معجزات سورة آل عمران يوم الجمعة..6 أسرار بينها قضاء الحاجة وفك السحر
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
يتساءل الكثيرون عن معجزات سورة آل عمران يوم الجمعة، وهل تقضي الحاجات وتفك الكروب وتحصن من الأعمال، وما هي حقيقة أنها تجعل الحق تبارك وتعالى وملائكته يصلون على قارئها؟
وفي التقرير التالي نسلط الضوء على ما ورد في شأن معجزات سورة آل عمران يوم الجمعة، وأسرارها.
.سكينة وبشارة لمن قرأها
لسورة آل عمران مكانة عظيم بين سائر آيات الوحي القرآني والسور الطوال فعن النواس بن سمعان: قال سمعت النبي يقول: «يؤتى بالقرآن يوم القيامة تقدمه سورة البقرة وآل عمران» وروى الدارمي في «مسنده» : أن عثمان بن عفان قال: «من قرأ سورة آل عمران في ليلة كتب له قيام ليلة».
وسماها عبدالله بن عباس رضي الله عنهما في حديثه في «الصحيح»، قال: «بت في بيت رسول الله فنام رسول الله حتى إذا كان نصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل استيقظ رسول الله فقرأ الآيات من آخر سورة آل عمران".
وتسمى سورة آل عمران بالكنز والأمان وسورة الاستغفار، فأصح ما ورد في هذه السورة عن النبي- صلى الله الله عليه وسلم - قوله: "اقرؤوا الزهراوين: البقرة وآل عمران".
ومن الأحاديث الصحيحة التي وردت في فضل آل عمران، عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه”، “اقرأوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما”، "اقرأوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة" "رواه مسلم".
وقد سميت سورة آل عمران بهذا الاسم لورود ذكر قصة تلك الأسرة الفاضلة "آل عمران" والد مريم آم عيسى وما تجلى فيها من مظاهر القدرة الإلهية بولادة مريم البتول وابنها عيسى عليهما السلام.
وسورة آل عمران هي السورة الثالثة ترتيبًا في القرآن وعدد آياتها 200 آية، وفى سورة آل عمران الكثير من الأحكام والأشياء التي تعطي الإنسان مزيدا من الثقة بدين الله وبكتابه ومزيدا من طمأنينة القلب فيما يقوله الله - سبحانه وتعالى - وفيها يتكلم الله عن كثير من القضايا التي يقع فيها كثير من الناس أصحاب الشكوك النفسية والمعنوية والشكوك في الدين.
كما أن سورة آل عمران تسمى سورة الأمان، كما قال الإمام القرطبي (رحمه الله) وتبعه في ذلك خلق كثير من المفسرين على أن هذه السورة تسمى سورة الأمان، وإن كثيرا من المفسرين غير الإمام القرطبي قالوا إن سورة آل عمران كنز من الكنوز، فلو قام الإنسان بسورة آل عمران في ليلة واحدة كتب من القانتين، ولو قرأها الإنسان قراءة في ليلة عُد له ذلك قيام ليلة كاملة.
ونزلت سورة آل عمران ﴿الم (١) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [آل عمران: 1-2] كلها في المدينة المنورة، وسميت آل عمران والبقرة بالزهراوين؛ لأنهما النيرتان الهاديتان قارئهما للحق بما فيهما من أنوار، أي معان، أو لما يترتب على قراءتهما من النور التام يوم القيامة، أو لأنهما اشتركتا فيما تضمنه اسم الله الأعظم.
روى أبو داود وابن ماجه وغيرهما عن أسماء بن يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم}، والتي في آل عمران: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم}»، وفي سبب نزول بداية السورة ثبت في رواية ابن إسحاق وابن جرير وأبي حاتم وغيرهم أن سبب نزول هذه السورة قضية وفد نجران من بلاد اليمن.
ووفد نجران هم قوم من نجران بلغهم مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أهل نجران متدينين بالنصرانية، وهم من أصدق العرب تمسكا بدين المسيح، وفيهم رهبان مشاهير، وقد أقاموا للمسيحية كعبة ببلادهم. روى ابن أبي حاتم: عن الربيع بن أنس قال: إنّ النصارى أتَوا رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم -، فخاصموه في عيسى ابن مريم، وقالوا له: مَن أبوه؟ وقالوا على الله الكذب والبهتان، فقال لهم النبي – صلى الله عليه وسلم -: «ألستم تعلمون أنّه لا يكون ولدٌ إلا وهو يُشْبِه أباه؟». قالوا: بلى. قال: «ألستم تعلمون أنّ ربنا حَيٌّ لا يموت، وأنّ عيسى يأتي عليه الفناء؟». قالوا: بلى.
