مقاطعة البضائع الإسرائيلية.. الواجب المقدس على شعوب الأمة يتحتم مع الحرب الإجرامية على غزة
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
دعوات عربية وإسلامية لمقاطعة الشركات الصهيونية والداعمة للكيان الصهيوني سلسلة مطاعم »ماكدونالدز« و»بيتزا هوت« وشركات »كوكاكولا« و»لايز« و»دانون«، و»بيرغر كينغ« أبرز الداعمين للكيان الصهيوني دعوات عربية لمقاطعة المنتجات الواردة من المارات ـ”الطرف الثالث”، التي عمّقت التطبيع الاقتصادي مع الاحتلال
الثورة / أحمد السعيدي
سلاح المقاطعة الاقتصادية للبضائع الصهيونية والأمريكية، يعد سلاحاً فعالاً ومهماً في مواجهة العدو الصهيوني وراعيته أمريكا، وهو أيضا موقف إيماني مقدس على كل مسلم، ومع الحرب الإجرامية على غزة التي يشنها العدو الصهيوني بدعم ورعاية أمريكا قامت شركات تجارية عديدة إلى دعم الكيان الصهيوني بملايين الدولارات للحرب التي يشنها على غزة، والتي تكلفه يومياً أكثر من 260 مليون دولار، حد تقديرات متخصصة.
كما أن مبيعات الشركات الإسرائيلية توفر تمويلاً هائلاً للكيان الصهيوني في حروبه على الشعب الفلسطيني ومؤامراته على الأمة، ولهذا وذاك تصبح المقاطعة للبضائع الصهيونية وللشركات الداعمة للكيان الصهيوني واجباً مقدساً مفروضاً على كل مسلم، إذ أن كل دولار يُدفع لهذه الشركات يسهم في قتل طفل أو امرأة في غزة، وتلك مشاركة للعدو اليهودي في جريمته.
ومنذ بدأت الحرب الإجرامية الصهيونية على قطاع غزة، شهدت منصات التواصل الاجتماعي دعوات وحملات مكثفة تطالب بمقاطعة جميع البضائع الإسرائيلية والشركات الداعمة لكيان العدو الصهيوني بشكل مباشر، وتزامنت مع تحركات واسعة عربياً ودولياً تتجه إلى المقاطعة، رداً على العدوان الإسرائيلي الإجرامي على غزة، وانطلاقا من واجب إيماني مقدس.
وأتت هذه الحملات بعدما أعلنت شركات تجارية دعمها للكيان الصهيوني، وتقديمها دعمًا معنويًا وماليًا كبيرا، لمساندته في حربه وجرائمه التي يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني وقتل الأطفال والنساء والمدنيين في غزة.
الخسائر المتوقعة
الخسائر المتوقعة التي قد تتعرض لها دول داعمة للكيان الصهيوني مثل أمريكا وكندا والاتحاد الأوروبي وغيرها من الدول اعتراضا على الهجوم الوحشي لقوات إسرائيل على سكان غزة ومحاولة الإبادة والتهجير لهم قد تصل إلى تريليوني دولار، حيث أنه يوجد ما يقرب من ملياري مسلم يمكنهم مقاطعة منتجات وشركات الدول الداعمة لإسرائيل وأن تلك الدول ستضطر لمراجعة مواقفها وتصحيحها حيث أنها لن تستطيع تحمل ذلك، حيث أن حجم صادرات أمريكا للدول العربية والإسلامية بلغ نحو 150 مليار دولار، وأن حجم التبادل التجارى بين الولايات المتحدة والدولة العربية والإسلامية زاد عن 300 مليار دولار خلال العام 2022، كما أن الصادرات الأوروبية إلى الدول العربية تعادل 3.7% من الصادرات الأوروبية الكلية وربع صادرات إسرائيل العسكرية اقتنتها الدول العربية بحوالي ثلاثة مليارات دولار.
