تمويل التعليم العالي وتحدياته في عُمان (1)
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
د. ماهر بن أحمد البحراني
حققت سلطنة عمان مراكز متقدمة في مؤشرات تطور التعليم العالي طبقا لتقرير حالة التعليم العالي في العالم ([1]) الذي أصدره المجلس الثقافي البريطاني والذي يتضمن 38 دولة حول العالم، وصنفت السلطنة في المركز الثاني عربيا في مؤشر سياسات التنمية المستدامة، والمركز الثاني عربيا والتاسع عالميا في مؤشر انفتاح نظم التعليم العالي الذي يرصد توافر البنية الأساسية التي تسهل تنقل الطلاب والباحثين وجذب الطلاب الى الجامعات الوطنية، كما صنف التقرير السلطنة في المركز الثاني عربيا والتاسع عالميا في مؤشر ضمان الجودة ودرجة الاعتراف والذي يرصد توافر متطلبات الكفاءة التعليمية، والمركز الثاني عربيا والثاني عشر عالميا في مؤشر السياسة الوطنية والبيئة التنظيمية لدعم حركة الطلاب.
كما جاءت السلطنة من خلال التقرير في المركز الثاني عربيا والخامس عشر عالميا في مؤشر المشاركة البحثية الدولية والذي يرصد الدعم المقدم من قبل الحكومات لمشاركة الطلاب والباحثين في البحوث الدولية التي تقوم على التعاون.
وقد حققت السلطنة هذه المراكز نتيجة الانفاق الكبير الذي يعتمد على الانفاق الحكومي في تمويل التعليم العالي في سلطنة عمان، وتعتبر الحكومة هي المصدر الرئيسي للإنفاق على مؤسسات التعليم العالي الحكومية وأيضا محدودية المصادر الأخرى لمساندة الحكومة في الانفاق، حيث تعتمد مؤسسات التعليم العالي الخاصة بشكل كبير على الرسوم الدراسية كمصدر أساسي للتمويل من خلال البعثات التي تخصصها الحكومة للطلبة العمانيين.
لقد أوصت الاستراتيجية الوطنية للتعليم 2040 في استراتيجية التمويل باستحداث إطار تمويلي متكامل يكون مجلس التعليم مسؤولا عنه (سابقا)، كما أوصت الاستراتيجية بالتوجه نحو اللامركزية من خلال العمل على نقل الصلاحيات المالية للمؤسسات التعليمية، لتمكينها من إدارة شؤونها المالية مع وجود آلية للمساءلة على جوانب الانفاق.
كما قدمت استراتيجية التمويل آليات جديدة لتمويل التعليم تستند إلى مبدأ ربط التمويل بالمخرجات، الذي يقوم على مفاهيم التمويل المعياري والتمويل المحايد. ويعتمد نظام التمويل المعياري على أسس ومعايير موحدة ومحددة ومتعارف عليها وتستند على مؤشرات الأداء، وتقليل الكلفة. أما نظام التمويل المحايد فإنه يقوم على معاملة الطلبة في مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة بشكل متساوٍ، ويتم تمويل البرامج التي تقدمها هذه المؤسسات بدون تمييز.
وأوصت الاستراتيجية بالتركيز على الكفاءة باعتبارها عاملا أساسيا في اتخاذ القرارات المستقبلية لتمويل النظام التعليمي، ومراقبة توازن الإنفاق بين التعليم المدرسي والتعليم العالي، وعلى أهمية وضع آلية لتعزيز دور القطاع الخاص في دعم التعليم والتوسع فيه. ودعت الاستراتيجية إلى إيجاد مصادر تمويلية مستدامة، وتوفير مصادر تمويلية بديلة لقطاع التعليم، لتأمين الدعم المالي له في ظل المتغيرات الاقتصادية وتقلبات السوق النفطية.
وتشير تقارير منظمة التربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) إلى "أن الميزانية المخصصة للتعليم في بلد واحد کفرنسا، أو ألمانيا، أو ايطاليا، أو المملكة المتحدة، تفوق الإنفاق على التعليم في منطقة إفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى بأكملها ويبلغ الاستثمار في مجال البحث العلمي في الدول الصناعية ما نسبته من 3 إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي" (تقرير اليونسكو 2015).
وتتوزع ميزانية التعليم بين أكثر من جهة، وهي المعهد الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية، وكلية عمان للعلوم الصحية التابعة لوزارة الصحة، ووزارة التربية والتعليم، وجامعة السلطان قابوس والمستشفى الجامعي، والأكاديمية السلطانية للإدارة، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وكلية العلوم الشرعية، والمجلس العماني للاختصاصات الطبية، والهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم، والمعهد العالي للقضاء التابع للمجلس الأعلى للقضاء، وجامعة التقنية والعلوم التطبيقية.
وللحديث بقية.
