هل يفتح حزب الله جبهة ثانية ضد إسرائيل؟
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
يعتقد الزميل المساعد في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والمحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية براين كاتز أنه بالرغم من تقديم التدريب والدعم لحماس، قد لا يرغب حزب الله في التدخل بشكل مباشر في الحرب الحالية مع إسرائيل. مع ذلك، إن عدم دخوله الحرب ليس مضموناً.
أشار كاتز في مجلة "فورين أفيرز" إلى أنه وفي اليوم التالي لاندلاع الحرب، قطع الرجل الثاني في حزب الله هاشم صفي الدين وعداً قائلاً: "قلوبنا معكم.
عقولنا معكم أرواحنا معكم. تاريخنا وبنادقنا وصواريخنا معكم". بشكل لافت للنظر، افتقر هذا التعهد لأي إشارة إلى أن مقاتلي الحزب كانوا مع حماس. في الاشتباكات الأخيرة بين إسرائيل والحركة (في 2008 و2014 و2021)، عرض حزب الله دعماً سياسياً وشن هجمات عرضية عبر الحدود لإظهار عزمه، لكنه بقي على الهامش. ولديه أسباب وجيهة لفعل الأمر نفسه الآن. قوة حزب الله ليست مطلقة
أولاً، لا يزال "حزب الله" يتعافى من قتال امتد على مدى عقد من الزمن في حروب إقليمية دعماً لإيران. كلفت هذه الجهود التنظيم آلاف الأرواح وملايين الدولارات ومخزونات كبيرة من الأسلحة والعتاد. حتى الآن، هو يرزح تحت وطأة التكاليف المستمرة لرعاية الجرحى وتعويض أسر "الشهداء".
علاوة على ذلك، وفي الوقت الذي يعاني لبنان بشكل خاص من الشلل والانقسام، وحيث يشعر الكثير من المؤسسة السياسية بالاستياء من "حزب الله" لدوره في منع انتخاب رئيس وتشكيل حكومة جديدة، سيكون زعيم المجموعة حسن نصر الله حريصاً على تجنب المزيد من استعداء الفصائل السياسية وتوريط لبنان في حرب يريد معظم مواطنيه تجنبها.
A Second Front in Hamas’s War?
How to Stop Hezbollah From Exploiting Israel’s Turmoil
via @ForeignAffairs https://t.co/EoiBCIrOb9
وسيرغب نصر الله بتجنب إنفاق القوى البشرية والصواريخ على معركة ليست وجودية بالنسبة إلى حزب الله؛ وفي نهاية المطاف، إن قواته العسكرية وأسلحته المتقدمة موجودة لتأمين السلطة في لبنان وردع إسرائيل وتوظيفها لخدمة طهران في حال نشوب حرب إسرائيلية إيرانية.
تعكس تصرفات حزب الله المبكرة رغبته في ضبط النفس. تبادل يوم الأحد إطلاق النار بالمدفعية والصواريخ مع القوات الإسرائيلية في منطقة مزارع شبعا الحدودية المتنازع عليها؛ يوم الاثنين، أدت الغارات الجوية الإسرائيلية، رداً على غارة عابرة للحدود شنها مسلحون فلسطينيون، إلى مقتل مقاتلين من حزب الله. ورداً على ذلك، اختار حزب الله قصف المنشآت العسكرية الإسرائيلية بدلاً من التصعيد عبر الهجمات التي تستهدف أفراداً أو مدنيين إسرائيليين، الأمر الذي يشير إلى رؤيته أن تصرفات إسرائيل تتماشى مع قواعد لعبة الرد المتناسب.
أضاف كاتز أنه لا ينبغي لضبط النفس في البداية أن يكون سبباً للتهاون. من جهة، تترك مثل هذه الردود المتبادلة مجالاً واسعاً لسوء التقدير وسوء الفهم، خصوصاً في زمن التوترات المتصاعدة، وما يراه أحد الجانبين رداً متناسباً قد يعتبره الطرف الآخر تصعيداً جذرياً. وكانت الحسابات الخاطئة سبباً في اندلاع حرب واسعة النطاق سنة 2006، بعد أن أدى دخول حزب الله إسرائيل واختطاف جنود إسرائيليين إلى غزو إسرائيلي شامل. واعترف نصر الله لاحقاً بأنه لم يتوقع رد الفعل هذا.