مشاركة في المجازر
واليوم، مع العدوان الصهيوني على غزة والمجازر التي ترتكبها في حق الأبرياء من نساء وأطفال أعلنت عدد من الشركات والعلامات التجارية وبكل وقاحة دعمها لكيان الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه الأخير على غزة، بعد أن تعرّض لضربة كبدته خسائر عسكرية وبشرية واقتصادية غير مسبوقة، وردَّت الشعوب العربية بدعوات مقاطعة لمنتجات الشركات الداعمة للاحتلال، وأبرزها ماكدونالدز، وبيتزا هت، ودومينيز بيتزا، وستاربكس، وباباجونز، وكنتاكي، وكورن فليكس، ونيستله، وكوكاكولا، وليبتون، وبورغر كينج، وكذا شركات صناعية مثل إتش بي للتكنولوجيا، وهيونداي للسيارات، وبوما ونايك للصناعات الرياضية، وغيرها، وتشير التقديرات إلى وجود نحو 250 مصنعًا داخل المستوطنات في شتّى مجالات الإنتاج؛ فضلا عن ما يقارب 3000 منشأة أخرى من مزارع وشركات ومحلات تجارية متنوعة؛ فالمستوطنات تنتج أكثر من 146 علامة تجارية في كافة القطاعات الإنتاجية؛ منها نحو 40 علامة تجارية غذائية، وقرابة 50 علامة تجارية منزلية، ونحو56 علامة تجارية، لمنتجات وصناعات متنوعة.
أهم الشركات
وتظل أكثر «البراندات» أو العلامات التجارية التي قامت ضدها دعوات للمقاطعة هي سلسلة مطاعم «ماكدونالدز» للوجبات السريعة؛ لتبرعها بعشرات الآلاف من الوجبات المجانية إلى الجيش، والشرطة «الإسرائيلية» بالإضافة إلى مستوطنات الجوار لقطاع غزة، وبحسب إعلان الشركة نفسها، فقد قدمت «ماكدونالدز» يوميا ما يقارب 4000 وجبة لصالح جيش الاحتلال ومواطنيه، مع منح خصم بنسبة 50% للجنود وقوات الأمن، وكتب حساب السلسلة على منصة «إكس»: «افتتحنا 5 فروع تتعامل فقط مع المساعدات والتبرعات لقوات الأمن والإنقاذ «الإسرائيلية»، وعلى غرار «ماكدونالدز»، دعمت سلسلة المطاعم الأميركية للبيتزا «بابا جونز» إسرائيل، وعرضت خدماتها على الجيش والأجهزة الأمنية والمواطنين، وانضمت إليها سلسلة مطاعم الوجبات السريعة الأميركية «بيتزا هوت» التي أعلنت أيضًا دعمها وتبرعها بوجبات مجانية لجنود الجيش الإسرائيلي، عبر نشر سلسلة صور على إنستغرام توثق ذلك تحت شعار «سعداء بالمساعدة»، هذا وتسود حالة من الغضب الشعبي ضد الشركات الداعمة لإسرائيل والمنتشرة في الدول العربية، حيث يحاول بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي القيام بحملات توعية لتعريف الناس بهذه الشركات، ومن بينها أيضاُ «كوكاكولا» و«لايز» و«دانون»، و«بيرغر كينغ» وغيرها.
المنتجات
وفيما يلي قائمة بأسماء اهم الشركات والمنتجات في الأسواق العربية والتي تدعم الاحتلال الإسرائيلي لعام 2023
أولًا: المطاعم والمتاجر: ماكدونالدز- ستاربكس- كنتاكي – بابا جونز- هارديز- برغر كينج- كارفور- بيتزا هت- دومينوز.
ثانيًا: الشركات الاستهلاكية: مياه نستله- مياه أكوافينا – بيبسي- كوكا كولا- فانتا- سبرايت- سفن آب- تانج- مرقة دجاج ماجي- شاي ليبتون- جبنة كرافت – نسكافيه بأنواعها – بيرسيل- تايد- أريال- داوني- منتجات جونسون- معجون سيجنال وكولجيت- منتجات أمريكانا- بامبرز- منتجات دوف ونيفيا- لوكس- هيد أند شولدرز- بيرت- منتجات دانون- منتجات كادبوري.
ثالثًا: الشيبس: ليز- شيبسي- دوريتوس- شيتوس- برينجلز.
رابعًا: الشوكولاتة: كيت كات- مارس- تويكس- باونتي- سنيكرز.
خامسًا: منتجات العلامة التجارية: جميع منتجات شركة بوما- جميع منتجات شركة نايكي- جميع منتجات شركتي إنتل وإتش بي- جميع منتجات شركة لوريال- جميع منتجات شركة نستله- جميع منتجات شركة جارنيه- جميع منتجات شركة فيتشي- قاطع اشتراكات نيتفليكس وديزني.
