الأردن.. الدور المحوري في طوفان الأقصى
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
بالتأكيد شكلت معركة "طوفان الأقصى" تحولاً استراتيجياً على صعيد الصراع في فلسطين، وعلى اختلاف ردود الأفعال والتحليلات السياسية، إلا أن كل الأطراف تجمع على أن ما قبل السابع من أكتوبر ليس كما بعده، حيث تظهر الأطراف الدولية الداعمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي وعلى رأسها الولايات المتحدة أن الاستجابة لهذا التحول يجب أن تكون استراتيجية، والهدف المعلن هو القضاء على حماس في قطاع غزة، لكن الخلاف يكمن في التفاصيل ولم تتشكل خطة او رؤية عملية واضحة لتحقيق ذلك.
وبالنظر إلى موقف الأطراف الإقليميية الرئيسية، نجد أن مصر تتساوق مع الخطة الأمريكية بشكل معلن على لسان السيسي ولكن تعارض أي خطة تتضمن تهجير الغزيين إلى أراضيها، أما السلطة الفلسطينية، فإن فعلها على الأرض من قمع المسيرات واستمرار التنسيق الأمني وتهدئة الشارع يشي بموقفها المؤيد للخطة الأمريكية بضرورة إنهاء حماس في غزة ومن الواضح أن الخسائر المدنية أو تهجير أهل غزة لا يشكل أي معضلة بالنسبة لهم.
على صعيد محور الممانعة، وإن كانت إيران تظهر موقفاً داعما لحماس من خلال التحرك المسلح المحدود والتصعيد في جنوب لبنان ، إلا أن تطور موقف محور الممانعة أكثر من ذلك محفوف بعدة عوامل ويعتريه الشكوك، في المحصلة نجد أن المقاومة في غزة تقف أمام تحد نوعي ومعركة مصيرية والرهان على نجاح المقاومة في الصمود والاستمرار هو المسار المركزي في هذه المعركة.
على صعيد الأردن، يتلخص المشهد بحراك شعبي متواضع يعمل في نطاق السقف الذي رسمه له النظام. بينما يعمل الجانب الرسمي الأردني على تسويق نفسه أنه يقوم بجهود دبلوماسية حقيقية ومضنية لوقف الحرب ودعم الفلسطينيين، وخطاب الملك ومن بعده مقابلة الملكة مع شبكة CNN تشي عن موقف دبلوماسي متقدم عن كل الاطراف الاقليمية من دول عربية وإسلامية.
هل فعلا يقوم الأردن الرسمي بدور حقيقي دبلوماسي لوقف الحرب؟ وهل يملك الأدوات والقوة لذلك؟ وهل فعلا الحراك الشعبي لا يستطيع تحقيق أكثر من الإسناد والدعم وإيصال الرسائل للغرب؟يساعد في ضبط الأمور في الشارع الأردن ضمن سقف النظام المنخفض خطاب يتبناه ما يمكن تسميتهم "المعارضة المعتدلة" ويتم بثه وتكثيفه عبر مختلف وسائل التواصل والمحطات الإعلامية يتبناه عدد من الإعلاميين والمعارضين يسوق إلى أن الأردن الرسمي يقوم بدوره وأن واجب الشعب إسناد الدور الرسمي من خلال التعبير عن دعمه لغزة في إطار سلمي مقنن ومحدود تحت عنوان " هدفنا إيصال رسالة للمجتمع الغربي" فقط تحت ذريعة أن هذا أقصى ما يمكن تحقيقه.
