مصر لا تتاجر بمواقفها السياسية
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
«إن تصفية القضية الفلسطينية دون حل عادل أمرٌ لن يحدث، وفى كل الأحوال لن يحدث على حساب مصر أبدا».
بهذه الكلمات التاريخية حدد الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس مصر، موقف الوطن الواضح والحاسم والقاطع، والذى لا يحتمل التأويل أو التبديل فيما يخص أطروحات البعض بتهجير سكان غزة الفلسطينيين إلى شمال شبه جزيرة سيناء، كحل للقضية الفلسطينية.
فمهما كانت ظروف مصر الاقتصادية، ومهما كانت الإغراءات والعروض، ومهما كانت الضغوط، فإن موقف مصر العظيمة سيبقى شامخا فى رفض تصفية القضية الفلسطينية، وتهجير سكان غزة إلى سيناء تحت أى دعوى.
صحيح أن مصر كانت ومازالت أكبر قوى عربية داعمة لحقوق الشعب الفلسطينى، وحاربت وناضلت، وقدمت الشهداء والدماء والجهود من أجل فلسطين على مدى أكثر من سبعة عقود، لكن جوهر الدعم الحقيقى كان ومازال هو الإيمان بعدم التفريط فى الأرض السليبة، وحق الفلسطينيين فى إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
لقد تصور بعض ذوى العقول الساذجة أن الانكماش الاقتصادى وتفاقم الأزمة المالية يجعل مصر فى وضع حرج، ويدفعها للتسليم بما تطرحه إسرائيل وبعض القوى الدولية الكبرى تحت مسمى صفقة القرن أو غيرها من المسميات.
لكن هؤلاء لا يعون كيف تقف مصر الحضارة، والتاريخ، والمجد، والفخر، والكبرياء تهدر بعزة وكرامة أمام كافة التحديات، لتكرر أمام العالم كله أنها لا تبيع مواقفها ولا تتاجر بقضايا الأمة العربية، وفى القلب منها قضية فلسطين مهما كانت الظروف.
لقد أثلج الموقف التاريخى للقيادة المصرية قلوب الجميع، بمختلف توجهاتهم السياسية، وأسعد حتى أولئك الذين اختلفوا فى بعض الرؤى والسياسات مع النظام الحاكم، ففى وقت الشدائد يتوحد الضمير الوطنى تحت راية واحدة من أجل الوطن.
وفى رأيى فقد كانت قمة السلام التى احتضنتها القاهرة فى الحادى والعشرين من أكتوبر الحالى، بمثابة علامة فارقة لتأكيد فاعلية الدور السياسى لمصر فى المنطقة والذى يبقى رائدا ومؤثرا وحيويا فى إقرار أى سلام حقيقى.
وأتصور أن اعلان موقف مصر بشأن رفض توطين الفلسطينيين فى سيناء رفضا قاطعا، والتأكيد على كون ذلك أمرا غير قابل للنقاش أو البحث فى حضور قادة وساسة دول العالم يمثل خطوة استباقية عظيمة سيكتب عنها المؤرخون مستقبلا.
وعلى الرغم من عدم اتفاق القمة على قرار ختامى موحد، فإن مصر نجحت فى حشد ممثلى واحد وثلاثين دولة على مستوى القادة والزعماء ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية لتدين العنف واستهداف المدنيين وتحث على وقف جرائم الحرب، وإغاثة المدنيين المحاصرين، والعودة لاستثناف مفاوضات السلام، وهو نجاح يُحسب للدبلوماسية المصرية ويؤكد ما سبق وقلته قبل أسبوعين فى هذا المكان من أن الحرب الدائرة فى فلسطين ستثبت للعالم كله أن مصر هى الطرف الأقدر على لعب دور قوى فى الوساطة لتهدئة الأوضاع وعدم التصعيد حقنا للدماء.
