يظل الشرق الأوسط منطقة استراتيجية رئيسية في العالم، تتطلب اهتمامًا أمريكيًا، إلا أن سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن التي سارت بحذر على الرمال المتحركة خلال الفترة بين 2021-2023، كان نجاحها محدودا، وخرجت بنتائج لم ترقي إلى المستوى المطلوب.

هكذا يتحدث تحليل لـ"معهد الشرق الأوسط"، وترجمه "الخليج الجديد"، مشيرا إلى محاولات الإدارات الأمريكية المتعاقبة صياغة وتعزيز السياسات التي سعت إلى تغيير الديناميكيات في المنطقة بشكل استباقي من خلال الدبلوماسية والعمل العسكري وأشكال المشاركة الأخرى.

يأتي ذلك في ظل مواجهة الولايات المتحدة تحديات متعددة في العالم في الوقت الحالي، حيث تهيمن حرب روسيا ضد أوكرانيا وتهديدات الصين ضد تايوان على تركيزها.

ويلفت التحليل إلى أن إدارة بايدن خفضت تفاعلها مع الشرق الأوسط في عامها الأول في السلطة، لكنها غيرت مسارها بعد ذلك في عام 2022، وكثفت مشاركتها الدبلوماسية ودعمها الأمني.

ومع اقترابها من نهاية عامها الثالث في السلطة، يبدو أن إدارة بايدن، وفق التحليل، مستعدة للشروع في أجندة أكثر طموحا للمنطقة.

اقرأ أيضاً

سياسة خيالية.. هكذا يتعامل بايدن مع الشرق الأوسط

ويضيف: "لكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الإدارة الحالية سيكون لديها الوقت والتركيز الاستراتيجي لتعزيز المشاركة الأعمق في الشرق الأوسط".

ويتابع: "منذ ما يقرب من عقد ونصف من الزمان، تأرجح الجدل داخل الولايات المتحدة حول دورها في الشرق الأوسط الكبير ذهابًا وإيابًا، بين الإدارات، ولكن أيضًا داخل الإدارات".

ويلفت التحليل إلى تطور نهج إدارة بايدن تجاه المنطقة بشكل كبير فيما يزيد قليلاً عن عامين ونصف العام.

ويضيف: "يبقى أن نرى إلى أي مدى ستعطي الأولوية للمنطقة والبناء على الخطوات الأخيرة نحو إعادة المشاركة على نطاق أوسع في الشرق الأوسط، في الوقت الذي تسعى فيه إلى إعادة الانخراط في الشرق الأوسط".

ووفق التحليل، ومن خلال دراسة المشهد الحالي، والتطلع إلى العام المقبل وما بعده، فإن الولايات المتحدة تواجه 3 فرص و3 مخاطر في استراتيجيتها الشاملة للشرق الأوسط.

اقرأ أيضاً

عقيدة ترامب وبايدن السياسية.. ماذا فعلت بالشرق الأوسط؟

ويمكن تلخيص الفرصة الأولى في مساعي التكامل الإقليمي الذي يعزز قيمة الشرق الأوسط الأوسع في المشهد العالمي المتطور، ويعزز الأمن والازدهار بشكل عام.

أما الفرصة الثانية، فهي المساعدة في تحسن الظروف الأمنية والاقتصادية على معالجة تحديات الأمن البشري المتوطنة التي تولد المشاكل في الشرق الأوسط والمناطق المحيطة بها.

بينما تأتي الفرصة الثالثة في محاولة الوصول إلى مسار أوضح نحو "الوضع الطبيعي الجديد" في علاقة أمريكا بالمنطقة.

وحول المخاطر، التي ذكرها التحليل، فأولها هو التهديدات المتولدة من داخل المنطقة، بما في ذلك الحروب الأهلية المستمرة، وهجمات الجماعات الإرهابية، وخطر التصعيد على نطاق أوسع.

كما تواجه الولايات المتحدة، مخاطر أن تصبح المنطقة ساحة للصراع الجيوسياسي والمنافسة المدمرة، في ظل سعي روسيا والصين على التوغل في المنطقة.

كما يحذر التحليل من مخاطر الإفراط في الحزبية داخل النظام السياسي الأمريكي، وهو ما قد يضر بالنهج السياسي الأكثر ثباتا.

اقرأ أيضاً

أزمات الشرق الأوسط تتصدر أجندة بايدن في 2023!

المصدر | معهد الشرق الأوسط - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: بايدن الشرق الأوسط الخليج روسيا الصين الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

منتدى قطر الاقتصادي.. 5 قوى ترسم مستقبل اقتصاد الشرق الأوسط

الدوحة – في عالم يموج بالتغيرات المتسارعة، حيث تتقاطع الأزمات الاقتصادية مع التحولات الجيوسياسية، لم تعد المفاهيم التقليدية في الاقتصاد كافية لتفسير أو مجابهة التحديات التي تواجهها الدول، خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط.