بعد توتر أمس الإثنين.. #إسرائيل تقصف بلدتين في جنوب #لبنان https://t.co/TyWE6xEk8m
— 24.ae (@20fourMedia) October 10, 2023
وليس سوء التقدير الخطر الوحيد. إذا استمر القتال بين إسرائيل وحماس في التصاعد، قد يستسلم حزب الله الذي يستشعر الضعف لإغراء التخلي عن حذره والتدخل. وسوف يكون هذا محتملاً بشكل خاص إذا غرقت إسرائيل في مستنقع حرب المدن. ومع تعرض قواتها لقصف مكثف وتزايد الخسائر في القطاع، سيكون لدى حماس كل الأسباب لطلب المساعدة من شركائها، مما سيضغط على حزب الله لتعزيز دعمه.
في الوقت نفسه، تابع الكاتب، ربما يكون حزب الله قد غيّر بالفعل تقييمه للقدرات الإسرائيلية. بعد انسحابها من جنوب لبنان سنة 2000، وصف نصر الله إسرائيل بأنها "أوهن من بيت العنكبوت" – مما يعني أنها تهدد من مسافة بعيدة ولكنها ضعيفة عندما يتم تحديها. وبالرغم من أن العقدين التاليين ساهما كثيراً في تذكير حزب الله بقدرات إسرائيل المتفوقة (والدمار الذي يمكن أن تلحقه بجنوب لبنان)، من المرجح أن يؤدي فشل إسرائيل عسكرياً واستخبارياً في الأيام الأخيرة إلى إضعاف هذا الرادع.
ومع تعثر الجنود الإسرائيليين وتشتت انتباه الاستخبارات الإسرائيلية وتعرض حليفهم للضغوط، قد يرى قادة حزب الله فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في كل جيل لضرب شمال إسرائيل مباشرة. في الواقع، يتم تدريب وتوجيه وتلقين أجهزته العسكرية بأكملها – المشاة والقوات الخاصة وقوات الصواريخ والطائرات بدون طيار – لهذا السيناريو بالضبط. وقد يتساءل نصر الله عن سبب جمع حزب الله كل هذه القدرات لمحاربة إسرائيل إذا كان لن يستخدمها أبداً.
سيطلق ذلك العنان لحملة جوية مدمرة في جميع أنحاء لبنان. وسيتم الضغط على مؤيدي حزب الله – من إيران وسوريا إلى الميليشيات الشيعية في العراق وربما في أماكن بعيدة مثل أفغانستان وباكستان – للانضمام إلى القتال. وقبل مرور وقت طويل، يمكن بسهولة جر الولايات المتحدة إلى هذا الوضع، حيث تواجه قواتها ومنشآتها هجمات في جميع أنحاء الشرق الأوسط. ويمكن لإيران أن ترد عبر تفعيل خلايا في المنطقة وخارجها. هل يمكن تجنب هذا السيناريو؟ من الممكن تجنب مثل هذا السيناريو الرهيب حسب كاتز. لكن منع ذلك سيتطلب تعزيز الردع على طول حدود إسرائيل مع لبنان، حيث يراقب حزب الله من الجانب الآخر. ستعتمد صدقية هذا الردع جزئياً على مدى فاعلية إسرائيل في الرد على حماس. لكنها ستتطلب أيضاً جهوداً متزامنة ضد حزب الله، بما في ذلك إرسال الإشارات (من خلال تحريك الوحدات العسكرية الرئيسية والأسلحة الضاربة نحو الحدود الشمالية مثلاً)، واستعراضات القوة (بما في ذلك الانتشار البحري على الساحل اللبناني وتسيير طائرات مقاتلة منتظمة ودوريات بطائرات بدون طيار فوق معاقل الحزب) والهجمات عند الحاجة ضد مقاتليه الذين يعتدون على الأراضي الإسرائيلية.
