سفاح الجيزة.. جريمة محلية بقالب هوليوودي
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
منذ بدء عرضه على منصة "شاهد"، استطاع مسلسل "سفاح الجيزة" أن يخلق جدلا واسعا بين متابعيه، فنيا واجتماعيا، ولا عجب في ذلك، فهو يعيد إلى الأذهان مسألة لم تغب عنها الأضواء طويلا، إذ لا تزال القضية الحقيقية التي استوحيت منها أحداث المسلسل والتي عُرفت إعلاميا بقضية "سفاح الجيزة" حية في أروقة المحاكم، ولا يزال أهالي الضحايا ينتظرون القصاص فيها من الجاني (قذافي فراج)، الذي حُكم عليه بأربعة أحكام إعدام.
من ناحية أخرى، يمثل المسلسل العمل الدرامي الأول لنجمه "أحمد فهمي"، الذي تمكن من تحقيق نجاح كبير على امتداد مسيرته في الأدوار الكوميدية، ما جعل محبيه شغوفين بمتابعة هذه المغامرة التمثيلية له. يعد المسلسل واحدا من الأعمال الدرامية العربية القليلة التي تنتمي لنوع "الجريمة" بعيدا عن السينما وعلى شاشة التلفاز، والتي مالت لسنوات إلى تقديم أعمال مناسبة للمشاهدة العائلية. لكن يبدو أن دخول منصات المشاهدة إلى ساحة اللعب يطرح المزيد من الخيارات ويرفع الأسقف، حيث يتحكم المشاهد فيما يختار أن يشاهده، ما يتيح لصناع الدراما إنتاج أعمال أقل تحفظا.
وعلى الرغم من الاختلاف حول مدى نجاح المسلسل على المستوى الفني، لا يمكننا أن ننكر أنه تمكن من طرح الكثير من الأسئلة حول تأثير عرض هذا النوع من الأعمال الدرامية على المشاهدين، وعن أسباب الولع بها، وعن إمكانية تقديم أعمال فنية أكثر اكتمالا ضمن نطاق دراما الجريمة مستقبلا، خاصة مع ندرة هذا النوع من الأعمال عربيا.
الهوس بالقتلة المتسلسلين
تمكن مسلسل "سفاح الجيزة" من جذب انتباه الجماهير بدرجة كبيرة، وهو ما يشير إلى ولع الجماهير الحاد بمتابعة الأعمال الفنية المرتبطة بالجرائم والقتلة المتسلسلين، وهو ولع لا يمكن أن نعده حديثا، ففي عام 1949 بدأت شبكة سي بي إس الأميركية في بث برنامج "رجل ضد الجريمة (man against crime)"، وقد حقق البرنامج نجاحا مذهلا، لتستمر حلقاته حتى عام 1952، ويصبح من أبرز وأنجح البرامج التلفزيونية وقتها. سرعان ما فتح الباب للعديد من البرامج التي تدور حول العنف والجرائم، لتصبح من أهم نوعيات البرامج التلفزيونية منذ وقت مبكر.
لم تغب الأعمال الدرامية المرتبطة بالجريمة أيضا عن الشاشات العربية، ففي عام 1964، أي بعد حوالي 4 سنوات فقط من بدء البث في التلفزيون المصري، عُرض مسلسل الجريمة "القط الأسود" عام 1964، وتمكن من تحقيق نجاح كبير وقتها بين المتابعين. وهو ما يجعلنا نتساءل حول سر هذا الهوس بأعمال الجريمة الدرامية.
