هل يخسر العالم ماءه العذب تدريجيا؟
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
كشف فريق بحثي بقيادة علماء من قسم الجغرافيا الطبيعية من جامعة أوتريخت الهولندية أن مياه العالم العذبة تواجه مشكلة كبرى، فمع ازدياد عدد السكان وتردد موجات الحر والجفاف، ترتفع معدلات استهلاك المياه بشكل كبير.
وللتوصل إلى تلك النتائج، التي نشرها هذا الفريق في دورية "إنفيرومنتال ريسيرش ليترز"، قام العلماء بتقييم استهلاك الماء القطاعي أثناء فترات الجفاف وموجات الحرارة على نطاق عالمي.
وقام هذا الفريق بتحليل كمية كبيرة من البيانات المتعلقة باستخدام الماء القطاعي على المستويات العالمية خلال الـ30 عامًا الماضية.
"الماء القطاعي" هو المصطلح المستخدم لوصف شكل استخدام المياه من قبل قطاعات مختلفة من الأنشطة البشرية، مثل الزراعة والصناعة والطاقة والمنزلية، الأمر الذي يتضمن عادة أنشطة مثل الري والتبريد والغسيل والشرب والصرف الصحي.
ويعد فهم استخدام الماء القطاعي أمرا مهما لتقييم توافر المياه وأمنها الحالي والمستقبلي، ويساعد ذلك في تحديد نسب هدر المياه وبالتبعية كيفية الحفاظ عليها بأفضل الطرق، وفي سياق التغير المناخي يصبح ذلك مهما أكثر من أي وقت مضى.
على سبيل المثال، يمثل الري حوالي 70% من السحب العالمي للمياه، مما قد يؤثر على إمدادات المياه للقطاعات الأخرى، وبالتبعية يجب أن تعمل الحكومات على ابتكار وسائل أفضل للتقليل من تلك النسبة مع الحفاظ على نفس معدلات الزراعة.
وإلى جانب ذلك، يمثل توليد الكهرباء 3% من استهلاك المياه العالمي، ولكن بدراسة مستفيضة تجد أنه قد يؤثر على جودة المياه ودرجة حرارتها، وبالتالي التأثير على القطاعات الأخرى والحياة المائية، وبالتالي يجب إيجاد طرق لمنع ذلك، وهكذا.
تظهر الدراسة أن استهلاك الماء القطاعي أثناء موجات الجفاف والموجات الحارة كان أكبر بشكل جذري من المتوسط في كل دول العالم، لكن سلوك هذا الاستهلاك اختلف بشكل كبير حسب القطاع والمنطقة والدولة.
وبناء على ذلك، فإن الدراسة تشير إلى أن هناك حاجة ملحة إلى جمع المزيد من بيانات استخدام المياه لفهمٍ أفضل لآثار الأحداث المتطرفة وتغير المناخ على مختلف قطاعات استخدام المياه، وبالتالي تحسين التعامل مع ندرة المياه في المستقبل.
يأتي ذلك في سياق مهم، وهو أن العالم يتجه بحلول نهاية القرن إلى معدلات أعلى من موجات الجفاف والموجات الحارة، وإلى جانب ذلك من المحتمل أن تزداد حدة وطول تلك الموجات، ما سيؤثر بشكل كبير على طبيعة استهلاك المياه.
وإلى جانب ذلك، ترى مراجعة بحثية نشرت في سبتمبر/أيلول الماضي بدورية "نيتشر ريفيوز إيرث آند انفايرومنت" أن جودة مياه الأنهار عالميا تميل إلى التدهور خلال الأحداث المناخية القاسية.
وقد قام البحث الذي قادته جامعة أوتريخت كذلك بتحليل 965 معاملا من معاملات التغير في نوعية مياه النهر أثناء الطقس القاسي مثل الجفاف وموجات الحر والعواصف المطيرة والفيضانات، على المدى الطويل والقصير.
وتبين بحسب الدراسة أن جودة المياه في الأنهار تميل إلى التدهور أثناء فترات الجفاف وموجات الحر بنسبة 68%، وخلال العواصف المطيرة والفيضانات بنسبة 51%، وفي ظل التغيرات المناخية طويلة المدى بنسبة 56%.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: استخدام المیاه
إقرأ أيضاً:
ما حكم الوضوء بماء المطر وفضله؟.. الإفتاء توضح
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: حينما ينزل المطر أحرص على أن أتوضأ منه، فما حكم الوضوء من هذا الماء؟ وهل لهذا الماء فضيلة؟.
وأجابت دار الإفتاء عن السؤال قائلة: ماء المطر ماءٌ مطلق يجوز الوضوء به ما لم يختلط بشيء يغيّره تغيرًا كثيرًا يمنع من إطلاق اسم الماء المطلق عليه، وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على أن له فضلًا عظيمًا، فقد وصف في القرآن بالرحمة والبركة والطهورية، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يَتَعرَّض له عند أول نزوله رجاء بركته، وصورة التعرض المستحب ملاقاة المطر البدن مباشرة أثناء نزوله.
حكم الوضوء بماء المطر
من المقرر شرعًا أنَّ الطهارة لا تكون إلَّا بالماء الطهور المطلق، وهو الباقي على أصْلِ خلقته؛ إذ الماء المطلق طاهرٌ في نفسه مُطهِّرٌ لغيره، وهو الذي يُطلق عليه اسم الماء بلا قيدٍ أو إضافة، ومن الماء المطلق: ماء البحار، والأنهار، والعيون، والآبار، وماء المطر، كما في "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني الشافعي (1/ 116، ط. دار الكتب العلمية).
