لبنان ٢٤:
2025-07-05@12:52:14 GMT

ما لم يقله نصرالله أزعج فرنجية

تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT

ما لم يقله نصرالله أزعج فرنجية

ما قاله الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله في كلمته في ذكرى المولد النبوي الشريف عن الملف الرئاسي لم يتعدّ المئة وخمس كلمات، عدًّا ونقدًّا. ما قاله لم يروِ غليل الحلفاء. وبالطبع أزعج الخصوم.  
فهؤلاء الحلفاء، ومن بينهم مرشح "حزب الله" رئيس تيار "المردة الوزير السابق سليمان فرنجية، كانوا يتوقعون كلامًا رئاسيًا غير الكلام الذي قيل، والذي لم يكن في مستوى الأهمية الكبرى، التي تُعطى لهذا الاستحقاق، لأنه مفتاح الحلّ لكل المشاكل التي يعاني منها لبنان، وقد استفاض "السيد" في الحديث عنها، وبالأخصّ موضوع النزوح السوري وتبعاته.

  
ما كان يتوقعّه المقرّبون من فرنجية أن يسمعوه ممن يدعم ترشيحه، باعتباره المرشح الوحيد لـ "الثنائي الشيعي"، لم يكن على قدّ الآمال، خصوصًا مع كثرة الحديث عن "الخيار الثالث"، وعن تخلّي فرنسا عن مبادرتها، التي كانت قائمة على دعم وصول فرنجية إلى قصر بعبدا، مع ما يعني ذلك من تراجع حظوظ "البيك"، فضلًا عمّا يصل إلى بنشعي من همسات عن صفقة رئاسية بدأت تتبلور معالمها من خلال ما يقوم به الموفد القطري من تحركات واتصالات يبدو أن "حارة حريك" غير بعيدة عنها. 
ما قاله نصرالله عن الملف الرئاسي قليل من كثير كان يجب أن يُقال في هذا الظرف الرئاسي الحسّاس والدقيق. هذا ما كان يتوقعه هؤلاء المقربون، من أجل وضع النقاط النافرة على الحروف الرئاسية، ولوضع حدّ للتأويلات، التي ترافقت مع لقاء رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" الحاج محمد رعد مع قائد الجيش العماد جوزاف عون.  
ماذا قال السيد نصرالله في خطاب طويل عريض عن الملف الرئاسي: "كانت هناك فرصة هي فرصة الحوار الذي دعا إليها دولة الرئيس ‏نبيه بري، وكان ممكن العالم أن تأتي إلى الحوار ونتناقش ونطرح مرشحنا ويطرحوا مرشحهم ونتحدث ‏بالضمانات ونتحدث بالمستقبل ونتحدث بكل شيء، هي المبادرة تقول أنه إذا اتفقنا على اسم نذهب وننتخبه ‏وإذا اختلفنا على اسمين نذهب ونصوّت، لكن هذه الفرصة ضُيّعت فقط بالنكد، بالمكابرة، ماذا يؤثر إذا ‏جلسنا يوم ويومين وثلاثة وجلسة وجلستين وثلاثة، هل هذا تضييع وقت؟ "طيب صيرنا أشهر وهلق حيصيرلنا سنة". ‏على كل حال، المبادرة الفرنسية يجب أن نستطلع أين أصبحت. ‏الوفد القطري ما زال يبذل جهودًا يومية للوصول إلى نتيجة ما." 
فهل ما قيل كافٍ؟ 
يجيب المقرّبون من "بنشعي" بشيء من خيبة أمل. وكان يكفي أن يعلن "سيد المقاومة" في العلن ما يقوله موفدوه إلى "بنشعي" بالسر من أن سليمان فرنجية هو مرشح "حزب الله" الوحيد، وأن لا تراجع عن هذا الدعم تحت تأثير أي ضغط. لكن هذا الكلام لم يُقل في العلن. وكان من المفيد كثيرًا أن يُقال اليوم أكثر من أي وقت مضى. فالكلام عن "الخيار الثالث" حمّال لأكثر من معنىً، وهو يتكاثر وينمو وينتشر كالنار في الهشيم بين الأوساط السياسية، حتى أنه بات متقدمًا على غيره من الخيارات، ومن بينها تراجع حظوظ كل من فرنجية يقابله تراجع لحظوظ الوزير السابق جهاد ازعور أيضًا. 
ما لم يقله "السيد" كان مقصودًا. ويعتقد كثيرون أن في ما لم يقله كان رسالة إلى الموفدين الفرنسي والقطري، اللذين يجيدان قراءة ما بين السطور، خصوصًا ان ثمة كلامًا كثيرًا عن موافقة ضمنية لمسها الموفد القطري ممن التقاهم من المسؤولين الرسميين في "حزب الله" على الذهاب إلى "الخيار الثالث"، على رغم أن هناك من حاول تقويل هؤلاء ما لم يعلنوه بعظمة لسانهم من أن سليمان فرنجية هو مرشحهم الوحيد. 
فلو لم يكن "حزب الله" في وارد الدخول في صفقة معينة لكان أمينه العام أعلن عكس ذلك في كلمته في الذكرى النبوية الشريفة، مع أن ثمة من يرجّح أن يكون كلام نصرالله، الذي يكون عادة مدروسًا بعناية فائقة، قد فتح الباب لتفاوض جديد من دون أن يتخّلى عن ورقة فرنجية، التي لا تزال صالحة كورقة متقدمة وكمقدمة لمزيد من المكتسبات السياسية.  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