في كتابها "شهية متوحشة: أربع قصص حقيقية عن النساء والجريمة والهوس (Savage Appetites: Four True Stories of Women, Crime, and Obsession)"، تفسر الكاتبة والصحفية "راشيل مونرو" ذلك الشغف الهائل لدى المشاهدين والقراء بقصص القتل والجرائم بأننا نحب هذه القصص التي تمنحنا جرعة كبيرة من الإثارة والأدرينالين الآمن، تماما مثلما تمنحنا إياه جولة في بيت الرعب في الملاهي، نعرف أننا سنعود بعدها آمنين إلى بيوتنا. ومن ناحية أخرى، تتيح لنا مشاهدتها فرصة للهروب من واقعنا المعقد بكل ضغوطه، كي ننغمس في أحداث بعيدة لا نعيشها في حياتنا اليومية، وهي من جانب آخر أيضا تتيح لنا في بعض الأحيان التنفيس عن الجوانب المظلمة داخل أنفسنا، ذلك أن المسافة بين القاتل والإنسان العادي أقل مما نتخيل (1).
لكن هذا العرض المكثف لتفاصيل الجرائم في الدراما لا يخلو من مخاطر. واحد من المخاوف التي أثارها عرض مسلسل "سفاح الجيزة"، وهي المخاوف التي أثيرت كثيرا مع تزايد استهلاك المشاهدين حول العالم للمسلسلات والأفلام التي تدور حول قضايا القتل؛ هو حدوث نوع من الشعور بالتطبيع مع الجرائم، والتعاطف مع المجرمين. يمكننا ملاحظة أثر التطبيع مع الجرائم في تكرار حوادث العنف التي تحمل نمطا مشابها في وتيرة زمنية متقاربة، على سبيل المثال لا تزال الأذهان قادرة على استعادة حوادث قتل النساء المتكررة خلال العام الماضي، والتي تكررت بنمط متقارب في عدد من الدول العربية.
لقد وضع عالم الاجتماع في جامعة ستانفورد "مارك جرانوفيتر" نموذجا لتفسير تكرارية حوادث العنف بهذه الطريقة، وأوضح من خلال هذا النموذج أن الحادثة الأولى عادة ما تنتج عن ميل المجرم إلى العنف والعدوانية، لكن مع تركيز وسائل الإعلام على قصص القتلة بدلا من التركيز على قصص الضحايا، وازدياد الحديث حولها وانشغال الرأي العام والإعلام بها، وبالسعي لتبرير سلوك القتلة؛ يحدث نوع من التطبيع مع العنف والجريمة، وكثيرا ما يؤدي ذلك إلى تحوُّل السلوك العنيف إلى سلوك شائع (2).
تجربة واعدة.. وعمل أقل من المنتظر
مسلسل "سفاح الجيزة" من إخراج "هادي الباجوري" وتأليف "محمد صلاح العزب" و"إنجي أبو السعود" و"عماد مطر"، ومن بطولة "أحمد فهمي" و"ركين سعد" و"باسم سمرة" و"حنان يوسف".
أحداث المسلسل مستوحاة كما أسلفنا من سلسلة جرائم هزت الشارع المصري وعرفت إعلاميا باسم قضية "سفاح الجيزة"، حيث حُكم فيها على المتهم "قذافي فراج" بالإعدام في 4 قضايا قتل، ارتكبها بداية من عام 2015 وحتى القبض عليه في 2020.
يستند المسلسل إلى الإطار العام للقضية مع تغيير الكثير من الأحداث، وإضافة المزيد من التفاصيل والأحداث والجرائم، سعيا نحو تقديم عمل درامي لا وثائقي طبقا لتصريحات فريق العمل. وبالطبع يمكن فهم ذلك إذا جاءت هذه الإضافات لخدمة العمل أو إضافة المزيد من العمق الدرامي، لكن الكثير منها كان مقحما وبدا كأنه جاء فقط لخدمة الإثارة وإضافة المزيد من الدموية وزيادة عدد الحلقات، ما جعل المسلسل الذي لم يتجاوز عدد حلقاته 8 حلقات مترهلا بعض الشيء.
