أكد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أنه يحتاج بشكل عاجل إلى 74 مليون دولار لمواصلة استجابته الطارئة في غزة لمدة الـ90 يوما القادمة، حيث يدفع النقص الحاد في الغذاء والمياه والطاقة والإمدادات الطبية، حياة المدنيين في غزة إلى حافة الكارثة.

ويوجد نحو 750,000 من سكان قطاع غزة يحاولون التنقل إلى مناطق أكثر أمانًا، بالتزامن مع تكثيف الاحتلال الإسرائيلي لضرباته الجوية على القطاع.

وحذرت الأمم المتحدة من تراجع خطير في إمدادات الغذاء والوقود ومياه الشرب في قطاع غزة، مما دعا رؤساء وزعماء العالم والمنظمات الإنسانية إلى السماح بدخول المساعدات الأساسية، في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ 7 أكتوبر.

وذكر تقرير يرصد الأوضاع الحالية في غزة، أن مخازن القطاع الساحلي لديها احتياطيات غذائية تكفي لأقل من أسبوع، وأن القدرة على تجديد هذه المخزونات مهددة بسبب الطرق المتضررة والمخاوف المتعلقة بالسلامة ونقص الوقود، بالإضافة إلى انخفاض مطرد في السلع الغذائية مثل الخضروات ودقيق القمح والبيض، مع ارتفاع أسعارها.

وأشار التقرير إلى أنه نتيجة للأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والخدمات الأساسية، تم إغلاق 23 متجرا متعاقدا مع برنامج الأغذية العالمي، ولا تعمل سوى 4 مخابز من أصل 23 مخبزا متعاقدة مع برنامج الأغذية العالمي لكنها لا تزال معرضة لخطر الإغلاق العرضي بسبب نقص الوقود، بينما تضرر خمسة مخابز وسبعة متاجر ومطحنة واحدة في غزة، تعمل مع برنامج الأغذية العالمي.

وناشد برنامج الأغذية العالمي، بضرورة حماية البنية التحتية الحيوية وحماية المدنيين، حتى يتمكنوا من الوصول إلى أماكن المساعدات الإنسانية والخدمات في غزة، حيث يوجد ثلاث شاحنات تابعة لبرنامج الأغذية العالمي جزءا من قافلة مكونة من 20 شاحنة مساعدات انتقلت عبر معبر رفح الحدودي إلى غزة السبت الماضي، حيث بذلت مصر جهودا كبيرة لفتح المعبر لإدخال المساعدات الإنسانية.

ونوه التقرير بأنه يوجد 40 شاحنة أخرى تابعة لبرنامج الأغذية العالمي، تنتظر في العريش لدخول غزة عبر معبر رفح، بينما أكدت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أن غزة تحتاج إلى الوقود بشكل عاجل مثل الماء والغذاء.

من جانبها قالت مديرة الاتصالات بوكالة الأونروا تمارا الرفاعي، إن عدم توفر الوقود يجعل من غير الممكن التجول في غزة أو تشغيل محطة تحلية المياه للحصول على مياه شرب نظيفة أو تشغيل المستشفيات وآلات الإنقاذ، مؤكدة أن المساعدات الإنسانية التي دخلت غزة تعد جزءا صغيرا مما هو مطلوب لأكثر من 400 ألف نازح يقيمون حاليا في المدارس التي تديرها "الأونروا" لأن الوضع خطير للغاية.

وأضافت أن المواطنين في القطاع يضطرون إلى تقنين كمية الغذاء، نعتمد حقا على الوصول المستمر ودون عوائق لشاحنات المساعدة من رفح إلى غزة.

وخرجت الأوضاع الراهنة في قطاع غزة عن السيطرة، حيث يعيش مئات الآلاف من السكان في ظل نقص حاد في الغذاء والمياه والوقود والإمدادات الطبية، إلا أن انتقال السكان يظهر التصاعد المستمر للعدوان، وتدهور الأوضاع الإنسانية حيث يعاني الأشخاص في غزة من عواقب هذه الأزمة بشكل مباشر، وحياتهم مهددة بالكارثة.

