بقلم: جهان مرشيد

مع عودة التلاميذ إلى صفوف الدراسة خلال الموسم 2023-2024، يتجدد النقاش حول ظاهرة "دروس الدعم والتقوية" أو ما يطلق عليه "الدروس الخصوصية"، التي يتزايد إقبال الأسر المغربية عليها لمواكبة المسار التعليمي لأبنائها.

غير أن المواقف تتباين إزاء هذه الظاهرة، المعروفة عند عموم المغاربة بـ "حصص المراجعة"، بين مؤيد ومعارض، بالنظر إلى تعدد مزاياها وإيجابياتها من وجهة نظر الآباء وأولياء الأمور ، وما تطرحه في المقابل من إشكاليات.

وفي هذا الصدد، قال رئيس جمعية منتدى الطفولة، عبد العالي الرامي، إن من بين الأسباب الرئيسية التي تدفع الآباء إلى وضع أبنائهم في هذه الحصص " الضعف المسجل في مستوى تحصيل بعض المواد الدراسية وخاصة منها العلمية، وكذلك ضيق الحيز الزمني المخصص لتدريس بعض المناهج والمقررات مقارنة مع الحجم الزمني الذي يحتاجه المتمدرسون من أجل فهمها واستيعابها كما ينبغي.

وبعد أن أشار إلى ظاهرة اكتظاظ الأقسام الدراسية وتأثيرها على مردودية الأساتذة في عملية الشرح والتلقين لمجموع التلاميذ، شدد السيد الرامي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، على أن "دروس الدعم هي سيف ذو حدين تسهل على التلميذ عملية التحصيل الدراسي وتمنح للآباء الإحساس بالطمأنينة لأن كثرة مشاغلهم لا تخول لهم التأطير والمتابعة المتنظمين لأبنائهم داخل البيت (..) لكنها، في المقابل، قد تعود التلاميذ على الاتكالية وعدم الاجتهاد في الاستقصاء والبحث عن المعلومة وتحصيلها بشكل فردي".

كما دعا الفاعل الجمعوي المؤسسات التعليمية إلى القيام بالأدوار المنوطة بها من خلال تشجيع أطرها على مزيد من البذل والعطاء خلال أداء مهامهم داخل الفصول الدراسية، مع العمل على رفع منسوب الثقة عند التلاميذ وحثهم على الاجتهاد الفردي في تحصيل المعارف والمعلومات.

وفي هذا الإطار، أبرز رئيس جمعية منتدى الطفولة أهمية وضع الوزارة الوصية قوانين صارمة من شأنها الحد من انتشار ظاهرة حصص الدعم "بشكل عشوائي"، وذلك من خلال الحرص على إسناد الإشراف على هذه الحصص للأطر التعليمية المؤهلة.

من جانبها، قالت الإدريسية الزراري، أستاذة بالسلك الابتدائي، في تصريح مماثل، إن حصص الدعم والتقوية "تعد بمثابة تكملة للتلميذ وخاصة في مادة الرياضيات التي يواجه فيها التلاميذ الكثير من الصعوبات في التحصيل والإنجاز"، مبرزة أن هذه الدروس "تمنح للمتمدرسين الثقة في نفوسهم وتجعلهم يتابعون دروسهم داخل الأقسام بارتياح نفسي كبير جدا".

وبعد أن ذكرت بأن أي ظاهرة مجتمعية تنطوي على إيجابيات وسلبيات، أكدت أستاذة مادتي الرياضيات والنشاط العلمي بإحدى المدارس الخاصة في مدينة تيفلت، أنه من بين سلبيات حصص الدعم "استباق معظم أساتذة الدعم أساتذة الفصل الرئيسيين على مستوى شرح عناوين ومكونات المناهج أو المقررات الدراسية، ما يجعل هذه الفئة من المتمدرسين يشوشون على السير العادي للدروس داخل الأقسام".

وفي سياق متصل، أوضحت السيدة الزراري أنه من بين سلبيات هذا النوع من الدروس " اختلاف طريقة الشرح والتلقين بين أستاذ حصص الدعم وأستاذ حصص الفصل الرئيسي، والتي قد تخلق نوعا من الحيرة والارتباك والتشويش عند التلميذ"، مضيفة أن الأمر قد ينعكس في بعض الأحيان على التفاهم والتواصل الجيدين بين التلميذ وأساتذته.