وللولايات المتحدة أيضاً دور مهم تلعبه. يمكنها تعزيز الجهود الإسرائيلية من خلال نشر قواتها الجوية والبحرية في المنطقة ومن خلال التواصل مع إيران وحزب الله بشأن كون المزيد من التصعيد سيؤدي إلى المزيد من العقوبات المعوقة، وفي حال نشوب صراع شامل، إلى ضربات أمريكية على الجماعة. لكن في الوقت الحالي، ختم كاتز، يجب أن يمنع وجود رادع قوي وصول الوضع إلى هذا الحد.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: غزة وإسرائيل زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل حزب الله نصر الله
إقرأ أيضاً:
بناء السفن.. جبهة جديدة للتنافس بين الولايات المتحدة والصين
نشر موقع "أوراسيا ريفيو" تقريرا تناول فيه توسع التنافس بين الولايات المتحدة مع الصين ليشمل قطاع بناء السفن؛ فقد أصدرت إدارة ترامب في نيسان/ أبريل 2025 قرارًا تنفيذيًا لإحياء صناعة بناء السفن الأمريكية وتعزيز التفوق البحري في مواجهة التقدم الصيني السريع.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمه "عربي 21"، إن إدارة ترامب، رغم تركيزها الظاهري على التجارة وتعظيم المكاسب الاقتصادية، تُظهر تحركاتها الأخيرة أن التنافس البحري مع الصين بات جزءًا أساسيًا من أولوياتها.
وفي 9 نيسان/ أبريل 2025، أصدرت إدارة ترامب أمرًا تنفيذيًا يهدف إلى إحياء صناعة بناء السفن في الولايات المتحدة واستعادة التفوق البحري، في ظل التقدّم المتسارع الذي تحققه الصين في هذا المجال، وهو ما يعكس شعورًا متزايدًا بالقلق داخل الإدارة الأمريكية بشأن تراجع قدراتها البحرية مقارنةً بمنافسها الصيني.
وأشار الموقع إلى أن قدامى المحاربين العسكريين قدموا مشروع قانون "أنقذوا أحواض السفن"، في آذار/ مارس 2025، بهدف تجديد صناعة بناء السفن الأمريكية وتلبية احتياجات الجيش، حيث إن هذه الخطوة، إلى جانب القرارات السابقة، تعكس إدراكًا متزايدًا لدى الولايات المتحدة بضرورة تعزيز تفوقها البحري، خصوصًا في ظل استحواذ الصين على نحو 53 بالمائة من صناعة السفن العالمية خلال العقدين الماضيين.
تفوق الصين في بناء السفن البحرية
وأفاد الموقع أن سوق بناء السفن شهد تغيرًا كبيرًا خلال العقدين الماضيين؛ حيث ارتفعت حصة الصين من 5 بالمائة في سنة 2000 إلى 53 بالمائة في سنة 2024، في حين انخفضت الحصة المشتركة لكوريا الجنوبية واليابان من 74 بالمائة إلى 42 بالمائة. وتحتل الولايات المتحدة أقل من 1 بالمائة من السوق العالمي حاليًا.
وذكر الموقع أن تقدم الصين في بناء السفن التجارية والبحرية جاء بفضل التصنيع المحلي وتكاليف العمالة المنخفضة والدعم الحكومي، مع اعتماد سياسة الدمج العسكري المدني التي تجمع بين القطاعين التجاري والدفاعي، ما يمنحها مزايا إستراتيجية واقتصادية واضحة مقارنة بدول أخرى.
وأضاف الموقع أن الصين تمكنت من الاستفادة من قاعدتها لبناء السفن لأغراض مزدوجة، مما عزز قدراتها البحرية بسرعة. وتمتلك الصين أكبر قوة بحرية في العالم؛ حيث تشغل 234 سفينة حربية مقابل 219 للبحرية الأمريكية، ويبلغ إجمالي قوتها القتالية أكثر من 370 سفينة وغواصة، منها أكثر من 140 سفينة سطحية رئيسية.
