أضواء كاشفة : حقوق الإنسان .. مبدأ وطني أصيل
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
عدَّت سلطنة عُمان منذ بداية عصرها الذهبي أنَّ حقوق الإنسان مبدأ أصيل من مبادئها الوطنيَّة وأدرجت في نظامها الأساسي هذا المبدأ النبيل.. ومن أجْلِ ذلك أنشأت اللجان والجمعيَّات والأجهزة التي تصون كرامة الإنسان وتوفِّر له كافَّة حقوقه، وقامت بسَنِّ القوانين والتشريعات كَيْ تُحقِّقَ المساواة والعدالة في المُجتمع، وتحميَ المواطن من مظاهر التمييز.
ومؤخرًا نظَّمت اللجنة العُمانيَّة لحقوق الإنسان عددًا من الفعاليَّات في قصر الأُمم المُتَّحدة بجنيف تزامنًا مع احتفال الأُمم المُتَّحدة بالذكرى الخامسة والسبعين للإعلان العالَمي لحقوق الإنسان والذكرى الثلاثين لاعتماد مبادئ باريس.. واستعرضت اللجنة خلال هذه الفعاليَّات مَسيرة إنجازاتها وآليَّات عملها، ونقلت بكُلِّ شفافيَّة ما يناله المواطنون في سلطنة عُمان من رعاية واهتمام متواصل بحقوق الإنسان، فقدَّمت ورقة عمل وعرضت مجموعة من الأفلام والإصدارات الحقوقيَّة، ووزَّعت كُتُبًا وإصدارات لتقاريرها السنويَّة وأخرى متخصِّصة حَوْلَ بعض الفئات الأحقِّ بالرعاية في المُجتمع مِثل المرأة والطفل والمُسِن والمُعوّق، إلى جانب حقوق العمَّال ومكافحة الاتجار بالبَشَر.. كما نظَّمت أيضًا معرضًا لمَسيرتها المضيئة أبرز جهودها المشكورة للحفاظ على حقوق المواطنين كافَّة في المُجتمع العُماني.
15 عامًا من الإنجازات المتواصلة قدَّمتها اللجنة منذ تأسيسها في 2008م.. ولقَدْ لاقت كُلَّ الدَّعم من قيادتنا الحكيمة وحكومتنا الرشيدة وكافَّة مؤسَّسات الدَّولة التي عزَّزت من مبدأ حقوق الإنسان، وآخر الجهود في هذا المجال إصدار قانون العمل الجديد الذي يوفِّر المزيد من الحماية للعمَّال، وقانون الحماية الاجتماعيَّة الذي عزَّز من دَوْر اللجنة في أن ينالَ كُلُّ مواطن حقَّه على المستوى الاجتماعي لِتكتملَ المنظومة الحقوقيَّة في البلاد.
لقَدْ أجاب الوفد العُماني بكُلِّ صِدقٍ وشفافيَّة وبالأدلَّة الدَّامغة المُوَثَّقة عن أسئلة الحاضرين حَوْلَ ما تمَّ إنجازه خلال السنوات الماضية.. فخرج المعرض والمؤتمر وكافَّة الفعاليَّات التي استقطبت الكثيرين بصورة حضاريَّة مُشرِّفة رفعت راية السَّلطنة عالية في المحافل الدوليَّة، فأشاد الجميع بما تتمتع به السَّلطنة من فكْرٍ مستنير وعقليَّة راجحة وعدالة اجتماعيَّة تكفل لكُلِّ مَن على الأرض الطيِّبة حقَّه وكرامته.
إنَّ الجوانب المضيئة في مجال حقوق الإنسان واضحة ساطعة كالشمس، ومَن يريد الاطِّلاع عَلَيْها فَلْيزُر سلطنة عُمان ساعتها سيرَى ما يتمتع به المواطن في ظلِّ العهد الزاهر من رفاهيَّة العيش والاطمئنان وراحة البال والتي تُعدُّ أغلى ما يُمكِن أن يحصلَ عَلَيْه الإنسان.