وبعد أن لفتت إلى عدم استغناء الكثير من أولياء الأمور عن هذه الحصص من أجل مواكبة أفضل للعملية التعليمية لأبنائهم، حذرت الأستاذة الإدريسية من فرض العديد من الأساتذة على تلاميذهم الاستفادة من دروس التقوية تحت إشرافهم "وإلا سيأخذون منهم موقفا معاديا على مستوى التقييم والتفاعل والعلاقة داخل الفصل بشكل عام (..)".

وعلاقة بالتكلفة المالية لدروس الدعم والتقوية، أكدت السيدة مونية التي يستفيد أبناؤها من هذا الصنف من الحصص، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الدروس " تثقل كاهل الأسر المغربية بما لا يدع مجالا للشك، لأنها تلزم أرباب الأسر بمصاريف إضافية (..) لكنها أضحت جزءا لا يتجزأ من معيشنا اليومي، لأنها تجعلنا نطمئن أكثر وبالملموس على المستقبل الدراسي لفلذات كبدنا".

من جانبها، اعتبرت أسماء، تلميذة بالسلك الثانوي التأهيلي، في تصريح مماثل، أن حصص الدعم تشكل "العمود الفقري لنجاح عملية تحصيل بعض المواد الدراسية، وخاصة منها العلمية كالرياضيات، باعتبارها عالما شاسعا يضج بالمعادلات والأنظمة والتحديات التي لن تكفي الحصص الدراسية الرئيسية من أجل احتوائها وحسن الإلمام بها".

وبعد أن أكدت أن دروس التقوية تمنح للمتمدرسين الثقة في النفس وتجعلهم فخورين بذواتهم، شددت التلميذة في قسم "جدع مشترك علمي - خيار فرنسي"، بثانوية محمد السادس التأهيلية في مدينة سلا الجديدة، على أن هذه الحصص لا تخلو من سلبيات وخاصة منها "التشويش الذي قد يصاب به التلميذ بين الفصل الرئيسي وفصل الدعم، كما أن الكثير من الأساتذة يفرضون على تلاميذهم الاستفادة من حصص إضافية تحت إشرافهم وهذا قد يضر كثيرا بنفسية التلميذ طيلة العام الدراسي (..)".

وجدير بالذكر أن الحكومة المغربية أصدرت مرسوم رقم 2.20.472 في شأن دروس الدعم التربوي، الذي صدر بالجريدة الرسمية (عدد 7019) بتاريخ 06 شتنبر 2021.

ويحدد هذا المرسوم، الذي يتضمن ثمان مواد، شروط وكيفيات تنظيم دروس الدعم التربوي لفائدة التلميذات والتلاميذ الذين لا يتحكمون في المستلزمات الدراسية الأساسية لمتابعة دراستهم في المستوى الذين هم فيه، ولا يستطيعون مسايرة إيقاع التعلم في بعض أو جل المواد الدراسية المنصوص عليها، وذلك بهدف تعزيز وتحسين معارفهم الأساسية وكفاياتهم اللازمة، بما يضمن مواصلة تمدرسهم إلى غاية نهاية سلك التعليم الإلزامي.

 

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: فی تصریح وبعد أن

إقرأ أيضاً:

كاكوما.. قصة مخيم لاجئين أسسه أطفال

كاكوماـ قبل 33 عاما، خرج مجموعة من الأطفال لرعاية ماشيتهم من إحدى قرى جنوب السودان إبان الحرب الأهلية في البلاد، وعند عودتهم في المساء وجدوا قريتهم قد حرقت بالكامل، فهرعوا خوفا من المكان بحثا عن ملاذ آمن، وقادتهم أقدامهم بعيدا عن العنف إلى خارج بلدهم.

ظل الأطفال يسيرون قرابة اليوم بعد اجتياز حدود بلادهم مع كينيا ليستقروا في إحدى المناطق التابعة لمقاطعة تروكان الكينية شمال غرب البلاد، مؤسسين النواة الأولى لمخيم "كاكوما" أحد أكبر مخيمات اللاجئين في العالم.

ومع تصاعد العنف في بلادهم لحقهم المئات ثم الآلاف من النازحين بحثا عن ملاذ آمن من الحرب المستعرة ليتوسع المخيم من عشرات النازحين إلى الآلاف ثم إلى مئات الآلاف، وليمتد حاليا على مساحة أكبر من 30 كيلو مترا مربعا.