قال: «ألستم تعلمون أنّ ربَّنا قَيِّمٌ على كل شيء يَكْلَؤُه ويحفظه ويرزقه؟». قالوا: بلى. قال: «فهل يملك عيسى مِن ذلك شيئًا؟» قالوا: لا. قال: «أفلستم تعلمون أنّ الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء؟» قالوا: بلى. قال: «فهل يعلم عيسى من ذلك شيئًا إلا ما علم؟». قالوا: لا. قال: «فإنّ ربَّنا صَوَّرَ عيسى في الرَّحِم كيف شاء. ألستم تعلمون أنّ ربَّنا لا يأكل الطعام، ولا يشرب الشراب، ولا يحدث الحدث؟». قالوا: بلى. قال: «ألستم تعلمون أنّ عيسى حَمَلَتْهُ أمُّه كما تحمل المرأةُ، ثُمَّ وضَعَتْه كما تَضَعُ المرأةُ ولدَها، ثُمَّ غُذِّي كما تُغَذِّي المرأةُ الصبيَّ، ثُمَّ كان يأكل الطعام ويشرب الشراب ويحدث الحدث؟». قالوا: بلى. قال: «فكيف يكون هذا كما زعمتم؟». فعرفوا، ثم أبَوْا إلا جُحودًا؛ فأنزل الله: {الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم}.
معجزات سورة آل عمران1- روى أبى كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال” من قرأ سورة آل عمران أعطي بكل آية منها أمانا على جسر جهنم”.
2- سورة أل عمران تظل قارئها يوم العرض الأعظم وقد ورد ذلك في السنة حين قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آلة وسلم {تعلموا سورة البقرة، وسورة آل عمران، فإنهما الزهراوان، وإنهما تظلان صاحبهما يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو غيايتان، أو فرقان من طير صوان}.
3- يعد لقراءة سورة آل عمران يوم الجمعة كل أسبوع فضل عظيم على قارئها، حيث يصلي كل من الله تعالى عز وجل، وملائكته على الشخص الذي يقرأها حتى غروب الشمس وقد ورد صحة ذلك في السنة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قرأ سورة آل عمران يوم الجمعة صلى الله عليه وملائكته، حتى تحجب الشمس “.
4- تساعد هذه السورة مع سورة البقرة في إبطال مفعول السحر، وعند المواظبة على قراءتها أو سماعها يبعد عن الشخص كل أنواع السحر والسحرة.
5- عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، روى الدرامي (3396) عنه رضي الله عنه أنه قال: (من قرأ آخر آل عمران في ليلة كتب له قيام ليلة) من يقرأ أخرها كأنه أقام الليل.
6- تساعد في قضاء الحوائج فعن الإنام على رضي الله عنه قال: إذا أراد أحدكم الحاجة فليكن في طلبها يوم الخميس فإن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “اللهم بارك لأمتي في بكورها يوم الخميس، وليقرأ إذا خرج من منزله آخر آل عمران، وإنا أنزلناه في ليلة القدر، وأم الكتاب فإن فيهن قضاء حوائج الدنيا والآخرة “.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم رضی الله عنه سورة البقرة یوم القیامة رسول الله فی لیلة من قرأ
إقرأ أيضاً:
خطبتا الجمعة بالحرمين: الموفّق مَنْ عمّر وقته في هذه الأيام المباركة بالطَّاعات وتزوّد من الصالحات وشكر ربَّه على النعم المتواليات
ألقى الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه وتجنب مساخطه ومناهيه.
وقال فضيلته: إن الله تعالى تكفّل بحفظ دينه، وجعل من أسباب حمايته الشرعية حفظ شعائره، سواء كانت شعائر زمانية أو مكانية أو تعبدية، فيبقى الدين في الناس، ما بقيت فيهم شعائره وتعظيم شعائر الله، وهي دليل على تقوى القلب وخشيته {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمُ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}.
وأضاف: إن من شعائر الله يوم عرفة، وهو يوم الوفاء بالميثاق الذي أخذه الله تعالى على بني آدم؛ ففي مسند الإمام أحمد أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: “أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان – يعني عرفة – فأخرج مِنْ صُلْبِه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذَّر، ثم كلَّمهم قُبُلًا، قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}”. وفي يوم عرفة ينزل ربنا جل في علاه إلى السماء الدنيا نزولًا يليق بجلاله وكبريائه وعظمته فيباهي بأهل الموقف ملائكته، وهو أكثر يوم في العام يُعتق الله فيه خَلْقًا من النار، سواء ممن وقف بعرفة منهم ومَنْ لم يقف بها من الأمصار.