لعل عامل الجذب الأكثر إثارة للجماهير للمشاهدة قبل أن يبدأ عرض المسلسل هو الإعلان عن قيام أحمد فهمي بدور القاتل المتسلسل، وهي مغامرة تمثيلية كبيرة من فهمي الذي اعتاد عليه جمهوره في أدوار الكوميديا. وقد تمكن أحمد فهمي بالفعل من كسر نمطية أدواره، لكنه في المقابل اعتمد في أدائه للشخصية على تقديم وجه خال من الانفعالات، بابتسامة متشنجة على وجهه، لكن هذا الخيار لم يكن في صفه طوال الوقت، فأتت مشاهده في أغلبها متشابهة في الأداء، أما المَشاهد التي تطلّبت منه أداء انفعالات حادة فقد جاءت دون المستوى المتوقع.
من ناحية أخرى، تمكنت الفنانة القديرة "حنان يوسف" من تقديم أداء باهر وعفوي دون افتعال لشخصية الأم، بكل تعقيداتها الداخلية، والتي يمكننا أن نلمح تفاصيلها في كل شيء، من نظرة عينيها وحتى حركة يديها ونبرات صوتها المتلونة. كذلك الفنانة "جهاد حسام الدين" التي أدت دور الأم في شبابها، وتمكنت من خطف أنظار المشاهدين على الرغم من ظهورها في مشاهد قليلة جدا لم تتكلم في أغلبها.
كما تمكنت الفنانة "ريم حجاب" من تقديم دور لافت في أدائها لدور إحدى الضحايا، وهي فتاة بسيطة تعمل في خدمة الأم ويستدرجها "البطل" ليقوم بقتلها. لا يمكننا أيضا أن ننسى القديرة "ميمي جمال"، التي تخلت عن المكياج لتظهر في دور جديد عليها، وهو دور العمة البسيطة التي يقتلها "البطل" أيضا.
في المقابل، أثار أداء "داليا شوقي" لدور إحدى زوجات البطل "جابر"، والتي يقوم بخطف شقيقتها ومحاولة قتلها، استياء المشاهدين وسخريتهم، نظرا لما وصفوه بمبالغتها في الأداء وطريقة حديثها المفتعلة، والتي تنتمي اجتماعيا لطبقة مختلفة عن طبقة الشخصية التي تؤدي دورها، وهو ما أثار موجة من المنشورات الساخرة ومقاطع الفيديو و"الميمز". إلا أن ما أشعل الهجوم عليها أكثر وأكثر هو الطريقة التي ردت بها، وكذلك ردود أفعال زوج أختها الفنان "محمد فراج" التي اتسمت بالحدة الشديدة وكذلك والدتها الممثلة "منال الفطاطرى" التي بدأت تعليقها بعبارة "إلى معشر قريش.. إلى عبدة الأصنام"، وهو ما أثار المزيد من السخرية والاستياء من قبل المتابعين.
على مستوى السيناريو، تتبع السيناريو جرائم "جابر"، بداية من الحلقة الأولى التي قتل فيها زوجته وأخفى جثتها في "الديب فريزر" قبل أن ينقلها لدفنها بدم بارد، مستعيدا جرائمه الأخرى في قفزات زمنية إلى الخلف والأمام، ثم مستعيدا طفولته ومشهد قتل أمه لأبيه أمامه، في محاولة غير معمقة لتبرير تحوله إلى قاتل متسلسل. لكن بعض هذه النقلات لم تكن مبررة، وتعددت لتصبح مرهقة للمشاهد، خاصة أن الكثير من المعلومات كانت تُعاد دون تقديم زوايا جديدة، فبدت كأنها مجرد نقلات استعراضية لا أكثر ولا أقل.