***********
(1) وزارة الاعلام، سلطنة عمان مراكز متقدمة في المؤشرات العربية والدولية (تصنيفات ووجهات نظر مؤسسات عالمية)، الطبعة الأولى، بيت الغشام للصحافة والنشر والاعلان، 2018.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزير التعليم العالي يشهد إطلاق برنامج عمل هورايزون أوروبا 2025
شهد الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وأنجلينا أيخهورست سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى مصر، توقيعًا بالأحرف الأولى لمد اتفاقية بريما "PRIMA"، وذلك على هامش إطلاق برنامج عمل هورايزون أوروبا لعام 2025، بحضور قيادات الوزارة وممثلي الاتحاد الأوروبي وبعثة الاتحاد الأوروبي لدى مصر، والذي تم تنظيمه بالتعاون بين الوزارة والاتحاد الأوروبي، وبمشاركة أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا.
وقع الاتفاقية، الدكتور عبد الحميد الزهيري الرئيس المشارك لمبادرة بريما والمفاوض الرئيسي لمشاركة مصر ببرنامج آفاق أوروبا للبحث والابتكار، و نينكه بويزمان رئيسة وحدة التعاون الدولي بالمفوضية الأوروبية.
وأكد الدكتور أيمن عاشور، أهمية مبادرة بريما لمصر على الصعيدين البحثي والاستراتيجي، تتمثل في ضمان تعزيز القدرات البحثية الوطنية في إدارة المياه وإنتاج الغذاء، وكذلك دعم قطاع الأعمال والصناعات الصغيرة والمتوسطة في تلك القطاعات، مما يتيح توفير فرص عمل للشباب وزيادة القدرة التنافسية للقطاع الصناعي وريادة الأعمال، وهو ما يسهم في دعم الاقتصاد المحلي واستحداث مردود اقتصادي واجتماعي على المستوى المحلي والإقليمي، وذلك بما يتماشى مع تحقيق رؤية الدولة 2030.
وأضاف «عاشور» أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي شاركت على مدار السنوات الماضية في مشاورات مع عدد من الوزارات والجهات المناظرة من دول الاتحاد الأوروبي ودول حوض البحر المتوسط، بهدف إيجاد آلية للتعاون العلمي والبحثي في مواجهة التحديات والمشاكل المشتركة التي تواجه دول منطقة البحر المتوسط، وقد دارت هذه المشاورات في إطار مبادرة "شراكة من أجل الأبحاث والإبتكار في منطقة حوض البحر المتوسط" (PRIMA).
وأكدت أنجلينا إيخهورست سفيرة الاتحاد الأوروبي، أن مبادرة PRIMA ليست فقط برنامجًا رائدًا للبحث والابتكار، ولكن أيضًا منصة حيوية لتعزيز الروابط وتعزيز الدبلوماسية العلمية، مشيرة إلى أن المبادرة تشجع الملكية المشتركة والقيادة المشتركة في التصدي للتحديات الإقليمية الملحة مثل الأمن الغذائي وندرة المياه.
وأضافت "منذ عام 2019، نحن فخورون بدعم 123 مستفيدًا مصريًا، بما في ذلك الجامعات ومعاهد البحوث ومؤسسات القطاع الخاص، الذين شاركوا بنشاط في 90 مبادرة PRIMA وتأمين تمويل بلغ مجموعه 17 مليون يورو".
وتهدف المبادرة إلى تعزيز التعاون في مجال البحث والابتكار بين دول حوض البحر المتوسط، من أجل المساهمة في مواجهة التحديات التي يواجهها قطاعان لهما أهمية استراتيجية لمنطقة المتوسط وهما: إدارة المياه وإنتاج الغذاء، وبالأخص عمليات الإنتاج الغذائي المستدام، وتوفير المياه من أجل دعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة، آخذين في الاعتبار جانب القضايا المتعلقة بالصحة، وذلك من خلال دعم بحوث ومشاريع ابتكارية مشتركة.
كما تهدف المبادرة إلى تعزيز المعرفة وإطلاق إمكانيات الابتكار في مجال الأمن الغذائي وتوافر المياه، من خلال حلول سهلة التطبيق في سياق التغيرات البيئية والديموغرافية والمناخية الحالية والمستقبلية، فضلًا عن النهوض بالمعارف والابتكارات الحالية المتعلقة بجودة المياه والأغذية وسلامتها في منطقة الأورومتوسط.
وتبلغ ميزانية مبادرة بريما 494 مليون يورو على مدار 10 سنوات بدأت عام 2018، وقد تم الالتزام بتخصيص الدول المشاركة في المبادرة بمبلغ يُقدَّر بنحو 294 مليون يورو، بينما توفر مفوضية الاتحاد الأوروبي باقي المبلغ، وتخصص تلك المبالغ لتنفيذ مشروعات بحثية يشترك فيها عدة أطراف من مختلف دول المبادرة.
جدير بالذكر أن مصر ممثلة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمى قد وقعت مع الاتحاد الأوروبي بالأحرف الأولى على الاتفاقية دولية لمبادرة الشراكة للبحث والابتكار بمنطقة المتوسط PRIMA وذلك في 27 يوليو 2017، وقد تم التوقيع بالأحرف الأولى بدعم وتنسيق من المكتب الوطني لتنفيذ اتفاقية المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبي بوزارة الخارجية، كخطوة أولى نحو استيفاء الموافقات والإجراءات اللازمة للتوقيع الرسمي على الاتفاقية بعد اكتمال الاجراءات الدستورية.