تحرك عربي
حملة المقاطعة هذه شكلت ردود فعل إيجابية وتحرك عربي لتفعيل هذه المقاطعة واعتبروها سلاحاً يمثل وسيلة مهمة جدًا في الصراعات الدولية، وأن الولايات المتحدة والدول الغربية تستخدمانها بشكل خارج إطار القانون الدولي وخارج إطار الأمم المتحدة، ضد الدول والحكومات التي تختلف سياساتها مع سياساتهم. أهمية مقاطعة الشركات العالمية التجارية مثل «ماكدونالدز» و«كوكاكولا»، وغيرها من المنتجات الغذائية والمشروبات التي تدعم الاحتلال ومستوطناته، واعتبر خبراء اقتصاديون في الوطن العربي أن مقاطعة هذه المنتجات تعتبر مهمة بشكل خاص لأنها غالبًا ليست ضرورية من الناحية الحيوية، وبالتالي يمكن العثور على بدائل لها في الأسواق المحلية، وانها جزء من أرباح «ماكدونالدز» في مصر يُعاد توجيهه إلى شركة «ماكدونالدز» العالمية، والتي تقدم من أرباحها لدعم الكيان الإسرائيلي، وبهذا النحو، يُمكن القول إن العرب يدعمون ضمنيًا الكيان الصهيوني من خلال هذه الشركات العالمية، وسيكون نجاح المقاطعة متوقفاً على قدرة الدول على توفير بدائل محلية للمنتجات الغربية التي تغزو الأسواق العربية كون معظم المنتجات التي تستهلك في المنطقة العربية تأتي من منشأ غربي، سواء كانت أدويةً أو منتجات تجميل أو منظفات أو مواد غذائية أو مشروبات. فأصبح نسبة المنتجات التي تستورد من الخارج أكثر من 70%.
س
منتجات الإمارات أيضاً
وفي الوقت ذاته تصاعدت دعوات واسعة عربيا وإسلاميا لمقاطعة منتجات دولة الإمارات لتحالفها مع إسرائيل في ظل ما ترتكبه تل أبيب من جرائم حرب مروعة بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وأحيا العديد من رواد المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في الدول العربية، دعوات مقاطعة المنتجات الإسرائيلية والشركات الأميركية والأوروبية الداعمة للاحتلال، غير أن الدعوات هذه المرة لم تكن كسابقاتها إذ شملت المنتجات الواردة من دول تعرف بـ”الطرف الثالث”، التي عمقت التطبيع الاقتصادي مع الاحتلال، ولا سيما الإمارات، وجاء ذلك ضمن حملة أوسع لمقاطعة البضائع الإسرائيلية والشركات متعددة الجنسيات الداعمة للاحتلال، باعتبار أن ميناء جبل علي، هو مصدر رئيسي للبضائع إلى كافة دول مجلس التعاون الخليجي، كما دعا المشاركون في الحملة إلى إلغاء اتفاقية التطبيع التي أبرمتها الإمارات والبحرين مع إسرائيل، خاصة مع أنباء زيادة حجم التجارة والتعاون الاقتصادي بين الطرفين، وكانت الإمارات أول دولة خليجية تُبرم اتفاق تطبيع مع إسرائيل في أغسطس عام 2020، برعاية الولايات المتحدة، وأدت إلى فتح آفاق جديدة للتجارة شملت مستحضرات التجميل والأغذية والأدوية والأجهزة الإلكترونية الإسرائيلية، ويقول خبراء إن كل الصادرات الإسرائيلية إلى الخليج تذهب إلى الإمارات أولاً ومنها إلى بعض دول مجلس التعاون الخليجي، ويشمل: الألماس، الذي اعتمدت عليه الإمارات لتصبح المركز الرئيسي لتجارته على مستوى العالم، وتبلغ حصة الألماس في الحجم الإجمالي للصادرات الإسرائيلية إلى الإمارات حوالي 70%، فيما تتوزع النسبة الباقية البالغة 30% على الأحجار الكريمة والأدوية والآلات والمعدات، وأجهزة الكمبيوتر والبرمجيات وتطبيقات الأمن السيبراني، والمنتجات الزراعية، المنتجات الغذائية، والمواد الكيميائية، والمنسوجات والملابس، ومن المتوقع أن يصل حجم التجارة الإماراتية الإسرائيلية إلى 3 مليارات دولار بنهاية العام الجاري و3.5 مليارات دولار في 2024، مقابل 2.5 مليار دولار في 2022 ومليار دولار فقط في 2021.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: للکیان الصهیونی الدول العربیة علامة تجاریة على غزة
إقرأ أيضاً:
أيهما أفضل للتغيير.. الحرب أم السلام؟
لنقل إن النظام السياسي الغربي، في جوهره، لا يختلف كثيرًا عن ذلك الذي يقوم عليه الكيان الصهيوني، أو ما كان قائمًا في جنوب إفريقيا من تمييز عنصري. فلا تناقض جوهريًا بين قيم الغرب وسياساته وبين من يدعمهم، كما يتوهم البعض، إذ إن هذين النموذجين السيئين ما هما إلا امتداد متقدم للغرب في الشرق والجنوب. ولولا ما يلحق الحكومات الغربية من خسائر فادحة، سواء مادية أو شعبية، لبقينا إلى اليوم تحت وطأة الاستعمار الأوروبي. إن منطق الطغيان والاستعلاء في الأرض هو ما يستجلب سنن التغيير الإلهية: "وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد."
