أبو الغيط: حرب أكتوبر كانت ضرورية لإعادة التوازن الاستراتيجي في المنطقة
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن حرب أكتوبر كانت ضرورية لإعادة التوازن الاستراتيجي في المنطقة.
وقال أبو الغيط، خلال الجلسة النقاشية اليوم الأربعاء ضمن فعاليات الندوة التثقيفية للقوات المسلحة بمناسبة مرور 50 عاما على نصر أكتوبر المجيد بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن النوايا الإسرائيلية عقب حرب يونيو 1967 كانت البقاء على الأرض وعدم الانسحاب منها، وأن المسألة اقتضت خوض حرب أخرى نتيجة الفلسفة الإسرائيلية التى تتحرك بها.
وأكد أن المهمة الأولى لمصر كانت في إعادة بناء قواتها المسلحة مرة أخرى، مبينا أن بناء قوات مسلحة أخرى استغرق سنوات، بُذل خلالها جهد كبير.
قال أحمد أبو الغيط، أمين عام جامعة الدول العربية، إن الحرب كانت ضرورية منذ يوم 10 يونيو 1967، مشيرا إلى أن مصر دولة كبيرة، وضُربت ضربة عنيفة، وبالتالى، فإن كبريائها واحترام المنطقة لها وقدرتها على التأثير فى المنطقة، كان يجب أن تقوم حرب جديدة تعيد التوزان الاستراتيجي في المنطقة.
وأضاف خلال كلمته بالندوة التثقيفية للقوات المسلحة بمناسبة مرور 50 عاما على نصر أكتوبر المجيد، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي: "النوايا الإسرائيلية كانت استبقاء الأرض ولم يكونوا على نية للانسحاب منها، والقيادة المصرية والشعب المصري وأنا شخصيا كنت أرى أن المسألة لن تحل إلى بحرب أخرى".
وتابع: "المهمة الأولى إعادة بناء القوات المسلحة مرة أخرى، وبناء قوات مسلحة قادرة يستغرق سنوات، وخلال هذه السنوات بذل جهد دبلوماسى والعالم حاول إقناع إسرائيل بالانسحاب من الأراضى المحتلة، وكنت على يقين أن الجهد الدبلوماسى لن ينجح".
وقال: "الجهد الدبلوماسي كان له كثافة كبيرة في العامين الأخرين قبل الحرب، وأنا قرأت برقيات على اتصالات مصرية أمريكية، والتي وثقت ما دار بين وزير الخارجية المصري والأمريكي، وقال له ليس ما لدينا ما نضيعه من وقت معكم، فى الوقت نفسه الرئيس السادات قرر إخراج الخبراء السوفييت من مصر، وهذه كانت رسالة رصدها الأمريكان".
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: حرب أكتوبر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الندوة التثقيفية للقوات المسلحة ذكرى حرب اكتوبر أبو الغیط
إقرأ أيضاً:
بين التعمين والمصالح.. من يُعيد التوازن إلى سوق العمل؟
خالد بن حمد الرواحي
لا شيء يُهدد تماسك المُجتمع واستقراره الاقتصادي أكثر من تفشي البطالة بين أبنائه، خاصة حين تتراكم أعداد الباحثين عن عمل عامًا بعد عام، دون حلول جذرية تواكب حجم التحدي. في سلطنة عُمان، تجاوز عدد الباحثين عن عمل حاجز 100 ألف، في ظل منظومة من التحديات المتشابكة التي تبدأ من اختلالات سوق العمل ولا تنتهي عند فجوة المهارات.
لقد تحولت القضية من أرقام تُتداول في التقارير إلى واقع يلمسه الناس في تفاصيل حياتهم اليومية؛ من الضغوط الأسرية، إلى تراجع القدرة الشرائية، وصولًا إلى اهتزاز ثقة الشباب في العدالة الاقتصادية. ومع هذا التصاعد، لم يعد التعاطي مع هذه الظاهرة خيارًا إداريًا، بل ضرورة وطنية تفرض نفسها على الجميع، وتستوجب تحركًا جماعيًا يتسم بالمسؤولية والوضوح.
التقيتُ شابًا جامعيًا قال لي بمرارة:
"قدّمت في عشرات الوظائف، وأملك المهارة، لكن الفرصة لا تأتي، ولا أملك واسطة. أشعر أنني عالق في وطن لا يسمعني."
هذه الجملة وحدها تختصر وجع آلاف الباحثين عن عمل ممن ينتظرون سياسات تنصفهم وتستوعبهم.
وتزداد المشكلة تعقيدًا عندما تتداخل عدة عوامل في آنٍ واحد؛ التشغيل الصوري، العقود المؤقتة، ضعف مواءمة التعليم مع السوق، واستقدام عمالة وافدة لوظائف يمكن أن يشغلها العمانيون. بل إن بعض المنشآت تُسند مهام وظيفية عليا إلى عمال وافدين في مخالفة صريحة لمستويات التعمين المطلوبة، بهدف التحايل على النظام.
وفي مواجهة هذا الواقع، تبدو الحاجة ماسّة إلى حلول مرنة تضمن التوازن بين مصلحة صاحب العمل ومتطلبات التوطين والإحلال. ومن بين المقترحات العملية، إتاحة خيار بديل للمنشآت التي تمارس أنشطة ومهن لا يمكن للقوى العاملة الوطنية العمل بها أو لا تتوفر كفاءات وطنية للعمل بها؛ إما الالتزام بنسب التعمين المقررة، أو دفع رسوم معقولة ومقبولة ومتوازنة وغير مبالغ فيها، تُخصص لتدريب وتأهيل الباحثين عن عمل. وبهذا، تُحفظ مصالح الجميع دون تعطيل الأعمال أو إغفال الهدف الوطني.
وفي هذا الإطار، من الضروري مخاطبة القطاع الخاص باللغة التي يفهمها، وهي لغة الأرقام وتقليل التكلفة وزيادة الأرباح. ويمكن بناء علاقة عكسية ذكية بين ما يُفرض من ضرائب ورسوم على المنشآت، وبين نسبة التشغيل التي تحققها. فكلما زادت مساهمتها في تشغيل القوى العاملة الوطنية، كلما انخفضت عنها الرسوم والضرائب تدريجيًا، مما يعزّز قناعة صاحب العمل بأن توظيف المواطن ليس عبئًا على المنشأة، بل إضافة نوعية تساعده على خفض التكاليف وزيادة هامش الربح.
لكن السؤال الحقيقي الذي لا نطرحه كثيرًا هو:
لماذا لا نُفكّر بسياسات تشغيل تُرضي العامل وصاحب العمل معًا؟
هل من الضروري أن يكون الحل إما فرضًا أو فوضى؟ ما نحتاجه هو التوازن بعقلانية، لا المجازفة ولا الجمود.
غير أن الجهود لا يمكن أن تؤتي ثمارها دون وجود بيانات دقيقة. فغياب تعريف وطني واضح للباحث عن عمل يفتح الباب أمام تضخيم الأرقام، ويُدرج ضمن الإحصاءات فئات لا تنطبق عليها الشروط، كالمتقاعدين، وربّات المنازل، وأصحاب المهن الحرة. ووفقًا لتعريف منظمة العمل الدولية، فإن تحديد الفئة المستهدفة بدقة يُعد مدخلًا أساسيًا للتخطيط والتوظيف الفعّال.
ورغم الجهود المشهودة لوزارة العمل، لا سيما في مبادرة دعم الأجور وبرامج التدريب على رأس العمل، وغيرها من المبادرات التي لا تخفى على أحد، إلا أن التحدي يتجاوز حدود الوزارة ليطال مؤسسات أخرى معنيّة مباشرة بخلق الفرص، كوزارتي الاقتصاد والتجارة والصناعة وترويج الاستثمار، وهيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة، وجهاز الاستثمار العماني.
ومن هنا، يصبح الربط الإلكتروني بين المناقصات والمشاريع والتشغيل الوطني ضرورة لا ترفًا. كما أن إعادة تأهيل خريجي التخصصات غير المطلوبة، وتوجيههم نحو مجالات واعدة قريبة من تخصّصاتهم، يمكن أن يسد فجوات هيكلية حقيقية في السوق. ولا يقل أهمية عن ذلك نشر ثقافة العمل الحر، وتوفير برامج تمويل واضحة لدعم أصحاب المشاريع الصغيرة والمتفرغين لأعمالهم، فهم ركيزة واعدة لسوق عمل مرن ومتنوع.
كما أن تركّز النمو الاقتصادي في العاصمة مسقط يعمّق الفجوة التنموية، ويُضعف فرص التوظيف في المحافظات الأخرى، لذا فإن توزيع المشاريع على مستوى المحافظات يُسهم في خلق فرص عمل محلية، ويعزز العدالة الجغرافية في التنمية.
ومن جهة أخرى، فإن الإسراع في توفير إعانة شهرية للباحثين عن عمل يُعد خطوة إنسانية واقعية تُخفف الأعباء وتُبقي حماس الباحثين مشتعلاً حتى يعثروا على فرصة مناسبة.
ولأن بيئة العمل لا تقل أهمية عن عدد الفرص، فإن رفع الحد الأدنى للأجور، وتوفير معايير الصحة والسلامة المهنية، والتصدي للتشغيل الصوري، تُعد من أهم عوامل الجذب الحقيقي للمواطنين نحو القطاع الخاص. كما أن وجود تشريع يُلزم بتعيين بديل لأي مواطن يستقيل أو يُنهى عقده، إذا كان العمل قائماً، من شأنه أن يُغلق أبواب التساهل في تسريح القوى العاملة الوطنية.
وفي سياق التقييم الواقعي، لا يكفي أن نُحصي عدد الفرص المُعلنة، بل لا بد من تتبّع مؤشرات نوعية مثل: صافي الزيادة السنوية في أعداد العمانيين المؤمن عليهم في القطاع الخاص، ونسبة الجامعيين الذين يحصلون على فرصة عمل لأول مرة، وعدد المسرّحين الذين أُعيد تشغيلهم. فهذه المؤشرات تُمثل المعيار الحقيقي لقياس فعالية السياسات.
في النهاية، لا يمكن اختزال القضية في وزارة واحدة أو قرار منفرد. ما نحتاجه حقًا هو منظومة عمل وطنية موحدة تضع المواطن في قلب معادلة الإنتاج، وتعيد رسم ملامح سوق العمل بما ينسجم مع رؤية عُمان 2040.
الحلول موجودة، والمبادرات قائمة، وما ينقصنا فقط هو أن تُنسّق الجهود، ويُنفّذ ما يُقرّر، بروح من الشراكة والثقة.