توصل فريق بحثي دولي بقيادة الدكتور محمود عباس الباحث الأردني بجامعة شانتو الصينية، إلى أن جنوبي أخدود وادي الأردن كان محطة مهمة جدا أثناء السفر الملحمي للبشرية من أفريقيا إلى كل العالم، بينها خط سير دخل إلى الجزيرة العربية وآخر صعد للأعلى إلى أوروبا وآسيا.

نظرية الخروج من أفريقيا

تشير نظرية "الخروج من أفريقيا"، وهي التفسير الأكثر قبولا في الوسط البحثي عن أصول المجموعات البشرية الحالية كلها، إلى أن جميع البشر الأوائل عاشوا في أفريقيا، وأنهم هاجروا من هناك قبل نحو 70-130 ألف سنة مضت وانتشروا في العالم كله، عبر شبه جزيرة سيناء المصرية بشكل رئيسي.

لكن لم قام البشر بهذه الرحلة الملحمية؟ هناك عدد من الأسباب التي يقترحها العلماء في هذا السياق، منها التغير المناخي الشديد الذي ظهر في تلك الفترة، وضرب العديد من المناطق الأفريقية موجات شديدة من الحرارة والجفاف، وهناك بالفعل بعض الأدلة التي تشير إلى انخفاض جذري في نسب الأمطار بأفريقيا قبل 100 ألف سنة.

وإلى جانب ذلك يقترح فريق من الباحثين أن البشر كائنات تستكشف محيطها، وبخاصة لأنهم في تلك الفترة كانوا ينتشرون بطبيعة الحال بحثا عن الطعام وهربا من المفترسات، وبالتالي فالتنقل إلى أماكن جديدة كان من عاداتهم الأساسية.

كانت سيناء ممرا رئيسيا لهجرة البشر من أفريقيا (ناسا) أخدود وادي الأردن

وللتوصل إلى تلك النتائج، التي نشرت في دورية "ساينس أدفانسز" درس الفريق البحثي عدة مواقع تقع بين البحر الميت وخليج العقبة، وكان هدفهم إعادة بناء البيئة السابقة للمنطقة عبر عشرات الآلاف من السنوات، باستخدام تقنية التأريخ التلألؤي.

والتاريخ التلألؤي شكل من أشكال علم التأريخ الجيولوجي الذي يقيس طاقة الفوتونات المنطلقة من عناصر مثل اليورانيوم والثوريوم والبوتاسيوم والروبيديوم، حيث يتم امتصاص الإشعاعات الصادرة من هذه العناصر وتخزينها بواسطة الرواسب في الشبكة البلورية لأنواع من الصخور.

ولأن ضوء الشمس يقوم بالتأثير في تلك العناصر بدفعها للتلألؤ، فإنه يمكن للعلماء استخدام تلك الفكرة لتحديد آخر ضوء شمس تعرضت له، وبالتبعية حساب العمر.

وقد أظهرت النتائج التي توصل إليها هذا الفريق من المقاطع الرسوبية التي يتراوح سمكها من 5 إلى 12 مترا وجود تقلبات واضحة في النظام المناخي لتلك المنطقة بمرور الوقت، ما بين 125 ألفا و43 ألف سنة مضت.

وحسب الدراسة، فإن تلك المنطقة شهدت فترات رطبة متعددة، وكانت بمثابة ممر للمياه العذبة يبلغ طوله 360 كيلومترا، وبالتالي مثلت محطة توقف للبشر أثناء هجرتهم الكبرى، بحيث كانت نقطة تفرع لفريقين، الأول دخل إلى الجزيرة العربية والثاني صعد شمالا لأوروبا وآسيا.

وجد الباحثون أن صحراء النفود كانت في الفترة نفسها عبارة عن شبكة من الأنهار والبحيرات (شترستوك) رؤية حديثة للنظرية

وبالإضافة إلى ذلك، فقد وجد هذا الفريق 3 أدوات حجرية مرتبطة ببيئة الأراضي الرطبة في تلك المنطقة، وجنوبا خلال صحراء النفود السعودية كان الباحثون في وقت سابق قد وجدوا أن هذا المكان في الفترة نفسها كان عبارة عن شبكة من الأنهار والبحيرات، مما سمح للبشر بالنفاذ إلى عمق الجزيرة العربية.

وحسب تقرير كتبه 3 من مؤلفي الدراسة لمنصة "ذا كونفرسيشن"، فإن تلك النتائج تتعارض مع نظرية تقول إن البشرية هاجرت على دفعة واحدة سريعة، ويقول الباحثون إن وجود فترات رطبة متعددة فتح الباب لهجرات صغيرة متعددة، وليس هجرة واحدة كبرى.