ويوجد جهود دولية مشددة للمساعدة في تقديم المساعدات الإنسانية الضرورية للسكان في غزة، وعلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية العمل بسرعة للتصدي لهذا التحدي وضمان توفير الغذاء والمياه والرعاية الصحية للمدنيين في القطاع، بالإضافة إلى تعاون الأمم المتحدة والجهات المعنية من أجل تقديم الدعم المالي واللوجستي للبرامج الإغاثية والإنسانية في المنطقة.

وتابعت أنه لابد من العمل معًا للتخفيف من معاناة السكان في غزة ومنع الوضع من الازدياد سوءًا، من خلال قيام المجتمع الدولي ببذل جهودًا حقيقية لإحلال السلام والاستقرار في المنطقة، ودعمه للحوار والمفاوضات والبحث عن حلول سياسية لحل النزاع من أجل تحقيق مستقبل أفضل لسكان غزة وتلبية احتياجاتهم الأساسية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: غزة الغذاء والمياه الاحتلال المساعدات الأساسية برنامج الأغذیة العالمی المساعدات الإنسانیة فی غزة

إقرأ أيضاً:

قُصف الخبز في غزة، فماتت الإنسانية في العالم

بسم الله الرحمن الرحيم

قُصف #الخبز في #غزة، فماتت #الإنسانية في #العالم

دوسلدورف/أحمد سليمان العُمري

في أروقة التاريخ الحديث، حيث تُسجَّل الفظائع بأحرف من دم ودموع؛ تقف غزّة اليوم شاهدة على فصل جديد من فصول العار الإنساني.

مقالات ذات صلة القدر المخفي: حينما يرسم الغيب ملامح حياتنا 2025/06/07

إنّ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة ليس حرب تقليدية، كتلك القائمة بين روسيا وأكرانيا ولا نزاعٌ سياسيٌ عادي، إنّما احتلال بداية، وهو الأطول في التاريخ الحديث وإبادةٌ ممنهجةٌ تُنفَّذ بتُؤدَة ودموية، تحت سمع العالم وبصره، بينما الضمير العالمي يغضّ الطرف ويُشيح بوجهه.

الجوع كسلاح والمجازر كأداة إبادة مزدوجة

لم يعد القصفُ وحده هو القاتل الأكبر في غزّة، بل صار الجوعُ والمجازرُ المتعمّدة أدوات متكاملة للقتل البطيء والسريع، فمنذ أكتوبر 2023، تحوَّل الحصار إلى آلة للطحن البطيء، بينما حوّلت مجازرُ مثل مجزرة رفح قبل أيام مراكزَ المساعدات إلى «مصائد موت» تُدار بأيدي قوات الاحتلال وشركائها.

إحصائيات صادمة صدرت خلال الأشهر الماضية من 2025 تؤكّد أن أكثر من 66 ألف طفل فلسطيني يعانون من سوء تغذية حاد، وفق بيانات وزارة الصحة في غزّة ومنظمة الصحة العالمية. وفي ذات الفترة، أفادت تقارير طبية بأن أكثر من 50 طفلاً فلسطينيًا توفوا نتيجة الجوع أو مضاعفاته في المستشفيات الحكومية خلال أقل من 4 أشهر.

كما أن نسبة الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي تجاوزت 96% من سكان غزّة، مع وجود قرابة 495،000 شخص في حالة انعدام أمن غذائي كارثي، حسب دراسة حديثة نشرتها اليونيسف في مارس/آذار 2025 وتقارير أممية ودولية مشتركة.

تتزامن هذه الأرقام مع تدمير ما لا يقل عن 94% من المرافق الصحية الحيوية في القطاع، وفقا لتقارير منظمة الصحة العالمية حتى أواخر مايو/أيّار 2025. وقد وثّقت المنظمة 516 هجوما على المرافق الصحية ووسائل النقل الطبي، مما أسفر عن ارتقاء 765 شخصاً وإصابة ما يقرب من 1000 آخرين.