ومن المتوقع أن يصل عدد سفن البحرية الصينية إلى 395 بحلول 2025، و435 بحلول 2030. ففي سنة 2005، كان لدى البحرية الأمريكية حوالي 300 سفينة، بينما كان لدى الصين 200. وعلى الرغم من حجم الأسطول الأمريكي سيظل ثابتًا حتى 2030، ستصل البحرية الصينية إلى 450 سفينة، أما في مجال بناء السفن التجارية، فقد شهدت الصين نموًا كبيرًا، مما منحها تفوقًا واضحًا على منافسيها، بما في ذلك الولايات المتحدة.
ومع ذلك، قد تتعثر صناعة بناء السفن الأمريكية بسبب نقص الاستثمار والسياسات الحمائية التي أدت إلى تخلفها عن المعايير العالمية. وتواجه البحرية الأمريكية مشاكل كبيرة مثل تجاوز التكاليف وعيوب التصميم وتأخر التسليمات.
ويعتمد القطاع الخاص بشكل كبير على تلبية عدد السفن المطلوبة، لكنه يواجه صعوبات في الالتزام بالميزانية والجداول الزمنية، مما يعيق تحقيق هدف زيادة حجم الأسطول.
وذكر الموقع أن التحديات التي تواجه صناعة بناء السفن الأمريكية تمثل عائقًا كبيرًا أمام تطوير البنية التحتية البحرية، مما يثير مخاوف واشنطن من قدرتها على حماية ممرات الاتصال البحري والسيطرة على نقاط الاختناق، وهو أمر حيوي للتحكم في التجارة الدولية أثناء الأزمات وحماية التجارة العالمية، وهو الدور الأساسي للبحرية الأمريكية.
تعزيز الوجود في منطقة المحيطين الهندي والهادئ
قال الموقع إن صعود الصين كقوة بحرية وتعزيزها العسكري في المحيطين الهندي والهادئ يثير قلقًا لدى دول مثل الفلبين وكوريا الجنوبية واليابان. وأكد تقرير أمريكي حديث على تصاعد عدوانية الصين وضرورة استعادة الولايات المتحدة لردعها في المنطقة للحفاظ على توازن القوى ودعم حلفائها.
جبهة القطب الشمالي
وأوضح الموقع أن الممرات البحرية في القطب الشمالي أصبحت جبهة حاسمة في المنافسة البحرية بين أمريكا والصين؛ حيث تستفيد الصين، بالتعاون مع روسيا، من تغير المناخ لتسهيل الملاحة وتطوير طريق البحر الشمالي الممتد 3500 ميل، بهدف استغلال الفرص الاقتصادية المحتملة في المنطقة.
وتابع الموقع أن كاسحات الجليد تلعب دورًا أساسيًا في ضمان الوصول المستمر إلى القطب الشمالي على مدار السنة. وقد نشرت الصين ثلاث كاسحات جليد مؤخرًا، بينما تواجه الولايات المتحدة ضعفًا في أسطولها. وتعاونت أمريكا مع كندا وفنلندا لتعزيز القدرات القطبية، وأعلن ترامب في 2025 عن خطة لشراء 40 كاسح جليد كبير، مما يعكس تصاعد المنافسة في المنطقة وسعي أمريكا للحفاظ على مكانتها في المنطقة.
الطريق نحو المستقبل
ولفت الموقع إلى أن الولايات المتحدة تواجه تحديات كبيرة في إعادة تنشيط صناعة بناء السفن، تشمل تأمين تمويل مستمر وتعزيز تنافسية السفن الأمريكية عالميًا وإعادة بناء القدرات الصناعية البحرية، وتطوير القوى العاملة. كما تحتاج إلى تعاون بين الوكالات وتقييم واقعي لقدراتها مقارنة بالصين، ووضع خطة مستقبلية واضحة لمتابعة التقدم.
واختتم الموقع بأن أمر ترامب التنفيذي يؤكد الحاجة الملحة لتعزيز القدرات البحرية الأمريكية لحماية المصالح طويلة الأمد، مع التركيز على المحيطين الهندي والهادئ وأمريكا اللاتينية والقارة القطبية الشمالية، وأن إعادة بناء صناعة بناء السفن المتدهورة تمثل خطوة أساسية لبداية جديدة لواشنطن في حماية مصالحها التجارية والاستراتيجية.