الكثير من الخيوط الدرامية جاءت بلا هدف حقيقي سوى الحشو وإضافة المزيد من الدموية للمسلسل، وبعض الخيوط كان من الممكن أن تعمق بشكل أكبر، واكتفى السيناريو بتقديمها بشكل سطحي. بعض الشخصيات أيضا جاءت مقحمة وبلا داعٍ حقيقي، من بينها شخصية "نور" التي قامت بدورها "إنجي أبو السعود"، التي شاركت أيضا في كتابة السيناريو، وجاء دورها بمثابة ضحية محتملة تمكنت من النجاة من شراك السفاح. كذلك شخصية الشقيق الغامض الذي ظهر فجأة في الحلقة الأخيرة وكأن كتاب السيناريو تذكر وجوده فجأة.
جريمة محلية بصورة هوليوودية
لدينا هنا جريمة محلية، ابنة بيئتها، جرت أحداثها الحقيقية في شوارع وبيوت الأحياء الشعبية في مصر، تبدأ حلقاتها الأولى بالصوت الشجي للمطربة "بدرية السيد"، لتشدو بموال "العدل فوق الجميع"، فيما يوحي لنا بدراما ابنة لبيئتها. لكننا في المقابل نرى تركيزا على الجمالية البصرية للصورة، لكنها جمالية لا تنتمي إلى شوارع القاهرة وأحيائها، بل تبدو كأنها جمالية هوليوودية، تغازل في الأساس مقاطع التيك توك القصيرة وصور وسائل التواصل الاجتماعي، لنأخذ على سبيل المثال مشاهد الطهي التي قام بها أحمد فهمي، وهي مشاهد منمقة بأسلوب "flat lay" التي أصبحنا نراها كثيرا في فيديوهات وصفات الطهي.
يمكن ربط هذا الولع بالطهي بعلاقته بأمه التي عملت في طهي شطائر الكبدة وبيعها على عربة بسيطة في الشارع، وتسبب بلاغه عنها في طفولته بسجنها، وهو ما تسبب بأزمة في علاقته بها، لكن السيناريو تعامل معها بشكل سطحي مع الأسف، واكتفى بتقديمها بشكل جمالي سطحي لم يضف شيئا إلى العمل.
من ناحية أخرى، جاء مشهد مطاردة السيارات في الحلقات الأخيرة كأنه إضافة أخرى بلا طائل، جرعة إضافية من الإثارة ذات السمت الهوليوودي، وكأننا لا يمكن أن نقدم مسلسلا عن الجريمة دون أن نطعمه بمطاردة سيارات. كذلك هطول المطر الغزير في أغلب مشاهد القتل، والذي بدا نوعا من الإثارة المفتعلة والرخيصة، وكأن هذا القاتل يعيش في شتاء دائم.
ولكن على الرغم من كل عيوب المسلسل، لا يمكننا تجاهل تميزه في بعض النواحي الفنية، فقد بدأ المسلسل بداية موترة للغاية، بمشهد جثة زوجة البطل التي خزنها في ثلاجة "الديب فريزر" تمهيدا لنقلها ودفنها في منزل آخر. وقد تمكن المخرج "هادي الباجوري" من تنفيذ أغلب مشاهد القتل بحرفية عالية، وإن كانت بجرعة زائدة بعض الشيء من الدموية.
كما برزت الأزياء التي قدمتها "ريم العدل"، حيث قدمت أزياء شديدة الواقعية لكل شخصيات المسلسل. وأضفت الإضاءة الخافتة والكئيبة بأسلوب "النوار (noir)" شعورا بالانقباض. ولا يمكن أيضا أن نتجاهل الموسيقى التصويرية المميزة لـ"كريم جابر" الملقب بـ"الوايلي"، وكذلك أغنية تتر النهاية (عتمة) لـ"سمر طارق".
القاتل بين الإنسانية والتجرد منها
في سياق متصل، جاءت مشاهد الطبيب النفسي الذي ظهر في الحلقات الأخيرة لتفسير سلوك جابر مقحمة في المسلسل، وبدت أشبه بمحاضرات لتلقين المُشاهد نظريات الطب النفسي حول القتلة السيكوباتيين، في حين كان من الممكن استبعاد هذه المشاهد والاتكاء على تعميق الخط الدرامي الخاص بعلاقة جابر بأمه، التي برزت باعتبارها السبب الأقوى لتحوله إلى قاتل متسلسل.
