المولد النبوي بين وثنية الآل ومشاريع التكسُّب
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
في إطار مساعيها لتطييف المجتمع اليمني وبناء هالة من القداسة حول ذاتها، تعمل ذراع إيران على توظيف المولد النبوي، وتسييس اسم الرسول محمد، عبر خطابها السلالي، وتقديمه كرمزية طائفية تختص به دون غيرها من سائر اليمنيين الذين وجدوا أنفسهم أمام جماعة عنصرية تدعي الحق الإلهي في الوصاية على الشعب وحكم البلاد بالحديد والنار.
وبالإضافة لأبعادها العقائدية التي تسعى من خلالها المليشيا لترسيخ حضورها الطائفي وإذكاء ما تعتبره امتيازاً طبقياً على المستوى الاجتماعي، تستغل جماعة الحوثي المولد النبوي إلى جانب أكثر من 17 مناسبة طائفية، كموسم سنوي لجني الأموال ومضاعفة الجبايات غير القانونية على المواطنين في مناطق سيطرتها.
ومنذ انقلابها المسلح على الحكومة اليمنية، وسيطرتها على مؤسسات الدولة في الـ21 من سبتمبر/ أيلول عام 2014م، عملت ذراع إيران على بناء هوية رمزية في الذهنية الشعبية لدى المجتمعات في مناطق سيطرتها، تعكس الطبيعة الطائفية للحركة الحوثية، مثل اختزال الهوية النبوية في اللون الأخضر الذي تغطي به مناطق نفوذها.
وثنية الآل
وفي حين تسعى عصابة الحوثي الإرهابية لتقسيم واقع اليمنيين بين الطبقية السلالية وخطاب الكراهية، تستغل في الوقت ذاته مناسبة المولد النبوي كمهرجان سياسي للترويج لخطابها العقائدي الذي يقدم الجماعة بوصفها صاحبة الحق الإلهي في الحكم.
وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي والكاتب الصحفي عبدالواسع الفاتكي، أن جماعة الحوثي تستغل مناسبة المولد النبوي كمهرجان سياسي تريد من خلاله تدجين الذهنية اليمنية بفكرة القداسة والحصانة السلالية.
ويعتقد الفاتكي في حديثه لـ"نيوزيمن"، أن "جماعة الحوثي تهدف لتأصيل فكرة الولاية والتفويض الإلهي لها بالحكم، بزعهما الانتساب للرسول محمد، من خلال ادعائها الانتساب للإمام علي، زاعمة أن رسولنا الكريم، عليه الصلاة والسلام، أوصى بالحكم لعلي، رضي الله عنه، وأبنائه". حد تعبيره.
وأضاف: "بالتالي تدعي الحركة الحوثية لنفسها بالعصمة والقداسة، وتريد من اليمنيين التسليم لهم بالحكم والطاعة والانقياد لإملاءاتهم، مجردين من الحقوق مسلوبي الكرامة خاضعين لها أيما خضوع".
وتابع: "يريد الحوثيون تصوير النبي محمد ورسالة الإسلام، كما لو أنها حكر عليهم، وتحويل النبي من نبي للبشرية جمعاء، إلى جد أسرة جاء ليورث الحكم والسلطة لها دوناً عن سائر المسلمين".
وأشار إلى أن "المولد النبوي وغيره الكثير من المناسبات الطائفية التي ابتدعتها الجماعة لفرض مشروعها السلالي، أو بمعنى آخر لأدلجة الذهنية اليمنية على موروث جديد وفكرة عقدية جديدة استوردتها من إيران وتعمل حاليًا على تطبيقها في اليمن".
واستدرك: "هناك محاولة حوثية لخلق هوية رمزية سياسية للمفردات الدينية، مثل إضفاء اللون الأخضر على كل ما يعبر عن النبي، يبدو الأمر أشبه بعملية خلق تصور معين حول الهوية النبوية وتطبيع المجتمع عليها ثم احتكارها ضمن الجماعة ومشروعها السلالي".
