(عدن الغد)خاص:

تقرير يتناول الصراع بين مليشيات الحوثيين وشركة طيران الخطوط الجوية اليمنية..

ما حقيقة اتهامات الحوثيين لشركة طيران اليمنية؟

لماذا يحتجز الحوثيون أموال شركة طيران اليمنية؟

كيف يمكن حل وتجاوز الإشكاليات التي تحدث.. وما تأثيراتها على المواطنين؟

استعراض تاريخ الشركة وإنجازاتها ومشاكلها

(عدن الغد) القسم السياسي:

احتدم الصراع بين مليشيات الحوثي الانقلابية بصنعاء، وبين شركة الخطوط الجوية اليمنية، الشركة الحكومية الوحيدة والحصرية المتكفلة بنقل المواطنين اليمنيين الراغبين بالسفر، وحلقة الوصل الجوية الوحيدة بين اليمن والعالم.

طبيعة الصراع وخلفياته يمكن حصرها واختصارها بسياسة الحوثيين الانقلابيين التي انتهجوها منذ الوهلة الأولى لانقلابهم على الدولة في اليمن، وذلك أن المليشيات أخذت على عاتقها السيطرة والاستحواذ على كافة مؤسسات الدولة، وشركاتها ومرافقها الإيرادية الكبرى، كنتاج طبيعي لرغبتهم في النهب والسلب التي درجوا عليها واعتادوها.

فالمشكلة الأخيرة بين الحوثيين وشركة طيران اليمنية تتمحور حول أرصدة الشركة وأموالها المتواجدة في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي، والتي سطا عليها الحوثيون ونهبوها، تحت مبررات واهية وغير منطقية، وهو ما لم ترضَ به شركة الخطوط الجوية اليمنية، التي صعدت من جانبها هي الأخرى.

تصعيد اليمنية تمثل في تعليق رحلاتها إلى مطار صنعاء الدولي، كاحتجاج ورد فعل على مصادرة الحوثيين لأرصدة وأموال الشركة في صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة، غير أن الحوثيين واجهوا التصعيد بتصعيد مماثل من خلال احتجاز طائرة اليمنية القادمة من مطار الملكة علياء بالعاصمة الأردنية عمّان إلى صنعاء، ما جعل المشكلة تتخذ أبعادا خطيرة، ربما لم يكن مخططا لها.

لكن ما لا يستوعبه أحد، هو الكيفية التي تواجدت فيها طائرة اليمنية في صنعاء، رغم تصعيد شركة الطيران المحلية ضد الحوثيين، وخلافاتها معهم، وإقرارها تعليق رحلاتها إلى صنعاء، فمن البديهي أن تتوقف رحلات اليمنية إلى صنعاء بعد قرار الأخيرة تعليق رحلاتها، غير أن تواجد الطائرة المحتجزة في مطار صنعاء رغم المخاطر ورغم الخلافات يثير الكثير من التساؤلات والشبهات.

الصراع بين الطرفين قائم على الأموال الخاصة باليمنية في مكاتبها ومرافقها الواقعة داخل نطاق سيطرة الحوثيين، لكنه اتخذ أبعادا سياسية كثيرة، عطفا على علاقة اليمنية المباشرة بالحكومة الشرعية، بالإضافة إلى تأثيرات التفاهمات بين الحوثيين والتحالف العربي والأمم المتحدة بشأن تشغيل الرحلات الإنسانية عبر مطار صنعاء الدولي.

قد تكون طبيعة الخلاف هذه ألقت بظلالها على الوضع الإنساني للرحلات من وإلى صنعاء بالفعل، لكنها أيضا تخضع للمبالغة من قبل المليشيات التي تتخذ من المبرر الإنساني منطلقا لممارستها ضد مؤسسات الدولة، خاصة الإيرادية منها، والتي تهدف على ما يبدو للإضرار بالوضع المالي لشركة الخطوط الجوية اليمنية، تماما كما أضرت بالكثير من مؤسسات الدولة الكبرى.

> اتهامات الحوثيين لـ "اليمنية"

مصادرة الحوثيين لأموال اليمنية في مناطق سيطرة المليشيات، بررته هذه الأخيرة بأنه يأتي بهدف إعادة تهيئة الشركة وفروعها في مناطق سيطرة الجماعة، وهذا المبرر مهما كان غير منطقي وغير واقعي، إلا أنه كان الأساس الذي بنت من أجله المليشيات قرار مصادرة أموال شركة الخطوط الجوية اليمنية، والبالغة حوالي 80 مليون دولار، بحسب بيان الحوثيين الأخير.