وبين الشيخ ماهر أن عظيم الأزمنة الفاضلة، من عظيم شعائر الله، ونحن في هذه الأيام نعيش في خير أيام العام، التي أقسم الله بها، وفضلها على سِوَاهَا، فقال: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرِ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ}، فعشر ذي الحجة اجتمع فيها مِنَ العبادات ما لم يجتمع في غيرها، مشيرًا إلى أن من فضائل هذه الأيام المباركات أن فيها يوم النحر، وهو من خير أيام الدنيا، وأحبها إلى الله تعالى وأعظمها حرمةً، وفيه عبادة الأضحية، والأضحية سُنَّة مؤكدة، لا ينبغي تركها لمن قَدَرَ عليها، وينبغي لمن أراد أن يضحي إذا دخلت عشر ذي الحجة أن يُمسك عن شعره وأظفاره وبشرته، حتى يذبح أضحيته ؛ لما روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليُمْسِكُ عن شَعْرِه وأظفاره”، فامتثلوا أمر ربكم، وقفوا على مشاعركم، وأتموا نسككم، واقتدوا برسولكم – صلى الله عليه وسلم-، وابتهلوا إلى ربكم رحمته، تفوزوا برضوانه وجنته.
وأكّد إمام وخطيب المسجد الحرام أن المملكة بذلت كل وسعها، وسخرت أمنها وأجهزتها، وهيأت كل أسباب التسهيل والراحة والأمن والسلامة، عبر أنظمتها التي تهدف إلى سلامة الحجيج وأمنهم، وتيسير أداء مناسكهم، تحت سلطة شرعية في حفظ النفس والمال، لذا فإن الحج بلا تصريح هو إخلال بالنظام وأذية للمسلمين، مقابل حقوق الآخرين، وجناية لترتيبات وضعت بدقة متناهية، فحري بمن قصد المشاعر المقدسة تعظيم هذه الشعيرة العظيمة، واستشعار هيبة المشاعر المقدسة بتوحيد الله وطاعته والتحلي بالرفق والسكينة والتزام الأنظمة والتعليمات، والبعد عن الفسوق والجدال والخصام، ومراعاة المقاصد الشرعية التي جُعِلَتْ من السلامة، والمصلحة العامة. حفظ الله حجاج بيته الحرام، وتقبل حجاجهم وسائر أعمالهم، ووردهم إلى أهلهم سالمين وبالمثوبة غانمين.
* وفي المسجد النبوي الشريف ألقى خطبة الجمعة فضيلة الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم، وحثّ في مستهلها المسلمين على اغتنام فضل الأيام العشر من ذي الحجة، والتقرّب إلى الله بأداء العبادات، والطاعات، وتلاوة القرآن، والصدقة، وسائر الأعمال الصالحات، لما اختصّ الله هذه الأيام العشر المباركة من فضل، ولما فيها من شعائر دينية عظيمة.
وأوضح الشيخ الدكتور عبدالمحسن القاسم أن الله جلّ وعلا فاضل بين الليالي والأيام، ومَنَّ على عباده بمواسم الطاعات، ليزداد المؤمنون رِفعةً في درجاتهم، ومن الأيام الفاضلة التي أعلى الله شأنها، وعَظم أمرها، أيامُ عشر ذي الحجة، إذ أقسم الله بها، فقال تعالى: {وَالفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرِ}، وهي من أيَّامِ اللهِ الحرم، وخاتمة الأشهر المعلومات، نهارها أفضل من نهارِ العشر الأواخر من رمضان مستشهدًا بحديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم- عن فضل هذه الأيام المباركة بقوله- : “أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامُ العَشْرِ”، كما قال- عليه الصلاة والسلام-: “مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنَ العَمَل فِي هَذهِ، قَالُوا: وَلا الجهَادُ؟ قَالَ: وَلَا الجَهَادُ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعُ بِشَيْءٍ” (رواه البخاري).
وبين إمام وخطيب المسجد النبوي أن أيام العشر من ذي الحجة اجتمعت فيها أُمهات العبادة من الصَّلاة، والصدقة، والصيام، والحج، والنحر. ومن أعلام أيامها حج بيت الله الحرام، أحد أركان الإسلام، وأصل من أصوله العظام، تُمحى به الذنوب والخطايا، قال عليه الصلاة والسلام: “الحَج يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ” (رواه مسلم)، وهو طهرة للحاج من أدران السيئات، قال – صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ حَجّ لله فَلَمْ يُرفُث ولَمْ يَفْسُقُ رَجَعَ كَيوم ولَدَتْهُ أُمُّهُ” (متفق عليه).