شحاتة السيد يكتب: الأسرار المناخية في الأمطار الصيفية

لم تعد السماء تمطر كما اعتدنا في كتب الجغرافيا المدرسية. في القاهرة، وكما في العديد من المدن حول العالم، أصبحنا نشهد أمطارًا تتساقط فجأة خلال أيام الصيف الحارة، من دون مقدمات واضحة أو تفسير مباشر. 

والسؤال الذي يطرحه المتخصصون والمواطنون على حد سواء هو: ما الذي يحدث في مناخنا؟ هل الأمطار الصيفية مجرد حدث عارض، أم هي مؤشر عميق على تحولات مناخية شاملة تؤثر في النظام الجوي بأسره؟
من المعروف علميًا أن الأمطار غالبًا ما ترتبط بموسم الشتاء، حيث تنخفض درجات الحرارة وتتهيأ الظروف الجوية لتشكيل الغيوم وسقوط الأمطار. بينما في الصيف، حيث تتجاوز درجات الحرارة الأربعين أحيانًا في بعض المدن، يتطلب تشكل الأمطار آليات مختلفة وعوامل فيزيائية دقيقة.

الزيادة الحرارية في الطبقات السطحية من الغلاف الجوي تؤدي إلى رفع وتيرة التبخر، مما يحمل الهواء بكميات هائلة من بخار الماء. مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، تتعزز هذه العملية بشكل غير معتاد. ولكن البخار وحده لا يكفي لتكوين الأمطار، بل يتطلب الأمر حدوث اضطرابات هوائية معينة، مثل اندفاع منخفض علوي بارد من الطبقات العليا للجو، أو تصادم كتل هوائية مختلفة.
هذا التفاعل بين كتلة هوائية ساخنة محملة بالرطوبة وكتلة باردة علوية يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار الجوي، مما ينتج عنه ما يُعرف بالعواصف الحملية أو الأمطار الرعدية الصيفية. وفي بعض الحالات، تكون هذه الأمطار غزيرة ومركزة، وتظهر في غضون دقائق، وهو ما شهدناه في مشاهد متكررة خلال السنوات الأخيرة في القاهرة، وبيروت، وعمان، وحتى في الرياض.
السؤال الأكثر عمقًا لا يتعلق فقط بكيفية تشكّل هذه الأمطار، بل بما تعنيه من دلالات مناخية. فظهور نمط مناخي غير مألوف، مثل هطول الأمطار في أوقات غير معتادة، يعني غالبًا أن النظام المناخي بدأ يختل، وأن خطوط التوازن التي كانت تضبط العلاقة بين فصول السنة بدأت تتحرك.

العلماء يربطون هذا التغير مباشرة بالاحترار العالمي الناتج عن تراكم غازات الدفيئة في الغلاف الجوي. فمع كل جزء من الدرجة المئوية التي ترتفع فوق المتوسط المعتاد، يحتفظ الغلاف الجوي بمزيد من بخار الماء، مما يجعله أكثر قابلية لتوليد طاقة كامنة تؤدي إلى تطرف مناخي. وما كان يومًا من الحالات النادرة، كالأمطار الصيفية، يتحوّل شيئًا فشيئًا إلى نمط متكرر.
تساعد تكنولوجيا الأقمار الصناعية، ونماذج المحاكاة الجوية، وأدوات الاستشعار عن بعد في توفير بيانات دقيقة حول أنماط التحول هذه. 

ورصدت العديد من المراصد المناخية الإقليمية والدولية تحوّلات واضحة في التوزيع الموسمي للهطول المطري في مناطق متعددة من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ومن بين أهم ما كشفته هذه النماذج هو وجود تحولات زاحفة في نطاقات الأمطار، حيث تتوسع بعض المناطق شبه الجافة لتدخل في نطاق المطر الموسمي، بينما تنحسر مناطق أخرى.

تظهر هنا معضلة من نوع جديد: إذا تغير نمط سقوط الأمطار من شتوي إلى صيفي، أو أصبح غير منتظم، فإن ذلك يؤثر بشكل مباشر على الزراعة، والتخطيط العمراني، وإدارة موارد المياه. فالمزارع الذي كان ينتظر المطر في ديسمبر ويناير، لن يجد فيه فائدة إن جاء في يوليو، لأنه حينها يكون قد زرع أو حصد بالفعل. كما أن المدن غير المجهزة بتصريف مياه الأمطار في الصيف معرضة للغرق والشلل، كما شهدنا في القاهرة قبل عامين.