لكن هذا التبرير لم يقف عند حد الترويج لرغبة الحوثيين بـ "تحديث أسطول طيران اليمنية"، وإعادة تشغيل مكاتبها وفروعها في صنعاء ومدن السيطرة الحوثية، بحسب البيان الحوثي، ولكنه يوحي بسعي المليشيات إلى محاولة الاستقلال وانفصال شركة الطيران عن اليمنية، وإنشاء شركة طيران خاصة بها، لا مانع من أن تحمل نفس الاسم، تجسيدا للازدواجية التي ضربت حكومات اليمن المتعددة ورؤساءها الكثر، وعملتي الشمال والمناطق المحررة، وغيرها من الثنائيات المؤسسية التي أنتجتها الحرب وتبعاتها.

وهذه محاولة قامت على أساس اتهامات أطلقتها الجماعة الحوثية ضد شركة طيران اليمنية، فوفق البيان الحوثي، فإن اليمنية تعمل على "العبث" بأموال المسافرين اليمنيين من الجرحى والمرضى والضعفاء، الذين يدفعون لليمنية أموالهم دون أن يحصلوا على خدمات مناسبة ونوعية، بحسب التبرير العلني الذي أصدره الحوثيون، دون التوضيح عن حقيقة ذلك العبث وصوره.

وإذا كانت تلك المبررات هي التي اعتمدها الحوثيون وقادتهم في مصادرة أموال اليمنية، إلا أن الهدف منها واضح، في توجه المليشيات إلى اعتماد وبناء أسطول جوي مدني للرحلات الجوية من وإلى صنعاء ومطارات أخرى داخل نطاق سيطرتها، خاصة بعد تخفيف القيود عن للحظر الجوي على اليمن، والسماح بتشغيل مطار صنعاء بشكل واسع عقب التفاهمات مع الأمم المتحدة والسعوديين.

ورغم أن التوجه الحوثي هذا يبدو صعبا، ويحتاج إلى موافقات من المطارات التي ستستقبل طائرات الحوثيين ورحلاتهم، في ظل عدم اعتراف دولي بالجماعة، ولا بالرحلات القادمة من مناطق سيطرتها إلا بموافقة الأمم المتحدة والتحالف والحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، إلا أنه يبقى مشروعا حوثيا تسعى إليه الجماعة؛ لتكريس الفصل بين مؤسسات الدولة، في مناطق سيطرتها والمناطق المحررة الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبعيدا عن حقيقة تلك الاتهامات، إلا أن الوضع المتعلق بالخلاف بين الحوثية وشركة طيران اليمنية ليس بمنأى عن التجاذبات السياسية بين أطراف الحرب المحليين والإقليميين، وللأسف فإن المتضرر الأكبر من كل ذلك هم المواطنون الضعفاء من المرضى والجرحى المتضررين من توقف الرحلات أو تعليقها.

> اتهامات "اليمنية" للحوثيين

في المقابل، ترى شركة الخطوط الجوية اليمنية، أن مليشيات الحوثي تصادر أموالها وأرصدتها في مناطق الجماعة بشكل سافر وغير منطقي، ولا يمكن قبول أية ممارسات صادرة على الحوثيين بهذا الشأن؛ كون الشركة تقدم خدمات إنسانية بناء على تفاهمات مع الأمم المتحدة والتحالف العربي.

وبحسب اليمنية، فإن الحوثيين لا يقومون إلا بعملية سطو وسرقة ونهب لأموال ليست لهم، وهي أموال خاصة بالشركة تعمل من خلالها على توفير خدماتها الرعايا اليمنيين، بمن فيهم المرضى والجرحى في مناطق سيطرة المليشيات، وتتضمن تكاليف الرحلات والصيانة وغيرها، بحسب وصف ردود أفعال شركة الطيران.

وبالتالي فإن مراقبين وكتابا صحفيين يرون أن الحوثيين ليست لهم أية سلطة على مؤسسة مثل اليمنية، لم تعد تتواجد بشكل رسمي في مناطق سيطرة الحوثيين، حتى رحلاتها من وإلى صنعاء لا تتم منذ عام 2016، إلا بحسب اتفاقيات بين الحوثيين والتحالف والأمم المتحدة وموافقة الحكومة الشرعية انطلاقا من مسئولية إنسانية بحتة.