**********
مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و»أكس ـ تويتر سابقًا» أصبحت وسيلة التواصل الأولى بَيْنَ البَشَر، خصوصًا بعد أن أشارت بعض الإحصاءات إلى أنَّه ينضمُّ إليها أكثر من مليون عضو شهريًّا.. ونجحت في سنوات قليلة أن تغيِّرَ نمط الحياة الروتينيَّة القديمة التي كانت تعتمد في وسائل اتِّصالها على البريد والهاتف التي كانت تستغرق وقتًا طويلًا.. فبفضل هذه المواقع أصبح العالَم الآن عبارة عن قرية صغيرة يتواصل بها جميع أفرادها مهما كانت المسافات بَيْنَهم لحظة بلحظة.
إلَّا أنَّ كُلَّ شيء في الدنيا كالعُملة له وجهان الأوَّل إيجابي، والثاني سلبي.. وهذه المواقع بالرغم من أثَرها الكبير في الإعلام والرأي العامِّ، والوقوف على الآراء في القضايا الحيويَّة، إلَّا أنَّ لها العديد من المساوئ مِثل تدنِّي مستوى القراءة والكتابة ومستوى القواعد الإملائيَّة والنَّحْويَّة عِند طلاب المدارس ممَّا قَدْ يؤدِّي بهم إلى الفشل الدراسي.. كما أنَّ مواقع التواصل الاجتماعي تعمل على تشتيت أذهان التلاميذ للدَّرجة التي تجعلهم غير مهتمين بالإقدام على قراءة أيِّ كتاب. للأسف لَمْ يَعُد الطلاب قادرين على الكتابة بصورة صحيحة ويلجؤون إلى المُدقِّق اللغوي على الإنترنت لتصحيحِ أخطائهم؛ وذلك نتيجة استخدامهم للغة غريبة في محادثاتهم عبارة عن خليط بَيْنَ العاميَّة والفُصحى العربيَّة والأجنبيَّة.. وفي كثير من البُلدان يشكو الكثيرون من تدنِّي مستوى الكتابة بَيْنَ المتخرِّجين حديثًا من المدارس يظهر ذلك عِند كتابة سِيَرهم الذَّاتيَّة أو استمارات الالتحاق بالجامعة، وهو ما يعني أنَّ استخدام مواقع التواصل الاجتماعي أثَّر بشكلٍ كبير على المهارات الكتابيَّة للطلاب. لا شكَّ أنَّ كُلَّ أولياء الأمور يلاحظون مدى ما تُسبِّبه مواقع التواصل الاجتماعي من تضييع لوقت الأبناء، حيث يقضون السَّاعات الطوال أمام شاشة الحاسوب الشخصي أو المحمول أو اللوحي أو الهاتف النقَّال منعزلين بذلك عن العالَم الخارجي، ومتقوقعين داخل العالَم الافتراضي الذي صار يجري مِنهم مجرى الدَّم لدرجة أنَّه يُمكِن القول إنَّ استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يُعدُّ نوعًا من الإدمان الذي لا يستطيع مستخدمه التخلِّي عَنْه بسهولة. لا أحَدَ يُنكر ما لمواقع التواصل الاجتماعي من أهمِّية في اكتساب البعض لقدرٍ من الوعي والمعرفة المتعمِّقة حَوْلَ موضوع معيَّن، إلَّا أنَّ الدِّراسات تكشف يومًا بعد يوم النقاب عن مساوئ أكثر وأكثر لمواقع التواصل الاجتماعي.. فبعد أن كانت أحَدَ الأسباب الرئيسة لوقوع الطلاق، وساحة مفتوحة للنَّصب والتجسُّس ونَشْر التطرُّف والإرهاب، ها هي تُهدِّد المستقبل الدراسي لأبنائنا، وهو ما يجعلنا نُعِيد التفكير في كيفيَّة الاستفادة من الشَّبكة العنكبوتيَّة فيما يَعُودُ على الفرد والمُجتمع بالخير والازدهار. إنَّ الأمْرَ لَمْ يَعُدْ يحتمل التجاهل، بل يجِبُ على أولياء الأمور أن يعملوا على تحسين القواعد الإملائيَّة والنَّحْويَّة لدى أولادهم ومراقبتهم بصفة مستمرَّة حتَّى يضمنوا أنَّهم يحسنون استخدام التكنولوجيا الحديثة بالصورة النافعة المفيدة قَبل أن تفقدَ مُجتمعاتنا هُوِيَّتها المميَّزة، وساعتها لَنْ يجديَ البكاء على اللَّبن المسكوب.