وأتصور رغم المشاهد المحزنة والأنباء المفجعة التى تتوالى من غزة، أن فرص السلام مازالت ممكنة، وأن العقلاء، وعلى رأسهم مصر قيادة ونخبة وكوادر دبلوماسية يمكن أن يلعبوا دورا عظيما فى التهدئة، سعيا لحل الدولتين.
وسلام على الأمة المصرية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تصفية القضية الفلسطينية كل الأحوال مصر ظروف مصر الاقتصادية
إقرأ أيضاً:
لم تعد كما كانت
عائض الأحمد
في خضمّ العلاقات الاجتماعية، سواء داخل الأسرة أو خارجها، نعيش على أمل أن تستمر الروابط القوية التي صنعناها بحب وصدق. نعتقد أن من نحبهم سيكونون دومًا في صفنا، داعمين، منصتين، متفهمين. لكن الحياة تُفاجئنا أحيانًا بوجه مختلف… ببرود من أحببنا، وبجفاء ممن منحناهم كل شيء.
عندما يُؤذيك الأقربون... ليس الألم في أن تُهاجَم من بعيد، بل أن يُصيبك الجرح من أقرب الناس إليك. أن تشعر بأن من شاركتهم تفاصيل حياتك هم أول من يشكك بك، أو يُقلل من مشاعرك، أو يُحمّلك وزر فترات ضعفك، وينسون أنك كنت لهم سندًا طويلًا في أوقاتهم الصعبة.
نتساءل وقتها: كيف لقلوب كانت يومًا تنبض بالحب أن تتحوّل إلى حصون مغلقة؟ لماذا أصبح علينا أن نطرق الأبواب مرارًا لعلّ أحدهم يتذكر أن لنا مكانًا في قلبه؟
عندما تصبح العلاقة عبئًا...
مع مرور الوقت، تتحوّل بعض العلاقات من ملاذ آمن إلى معركة صامتة. الطرف الآخر يُملي شروطه، يختار متى يسمعك، ومتى يرد على رسائلك، ومتى يقرر أن تكون مهمًا. تصبح العلاقة مرهونة بمزاجه، بينما تظلّ أنت في انتظار فتات من الاهتمام أو لمحة دفء.
وفي خضمّ هذا الانتظار، تدرك أن ما تحياه ليس حبًا، بل تعلقًا بذكرى علاقة جميلة، انتهت منذ وقت طويل، وإن بقي شكلها قائمًا.
الشغف... سيف ذو حدين
يقول البعض إن الشغف نعمة، لكن أحيانًا يكون لعنة. أن تشتعل داخلك نار الشوق لمن لا يُبادلك الشعور، كأنك تُضرم حريقًا في أرضٍ لا ماء فيها. وتظلّ تحترق، بصمت، بينما الآخر لا يرى سوى الرماد، تذره رياحك العاتية في أرض لم تكن تألفها.
متى تبدأ من جديد؟
حين تُرهقك العلاقة، وتستنزفك محاولات الإحياء المتكررة، فربما آن الأوان لتُعيد النظر. ليس كل انسحاب هزيمة، ولا كل تمسّك بطولة. أحيانًا، أكثر ما تحتاجه هو أن تحمي قلبك، وتُعيد ترتيب أولوياتك.
امنح نفسك مساحة، وافتح نافذتك للحياة من جديد. ستُفاجأ كم في العالم من دفء كنت تظنه مفقودًا.
ليست كل العلاقات تُكتب لها النجاة. وبعضها، وإن بدت متماسكة من الخارج، تنهار في الداخل ببطء. لا تُجبر نفسك على الاستمرار في علاقة لا تمنحك ما تستحق. الحب الحقيقي ليس فقط في البقاء، بل في الرغبة في البقاء.
لها: كنتُ سهلًا في العطاء، فصرتَ صعبًا في البقاء.
شيء من ذاته: لا أختبئ خلف الستار، بل خلف خيبتك في أن ترى الحقيقة.
نقد: من يعتاد التلاعب بالشك، لا يُحسن الدفاع عن الحقيقة.
رابط مختصر