وبناء على ذلك، فإن اليمنية والمراقبين المتبنين لوجهة نظرها، يرون في ممارسات الحوثيين تعديا صارخا على أموال شركة الطيران اليمنية، قد يمنعها من تقديم خدماتها، وهو ما دفعها إلى إيقاف وتعليق رحلاتها من وإلى مطار صنعاء الحوثي، وفق بيان رسمي صدر عن الشركة.

هذه المشكلات بين الحوثيين واليمنية، كان يجب أن تسعى لحلها جهات وأطراف إقليمية ودولية، باعتبارها مشكلة ستؤثر على كافة التفاهمات والاتفاقات الخاصة بإعادة تشغيل مطار صنعاء، وهي قضية معني بها بشكل مباشر المسافرون المرضى والجرحى في مناطق سيطرة الحوثيين، ممكن يتكبدون عناء السفر والتنقل إلى مناطق سيطرة الشرعية بهدف السفر الى الخارج.

وانطلاقا من هذا التأثير، فإن العمل على تجاوز هذه الإشكاليات ينبغي أن يقوم على أساس إبعاد الخدمات المقدمة من اليمنية عن أية أبعاد سياسية، وكف يد الحوثيين عن التدخل في عملية الرحلات الجوية، باعتبارها جانبا إنسانيا بحتا مرتبطا بالمواطنين ويؤثر عليهم بشدة، لا علاقة للحوثيين بإدارة هذا الجانب أو الإشراف عليه، وهو ما تحدثت عنه بالفعل كيانات نقابية تابعة لطيران اليمنية.

> خيار التحييد

نقابات الخطوط الجوية اليمنية قدمت مبادرة لتحييد عمل الشركة عن التجاذبات السياسية، باعتباره حلا ومعالجة واقعية للمشاكل التي تواجه عمل شركة الطيران اليمنية في مناطق سيطرة الحوثيين.

حيث قدمت نقابات الخطوط الجوية اليمنية، يوم الثلاثاء الماضي، مبادرة لإنهاء أزمة توقف نشاط الخطوط الجوية من صنعاء إلى الأردن، تلخصت المبادرة في نقطتين رئيسيتين، تتمثل في فتح الرحلات من مطار صنعاء الدولي، وتشكيل لجنة عاجلة في صنعاء وعدن بإشراك النقابات للاجتماع في عمّان والتوصل إلى اتفاق.

وقال بيان صادر عن نقابات الخطوط الجوية اليمنية إن ذلك يأتي وفقا للبروتوكول الموقع بين الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية بقانون رقم 21 لعام 1997، وأضاف البيان أن المبادرة تأتي انطلاقا من مبدأ الحفاظ على شركتنا ودورها الوطني وسعيا منا لمنع تفاقم الأزمة ووقف التصعيد من الأطراف السياسية الذي لا يخدم الشركة ويؤثر على ممارسة نشاطها وتقديم خدماتها الإنسانية.

وتهدف المبادرة إلى تطبيع نشاط الشركة ومعالجة كافة الإشكاليات، ويشير البيان إلى أن الإشكاليات التي تسببت في إعاقة تنفيذ خطط الناقل الوطني المنشودة لتطوير أسطولها ومعداتها.

خاصة أن شركة طيران اليمنية التي يعود تاريخه إلى ما قبل ثورة 26 سبتمبر عام 1962، وفي زمن الإمامة، حين دخلت المملكة العربية السعودية كشريك بنسبة أقل من نسبة اليمن في الشركة، تعاني تهالكا في أسطولها ومعداتها، وبالكاد تعمل الشركة على شراء وتحديث طائراتها، وهو وضع فامته الحرب الراهنة.