واختتم بالقول: "كل هذه الفعاليات والمناسبات ذات الطابع الديني والتي تسعى المليشيا من خلالها إلى بناء نموذجها السياسي بالحلة الإيرانية، لا يمثل الإسلام، بل هو انعكاس لطموح فئة سلالية وخطاب عنصري معروف، هو ما تجسده جماعة الحوثيين وباقي فصائل ولاية الفقيه في لبنان وسوريا والعراق ومعقلها الرئيسي طهران".
موسم ربحي
أموال طائلة، ومبالغ ضخمة تجنيها ذراع إيران سنويًا من احتفالها بما يسمى المولد النبوي، إذ تفرض الجماعة المتمردة، على مختلف التجار ورجال الأعمال رسوماً وجبايات لتمويل فعالياتها، إضافةً لما تفرضه على سائر الناس بشكل فردي في مناطق سيطرتها.
وبشكل عام، تُدر المناسبات الطائفية التي ابتدعتها جماعة الحوثي على خزاناتها وجيوب النافذين فيها مبالغ بالمليارات، غير أن ما تجنيه المليشيا بحجة يوم المولد النبوي يتجاوز ما تجمعه في أي مناسبة أخرى، إذ تسخر لها كامل إمكانياتها وقد تصل للقمع ضد كل من يرفض تقديم ما يقرر عليه من أموال من أجل هذا اليوم.
وفي هذا السياق، يقول الصحفي صلاح الجندي: "تحرص جماعة الحوثيين على استغلال يوم ميلاد النبي لجني الأموال الطائلة، وذلك تحت مسمى الاحتفال بالمولد الذي حولته لموسم للجبايات والتكسب".
وأضاف الجندي، في حديثه لـ"نيوزيمن": "ما تقوم الجماعة بتحصيله بمبرر الاحتفال بهذا اليوم، يذهب إلى جيوب قياداتها، في حين يذهب جزء يسير منها في طلاء الشوارع باللون الأخضر أو إقامة بعض الفعاليات الطائفية في المدارس أو الساحات العامة".
وتابع: "هذه الجماعة لا تكترث للنبي سوى بوصفه جدًا لها، أو باعتباره مصدرًا لتغذية فسادها وكسب بعض المال من جيوب اليمنيين رغمًا عنهم، أما غير ذلك فلا يمكن لهذه المليشيا العبثية أن تمثل النبي بأي شكل من الأشكال".
وأشار إلى أن الحوثيين وهم ينفقون اليوم ملايين الدولارات لطلاء الشوارع باللون الأخضر، هم أنفسهم من يشتكون الفقر والفاقة ويرفضون دفع رواتب موظفي الدولة في مناطق سيطرتهم، في حين يستحوذون على كل ما يمكن أن يدر عليها المال، بالإضافة لفرضهم للرسوم والجبايات غير القانونية".
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: المولد النبوی جماعة الحوثی فی مناطق
إقرأ أيضاً:
البنتاغون يتحدث عن تأمين البحر الأحمر وإسرائيل تتحضر للانتقام الحوثي
نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤول بوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن تحول البحر الأحمر لمنطقة آمنة سيستغرق بعض الوقت، موازاة مع تقديرات إسرائيلية أن جماعة أنصار الله (الحوثيين) قد يستهدفون بنى تحتية وشبكات مهمة في إسرائيل كشبكة الكهرباء.
وقالت الصحيفة إن المسؤول في البنتاغون أوضح أنه لا يزال هناك عمل يتعين القيام به لضمان سلامة الملاحة في البحر الأحمر، مشيرا إلى أن ذلك قد يشمل مرافقة محدودة من البحرية الأميركية للسفن العابرة.
وقال المصدر ذاته إن واشنطن تعمل على تأمين البحر الأحمر لكن ذلك سيعتمد أيضا على سلوك جماعة أنصار الله.
في السياق ذاته، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن شركت شحن قولها إنها تقيم الاتفاق الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن الحوثيين، لكنها لا تخطط حاليا للعودة إلى المنطقة.