دروب التغيير
لا بدّ للتونسيين من إعادة تقييم أدواتهم السياسية، التي لا تزال تُحظى ببعض المصداقية في نظر فئات منهم، مثل رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان والاتحاد العام التونسي للشغل. إذ إن المناكفات السياسية، كما تفعل عبير موسى، قادرة على إفساد المشهد برمته، وتعكير حياة شعب بأكمله لا يملك من عمره إلا هذا الذي يعيشه.
الحنين إلى الماضي سمة الشعوب التي تخاف على مستقبلها من حاضرها المتردي. وأعجب لمن لا يرى صلة بين واقع تونس اليوم وماضيها، رغم قدرته على الربط حين ينظر إلى تجارب الشمال الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية، التي أفضت إلى ما يعتبر اليوم "مرحلتها الذهبية". الحضور التونسي الدولي ليس لافتًا، وتونس ليست قوة مؤثرة في المسرح العالمي، ولكن في هذا الابتعاد عن الأضواء فرصة للقيادة التونسية لإصلاح بعض من شأنها، كما تفعل القيادة في أفغانستان، التي تخطو بشعبها خطوات ثابتة تستحق الدراسة والاقتداء.
محددات داخلية وخارجية
ثلاثة عوامل رئيسية ينبغي وضعها في الحسبان:
أولًا ـ قيس سعيّد جاء بانتخابات ديمقراطية لم يُشكك أحد في شرعيتها، لكن السلم الديمقراطي قد يُفضي أحيانًا إلى استبداد في غياب حراك شعبي يذود عن مكتسبات الثورة.
ثانيًا ـ الرئيس إما أنه يُهيمن على أجهزة الدولة العميقة، ولا سيما الأمنية منها، أو أنه يخضع لها، أو أنهما متحالفان لإدارة البلاد بهذا الأسلوب، مما يعني أنه لا يتحمل وحده مسؤولية السنوات العجاف التي أوصلت التونسيين إلى ما هم عليه.
الحنين إلى الماضي سمة الشعوب التي تخاف على مستقبلها من حاضرها المتردي. وأعجب لمن لا يرى صلة بين واقع تونس اليوم وماضيها، رغم قدرته على الربط حين ينظر إلى تجارب الشمال الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية، التي أفضت إلى ما يعتبر اليوم "مرحلتها الذهبية".ثالثًا ـ هناك غطاء خارجي لهذا الانحراف، سواء من "حمَلة لواء الديمقراطية" في الغرب أو من أعدائها في الشرق.
كلمات الأسى والأمل التي ترد في رسائل المسجونين ظلمًا في تونس الخضراء لا تعبّر عن وحدة في الرؤية، فهم مختلفون حتى في لحظات المحنة، كاختلافهم زمن السلطة. فهل كانت الديمقراطية مشكلتهم حين حكموا؟ وأي رسائل كانوا سيرسلون إلينا لو التقوا في الدار الآخرة بين يدي ربهم العدل الرحيم؟
في الشأن السوري
كسر شوكة الدولة السورية هو المحذور الأكبر في المسار الذي تسلكه القيادة الجديدة في الشام. كما أن تليين بنية الجيوش وربطها باتفاقات هشة لا تخدم مصالح الأمة يُعد خطرًا بالغًا. لذلك، فإن السلطة الحالية بحاجة إلى خطاب يزرع الثقة لدى الناس في قدرتها على حفظ المصالح العليا، إذ إن الانفتاح على الأعداء، وعلى رأسهم الكيان الصهيوني، دون ضوابط أو حواجز، لا يُبشّر بخير.
لعل في النهج الذي تسلكه حركتا حماس والحوثي في مواجهة الظلمة، ما يقدّم بديلًا مشرّفًا لحكام سورية حين يواجهون الضغوط، وهو خيار أفضل من النهج البراغماتي الذي تنتهجه القيادة التركية.