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: شرکة الخطوط الجویة الیمنیة شرکة طیران الیمنیة ملیشیات الحوثی سیطرة الحوثیین فی مناطق سیطرة مؤسسات الدولة بین الحوثیین شرکة الطیران الیمنیة فی مطار صنعاء الصراع بین إلى صنعاء فی صنعاء من وإلى إلا أن

إقرأ أيضاً:

صحيفة سعودية تعنون بالبنط العريض: ''المملكة تتصدى لتصعيد الإنتقالي وترفض السقوط في فوضى المليشيات''

قالت صحيفة الرياض السعودية في عددها الصادر اليوم الخميس إن المملكة تعمل على إحباط مشروع الفوضى والتصدي لتصعيد المجلس الإنتقالي المدعوم من الإمارات، شرق اليمن.

وبالبنط العريض، عنونت ''الرياض'' على صفحتها الرئيسة: السعودية تحبط مشروع الفوضى وتطالب بخروج القوات ووقف جرائم الميدان'' '' المملكة تتصدى لتصعيد الانتقالي وترفض السقوط في فوضى المليشيات وتمنع فرض واقع بالقوة'' ''انتهاكات دامية في حضرموت.. تقارير توثق تجاوزات المجلس الجنوبي''.

واستهلت الصحيفة السعودية تقريرها بهذه المقدمة:

يعيش الشارع اليمني بحالة من الظلام والتعقيد المتصاعد، نتيجة التحركات التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة حضرموت ومناطق أخرى، وهي تحركات أثارت قلقاً واسعاً على المستويين الوطني والإقليمي بسبب ما حملته من إشارات واضحة على السعي لفرض أمر واقع جديد بالقوة وهو ما يتنافى مع روح المرحلة الانتقالية في اليمن ويتعارض مع الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية لإعادة الاستقرار وتهيئة المناخ الملائم لإنجاز مسار سياسي شامل يراعي مصالح جميع اليمنيين ويحفظ وحدة الدولة ويجنب البلاد جولات جديدة من الصراع الداخلي الذي أثقل كاهل الشعب اليمني لسنوات طويلة.

ومنذ اللحظة الأولى التي بدأت فيها الأخبار تتوالى عن قيام قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي بالتمدد في حضرموت بدعم من وحدات أمنية ومحلية موالية له، حرصت المملكة على إيضاح موقفها بشكل حازم وهو موقف يقوم على رفض كامل لأي محاولة للسيطرة على المحافظة من خارج إطار الشرعية اليمنية ومؤسساتها المعترف بها، واعتبرت المملكة أن ما جرى يمثل خرقاً واضحاً للمرجعيات المنظمة للمرحلة الانتقالية وأنه يشكل تهديدًا خطيرًا للسلم الأهلي في محافظة تعد إحدى أكثر المناطق استقرارًا في اليمن خلال السنوات الماضية وتمثل عمقا اجتماعياً واقتصادياً مهماً للدولة اليمنية وللمنطقة بشكل عام.

ومع تمسك المملكة الدائم بسياسة دعم الاستقرار في اليمن وحرصها على حماية المدنيين ومنع انزلاق الأوضاع نحو صراع داخلي جديد، فقد شددت القيادة السعودية على ضرورة انسحاب القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة وعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد، مع منع تكرار المواجهات المسلحة وتحافظ على وحدة القرار الأمني وتضمن عدم استخدام القوة في فرض أجندات سياسية على السكان المحليين أو على مؤسسات الدولة الشرعية.

تهديد لوحدة القرار الوطني

وتعتبر المملكة أن الأزمة في حضرموت ليست مجرد تحرك عسكري أو سياسي محدود وإنما هي اختبار حقيقي لمدى التزام المكونات اليمنية بالمسار السياسي وبالحوار كأداة رئيسة لإدارة الخلافات وقد شددت القيادة السعودية على أن أي إجراءات أحادية مثل تلك التي اتخذها المجلس الانتقالي تمثل في جوهرها تقويضا لسلطة الحكومة الشرعية ومحاولة للالتفاف على المرجعيات الأساسية التي توافق عليها اليمنيون في مراحل مختلفة من الحوار الوطني كما أنها تحمل تشابهًا واضحًا مع المنهج الذي اتبعته ميليشيا الحوثي في انقلابها على الدولة وهو ما يشكل تهديدًا لوحدة القرار الوطني وتمهيدًا لخلق مناطق نفوذ متصارعة على حساب المواطنين وعلى حساب مؤسسات الدولة.