ناصر بن سالم اليحمدي
كاتب عماني
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: مواقع التواصل الاجتماعی حقوق الإنسان الم جتمع ة فی الم العال م
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تعتمد بالإجماع تقرير الكويت لحقوق الإنسان
اعتمد مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة أمس الجمعة بالإجماع “تقرير دولة الكويت الوطني الرابع” الذي أكدت فيه الكويت على تعزيز منظومتها الوطنية لحماية حقوق الإنسان عبر إصلاحات تشريعية ومؤسسية وميدانية شاملة وحرصها المتواصل في تطوير الإطار القانوني بما يتماشى مع المعايير الدولية.
جاء ذلك في جلسة عقدها مجلس الأمم المتحدة لحقوق الانسان في جنيف قدم فيه وفد دولة الكويت تقريرها الوطني في إطار آلية الاستعراض الدوري الشامل فيها وذلك برئاسة وزير العدل المستشار ناصر السميط.
وأكدت دولة الكويت في تقريرها على قيامها بمراجعة تشريعية شاملة لجميع القوانين البالغ عددها 983 قانونا التي اسفرت حتى الآن عن إقرار سلسلة من الإصلاحات القانونية الجديدة.
واستعرض الوفد أبرز إنجازات الكويت على المستويات التشريعية والمؤسسية والميدانية بينها قانون الحماية من العنف الأسري ومرسوم بشأن إقامة الأجانب لمكافحة الاتجار بالإقامات فضلا عن تعديل قانون الجزاء لإعادة تعريف جريمة التعذيب وفقا لتوصيات لجنة مناهضة التعذيب وتعديل قانون الجنسية لمواءمته مع منظومة الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية وإلغاء المادة 153 دعما لمبدأ المساواة بين الجنسين ورفع سن الزواج إلى 18 عاما وإلغاء المادة 182 من قانون الجزاء التي كانت تعفي مرتكب جريمة الخطف من العقوبة إذا تزوج الجاني من الضحية.
وأوضح التقرير أن الدولة اتخذت خطوات مؤسسية مهمة منها إنشاء مراكز لحماية ضحايا العنف الأسري ومكتب وطني لحماية الطفولة ولجان وطنية مختصة بحقوق المرأة وتنفيذ قرار مجلس الأمن 1325 وإنشاء لجنة شؤون المرأة والأعمال المعنية بحماية حقوق وتعزيز دور المرأة في التنمية إضافة إلى تخصيص نيابات عامة متخصصة لمكافحة الاتجار بالبشر وحقوق الإنسان بالإضافة إلى تدشين مراكز حماية الطفولة في يوليو 2024 لمتابعة حالات الاعتداء والإهمال.
كما أكد على الدور المحوري الذي تؤديه المرأة الكويتية في التنمية إذ تمثل 58 في المائة من إجمالي القوى العاملة الوطنية وتصل نسبة مشاركتها إلى 60 في المائة في القطاع الحكومي و48 في المائة في القطاع الخاص و48 في المائة في مهنة المحاماة إلى جانب تمثيلها بثلاث حقائب وزارية في الحكومة الحالية.