أن ترى أمك تقتل أباك بوحشية هي صدمة لا يمكنك تجاوزها بسهولة بالطبع، لكنها ليست مسوغا للتحول إلى قاتل متسلسل، ورغم ذلك قد تخلق نوعا من التعاطف مع القاتل، وتضفي طابعا إنسانيا على أفعاله الوحشية. لكن من ناحية أخرى، تذكرنا مشاهدة جرائمه بهذه الكثافة بإنسانيتنا، وبالحدود الفاصلة التي نتحول إلى وحوش إن تجاوزناها، وهكذا تعمل عقولنا أثناء المشاهدة على أنسنة القاتل وتجريده من إنسانيته في الوقت ذاته، لتنبهنا إلى الجوانب المظلمة في أرواحنا، تلك الجوانب التي نحتاج إلى تهذيبها كي لا نتحول في لحظة غضب أو إحباط إلى قتلة وحشيين.
———————————————————————-
المصادر:1-Contagion in Mass Killings and School Shootings
2-THE KILLER EFFECTS OF GLORIFYING TRUE CRIME
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مواقع التواصل سفاح الجیزة أحمد فهمی المزید من الکثیر من لا یمکن وهو ما
إقرأ أيضاً:
ويستريا لين.. نسخة جديدة من ربات بيوت يائسات بعد 21 عاما من الغياب
بعد أكثر من 20 عاما على عرض الموسم الأول من المسلسل الشهير "ربات بيوت يائسات" (Desperate Housewives)، يعود شارع ويستريا لين -أحد أشهر المواقع في تاريخ التلفزيون- إلى الشاشة من جديد، لكن هذه المرة مع وجوه جديدة وأسرار مختلفة.
المسلسل الجديد، الذي يحمل عنوان "ويستريا لين" (Wisteria Lane)، هو عمل درامي مستقل مستوحى من الأجواء الأصلية، ومن إنتاج النجمة كيري واشنطن بالتعاون مع منصة أونيكس كولكتيف.
تتولى ناتالي تشايديز مهمة الإنتاج التنفيذي والكتابة الرئيسية للمسلسل، إلى جانب كل من كيري واشنطن، وبيلار سافون، وستايسي شير. ولم يُكشف بعد عن اسم المخرج، بينما من المتوقع أن يُعرض المسلسل في وقت لاحق من عام 2025
أسرار خفية خلف الأسوار البيضاءتدور أحداث المسلسل حول مجموعة من الصديقات المختلفات في الطباع والخلفيات، وتتابع القصة حياتهن الممتدة على مدار 15 عامًا، في شارع ويستريا لين، الشارع الشهير الواقع في مدينة فيرفيو الخيالية، داخل ولاية وهمية تُدعى إيغل ستيت.
ورغم أن الحي يبدو للوهلة الأولى مثاليًا، بمنازله الجميلة، وعائلاته الساحرة، وسياراته اللامعة، إلا أن ما يجري خلف هذه الصورة المثالية مختلف تمامًا؛ حيث تتكشف صراعات خفية، وأسرار مدفونة، وصداقات معقدة، إلى جانب توترات اجتماعية متأثرة بعالم وسائل التواصل، تعكس التغيرات العميقة التي طرأت على المجتمع منذ عرض المسلسل الأصلي.
ورغم أن مارك تشيري، مبتكر النسخة الأصلية، لن يشارك في هذا المشروع الجديد، إلا أن تعيين ناتالي تشايديز، المعروفة بأعمالها في مسلسلات مشوّقة مثل "مضيفة الطيران" (The Flight Attendant) و"ملكة الجنوب" (Queen of the South)، يوحي بأن العمل سيحمل طابع التشويق والإثارة، ممزوجًا بالكوميديا السوداء التي لطالما ميزت المسلسل. ومع ذلك، يُتوقع أن يحافظ على الروح الأساسية التي وضعها تشيري في بدايته.