وكان ترامب قال إنه يحترم وعود جماعة أنصار الله اليمنية بوضع حد لاستهداف السفن في البحر الأحمر، مضيفا أن الحوثيين تلقوا ضربات قوية، لكنهم تحملوا ذلك وأظهروا شجاعة كبيرة، على حد تعبيره.
من جانبه، قال المتحدث باسم جماعة أنصار الله محمد عبد السلام إن الاتفاق بين صنعاء وواشنطن يقضي بوقف العدوان الأميركي على اليمن مقابل وقف استهداف السفن الأميركية والتجارية في البحر الأحمر، باستثناء السفن الإسرائيلية.
إعلانوأضاف محمد عبد السلام في مقابلة مع الجزيرة أن الاتفاق يصب في خدمة القضية الفلسطينية ويحرج إسرائيل، مشددا على أن الرد على الكيان الإسرائيلي قادم لا محالة وبكافة الوسائل المتاحة وأن إسناد غزة لن يخضع لأي ابتزاز.
كما قال إن استهداف السفن الإسرائيلية سيتواصل حتى يتم إدخال المساعدات إلى غزة.
تفاهم شفهيفي السياق ذاته، قال مسؤول أميركي للجزيرة إن ما توصلت اليه واشنطن مع الحوثيين ليس اتفاقا، بل تفاهم شفهي على وقف الهجمات المتبادلة.
وأضاف أن الحوثيين كانوا مستعدين لوقف الهجمات المتبادلة وبعثوا بإشارات للعمانيين عن استعدادهم للتفاوض.
وكشف أن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف تلقف إشارات الحوثيين وتفاوض معهم عبر الوسيط العماني، موضحا أن التفاهم مع الحوثيين سيعيد إرساء حرية الملاحة، لكن واشنطن تعتقد أنهم سيواصلون مهاجمة إسرائيل.
وذكر أن أميركا ستساعد إسرائيل في الدفاع عن نفسها إذا تعرضت لأي هجوم، مضيفا أن الضربات الأميركية استنزفت القيادات الوسطى الحوثية التي تمتلك ما سماها الخبرة التقنية بالأسلحة الإيرانية.
وأشار الى أن العمليات العسكرية الأميركية كبدت الحوثيين خسائر كبيرة، لافتا إلى أن بلاده تكبدت خسائر أيضا.
الموقف الإسرائيليمن جهة أخرى، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن وزير الدفاع يسرائيل كاتس قوله إن الحوثيين سيتلقون ضربات موجعة إذا استمروا في استهدافنا، مضيفا أن الجيش الإسرائيلي مستعد لكافة السيناريوهات.
وأضاف كاتس أن على إسرائيل أن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها بقواتها الخاصة في مواجهة أي تهديد وأي عدو، قائلا "ما فعلناه بحزب الله وحماس والأسد والحوثيين سنفعله بكم أيضا في طهران".
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية نقلت عن مسؤولين إسرائيليين أن تل أبيب فوجئت بإعلان ترامب بشأن الحوثيين.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل تتعامل مع ما وصفه بتهديد الحوثيين بنفسها من دون الحاجة إلى مساعدة، وأوضح أن بلاده لديها يد طولى وسوف تفعّلها.
إعلانونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن وزير الخارجية غدعون ساعر أن إسرائيل لم تتلق إخطارا مسبقا بشأن إعلان ترمب عن وقف الهجمات على الحوثيين.
وفي سياق متصل نقلت االقناة 14 الإسرائيلية عن مصادر أمنية أن قادة المؤسسة العسكرية والأمنية عقدوا مشاورات واسعة عقب إعلان ترمب بشان جماعة الحوثي، مشيرين إلى أن تقديرات أن الحوثيين قد يستهدفون بنى تحتية وشبكات مهمة في إسرائيل كشبكة الكهرباء.
وأضافت المصادر ذاتها إلى أن تقديرات تشير إلى أن الحوثيين قد يستمرون باستهداف نقاط عسكرية ومدنية وأن الرد الإسرائيلي سيكون فوريا