وذكر أن الأيام العشر من ذي الحجة فيها يوم عرفة، ملتقى المسلمين المشهود، يوم كريم على المسلمين، مستدلاً بحديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: “مَا مِنْ يَوْمِ أَكثرَ مِنْ أَنْ يُعتق اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عرفة” (رواه مسلم)، مبينًا أن يوم عرفة يومُ دعاءٍ ورجاءٍ وخشوعٍ، وذُلٍ وخضوعٍ للواحد الأحد، فقال ابنُ البرّ – رحمه الله-: “دعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ مُجَابٌ كُلَّهُ فِي الْأَغلَبِ”.
وقال الشيخ عبدالمحسن القاسم: إن في العشر من ذي الحجة أحد عيدي المسلمين، ففيها يوم النحر، أعظمُ الأيَّامِ عند الله، وأشدُّها حُرمةً، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – في حجة الوداع في خطبته يوم النحر: “أَلَا إِنَّ أَحْرَمَ الأيام يومُكُمْ هَذَا”(رواه أحمد)، مضيفًا أنه أفضل أيام المناسك وأظهرها، وأكثر شعائر الإسلام فيه، وهو يوم الحجّ الأكبر الذي قال الله تعالى فيه: “وَأَذَان مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَومَ الحَج الأكبر” وفيه أكمل الله لهذه الأمة الدين.
وتابع فضيلته مبينًا أن في نفوس المسلمين خلال أيام العشر من ذي الحجة حنينًا لحجِّ بيت الله الحرام، ومن فضل الله على عباده أنه لم يُوجبه إلا على المُستطيع، كما أن مَنْ عَزمَ على حجّه ولم يستطِع نال ثوابه. ويُستحبُّ في العشر المباركة صيامُ التِّسعة الأولى منها، قال النووي – رحمه الله-: “مُسْتَحَبٌ استحبابًا شَدِيدًا”، كما قال – عليه الصلاة والسلام- عن صيامِ يومِ عرفة “يُكَفِّرُ السَّنة الماضية والباقية” (رواه مسلم). والأفضل للحاج أن لا يصومه، تأسّيًا بفعل النبي – صلى الله عليه وسلم-.
وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي أنه يُستحبُّ في أيام العشر من ذي الحجة الإكثار من ذكر الله، امتثالًا لقول الله جلّ شأنه: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومات}، كما دعا إلى ذلك النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في قوله: “فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التهليل والتكبير والتحميد” (رواه أحمد)، مبينًا أن التكبير المطلق في كل وقت من شعائر عشر ذي الحجة، ويُشرَعُ التكبير المقيّد عقب الصلوات المفروضة، من فجر عرفة للحُجّاج وغيرهم إلى عصر آخر أيام التشريق.
وأفاد بأن مما يُستحبّ فعله في العشر من ذي الحجة تلاوة كتاب الله العظيم، فأجرها مضاعفٌ، والصدقة من أبوب السعادة، وخير ما تكون في وقتِ الحاجة وشريف الزمان، وفي أيام النحر والتشريق عبادة مالية بدنية قرنها الله بالصلاة، فقال سبحانه: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}.
وبيّن أن الله سبحانه حثّ على الإخلاص في النحر، وأن يكون القصد وجه الله وحده، لا فخر، ولا رياء، ولا سمعةً، ولا مُجرَّدَ عادة، فقال سبحانه: {وَلَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُم}. وقد “ضحى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِكَبْشَيْنِ أَملحين أقرنين، ذَبحهما بيده”. (متفق عليه).
وأكّد الشيخ عبدالمحسن القاسم على مكانة بيت الله العتيق، وقدسيته، وحُرمته، مبينًا أن من إحسانه تعالى أن جعل موسم العشرِ مشتركًا بين السائرين للحج والمعذورين، والحاج مع فَضْل الزمان ينال شرف المكان في أحب البقاع إلى الله (مكة المكرمة)، التي أقسم الله بها، وقَدَّسَها الله وصالها، وبارك فيها بكثرة الخير فيها ودوامه، وجعلها آمنةً لا قتال فيها، والطَّيرُ فيها آمن لا يُنفر، والشجر لا يُقطع، والمالُ الذي لا يُعرف مالكه لا يُؤخذ إلا لمعرّف به. نظر إليها النبي – صلى الله عليه وسلم- ثم قال: “وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ” (رواه ابن حبان).
وختم فضيلته خطبة الجمعة مبينًا أن الحاج الموفّق مَنْ عمّر وقته في هذه الأيام المباركة بالطَّاعات، وتزوّد فيها من الصالحات، وتعرّض فيها لنفحات الرحمات، وشكر فيها ربِّه على النعم المتواليات، ودعا للقائمين على خدمة الحجيج والمعتمرين، فالعباد لهم سعي حثيث إلى الله، وليس لهم حط عن رحالهم إلا في الجنة أو النار. وكل ساعة من العمر إن لم تقرب المرء من ربّه أبعدته.