القضية الجنوبية لا تختزل بشخص واحد

ومن النقاط الجوهرية التي ركزت عليها المملكة في مواقفها المعلنة وغير المعلنة أن القضية الجنوبية قضية عادلة وتستحق أن تكون جزءاً أصيلاً من أي تسوية سياسية مقبلة، وهي قضية تم الاعتراف بها منذ مخرجات الحوار الوطني إلا أن اختزالها في شخص واحد أو مكون واحد هو أمر يتجاهل حقيقة أن الجنوب في جوهره يمثل طيفاً واسعاً من المكونات السياسية والاجتماعية والقبلية، ولا يمكن لمكون واحد الادعاء بامتلاك التفويض الكامل أو بنطق إرادة كل الجنوبيين، ومن هنا جاءت الرسالة السعودية واضحة بأن معالجة ملف الجنوب يجب أن تكون شاملة ومتكاملة وتمثل جميع القوى الجنوبية وليس عبر بوابة طرف واحد يحاول فرض نفسه على الآخرين بالقوة أو بالتحركات الميدانية.

وفي ظل هذا التعقيد المتزايد جاء الجانب الإنساني في صلب الموقف السعودي حيث أكدت قيادة المملكة، أن الظروف المعيشية لليمنيين لا تحتمل أي فتح جديد لجبهات الاستنزاف الداخلي، وأن أي تصعيد سيضيف عبئاً جديداً على اقتصاد منهك وعلى مجتمع يعاني من ضغوط إنسانية وصحية ومعيشية قاسية، وأن الواجب الوطني والأخلاقي يحتم على جميع المكونات اليمنية تركيز الجهود نحو الأولويات الاقتصادية والخدمية بدلاً من الدخول في مواجهات تستهلك الموارد والطاقات وتترك آثاراً مدمرة على السكان.

انتهاكات دامية في حضرموت.. تقارير توثق تجاوزات المجلس الجنوبي

وإلى جانب ذلك برزت تقارير متعددة توثق سلسلة من الانتهاكات التي ارتكبتها بعض قوات المجلس الانتقالي بعد دخولها حضرموت، وتشمل حالات إعدام خارج إطار القانون بحق أسرى عسكريين واعتقالات تعسفية وإخفاء قسري بحق مدنيين وعسكريين، إضافة إلى الإخلاء القسري لأسر من منازلها ونهب منازل ومحلات تجارية ومؤسسات مدنية وعسكرية وفرض قيود صارمة على حرية التنقل في بعض المناطق، وهذه الانتهاكات اعتبرتها المملكة مؤشراً خطيراً على أن أي تمدد غير منضبط يمكن أن يتحول إلى خطر مباشر على أمن السكان وعلى النسيج الاجتماعي في حضرموت وعلى بقية المحافظات الجنوبية.

ولذلك تعمل المملكة بشكل حثيث على احتواء الأزمة عبر فتح قنوات الحوار بين الأطراف اليمنية المختلفة، ومحاولة إعادة جميع المكونات إلى الطاولة السياسية من أجل الوصول إلى تفاهمات تضمن وقف التصعيد وتمنع انجرار الأوضاع إلى مواجهات مسلحة جديدة، كما تبذل المملكة جهوداً لإعادة بناء الثقة بين الأطراف وتعزيز دور مجلس القيادة الرئاسي بوصفه الإطار الجامع الذي يجب أن تعمل تحته جميع القوى اليمنية دون استثناء.

وتؤكد المملكة أن رؤيتها لليمن تقوم على مبادئ راسخة، تتمثل في دعم أمن اليمن واستقراره ووحدته وسلامة أراضيه والعمل على نقله من مرحلة الصراعات والفوضى إلى مرحلة التنمية وإعادة الإعمار وتعزيز المؤسسات الوطنية، بما يمكن اليمنيين من تحقيق تطلعاتهم نحو مستقبل أفضل من الازدهار والرخاء والتكامل الاقتصادي مع محيطهم الخليجي والعربي، وهذا الهدف لا يمكن أن يتحقق إلا عبر تعاون حقيقي بين جميع القوى السياسية اليمنية وتجاوز الحسابات الضيقة واحترام سلطة الدولة والابتعاد عن كل ما من شأنه خلق نزاعات جديدة أو فرض واقع عسكري على السكان.