المخيم يعاني من ضعف البنية التحتية (الجزيرة) جنسيات مختلفة

يضم مخيم "كوكوما" أكثر من 9 جنسيات مختلفة غالبيتهم من جنوب السودان والصومال وإثيوبيا والكونغو ورواندا، ويعاني ظروفا معيشية صعبة مع عدم قدرة كينيا على تقديم الدعم الكافي، فضلا عن قلة وندرة الدعم الدولي الموجه إلى هؤلاء اللاجئين.

ومع أن غالبية سكان المخيم من اللاجئين الفارين من الحرب الأهلية في جنوب السودان، لكن مع تعاقب الأزمات، تحول المخيم إلى موطن بديل لأكثر من 340 ألف نازح، يعيشون في مساكن بسيطة من الطين والصفيح، ويعتمدون على مساعدات من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وشركاء دوليين ومحليين.

وبعد أكثر من 3 عقود من تأسيسه، توافقت الحكومة الكينية مع الوكالات الإنسانية على خطة تهدف إلى تخفيف الاعتماد على المساعدات، ودفع اللاجئين للاعتماد على أنفسهم اقتصاديا على الرغم من التحديات الهائلة؛ إذ قلة من اللاجئين يملكون الحق القانوني في العمل أو الحصول على الجنسية الكينية، فضلا عن الافتقار للموارد والبنية التحتية اللازمة لبناء اقتصاد محلي حقيقي.

إعلان

يقول "بيتر لوال"، لاجئ من جنوب السودان ويبلغ من العمر 28 عاما: "وصلت إلى كاكوما وأنا طفل بعد أن فقدت والدي في الحرب، اليوم، لدي دكان صغير، وأحاول بناء حياة من جديد، رغم كل شيء".

السير على الأقدام وسيلة التنقل في المخيم (الجزيرة) تحديات يومية

ورغم أن اللاجئين يحصلون على المأوى والرعاية الصحية الأساسية والتعليم، فإن شح التمويل وتقلص الدعم الدولي يضعان الجميع أمام تحديات يومية، أبرزها انعدام فرص العمل ونقص الغذاء وسوء البنية التحتية.

ويُعد التعليم أحد الأعمدة التي يسعى اللاجئون لتثبيتها في بيئة المخيم، إذ تحتضن مدارس كاكوما عشرات الآلاف من الأطفال، رغم ضعف الموارد وكثافة الفصول الدراسية.

وتقول "مريم حسن"، وهي لاجئة صومالية وأم لـ4 أطفال "أريد أن يتعلم أطفالي ليكون لهم مستقبل خارج حدود المخيم، التعليم هو الشيء الوحيد الذي لا يمكن سرقته منا".

وأسهمت جهود المنظمات غير الحكومية وبرامج مثل "التعليم في حالات الطوارئ" في دعم تعليم اللاجئين، لكن الحاجة لا تزال تفوق الإمكانيات المتاحة بكثير.

وتلعب النساء دورا محوريا في حياة المخيم، وغالبا ما يكنّ المسؤولات عن إعالة الأسر في ظل غياب المعيل أو فقدانه، ويواجهن تحديات مضاعفة، تشمل العنف القائم على النوع الاجتماعي، ومحدودية الفرص الاقتصادية، وصعوبة الوصول إلى الرعاية الصحية.

لكن في المقابل، تعمل منظمات محلية ودولية على تمكين النساء عبر مشاريع صغيرة ومبادرات تدريب مهني.

وتقول "روز أكيلو"، وهي منسقة برامج نسوية في منظمة مجتمع محلي داخل كاكوما "نحاول أن نعيد تعريف أدوار النساء داخل المجتمع، وأن نتيح لهن بيئة آمنة يعبرن فيها عن قدراتهن".

ورغم الأوضاع الصعبة، فقد شهد المخيم في السنوات الأخيرة بروز مبادرات شبابية يقودها لاجئون يسعون لتحسين ظروفهم بأنفسهم. وتنتشر في كاكوما فرق رياضية، وورش تعليم مهارات رقمية، ومبادرات بيئية مثل إعادة تدوير النفايات وتحويلها إلى أدوات مفيدة.

أهالي المخيم يعانون الفقر وقلة المساعدات (الجزيرة) تقليص الدعم

وتعاني المنظمات الإنسانية العاملة في كاكوما من ضغوط مالية متزايدة، مع تناقص التمويل الدولي المخصص للاجئين، مما أدى إلى تقليص الحصص الغذائية وخدمات الصحة والتعليم.