كما لفت التقرير الوطني إلى الاهتمام البالغ الذي توليه دولة الكويت لتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة إذ خصصت نحو 340 مليون دولار لدعم الخدمات للأشخاص ذوي الإعاقة للسنة المالية 2023/2024 شملت دعم 82 جهة تعليمية وتأهيلية واستفاد منها أكثر من 213 ألف شخص ضمن مؤسسات تعليمية وتأهيلية شملت المدارس والحضانات والمراكز العلاجية وذلك في إطار برامج الدمج والدعم التعليمي.
وفيما يخص مكافحة الفساد أوضح التقرير أن دولة الكويت قامت بإعداد مشاريع قوانين جديدة لتوسيع صلاحيات هيئة مكافحة الفساد وتعزيز دور القضاء واستقلاليته وتشديد حماية الأموال العامة بما يتوافق مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة.
كما لفت إلى جهود الكويت في مجال الرقمنة والتحول الإلكتروني بما في ذلك إطلاق تطبيق “سهل” الذي أنجز أكثر من 60 مليون معاملة إلكترونية واعتماد استراتيجيات وطنية لخفض الانبعاثات الكربونية وحماية البيئة.
وأكد أن الدولة تعمل على تعزيز الشراكة مع المجتمع المدني وضمان حماية الفئات الضعيفة وتوسيع نطاق نشر ثقافة حقوق الإنسان في المؤسسات التعليمية والإعلامية من خلال الاستثمار في التعليم والصحة والإسكان وتحقيق مستويات متقدمة في مؤشرات التنمية البشرية.
وعلى الصعيد الدولي لفت التقرير إلى الدور الذي تؤديه دولة الكويت كعاصمة للعمل الإنساني مؤكدا في هذا السياق على التزامها المتواصل في تقديم مساعدات إنسانية واسعة النطاق عبر الصندوق الكويتي للتنمية ودعم جهود الإغاثة في مناطق النزاعات والكوارث خاصة في غزة وسوريا واليمن بالإضافة إلى تنظيم واستضافة مؤتمرات المانحين الدولية.
وشدد على أن دولة الكويت بقيادة حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه وسمو ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد الصباح حفظه الله تواصل التزامها بنهج الإصلاح والتحديث وتعزيز الحقوق والحريات موضحا أن هذه التطورات تعكس التزام دولة الكويت المتجدد بالنهوض بمنظومة حقوق الإنسان وفق نهج يستند إلى مبادئ الدستور والمواثيق الدولية يهدف إلى تحقيق تنمية شاملة ومستدامة.
ولفت التقرير الى أن دولة الكويت تلقت في الجولة السابقة 302 توصية قبلت منها 230 توصية بشكل كامل و6 توصيات جزئيا وأخذت بعلم 12 توصية مؤكدا التزام الدولة بالشفافية والانفتاح وحرصها على الحضور الكامل في جلسات الحوار مع لجان المعاهدات الدولية ذات الصلة.
كما اشار إلى تفاعل دولة الكويت مع أصحاب الولايات والإجراءات الخاصة للمجلس حيث استجابت لعدد من طلبات الزيارات الميدانية والعلمية خلال عامي 2023 و2024 شملت ولايات في مجالات التنمية والعنف ضد النساء وحقوق ذوي الإعاقة والمهاجرين مؤكدا أن هذه الزيارات تعزز من تبادل الخبرات وتطوير الأداء الوطني.
ويغطي التقرير الوطني الفترة من 2020 إلى نهاية 2024 وأعد بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني والديوان الوطني لحقوق الإنسان وفق منهجية تشاركية شاملة، وتعهد وفد دولة الكويت بدراسة التوصيات المقدمة من الدول الأعضاء بمجلس الأمم المتحدة لحقوق الانسان التي بلغ عددها 290 توصية تعنى بتعزيز آليات حقوق الانسان.