فالتقلبات لم تعد استثناء، بل أصبحت سمة ملازمة للأسواق، وصناعة القرار الاقتصادي باتت تتطلب قدرًا أعلى من التنبه، والقدرة على الاستجابة السريعة، والانخراط في إستراتيجيات أكثر مرونة واستشرافًا للمستقبل.

وفي هذا السياق المعقد، جاءت مداخلة زياد داود، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في "بلومبيرغ إيكونوميكس"، خلال مشاركته في منتدى قطر الاقتصادي لعام 2025، لتسلّط الضوء على الوضع الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط، والعوامل التي تؤثر على مستقبل الاقتصاد في هذه المنطقة، ومدى الترابط بين الاقتصاد والسياسة والأمن.

وفي مستهلّ مداخلته، دعا داود إلى ضرورة تبنّي نموذج اقتصادي جديد في الشرق الأوسط، يقوم على الابتكار والشفافية والكفاءة، ويملك من القدرة ما يكفي للتكيف مع الأمور غير المتوقعة، والتعامل مع المخاطر المستجدة، سواء كانت داخلية أو دولية.

رسم ملامح المستقبل

وأوضح داود، خلال جلسة جانبية بمنتدى قطر الاقتصادي تحت عنوان "الأمن في الشرق الأوسط والأسواق العالمية: خمس قضايا رئيسية تؤثر على مستقبل الشرق الأوسط"، أن هذه القضايا الخمس لا تلعب دورًا حاسمًا في رسم ملامح المستقبل الاقتصادي للمنطقة فحسب، بل للعالم أجمع. وتتمثل هذه القضايا في:

إعلان سياسات الإدارة الأميركية تقلبات أسعار النفط التعافي الاقتصادي الهش ما بعد كوفيد وأزمات الأسواق الطاقة والديون الدور الإقليمي في السياق العالمي وصعود مراكز جديدة للنفوذ تأثير السياسة الأميركية على منطقة الشرق الأوسط

وتحدث داود بالتفصيل عن كل قضية، موضحًا أن السياسة الأميركية ما زالت تمتلك تأثيرًا بالغًا على الاستقرار السياسي والاقتصادي في الشرق الأوسط، وأن تبدل الإدارات في واشنطن غالبًا ما يعني تحولًا في أسلوب التعاطي مع ملفات المنطقة، من الطاقة إلى الأمن، ومن التمويل إلى النزاعات الإقليمية.

وأشار الخبير إلى أن الإدارة الأميركية الحالية تتبنى سياسة "التركيز على آسيا"، مما يضعف التدخل الأميركي المباشر في قضايا الشرق الأوسط. وهذا الواقع يفرض على دول المنطقة إعادة النظر في تحالفاتها وإستراتيجياتها الأمنية والاقتصادية.

ويرى داود أن هذا التحول يفتح الباب أمام قوى عالمية أخرى -مثل الصين وروسيا- لمحاولة ملء الفراغ، مما يخلق حالة من "التوازن الجديد" الذي يؤثر على تدفقات الاستثمار والأسواق المالية.

تقلبات أسعار النفط

وتناول داود القضية الثانية، وهي تقلبات أسعار النفط، موضحًا أن النفط لا يزال "العصب الاقتصادي" في كثير من دول الشرق الأوسط، إلا أن الاعتماد عليه بات يشكل مخاطرة كبرى.

ومع استمرار الحرب في أوكرانيا، والتوترات في البحر الأحمر، والتغيرات المناخية التي تضغط على الطاقة التقليدية، أصبحت أسعار النفط عرضة لتقلبات حادة ومفاجئة.

وأشار إلى أن الأسواق الناشئة تعاني عندما تكون أسعار النفط شديدة التقلب، حيث تؤثر على الموازنات الحكومية، ومستويات الدين، وخطط التنمية.

وفي الوقت ذاته، فإن الاعتماد المفرط على الإيرادات النفطية يعرقل جهود تنويع الاقتصاد وتحقيق الاستدامة.

وأكد داود أن الدول التي بدأت بتطوير مصادر بديلة للدخل، مثل السعودية والإمارات وقطر، هي الأفضل استعدادًا للتعامل مع هذه التقلبات، مقارنة بدول لم تحقق بعد هذا التنويع.