وتولي المملكة مطالب الجنوبيين اهتماماً خاصاً وتدعم حقوقهم العادلة عبر القنوات السياسية والحلول السلمية التي تضمن تمثيل جميع الأطراف الجنوبية في أي عملية سياسية مستقبلية بما يحقق العدالة ويحمي حقوق المواطنين ويصون وحدة النسيج الاجتماعي، وقد عملت المملكة على دعم مشاركة الجنوبيين في الحوارات الوطنية وفي الوفود السياسية لأن تمثيل الجنوب ركيزة أساسية من ركائز الحل الشامل، وأن إقصاء أي طرف جنوبي سيؤدي إلى خلل في أي تسوية مقبلة.

استخدام السلاح لفرض رؤية سياسية

وتواجه المملكة في هذا السياق تحدياً مزدوجاً يتمثل من جهة في ضرورة منع أي طرف من استخدام السلاح لفرض رؤيته السياسية، ومن جهة أخرى في ضرورة الحفاظ على مكتسبات الحوار الوطني وفكرة الشراكة بين المكونات المختلفة داخل الإطار الشرعي، ولهذا تحرص المملكة على أن يكون الحل في حضرموت حلاً سلمياً يقوم على سحب القوات المنفلتة وعودة المؤسسات للعمل الطبيعي تحت إشراف الحكومة الشرعية وعلى تمكين قوات درع الوطن من حماية المنشآت الحيوية ومنع أي اختراقات أمنية قد يستغلها الحوثيون أو أي أطراف أخرى تسعى لخلط الأوراق.

وتسعى المملكة أيضاً إلى إرسال رسالة أوسع مفادها أن أي تهديد للاستقرار في حضرموت أو المهرة أو أي محافظة يمنية سيؤثر بشكل مباشر على جهود إعادة بناء الاقتصاد اليمني وعلى قدرة الحكومة على تقديم الخدمات الأساسية للسكان وأن إعادة الثقة بين الدولة والمواطنين تتطلب بيئة مستقرة خالية من السلاح المنفلت أو السلطات الموازية أو التحركات الأحادية التي تعطل عمل المؤسسات الوطنية.

وتؤكد المملكة أن علاقتها بالحكومة الشرعية قائمة على دعم مؤسساتها وتعزيز قدرتها على إدارة الدولة، وأن أي إجراءات تتجاوز الشرعية وتستهدف إضعافها ستنعكس سلباً على مجمل العملية السياسية وأن المكونات اليمنية مطالبة بالعمل تحت مظلة مجلس القيادة الرئاسي باعتباره الإطار الدستوري المؤقت الذي يوفر الشرعية الجامعة حتى الوصول إلى تسوية نهائية ومتفق عليها بين اليمنيين.

كما تدرك المملكة أن حضرموت ليست مجرد محافظة من محافظات اليمن بل هي مساحة جغرافية واسعة قادرة على التأثير في معادلات القوة داخل البلاد، وهي أيضاً مركز اقتصادي وثقافي واجتماعي مهم، ولذلك فإن السماح لأي طرف بفرض سيطرته عليها خارج إطار الشرعية سيؤدي إلى إحداث خلل كبير في التوازن الداخلي وفي مسار العملية السياسية، وسيفتح الباب أمام نزاعات جديدة بين القوى اليمنية، الأمر الذي ينعكس على الأمن الإقليمي بأكمله.

احترام تطلعات أبناء المحافظات

ومن هنا، تعمل المملكة على تحقيق معادلة دقيقة تجمع بين احترام تطلعات أبناء المحافظات الجنوبية وبين ضمان ألا تتحول تلك التطلعات إلى أدوات صراع أو تنازع على النفوذ، وتؤكد المملكة أن حماية حقوق الجنوبيين وضمان تمثيلهم السياسي لا يتحقق عبر السيطرة بالقوة أو عبر الإجراءات الأحادية بل يتحقق عبر صياغة مشروع سياسي شامل يراعي مصالح جميع أبناء الجنوب ويضمن مشاركتهم الفاعلة في مستقبل اليمن.

وتستند المملكة في رؤيتها للحل إلى أن الاستقرار في اليمن لن يتحقق إلا عبر حوار جامع يشمل القوى السياسية والمجتمعية كافة، وأن هذا الحوار هو الطريق الوحيد للوصول إلى تسوية تضع نهاية للصراع المستمر منذ سنوات طويلة، وقد أثبتت التجارب أن أي محاولة لإقصاء طرف أو فرض واقع عسكري تؤدي إلى جولة جديدة من الصراع وإلى تدهور أكبر في الوضع الإنساني والاقتصادي.