ولا خلاف بين العلماء في أن مياه الأمطار من الماء المطلق، والتي يجوز الطهارة بها، ما لم تختلط بشيء يغيّرها تغيرًا كثيرًا يمنع من إطلاق اسم الماء المطلق عليها، كأن تختلط بماء ورد أو مسك، والأصل في جواز الوضوء بماء المطر قوله تعالى: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ [الأنفال: 11]، وقوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ [الفرقان: 48].
قال الإمام القرطبي في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن" (13/ 41، ط. دار الكتب المصرية): [المياه المنزلة من السماء والمودعة في الأرض طاهرة مطهرة على اختلاف ألوانها وطُعومها وأرياحها حتى يخالطها غيرها] اهـ.
وقال الإمام البغوي في" تفسيره" (3/ 448، ط. إحياء التراث): [﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ والطهور هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره] اهـ.
وقال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (1/ 83، ط. دار الكتب العلمية): [الماء المطلق، ولا خلاف في أنه يحصل به الطهارة الحقيقية والحكمية جميعًا؛ لأن الله تعالى سمى الماء طهورًا بقوله: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ [الفرقان: 48]، وكذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: «الماء طهور لا ينجسه شيء، إلا ما غير لونه، أو طعمه، أو ريحه»، والطهور: هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره] اهـ.
وقال الإمام ابن رشد الجد المالكي في "المقدمات الممهدات" (1/ 85-86، ط. دار الغرب الإسلامي): [فالأصل في المياه كلها الطهارة والتطهير، ماء السماء وماء البحر وماء الأنهار وماء العيون وماء الآبار، عذبة كانت أو مالحة] اهـ.
وقال الإمام الرملي في "نهاية المحتاج" (1/ 60، ط. دار الفكر): [قال: (قال الله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ [الفرقان: 48] أي: مطهرًا، ويُعبر عنه بالمطلق، وعدل عن قوله تعالى: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ [الأنفال: 11] وإن قيل بأصرحيتها؛ ليفيد بذلك أن الطهور غير الطاهر، إذ قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ [الفرقان: 48] دل على كونه طاهرًا؛ لأن الآية سيقت في معرض الامتنان وهو سبحانه لا يمتن بنجس] اهـ.
وقال الإمام شمس الدين الزركشي الحنبلي في شرحه على "مختصر الخرقي" (1/ 115، ط. دار العبيكان): [كل طهارة -سواء كانت طهارة حدث أو خبث- تحصل بكل ماء هذه صفته سواء نزل من السماء، أو نبع من الأرض على أي صفة خلق عليها، من بياض وصفرة، وسواد، وحرارة وبرودة، إلى غير ذلك، قال الله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾] اهـ.
فضل ماء المطر
أما عن فضيلة هذا الماء فتظهر من وصف الله تعالى له بأوصاف متعددة في مواطن كثيرة من القرآن، حيث جاء وصفه مرة بأنه رحمة، ومرة بأنه طهور، ومرة بأنه مباركٌ، قال تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا﴾ [ق: 9]، وقال جل شأنه: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ [الفرقان: 48]، وقال تعاظمت أسماؤه: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [الشورى: 28]، والرحمة المقصودة في هذه الآية هي البركة الناتجة عن المطر، كما قال الإمام النسفي في تفسيره "مدارك التنزيل وحقائق التأويل" (3/ 255، ط. دار الكلم الطيب): [﴿وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ﴾: أي بركات الغيث ومنافعه وما يحصل به من الخصب] اهـ.
ولذا كان من السنة التعرض للمطر، فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يَتَعرَّض له بجسده الشريف، ولما سُئل عن ذلك قال: إنه -أي: ماء المطر- حديث عهد بربه، فعن أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ سَلَّمَ مَطَرٌ، قَالَ: فَحَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبَهُ حَتَّى أَصَابَهُ مِنْ الْمَطَرِ. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: «لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى» رواه مسلم.
فأفاد استحباب التعرض للمطر عند نزوله، قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (6/ 195-196، ط. دار إحياء التراث): [معنى "حسر": كشف، أي: كشف بعض بدنه، ومعنى حديث عهد بربه، أي: بتكوين ربه إياه، ومعناه أن المطر رحمة وهي قريبة العهد بخلق الله تعالى لها فيتبرك بها، وفي هذا الحديث دليل لقول أصحابنا أنه يستحب عند أول المطر أن يكشف غير عورته ليناله المطر] اهـ.
وعلى هذا النهج سار الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، فكانوا يتعرضون للمطر؛ لينالوا من بركته، اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فعن عَلِيٍّ رضي الله عنه، أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ الْمَطَرَ خَلَعَ ثِيَابَهُ وَجَلَسَ، وَيَقُولُ: «حَدِيثُ عَهْدٍ بِالْعَرْشِ» رواه ابن أبي شيبة.
وأوضحت بناءً على ذلك: أن ماء المطر ماءٌ مطلق يجوز الوضوء به ما لم يختلط بشيء يغيّره تغيرًا كثيرًا يمنع من إطلاق اسم الماء المطلق عليه، وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على أن له فضلًا عظيمًا، فقد وصف في القرآن بالرحمة والبركة والطهورية، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يَتَعرَّض له عند أول نزوله رجاء بركته، وصورة التعرض المستحب ملاقاة المطر البدن مباشرة أثناء هطوله.