إعلان التعافي الاقتصادي

وأوضح أن القضية الثالثة تتمثل في التعافي الاقتصادي الهش بعد جائحة كوفيد وأزمات الأسواق. ولاحظ أن هذا التعافي العالمي لم يكن متكافئًا، وأن الأسواق الناشئة، ومنها دول الشرق الأوسط، كانت الأكثر تأثرًا بتداعيات التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة العالمية، وتباطؤ سلاسل الإمداد.

وحذر من أن هذا التعافي الهش يجعل الاقتصادات عرضة لأي صدمة جديدة، سواء كانت جيوسياسية أو مناخية أو مالية. وأشار زياد داود إلى أن ما يُسمى "بالركود التضخمي" لا يزال خطرًا قائمًا، حيث تواجه الدول مزيجًا من تباطؤ النمو وارتفاع الأسعار.

وشدد على أن المرونة المالية والتخطيط الطويل الأمد هما سلاح الدول لتجاوز هذه المرحلة الحرجة، داعيًا إلى رفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وتحسين بيئة الأعمال، وتقوية المؤسسات الاقتصادية.

الطاقة والديون

وفي ما يتعلق بالقضية الرابعة، وهي العلاقة بين الطاقة والديون، سلّط داود الضوء على الارتباط المعقد بين أسعار الطاقة ومستويات الدين العام في دول الشرق الأوسط.

وأوضح أنه في الفترات التي ترتفع فيها أسعار النفط، تميل بعض الدول إلى زيادة الإنفاق الحكومي بشكل مفرط، من دون استثمار فعلي في البنية التحتية أو في القطاعات المنتجة، وذلك يؤدي إلى تراكم الديون لاحقًا عندما تنخفض الأسعار.

وبيّن أن هذا السلوك يعكس ما يُعرف باسم "الدوامة المالية" التي قد تكون خطيرة على الاستقرار المالي للدول، خاصة إذا كان الدين مقيّدًا بعملات أجنبية أو بفوائد متغيرة.

وأشار إلى أن بعض الدول بدأت تتبنى نهجًا أكثر حذرًا، مستشهدًا بالتجربة القطرية التي توازن بين الإنفاق الاجتماعي والاستثماري من جهة، وبين الحفاظ على استقرار مالي طويل الأمد من جهة أخرى.

وأكد داود ضرورة تبني سياسات مالية قائمة على التنويع والاستدامة، بدلاً من الاعتماد الدوري على عائدات النفط أو الاقتراض الخارجي.

إعلان صعود مراكز جديدة للنفوذ

وفي ما يتعلق بالقضية الخامسة، وهي الدور الإقليمي في السياق العالمي وصعود مراكز جديدة للنفوذ، قال داود إن هناك تحولات جيوسياسية كبرى تحدث باستمرار، وإن منطقة الشرق الأوسط لم تعد فقط ساحة صراع أو مجال نفوذ للقوى الكبرى، بل بدأت تتحول إلى لاعب فاعل ومستقل.

وأشار إلى أن دولًا مثل قطر أصبحت محورية في الوساطة الدبلوماسية، وأن السعودية تلعب دورًا مؤثرًا في تشكيل تحالفات جديدة في الاقتصاد والطاقة، بينما تسعى الإمارات لتكون مركزًا ماليا وتقنيا عالميا.

وشدّد داود على أن هذا الصعود الإقليمي يتطلب إصلاحات داخلية قوية، ورؤية إستراتيجية بعيدة المدى، وقدرة على المناورة وسط التحولات العالمية، لا سيما في ظل التوتر بين الغرب والصين، وتراجع النمو في أوروبا، وتنامي النزعات الحمائية المتعلقة بالرسوم الجمركية.

مقالات مشابهة

  • خالد عامر يكتب: الرئيس السيسي.. رسالة المنصب وأمانة المسؤولية
  • منتدى قطر الاقتصادي.. 5 قوى ترسم مستقبل اقتصاد الشرق الأوسط
  • المغرب يتصدر صادرات الورق المقوى في شماء افريقيا والشرق الأوسط بحصة 56%
  • التحديات مستمرة مع إعادة ترامب تعريف دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط
  • ترامب ينتقد سياسات بايدن ويؤكد: جولتي في الشرق الأوسط كانت إيجابية
  • النزاعات والتحديات الاقتصادية .. توقعات صادمة لقطاع السفر العالمي في المنطقة
  • «ندوة تريندز» تستشرف آفاق التعاون بين الصين والشرق الأوسط
  • جو بايدن مصاب بسرطان البروستاتا.. إليك أبرز المعلومات التي يجب معرفتها عن المرض
  • عالم يُقسَّم.. والشرق الأوسط يدفع الثمن
  • ترامب يعيد رسم تحالفات الشرق الأوسط ورسالة صامتة تضع العراق في الظل