هذا التصعيد المُمنهج في استهداف البنية التحتية الصحية يعكس الوحشية الإسرائيلية وتفاقم الأزمة الإنسانية، ويحول دون تلقي المرضى والمصابين الرعاية اللازمة، مما يزيد من عدد الوفيات بين المدنيين، وخاصّة الأطفال والنساء.

وآخر المجازر البشعة، التي تجاوزت الوصف في مايو/أيّار ويونيو/حزيران 2025، حين ارتكب الجيش الإسرائيلي سلسلة مجازرَ في رفح، حيث استُهدف المدنيون الجوعى وهم ينتظرون المساعدات الإغاثية: 31 مايو/أيّار 2025: 37 شهيدًا و170 جريحًا برصاصٍ أُطلق على طوابير الخبز.

3 يونيو/حزيران 2025: 27 شهيداً ونحو 500 جريح في المشهد ذاته، بينما العالم يصفها بـ «الحوادث المأساوية» ولا يتجاوز الوصف ذلك.

هنا، يُختزل التاريخ في حلقة مفرغة: ففي 1956، ذبح الجيش الإسرائيلي 111 فلسطينيًا في رفح بعد استدراجهم إلى مدرسة تحت ذريعة «التفتيش»، والأمثلة أكثر من حصرها في مقالة. اليوم، يعيد التاريخ نفسه، لكن بأساليب أكثر إجراما: مساعدات أمريكية مغموسة بالدماء، حيث يُستدرج المجوّعين إلى نقاط محددة ليتم إعدامهم جماعيًا.

المفارقة التاريخية… عندما يصبح الصمت أداة للقتل

في رواندا والبوسنة، انقسم العالم بين مُندِّدٍ ومتواطئ، أمّا في غزّة، فالجميعُ يُشارك في جريمة واحدة: الصمت. المفارقة الأكثر إيلامًا أن إسرائيل، بعد 70 عامًا من استخدام ذريعة «عداء السامية» و «الدفاع عن النفس» المُصنّعة غربيا، تُنفِّذ إبادةً جماعية، بينما تُستخدم الذخائر الأمريكية نفسها التي قُتِل بها أجداد الإسرائيليين لحرق أطفال فلسطين.

الأمم المتحدة تصف الوضع بأنه «أسوأ أزمة إنسانية»، لكن قراراتها تتحوَّل إلى حبر على ورق. حتى محكمة العدل الدولية، التي أمرت بوقف الهجوم على رفح وأصدرت مذكّرات اعتقال بحقّ «نتنياهو» و «غالانت»، تُنتهك أوامرها علنًا. والنتيجة؟ غزّة 2025 تُكرر مأساة 1948: تهجيرٌ جماعي، مجاعةٌ مخطَّط لها، ومجازرُ تُرتكب بذات الأسلوب ولكن بأدوات «حديثة».

دليل آخر على ذلك هو القصف الإسرائيلي الذي تعمّد استهداف الفلسطينيين وهم يحاولون الحصول على المساعدات الإنسانية، حيث راح ضحيته قرابة 40 شخصًا إضافة إلى إصابة حوالي 200 آخرين في غارات استهدفت نقاط تجمع للمساعدات خلال الأسابيع القليلة الماضية، ما يؤكّد أن هذا الهجوم لا يقتصر فقط على السلاح التقليدي، بل يشمل استدراج المجوعين إلى مراكز إغاثية تم إعدادها بشكل ممنهج لتكون كميناً دموياً للعزّل.

إبادة لا تشبه سابقاتها

التاريخُ يعرف الإبادات الجماعية، لكن غزّة كسرت القوالب: إبادةٌ مصوَّرةٌ بالبثّ المباشر، بينما تُختزل الضحايا في «أرقام مؤقّتة».

