذ اعلام الجمهورية ومنع المحتفلين بالعيد بتعليقها على السيارات حالة التوتر السياسي والطائفي وانشغلت وسائل الاعلام المحلية ووسائل التواصل الاجتماعي بمقطع الفيديو حول ماحدث وتُضاف هذه الأحداث على قائمة التوترات المتنقلة بالأشهر الاخيرة والتي أخذت منحى طائفيا وسياسيا ومناطقيا
كما تتنامى ظاهرة ربط كل حدث في اليمن لما تحمله من رمزيات بهويتها مع أنها تمثل جميع اليمنيين فالجميع جمهوريون ويعتزون بثورة السادس والعشرين من سبتمبر ومسلمين محبين للرسول وكل ما يرتبط بالدين والمناسبات الدينية ولاشك ان مثل هذا التعاطي مع هذه الاحداث تحت مسميات طائفية وسياسية تهدد السلم الأهلي والهوية اليمنية الوطنية الجامعه كما ان تفاعل القوى السياسية مع التوترات بمثابة استقطاب تعبوي نتيجة حالة الانسداد السياسي كما ان غياب الاستقرار السياسي يؤدي تلقائيا لتوترات أمنية واجتماعية وإلى تعاظم الشرخ الاجتماعي والسياسي بين اليمنيين و يفاقم من المخاطر السياسية والاجتماعية ويزيد من الخلافات حول الهوية اليمنية الوطنية الجامعة لان ماحدث ليلة الاحتفال بثورة 26 سبتمبر لا تنفصل عن حالة الاحتقان السياسي والطائفي العام وفي تقديري أن الخطابات التحريضية من كل الاطراف سيكون لها تداعيات خطيرة على كل اليمنيين
أن إشكالية الصراع مع الحوثيين عمرها نحو عشرين سنة لكن طرحها بهذه الطريقة لن يؤدي لمكان لأنهم اصبحو واقع ولديهم من يؤيدهم وأن مثل هذه الاحداث والتوترات تستدعي مننا كيمنيين مراجعة تاريخ المجتمع اليمني الذي يُعد التسلح فيه حقيقة راسخة بكنف دولة ضعيفة ومترهلة كما إن المكونات اليمنية في رحلة بحث مستمرة لتوفير أمنها و كرست المناطقية والطائفية والمذهبية كبديل للدولة حتى بالمجال الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والأمني والدليل استسهال اللجوء للعنف والتحريض واستخدام السلاح عند أصغر إشكال
يبقي السؤال الأكثر تداولا ونقاشا هو مايتعلق بمدى قدرة العقلاء من اليمنيين على تجاوز ما أحدثته الحرب من شقوق هائلة في النسيج الاجتماعي ومدى نجاحنا كيمنيين في تطبيع الأوضاع الاجتماعية السياسية والأمنية والاقتصادية واحترام بعضنا البعض والاعتراف بحرية التعبير للجميع وعدم الوصاية على أحد فالحقوق مكفولة وفقا للدستور والقانون و في ظل مخاوف من فشل سياسي تتسبب في حدوثه التوترات أو القوى السياسية الفاعلة التي سيكون على عاتقها مسؤولية كبرى في عدم الانجرار مجددا للفوضى والحرب ومن المهم علينا في هذا الوقت الحرج تفهم الدوافع الحقيقية لحرب اليمن المعاصرة و التي أدت إلى تغيير كبير في نمط التحالفات وتوازن القوى التي يعانيها اليمن منذ فترة طويلة حتى لاتستمر مثل هذه الاختلالات لان السلم الاجتماعي والاهلي بين اليمنيين يحتاج الي إرادة قوية من جميع الأطراف لان ما تمر بة اليمن في الوقت الحالي يُنذر بتفتت اليمن وهويته وتبقي أهمية التركيز على أحلال السلام والإسراع في الحل السياسي الشامل في اليمن الذي يمثل مصلحة حيوية لجميع اليمنيين ولايمكن التأخر في العمل من أجلة لان الصراع الإقليمي والدولي في حالة تصاعد لايمكن التنبؤ بما سيؤول إليه في نفس الوقت يجب علي كل الأطراف اليمنية في التفكير بشكل مختلف عن السابق لان العواقب ستكون وخيمة علي جميع الأطراف في ظل مستجدات الأوضاع الدولية والمتغيرات التى لأيمكن التنبؤ بها
*سفير بوزارة الخارجية
المصدر: سام برس
إقرأ أيضاً:
والي ولاية الخرطوم يرحب بعودة نشاط جهاز الاستثمار بصندوق الضمان الاجتماعي وتشغيل مؤسساته داخل الولاية
بحث والي ولاية الخرطوم، الأستاذ أحمد عثمان حمزة، الاربعاء، مع المفوض العام لجهاز الاستثمار بصندوق الضمان الاجتماعي، الدكتور سيف الدولة سعيد، السبل الكفيلة بإعادة تشغيل مشاريع الجهاز المتوقفة بالولاية بسبب تداعيات الحرب، وذلك بحضور الأمين العام لحكومة الولاية، الأستاذ الهادي عبد السيد إبراهيم، والمدير العام لوزارة الثقافة والإعلام والسياحة، الأستاذ الطيب سعد الدين، وعدد من مديري الإدارات المتخصصة بالجهاز.ورحب والي ولاية الخرطوم بعودة نشاط جهاز الاستثمار بصندوق الضمان الاجتماعي إلى الولاية مجددًا، مشيرًا إلى أهمية تفعيل الشراكات مع الجهاز، لا سيّما في مجالات إنتاج المحاليل الطبية وتشغيل مستشفى شرق النيل المتخصص في جراحة العظام، الذي يُعد من المشاريع الحيوية التي تخدم قطاعًا واسعًا من المواطنين.ودعا الوالي الجهاز إلى تصميم مشاريع للتطوير العقاري تتماشى مع رؤية الولاية المستقبلية لما بعد الحرب، والتي تركز على التحول من نمط السكن الأفقي إلى السكن الرأسي عبر إنشاء مجمعات سكنية حديثة تلبي احتياجات المواطنين وتواكب التطور العمراني.كما دعا إلى مراجعة عقود الشراكات السابقة بين حكومة الولاية والجهاز بما يضمن دفع عجلة المشروعات المشتركة وإعادة تشغيلها مرة أخرى دعمًا للقطاع الاقتصادي.من جانبه، أشاد الدكتور سيف الدولة سعيد بالقوات المسلحة والقوات المساندة على جهودهم في دحر التمرد واستعادة الأمن في أجزاء واسعة من البلاد، وفي مقدمتها ولاية الخرطوم.وأوضح أن الزيارة جاءت بهدف الوقوف ميدانيًا على حجم الدمار الذي طال مشاريع الجهاز بالولاية، والعمل على ترتيب الأولويات لإعادة الإعمار والتشغيل، بعد إجراء تقييم دقيق للأضرار.وأشار المفوض العام إلى أن الجهاز يمتلك عددًا من الأنشطة الصناعية والاستثمارية التي تتم عبر شراكات قائمة مع حكومة الولاية، مؤكدًا حرص الجهاز على المساهمة الفاعلة في إعادة البناء ودعم الاقتصاد الوطني خلال المرحلة المقبلة.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب