بعد قرار إعادة مباراة الاتحاد وسباهان.. هل يؤثر شغب الملاعب على العلاقات السعودية الإيرانية؟
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
بالرغم من الأجواء المتفائلة بشأن عودة العلاقات الدبلوماسية بين كلًا من المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، بناء على الاتفاق الذي تم برعاية الصين في مارس الماضي، إلا أن أحداث المباراة التي كانت من المقرر أن تقام بين فريقي "الاتحاد السعودي" و"سباهان" الإيراني على ملعب نقش جهان بأصفهان أعادت التساؤلات حول إمكانية استمرار كلا الدولتين في سياسة تطبيع العلاقات بينهما، وإمكانية تجاوز الأحداث المؤسفة التي وقعت قبيل وبعد إلغاء المباراة، ورآها متابعون بادرة طيبة لبدء تطبيع شعبي بعد نجاح التطبيع السياسي.
وتشير التقديرات إلى أن الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص تمثل إحدى آليات القوى الناعمة للعديد من الدول، خاصة إذا ارتهنت بأحداث سياسية، إذ تستخدم كثير من الدول مباريات كرة القدم كآداة لتعزيز العلاقات بينها وبين دولٍ أخرى، وتكون بادرة لتعاون البلدين في مجالات أخرى سواء كانت رياضية أو غير رياضية، كما يعتبر البعض استئناف النشاط الرياضي بين بلدين بمثابة جرس انطلاق لتعزيز أواصر العلاقات، تمامًا كما فعلت إيران مع العراق عقب حربها التي امتدت لثماني سنوات في إطار منافسات "كأس السلام والصداقة" والذي عقد في دولة الكويت عام 1989، أو كمباراة تنس الطاولة التي التقى خلالها اللاعب الصيني زوهانج زيدونج ونظيره الأمريكي جلين كوان على طاولة واحدة عام 1971، واعتبرت تلك المباراة بادرة لعودة العلاقات وإيذانا بتوجه الرئيس الأمريكي نيكسون إلى بكين عام 1972 عقب قطيعة امتدت لـ20 عامًا على إثر دخول الصين الحرب الكورية عام 1950.
صمت رسمي ثم بيان عاقل
وعلى الرغم مما شاب مباراة "الاتحاد" و"سباهان" من أحداث تسببت في إلغاء المباراة، إلا أن صمت الإعلام الرسمي لكل البلدين عقب إلغاء المباراة مباشرة يشير إلى أن تلك الأحداث لن تعدو كونها "حدث عابر" لن يؤثر على خطة البلدين في تحسين الأجواء وعودة العلاقات بين الرياض وطهران، وهو ما عززه بيان الخارجية الإيرانية في وقت لاحق والذي أكد على لسان حسين أمير عبد اللهيان على أن بلاده لن تسمح لأن تكون الرياضة آداة سياسية تعكر صفو العلاقات بين البلدين، بالإضافة إلى تأكيده أنه كان على تواصل دائم مع نظيره السعودي للتأكيد على تلك المبادئ، علاوة على تأكيده إعادة المباراة.
يضاف إلى ذلك أن أحداثًا أخرى - أوقع من أحداث مباراة الاتحاد وسباهان - لم تؤثر على رغبة البلدين في تطبيع العلاقات، وأبرزها الاستهداف الحوثي لتمركز عسكري جنوب المملكة العربية السعودية، والذي راح فيه ضابطين وعدد من الجنود البحرينيين التابعين لقوة الواجب المكلفة بالتمركز في جنوب السعودية على الحدود مع اليمن، وهو الحادث الذي لم يسفر عن سحب السعودية لسفيرها في إيران أو العكس، ما يشير أيضًا إلى رغبة في القفز على تلك الأزمات من أجل صياغة خارطة طريق لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين.
يعزز ذلك أن أحداث شغب الملاعب بشكل عام قد تحدث داخل دولة ما بين فريقين، وتشتد المنافسة على أشدها بين جماهير ناديين ما يتسبب في أحيان كثيرة إلى فرض أجواء غير صحية على المباريات نتيجة تعصب الجماهير لفرق بعينها، تمامًا كما يحدث في الدوري المصري بين جماهير الأهلي والزمالك، وفي الدوري الإسباني بين جماهير ريال مدريد وبرشلونة، وهي مباريات تسيطر عليها أجواء مشحونة من بدايتها لنهايتها، ومناقشات قد تمتد إلى مشاحنات ومشاجرات.
وعلى الرغم مما شاب المباراة من أحداث إلا أن إعلام الجانبين (السعودية وإيران) لم يتناول أحداث المباراة بطابع سياسي، فيما التزم الجميع بالبيان الصادر عن الاتحاد الأسيوي لكرة القدم، والذي أكد أن إلغاء المباراة جاء بسبب "ظروف غير متوقعة "، فيما أكد التزامه بضمان سلامة وأمن اللاعبين وحكام المباريات والجماهير وجميع أصحاب المصلحة المعنيين، على أن يتم إحالة كافة التفاصيل إلى اللجان المختصة"، فيما لم يصدر رسميًا عن الجانب الإيراني أي تعليق سوى تصريحات المدير التنفيذي لنادي سباهان الإيراني محمد رضا ساكت، والذي أكد أنه سيتقدم بشكوى ضد "الاتحاد السعودي" بعد انسحابه المفاجئ من مباراته مع سباهان، معللًا ما شهدته المباراة من أحدث بسبب "طرح مراقب المباراة لبعض الأمور التي كانت خارج القضايا الرياضية وضد المبادئ المطروحة في كل مكان"، وذلك على حد تعبيره.
رغبة مشتركة في عودة العلاقات
وينظر كلًا من السعودية وإيران لمسألة عودة العلاقات بينهما نظرة أخرى عن تلك التي قد تصدرها مباراة كرة القدم بين "الاتحاد" و"سباهان"، إذ ترغب إيران في فتح أسواق لنفسها داخل منطقة الشرق الأوسط والخليج بالتحديد، بعدما عانت من سطوة العقوبات الأمريكية التي فرضتها الإدارتين المتعاقبين (ترامب - بايدن)، كما ترى في الاستثمار في الأسواق الخليجية والسعودية على وجه التحديد ردًا والتفافًا ناجحًا على العقوبات الأمريكية التي فرضت عليها منذ عام 2018.
وعلى الجانب الآخر ترى السعودية أن عودة العلاقات قد تبشر بوقف الحرب في اليمن ووقف نزيف الخسائر المالية السعودية الناتجة عن تلك الحرب، مع ضمان الحفاظ على الأمن القومي السعودي من أية هجمات قد تنفذها الميليشيات الحوثية في اليمن، والتي اعتادت على توجيه طائراتها المسيرة الانتحارية وصواريخها الباليستية التي حصلت عليها من إيران تجاه أراضي المملكة، علاوة على الرغبة المشتركة لكلًا من السعودية وإيران في الانفتاح في المجال الاقتصادي المتعلق بالنفط، خاصة وأن الرياض وطهران من أبرز أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، وهو التعاون الذي قد يفضي إلى تحقيق نوع من الاستقرار في سوق النفط العالمي، وتأمين الإمدادات العالمية، في ظل حالة من الارتباك التي تسيطر على الأسواق العالمية بما فيها سوق النفط بسبب الحرب الروسية الأوكرانية من جانب، والعقوبات النفطية المفروضة على إيران من جانب آخر، فضلًا عن القرارات المتتالية لدول الخليج والمتعلقة بخفض إنتاج النفط، وهو القرار الذي أثار حفيظة الولايات المتحدة الأمريكية، والذي تلتقي حياله وجهات النظر الإيرانية والسعودية.
في المجمل.. فإن رغبة إيران في تبني سياسة "تصفير الأزمات" أسهم في تعزيز رغبتها في كسر العزلة المفروضة عليها بحكم العقوبات الأمريكية، وهو ما دعا كلًا من السعودية وإيران إلى البدء الفوري في عودة العلاقات استنادًا إلى بند في الاتفاق السعودي الإيراني برعاية الصين، والذي يقضي بضرورة تنفيذ الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وقعتها البلدين في فترة التسعينيات خلال حكم الرئيس الإصلاحي البارز محمد خاتمي، وهو ما يشير إلى رغبة كلا البلدين في عدم المضي قدمًا في سياسة "إهدار الوقت" من أجل صياغة تفاهمات جديدة بين الرياض وطهران، وهو ما يشير إلى أن أزمة تتعلق بـ"شغب ملاعب" لن تكون إلا "زوبعة في فنجان" سيتجاوزها الطرفان عاجلًا أم آجلًا من أجل هدف أكبر.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إيران السعودية مباراة الاتحاد وسباهان أصفهان العلاقات السعودية الايرانية السعودیة وإیران إلغاء المباراة عودة العلاقات العلاقات بین البلدین فی أحداث ا کل ا من وهو ما
إقرأ أيضاً:
سفير تايلاند: تعاون متنامٍ مع مصر وزيارة الأميرة تؤكد عمق العلاقات بين البلدين
أكد سفير تايلاند بالقاهرة ثيناوات سيريكول في حديث خاص للإذاعة المصرية ضمن برنامج "عالم المعرفة" بالبرنامج الأوروبي، أن العلاقات بين مصر وتايلاند تشهد تطورًا ملحوظًا وقائمة على التاريخ والاحترام المتبادل، مشيرًا إلى أن بلاده تثمّن الجهود الكبيرة التي تبذلها القيادة المصرية لتعزيز البنية التحتية ودعم الاستثمار والسياحة.
وأوضح السفير أن الأميرة ابنة الملك التايلاندي زارت مصر ممثلة لبلادها في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير، حيث التقت بالرئيس عبد الفتاح السيسي ونقلت له تحيات والدها الملك، مؤكدًا أنها استمتعت بالمشاركة في هذا الحدث العالمي. وأضاف أن الأميرة تمتلك شغفًا خاصًا بالحضارة المصرية، وهذه هي زيارتها الرابعة للقاهرة.
وأشار السفير إلى أن تايلاند تقدر حجم العمل الذي قامت به الدولة المصرية في بناء هذا الصرح الحضاري الكبير، إلى جانب مشروعات تطوير البنية التحتية التي من شأنها جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتنشيط القطاع السياحي.
وكشف عن أن شركة فندقية تايلاندية ستبدأ قريبًا في إنشاء وافتتاح فنادق جديدة في مصر، فضلًا عن وجود شركة تايلاندية أخرى تعمل في مجال المنسوجات داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
كما أوضح أن حجم التجارة بين البلدين يبلغ نحو 700 مليون دولار سنويًا، معربًا عن أمله في زيادة حجم التبادل التجاري خلال السنوات المقبلة، مؤكدًا أن السوق المصري يمتلك فرصًا واسعة وجاذبة لرجال الأعمال التايلانديين، خاصة في مجالات الطاقة النظيفة والخضراء.
وفي سياق التعاون الثقافي والديني، أكد السفير أن ما يقرب من 3 آلاف طالب تايلاندي يدرسون في جامعة الأزهر، وينقلون مبادئ الإسلام الوسطي إلى بلادهم، لاسيما أن 10% من سكان تايلاند من المسلمين.
وأشار إلى أن زيارة شيخ الأزهر لتايلاند العام الماضي، وزيارة مفتي الجمهورية هذا العام، تعكس متانة العلاقات الروحية والفكرية بين البلدين. وأضاف أن هؤلاء الطلاب يعودون إلى بلادهم كسفراء لمصر وثقافتها.
وتناول السفير ملامح بلاده، موضحًا أن تايلاند التي يسكنها نحو 70 مليون نسمة تمثل بوابة اقتصادية مهمة بين الشرق والغرب، وتعد محطة محورية للتجارة الدولية، كما تتمتع بقطاع طبي متقدم، وتحقق معدلات نمو مرتفعة في التصدير بمجالات التكنولوجيا وصناعة السيارات والزراعة. ويعد القطاع السياحي ركيزة أساسية في اقتصادها، حيث يمثل 16% من الدخل القومي، وتستقبل البلاد أكثر من 30 مليون سائح سنويًا بفضل طبيعتها وجوها وشعبها المعروف بالسماحة.
واختتم السفير حديثه بالتأكيد على أنه في عامه الأول بالقاهرة يسعى إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، معربًا عن تفاؤله بمستقبل مشرق للتعاون المصري–التايلاندي.
كما أعرب عن أمله في تبادل زيارات رسمية رفيعة المستوى قريبًا، مستذكرًا بفخر زيارة ملك تايلاند إلى مصر عام 1897 وإقامته بقصر عابدين، وكذلك زيارة الملك الحالي لمصر قبل 33 عامًا عندما كان وليًا للعهد.