إعلان

وعبر هاميسي كاكوزي، اللاجئ من الكونغو، عن القلق من تزايد الفجوة التي قد تحدث بعد نقص الدعم الموجه للاجئين في المخيم قائلا إن "الوضع صعب جدا، وبدون زيادة الدعم الدولي، سيكون من الصعب الحفاظ على الحد الأدنى من الخدمات الأساسية في المخيم".

ويقول أحد اللاجئين الشباب ممن يعملون في فريق تطوعي داخل المخيم "أحلم أن أكون صحفيا، لأروي قصتنا كما هي، العالم لا يعرف عن كاكوما سوى أنه مخيم، لكننا هنا نبني مستقبلا رغم كل شيء".

شاباري: قضية اللاجئين ليست أزمة وطنية تخص كينيا فقط (الجزيرة) دور الحكومة

في حديث خاص للجزيرة نت، قال مدير دائرة خدمات اللاجئين في مخيم كاكوما أدوين شاباري، إن الحكومة الكينية تبذل جهودا مستمرة في تعزيز الأمن داخل المخيمات، حيث "تم إنشاء عدد من مراكز الشرطة لضمان السلم الأهلي، ويتم ذلك بالتنسيق الدائم مع شركائنا من المنظمات الدولية، وعلى رأسها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وبرنامج الأغذية العالمي، بالإضافة إلى أكثر من 53 منظمة أخرى تقدم خدمات متعددة داخل المخيم".

وأضاف شاباري أن دور دائرة خدمات اللاجئين يتمثل في "تنسيق عمل هذه المنظمات وضمان جودة الخدمات المقدمة"، مشيرا إلى أن المهام الحكومية تمتد إلى مجالات حيوية تشمل "توفير المياه، وخدمات الصرف الصحي، وتسجيل اللاجئين فور وصولهم، ومنحهم بطاقات هوية وتصاريح تنقل، مما يمكننا من تتبع حركتهم خارج حدود المخيم".

وعند سؤاله عن تداعيات خفض ميزانية الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو إس إيد) (USAID) بناء على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أوضح شاباري أن "التخفيضات تسببت في تراجع حاد في مستوى الخدمات، وارتفاع معدلات الجريمة داخل المخيم، لاسيما جرائم السرقة والعنف القائم على النوع والعنف ضد الأطفال".

وأشار إلى أن "هذه التخفيضات أثرت مباشرة على قدرة المنظمات على توظيف الكوادر، حيث اضطرت منظمات مثل المنظمة الدولية للهجرة ولجنة الإنقاذ الدولية إلى تسريح عدد من الموظفين، مما انعكس سلبا على برامج التعليم، وبناء السلام، والمبادرات المجتمعية، التي أُوقف عدد كبير منها"، كما حذر من احتمال حدوث "فراغ أمني وخدمي خلال شهر إن لم تُتخذ تدابير عاجلة".

إعلان

وفيما يتعلق بالمساعدات الغذائية، أوضح أن "الحصص الغذائية انخفضت من 80% إلى نحو 40% من الاحتياج الفعلي، كما تم تخفيض الدعم النقدي من 520 شلنا للفرد إلى صفر، اعتبارا من يونيو المقبل".

وختم حديثه بالقول إن "قضية اللاجئين ليست أزمة وطنية تخص كينيا فقط، بل هي أزمة إنسانية ودولية، ونحن ملتزمون بالقانون الدولي الذي لا يسمح بالإعادة القسرية للاجئين، وعلينا أن نستقبلهم ونتعامل معهم بما يتوافق مع قيمنا الأخلاقية والثقافية".

مقالات مشابهة

  • "مريضة إيدز" تثير القلق في مصر.. وبيان رسمي يوضح الحقيقة
  • جمجمة غريبة تثير الجدل في الأرجنتين
  • اليوم.. بدء إعلان نتائج الفصل الدراسي الثاني لصفوف النقل تدريجيًا
  • "الأنصاري": الفيوم تُنهي استعداداتها لانطلاق امتحانات نهاية العام الدراسي للشهادة الإعدادية بنظام البوكليت
  • تقرير يضع 6 دروس عراقية أمام سوريا: إحذروا منها
  • كاكوما.. قصة مخيم لاجئين أسسه أطفال
  • مقابلة لـ زاهي حواس تثير جدلاً بين المصريين
  • انطلاق تصوير الموسم الثاني من مسلسل نتفليكس “The Gentlemen”
  • حصول قرية الحصص بالدقهلية على شهادة ترشيد للمجتمعات الريفية الخضراء
  • الاستقطاب يحدد دعم الأندية في دوري روشن في الموسم الجديد