وفي سياق التعتيم المُتعمّد، ارتقى حتى يونيو/حزيران 2025 ما لا يقل عن 212 صحفياً، حسب تقرير قناة الجزيرة، في ما يمكن تسميته بـ «الإبادة الإعلامية» التي تهدف إلى إسكات العدسة والكلمة، ومنع توثيق الجريمة في زمن البثّ المباشر.

تكتيك مُزدوج: تجويعٌ بطيءٌ يسبق المجازر السريعة، كما في رفح حيث يُجبر المجوعون على التجمُّع ثم يُقتلون. تواطؤٌ مُركّب: الذخائر الأمريكية تُستخدم لتنفيذ المجازر، بينما الإعلام الأمريكي يصفها بـ «الأخطاء المأساوية».

كما كشفت تقارير أممية أن جيش الاحتلال استخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد الأهداف البشرية والمنازل والمركبات في وقت لا يتجاز الثواني، ما يجعل من الخطأ احتمالا محسوباً ضمن هامش الإبادة، ويحوّل الذكاء الاصطناعي من أداة تطوير إلى أداة فتك.

حتى القانون الدولي، الذي وقف عاجزًا أمام مجازر «سربرنيتشا»، يُظهر عجزه الأكبر اليوم: ففي 2025، تُنتهك اتفاقية منع الإبادة الجماعية (1948) علنًا، بينما واشنطن تُزوِّد الجلّاد بالأسلحة الفتّاكة.

ما يزيد الألم عمقًا هو أن إسرائيل تعتمد على شركات أمريكية لإدارة توزيع المساعدات الإغاثية في القطاع، مما يجعل هذه المؤسسات شركاء في الجريمة. فقد أصبحت المساعدات، التي كان يفترض أن تخفّف من معاناة الغزيين، أداة لاستدراج المجوعين، حيث يتم استغلال حاجتهم الماسّة إلى الغذاء والإغاثة، ثم تُقصف مراكز التجمّع، في أبشع أنواع القتل المنهجي.

غزّة، الشاهدة على إنسانية ميتة

إنّ رفح وقطاع غزّة عامّة اختبار للضمير العالمي: في 1956، ذُبح أهلها لأنهم «مقاومون»، وفي 2025، يُذبحون لأنهم أيضاً قاوموا، فحُوصروا وجُوّعوا وها هم الآن على مرأى من العالم يقتلون صبرا.

الضحايا نفسهم، والجلّاد نفسه، ولكن الذرائع تتجدَّد، والصمت يتعمَّق.

السؤالُ الذي يُطارد التاريخ الآن ليس «كيف نوقف هذه الجريمة؟»، بل «هل بقي للعالم ضميرٌ ليُدان؟».

غزةُ تكتب فصول إبادتها بدماء أطفالها، والعالم يُدوّن إفلاسه الأخلاقي والإنساني بحروف من ذهب وصمت من تآمر.

Ahmad.omari11@yahoo.de

مقالات مشابهة

  • سوريا تعود إلى الاقتصاد العالمي بعد 14 عاما من العزلة
  • استشهاد طفلة جراء الجوع بغزة وتحذير أممي من توقف جهود الإغاثة
  • برنامج الأغذية العالمي: العائلات في غزة تعيش على شفا الانهيار
  • كاريكاتير.. مادلين الإنسانية تفضح الحصار العالمي الظالم على غزة
  • أمريكا ضد الإنسانية.. عندما يُجهَض الإجماع العالمي بفيتو واحد!
  • المنظمات الأهلية بغزة: مراكز المساعدات تحولت إلى كمائن أسفرت عن 126 شهيدا
  • قُصف الخبز في غزة، فماتت الإنسانية في العالم
  • مؤسسة غزة الإنسانية أوقفت توزيع أي مساعدات بزعم تهديدات من حماس والحركة ترد
  • مؤسسة غزة الإنسانية: تهديدات من حماس تجبرنا على تعليق المساعدات في القطاع
  • أمريكا تدرس منح 500 مليون دولار لمؤسسة غزة الإنسانية بناء على طلب إسرائيل