وتختلف هذه الدراسة كذلك مع النظرية التي تقول إن البشر هاجروا على السواحل، قائلة إن الهجرة كانت على ضفاف الأنهار القديمة ومسطحات المياه العذبة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: من أفریقیا ألف سنة فی تلک

إقرأ أيضاً:

قانون

لن يفك تشابك المصالح بين الأفراد إلا عامل قوي، له قدرة على قول كلمة الفصل؛ التي تؤدي في نهاية المطاف إلى فك هذا التشابك، بغض النظر إن كان ذلك سوف يؤدي إلى عدالة مطلقة، أو نسبية، أو مساواة -على أقل تقدير- فالمهم هنا أن يستحضر الناس دائما أن هناك ما يمكن العودة إليه لفك التشابكات التي تحدث بين البشر في اختلافاتهم، وفي اتفاقاتهم أيضا، وفي ذلك إحياء مستمر لما يسمى «الأمل» لأنه وبدون ذلك لا يمكن لهذا الأمل الذي يعقد عليه الناس مشاريعهم القادمة، ويجدون فيه المخرج من كثير من إشكالياتهم المستعصية في الحياة، أن تستمر حياتهم بالصورة التي يريدونها، أو يستحضرون شيئا مما يحلمون به، وذلك بسبب بسيط؛ وهو أن الناس فوق أنهم مخيرون، فإنهم كذلك لا يدركون ما خفي عنهم، أي أنهم مسيرون.

من هنا يأتي بما يسمى بـ «القانون» ليفك شيفرة هذا التعقيد، أو هذه الصورة العائمة التي ترتسم أمام المشهد الإنساني؛ على وجه الخصوص فالقانون في الفهم البشري هو حقيقة غير منكورة الوجود، وغير منكورة التأثير، أما هل ينصف القانون الجميع بصورة متكافئة؛ فهذه مسألة أخرى؛ ليس هذا الحديث محل مناقشتها، فالمهم أكثر أن القانون هو ما يعزز وجود الأمل في حياة الناس، وأن الحق المسلوب، أو التعدي المؤلم، أو الوقوف عند نقطة معينة لحالة اللاسلم، أو اللاحرب، لن ينهي ذلك كله إلا الحقيقة الوجودية لما يذهب العمل إليه وهو القانون، ولأن القانون أمر حتمي لاطمئنان الحالة البشرية، فإن الله سبحانه وتعالى أوجده في شرعه، وأكد عليه في نصوص كتبه المقدسة، وأمر عباده بالامتثال لما تمليه نصوصه وفق القانون الشرعي، وانعكاسا لذلك أيضا اجتهدت البشرية للمساهمة في تعزيز ذلك من خلال مجموعة القوانين البشرية، وهي مستلهمة ومستوحاة أيضا من القانون الشرعي الذي وضعه خالق الكون، وهو العارف بحقيقة البشر، وما يجب أن يكونوا عليه من تسيير حياتهم اليومية وفق القانون الإلهي.

تذهب المناقشة هنا أيضا؛ إلى الفهم الآتي: مع أن كلا القانونين يمثلان عاملي الردع الذاتي والمادي لطموحات الإنسان، واستفزازاته؛ فإنه في ظرف ما يكون القانون الشرعي هو الرادع، وفي ظرف آخر، يكون القانون البشري هو الرادع، ولكن ما تغلبه النفس الصادقة هو ردع القانون الشرعي؛ كقناعة ذاتية، أما ردع القانون البشري فهو ملزم بالضرورة، وإن تجاوز القناعة الذاتية، ولكن ما هو ملاحظ أن الإنسان يمكن أن يتحايل على القانون البشري، في مواضع ومواقف كثيرة، فهو قابل للاختراق أكثر من القانون الشرعي المنزل والمحكم من قبل الله عز وجل، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك علاقة عضوية بين البشر، وبين القانون الإلهي، هذه العلاقة تحكمها درجة القرب أو البعد من الله عز وجل، ولذلك يسهل كثيرا وفق هذا القرب أو البعد قبول أو رفض حكم القانون الشرعي من قبل الإنسان نفسه، ولذلك يطغى القانون البشري بأغلبية كبيرة؛ لأن البشر- وبحكم ضعفهم- لا يميلون إلى الأحكام الشرعية المطلقة، ويرون فيها الكثير من الغلظة والألم، مع أنها لو اعتمدت اعتمادا مطلقا لتقلصت المشاكل، والقضايا التي تعصف بالبشرية في كل زمان ومكان.

ولأن الحالة الإنسانية غير مكتملة النمو، مهما أنجز الإنسان في حياته من تراكم معرفي وخبرة في الحياة، إلا أنه يظل أسير عواطفه ومشاعره، وبقدر ما يرى القانون في بعديه الشرعي والبشري أملا في الخروج من مأزق الظلم أو تجدد الأمل، يرى فيه أيضا أن المعيق لما تسعى إليه نفسه من طموح لا تحده حدود القانون.

مقالات مشابهة

  • وفاة رئيس قطار 934 خلال تأدية عمله بعد وصوله إلى محطة أسيوط
  • قانون
  • عباس شومان: المدينة كانت الأرض الأقل عنادا من مكة وقت الهجرة
  • الاستخبارات الإيطالية: شبكات تهريب البشر في الغرب الليبي تقود موجة الهجرة الجديدة
  • طيار يوضح أخطاء الركاب التي تزيد من مخاطر الاضطرابات الجوية
  • الرئيس الشرع: الهوية تعبر عن بناء الإنسان السوري وترمم الهوية السورية التي ألفت الهجرة بحثاً عن الأمن والمستقبل الواعد، فنعيد إليها ثقتها وكرامتها وموقعها الطبيعي في الداخل والخارج
  • مصرع «مبيض محارة» سقط من أعلى سقالة أثناء عمله بالمحلة الكبرى
  • دغلس: مونديال السلة محطة مهمة لمستقبل اللاعبين الأردنيين
  • منتخب مصر للسيدات يواجه الأردن في ثاني مواجهاته بالبطولة العربية لكرة السلة
  • إرادة البقاء