أمن اليمن جزء لا يتجزأ من أمن المنطقة

وتواصل المملكة جهودها الدبلوماسية المكثفة من أجل تهدئة الأوضاع في حضرموت، وإعادة جميع الأطراف إلى مسار التفاوض، وتعمل على حشد الدعم الإقليمي والدولي لدعم الاستقرار ومنع أي انزلاق نحو مواجهات جديدة، وتؤكد المملكة أن أمن اليمن جزء لا يتجزأ من أمن المنطقة، وأن الحفاظ على وحدة اليمن واستقراره هو هدف استراتيجي لا يمكن التراجع عنه.

وفي هذه الجهود المكثفة، تبرز قناعة سعودية راسخة بأن اليمنيين وحدهم قادرون على صياغة مستقبلهم إذا توفر لهم المناخ المناسب بعيداً عن الضغوط العسكرية وعن النزاعات الداخلية، وأن المملكة ستواصل لعب دورها كداعمة للسلام وميسرة للحوار ورافعة للمسار السياسي، وستظل تعمل مع المجتمع الدولي من أجل ضمان أن تنتهي هذه الأزمة بمكاسب للأمن والاستقرار وللشعب اليمني، الذي عانى طويلاً وآن له أن يرى مستقبلاً مختلفاً يقوم على التنمية بدلاً من السلاح وعلى الشراكة بدلاً من الانقسام وعلى مؤسسات الدولة بدلاً من القوى المتصارعة.

وبذلك تقدم المملكة رؤية شاملة تهدف إلى إنهاء التصعيد في حضرموت ومنع انتقاله إلى مناطق أخرى وإلى فتح الباب أمام مرحلة جديدة من العمل السياسي الذي يعالج جذور الأزمة اليمنية ويعيد للدولة سلطتها ومكانتها، ويضمن للجنوبيين حقوقهم العادلة ضمن إطار وطني جامع، ويمنع أي محاولة لفرض واقع بالقوة أو لجر اليمن إلى صراع جديد في لحظة يحتاج فيها اليمنيون أكثر من أي وقت مضى إلى الاستقرار والعمل المشترك من أجل مستقبل أفضل.

مشروعات سعودية تنموية في حضرموت والمهرة

تشكل الجهود التنموية التي تنفذها المملكة العربية السعودية عبر البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن أحد أهم المسارات التي أسهمت في تعزيز الاستقرار ودعم الخدمات الحيوية في محافظتي حضرموت والمهرة، إذ قدم البرنامج مجموعة واسعة من المشروعات التي تستهدف البنية التحتية والخدمات الأساسية، ولقد تم تنفيذ أكثر من مئتين وأربعين مشروعاً ومبادرة في اليمن، شملت قطاعات التعليم والصحة والطاقة والمياه والنقل والزراعة.

مقالات مشابهة

  • السودان بين العواصف الدبلوماسية وتضييق الخناق الدولي على المليشيات وتصاعد الأزمة الإنسانية
  • الشركة الجهوية متعددة الخدمات بالعيون تنفي أي زيادة في أسعار الماء والكهرباء
  • تقرير دولي: تنافس حوثي على الضرائب والجبايات يدفع لانهيار القطاع الخاص
  • وزير التموين يشهد مراسم توقيع بروتوكول تعاون بين الشركة القابضة للصوامع والوكالة الإيطالية
  • صحيفة سعودية تعنون بالبنط العريض: ''المملكة تتصدى لتصعيد الإنتقالي وترفض السقوط في فوضى المليشيات''
  • أكثر من 160 ألف انتهاك رصيد الحوثيين خلال 10 سنوات على الإنقلاب.. تقرير حقوقي
  • ندوة ثقافية وفكرية في الحديدة حول طبيعة الصراع مع العدو الصهيوني
  • تفاصيل جديدة عن المليشيات المدعومة من الاحتلال بغزة بعد مقتل أبو شباب
  • توقيع اتفاق لإطلاق منصة رقمية للزراعة التعاقدية بشراكة استراتيجية بين شركة محاصيل وشركة مافي للصناعات الزراعية
  • إلغاء رحلات الخطوط الجوية التركية من إسطنبول إلى كركوك بسبب سوء الأحوال الجوية