ثمّة ما هو أعمق من مجرد السيول المؤقتة. فهذه الظواهر تعكس اضطرابًا أكبر في دورة المياه العالمية، وتؤشر إلى اختلال في حركة التيارات النفاثة، وتغير في مواضع الضغط الجوي العالي والمنخفض، وكلها عناصر دقيقة تدخل في حسابات ما يُعرف بالتوازن الديناميكي للغلاف الجوي.

يظن البعض أن هذه الأمطار خيرٌ في غير أوانه، لكنها في الحقيقة قد تكون نذيرًا بتحولات أكثر جذرية، من بينها تغير حدود الفصول نفسها. فعندما تتكرر الأمطار في الصيف، وتصبح درجات الحرارة معتدلة في الشتاء، فإننا أمام تلاشي تدريجي لما نعرفه من خصائص الفصول الأربعة، ودخولنا في مرحلة مناخية جديدة قد تُعرف باسم مناخ الانتقال المتغير أو مناخ الفوضى.

هذا المفهوم ليس مجرد تشبيه أدبي، بل هو مصطلح علمي بدأ استخدامه لوصف الحالة التي لا يمكن فيها التنبؤ بسلوك المناخ على المدى المتوسط بسبب كثرة المتغيرات. وهذا ما يجعل النماذج المناخية طويلة الأجل أكثر عرضة للخطأ، ويزيد من صعوبة وتعقيد التخطيط الحضري والمائي والزراعي.

على صعيد السياسات، تطرح هذه الظاهرة تحديات كبيرة. فلم يعد المناخ مجرد شأن بيئي، بل أصبح قضية أمن قومي. فأي تغير في نمط المطر قد يخلق نزاعات حول الموارد، أو يفاقم الهجرة المناخية، أو يسبب ضغطًا على شبكات البنية التحتية. ومن هنا تأتي أهمية أن تضع الحكومات سيناريوهات استباقية تتضمن بناء بنية تحتية قادرة على امتصاص الصدمات المناخية، وتوفير نظم إنذار مبكر، وتعزيز البحث العلمي.

أصبح الذكاء الاصطناعي أداة لا غنى عنها في هذا المجال. فأنظمة التعلم العميق قادرة على تحليل ملايين البيانات المناخية في وقت قياسي، واستنباط أنماط قد تعجز النماذج التقليدية عن رصدها. كما أن المحاكاة المستندة إلى الذكاء الاصطناعي يمكن أن تتنبأ بمواقع العواصف والأمطار وتوقيتها وشدتها، بدقة متزايدة يومًا بعد يوم.
لكن رغم هذه الأدوات، تبقى الحاجة إلى الوعي العام، وإلى ربط المواطن بهذه التغيرات من خلال إعلام علمي رشيد، يقدم الحقائق دون تهويل، وينبه إلى المخاطر دون إثارة الهلع. فالتغير المناخي ليس مجرد موضوع للنقاش السياسي في المؤتمرات الدولية، بل هو واقع يومي نشهده في تفاصيل الطقس وفي تغير سلوك السماء.
تلك الغيوم الصيفية التي تمر من فوقنا ليست مجرد مشهد عابر، بل هي وثيقة حيّة تشهد على أن مناخ الأرض يكتب فصلاً جديدًا من تاريخه، فصلًا تندمج فيه الفصول وتختلط فيه التوقعات، وتصبح فيه المظلة جزءًا من حقيبة الصيف.

طباعة شارك الأمطار الجغرافيا موسم الشتاء

مقالات مشابهة

  • ‏رئيس الوزراء اللبناني: الاستعراضات المسلحة التي شهدتها بيروت غير مقبولة بأي شكل من الأشكال وتحت أي مبرر كان
  • قراءة دبلوماسية للمبادرة الأميركية: أيلول البيجرز واغتيال نصرالله يتكرر إذا تمسّك الحزب بالسلاح
  • «رئيس جامعة الأزهر»: واذكروه كما هداكم دعوة لدوام الشكر على نعمة الهداية التي لا تُقدّر بثمن
  • «درع السيد» أبو علي ... إلى المثوى الأخير
  • السيد القائد يدعو لخروج مليوني غدا نصرة للشعب الفلسطيني
  • السيد القائد يدعو الشعب اليمني للخروج المليوني غداً جهاداً في سبيل الله ونصرة للشعب الفلسطيني
  • السيد القائد يكشف الإحصائية الأسبوعية لعمليات الإسناد
  • عون وبري يعزيان السيد علي فضل الله بوفاة والدته
  • شحاتة السيد يكتب: الأسرار المناخية في الأمطار الصيفية
  • هل ورد ذكر يوم عاشوراء في القرآن الكريم؟.. تعرف الآيات التي أشارت له