تبنّي المثقف لرؤية السلطة يفقده استقلاله ورؤيته المتكاملة، خاصة إذا خلط بين الدولة والسلطة، وسار في اتجاه يخالف نبض الأمة ومزاجها العام، كما يحدث في الأردن اليوم، حيث لا يزال قادته يمنّون على الإسلاميين بما لا يملكون: "من منحهم هذه السلطة ليعطوا؟ ومن هم هؤلاء الذين تم استبعادهم؟ وماذا لو جاء للأردن ما جاء للنظام البائد في الشام؟"ملاحقة الذباب الإلكتروني وغيره من الحشرات الإعلامية أمر محمود، لكن ماذا عن أولئك الذين تواصلوا مع الكيان الصهيوني وقبلوا منه غطاءً من الذل والعار، عبر بعض عرب الدروز؟ على القيادة السورية البحث عن شخصيات جامعة، وإن لم تكن من الصفوف الأولى، ودفعها لتحمّل مسؤولياتها الوطنية.
وكما تقول القاعدة الفقهية: "السكوت في معرض الحاجة بيان." فعلى السلطة أن تصارح الشعب: هل سلّمت أرشيف الجاسوس إيلي كوهين أم لم تفعل؟ وما المصلحة المرجوة من هذه الفضيحة؟
حين تُثبت النظرية فشلها، لا ينبغي الإصرار عليها، بل يجب البحث عن بديل لها. لقد استند اليسار قديمًا إلى "اشتراكية" الإسلام، إما لقصر في أدواته أو لتسويق نفسه. وقد فتحت السلطة السورية الأبواب لاقتصاد السوق دون مبرر سوى الحاجة إلى رؤوس الأموال، لكن هذا التوجه لن ينجح في مجتمع يؤمن بنظامه الاقتصادي الخاص.
اليسار واليمين، في أفضل أحوالهما، أدوات لفهم الآخر، لا مشاريع للسيطرة الكاملة. أما تبني أحدهما بالكامل فهو عودة للفساد من بابه الأول.
نحو مقاومة فاعلة
ينبغي على محور المقاومة أن يندمج أكثر مع الأمة، ويتخلى عن التقوقع المذهبي أو الأيديولوجي، لأن خزان المقاومة الحقيقي كان دومًا في مركز الأمة، لا في أطرافها فقط. كما يجب تطوير قدرات الرماية، إذ كشفت تجربة حزب الله عن قصور في ترسانته الصاروخية. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي."
التزامات المثقفين
ظاهرة "الفناكيش" ليست حكرًا على دولة بعينها، بل تظهر حيثما وُجد الظلم والاستبداد وسوء الحكم. على المثقفين الأحرار أن يستمروا في تنوير شعوبهم، وأن يحذروهم من الانخداع بالإشاعات التي تصرف الأنظار عن القضايا الحقيقية.
تبنّي المثقف لرؤية السلطة يفقده استقلاله ورؤيته المتكاملة، خاصة إذا خلط بين الدولة والسلطة، وسار في اتجاه يخالف نبض الأمة ومزاجها العام، كما يحدث في الأردن اليوم، حيث لا يزال قادته يمنّون على الإسلاميين بما لا يملكون: "من منحهم هذه السلطة ليعطوا؟ ومن هم هؤلاء الذين تم استبعادهم؟ وماذا لو جاء للأردن ما جاء للنظام البائد في الشام؟"
لو بُعث نبي في هذا الزمان وأمر الطرفين المتقاتلين في السودان أن يصطلحا، وأمرهم بردّ النزاع إلى الله والرسول، أكانوا فاعلين؟ أم كانوا غافلين حتى يأتيهم العذاب؟
حين تذوق الشعوب ويلات الحرب، تدرك قيمة نعمة الأمن، فتعود إلى رشدها. ولو كانت عاقلة لما تركت أسباب الاقتتال تتراكم حتى تنفجر.
أما عن المؤتمر الوطني السوداني، فإن وصفه بالإسلامي فيه كثير من المبالغة، وتحميل الحركات الإسلامية وزر الفتنة لا يستقيم. فأين هم قادة المؤتمر الشعبي، وحزب الأمة، وبقية التيارات المؤمنة بمرجعية الإسلام في الحكم؟ لا نكاد نسمع لهم صوتًا ولا نرى لهم مشورة في هذه الفتنة العمياء.
*كاتب وإعلامي جزائري