لم يُعلن بعد عن الطاقم الكامل للمسلسل الجديد، إلا أن النجمة إيفا لونغوريا، التي أدت شخصية "غابي" في النسخة الأصلية، ألمحت إلى أنها ستكون أول من ينضم إلى المشروع، رغم عدم وجود خطة حالية لعودة باقي أبطال المسلسل القديم.
أهمية استعادة المسلسل بعد أكثر من 20 عاماانطلقت فكرة تقديم جزء جديد أو مسلسل فرعي من "ربات بيوت يائسات" في عام 2024، بالتزامن مع الذكرى العشرين لعرض المسلسل الأصلي الذي امتد على مدار 8 مواسم بين عامي 2004 و2012. وكشف كاتب ومبتكر العمل الأصلي مارك تشيري أن نحو 70 ألف شخص تواصلوا معه يسألونه عن احتمالية عودة المسلسل، مشيرا إلى أنه كان يحمل بعض الأفكار بالفعل، لكنه احتاج إلى التأكد من وجود مبررات فنية حقيقية تبرر إعادة الإنتاج.
وفي حوار مع مجلة بيبول، عبر تشيري عن افتقاده الشديد لكتابة شخصية "الشارع" -شارع ويستريا لين تحديدا- الذي وصفه بأنه "أمتع موقع تصوير في تاريخ التلفزيون"، موضحا أنه كان يمتلك السيطرة الكاملة على الشارع، ويعرف تفاصيله وجغرافيته بدقة بحكم سنوات التصوير الطويلة فيه.
بالنسبة لعشّاق المسلسل القدامى، فإن مجرد العودة إلى الأماكن والشخصيات المألوفة قد يكون سببا كافيا لتشويقهم ومتابعتهم للمسلسل الجديد. أما بالنسبة للمشاهدين الجدد، فقد يشكل ويستريا لين بوابتهم لاكتشاف قصة آسرة، مليئة بالأسرار والعلاقات المعقدة، في أحد أكثر الأحياء التلفزيونية شهرة.
إعلان لماذا أحب الجمهور مسلسل ربات بيوت يائسات؟إلى جانب عنصر التسلية وإشباع فضول المشاهد تجاه تفاصيل حياة شخصياته، عُرف مسلسل "ربات بيوت يائسات" بطرحه لموضوعات شائكة ذات طابع إنساني واجتماعي عميق، مثل إدمان الكحول، والانتحار، والمعاناة مع مرض السرطان. وقد تناول هذه القضايا الحساسة بأسلوب درامي يحمل بُعدًا توعويًا، يشجع على فتح حوار جاد حول التحديات المعاصرة التي تواجه الزوجات والأمهات.
كان المسلسل، دون شك، مرآة لزمنه وقضاياه الاجتماعية، وهو ما يجعله لا يزال حاضرًا في أذهان الجمهور ويثير النقاش في كل مرة يُعاد عرض حلقاته. كما ساهم في كشف الجانب المظلم من "حياة الحلم" في الضواحي الأميركية، خلف واجهات المنازل المثالية والابتسامات الاجتماعية.
ومن المرجّح أن يحتفظ صناع النسخة الجديدة بموقع التصوير الأصلي للمسلسل، إذ إن شارع ويستريا لين لم يكن مجرد ديكور، بل كان شارعا حقيقيا بُني داخل أستوديوهات يونيفرسال، واكتسب طابعًا خاصًا جعله معلمًا أيقونيًا في ذاكرة المشاهدين.
وبسبب شهرة المسلسل، أصبح الشارع جزءًا أساسيًا من جولات يونيفرسال السياحية، مما يعزز من أهمية الحفاظ عليه كموقع تصوير في النسخة الجديدة.