لكن نظرة متعمقة للمشهد تطرح أمامنا تساؤلات اهمها؛ هل فعلا يقوم الأردن الرسمي بدور حقيقي دبلوماسي لوقف الحرب؟ وهل يملك الأدوات والقوة لذلك؟ وهل فعلا الحراك الشعبي لا يستطيع تحقيق أكثر من الإسناد والدعم وإيصال الرسائل للغرب؟
بلا شك أن الأردن الرسمي ممثلا بالملك تحركه مصلحة واحدة وهي الحفاظ على النظام واستمراره. وبلا شك أن لأمريكا دور حاسم في ذلك، ولذلك الموقف الأردني الرسمي مرتهن للإرادة الأمريكية بشكل كامل، وبغض النظر عن الخطابات القوية فهي لا تختلف بحال عن خطابات النواب في البرلمان الأردني عند مناقشة الموازنة التي تمتلئ بالخطاب القوي الناقد للموازنة ولكنها تنتهي بالموافقة والاقرار لها، دائما ما كانت الأفعال اعلى صوتا من الخطابات المنمقة الرنانة التي في الغالب هي للاستهلاك المحلي وتسويق نظام الحكم على انه يمارس ضغوط على المجتمع الغربي ، ولكن الأفعال على الأرض تدل على ارتهان الموقف الأردني للإرادة الامريكية بالكامل ، فمن الاتفاقيات العسكرية الأمريكية الأردنية لإنشاء قواعد عسكرية أمريكية في الأردن والتي في بنودها ترتقي لمستوى الاحتلال، الى اتفاقية الغاز مع الاحتلال، واتفاقية الماء مقابل الكهرباء، الى قتل مواطنين أردنيين في حرم السفارة في الرابية وتهريب الفاعلين، والقائمة تطول.
بالتأكيد لا تصب تصفية القضية الفلسطينية ـ والتي تبدأ من هزيمة حماس في غزة ـ في مصلحة القصر ولا الأردن، لذلك من الخطأ الكبير تسويق الجهود الأردنية الدبلوماسية على أنها جهود جادة وفاعلة مما يجعل الحراك الشعبي يتراخى ويتم تسويق أن هذا أفضل ما يمكن تحقيقه.
الحراك الشعبي قادر على إحداث اختراق كبير وكبير جدا في اتجاه قلب المعادلة ورسم مسار ضاغط ربما يساهم في ايقاف الحرب واسناد حقيقي لغزة وأهلها. فعلى الرغم من أن موقف النظام الأردني مرتهن للرؤية الأمريكية على الدوام. إلا أن الأردن جغرافياً له ثقل كبير في القضية الفلسطينية ومحورية في المنطقة. فهو يملك أطول حدود مع فلسطين ويمتلك أكبر مخزون من الفلسطينيين، أضف إلى ذلك أنه في خطة اليمين الصهيوني هو جزء من الحل النهائي في تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين، ورغم ما يبديه النظام الأردني من ممانعة لهذه الخطة إلا أنه يتساوق معها مكرها، فرغم أن الأردن الرسمي يخاف من قلاقل داخلية من العشائر الأردنية في حال تمرير مشروع توطين الفلسطينيين، إلا أن خوفه من أمريكا أكبر، وهي فعلاً من يملك زمام استقرار الحكم واستمراره، أما النقطة الأهم والتي يغفل عنها الكثير، أن الأردن اليوم هو الدولة الوحيدة الحاجزة بين وصول امتداد المشروع الإيراني من سوريا والعراق ليصبح على تماس مباشر مع الحدود الفلسطينية وما يشمله ذلك من تهديد وجودي لدولة الاحتلال الإسرائيلي، كل هذا يعطي أهمية قصوى للأردن في السياسة الخارجية الامريكية ومما يعني في معادلة الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.
إنني أزعم أن حراك شعبي أردني قادر على أحداث اختراق حقيقي في المعادلة اذا تم توجيهه في الاتجاه الصحيح، أن المسيرات والمظاهرات والاعتصامات المحدودة والملتزمة بسقف النظام على فضلها ولكنها ذات اثر محدود او ليس لها أي أثر يذكر، وأي حراك باتجاه السفارة الإسرائيلية أو الفرنسية أو حتى الحدود فأن الدولة الأردنية قادرة على احتوائه وربما منعه.
الحراك الشعبي الذي يملك فرصة أكبر على كسر المعادلة ويمكن تحقيق إنجاز وازن في اسناد غزة هو حراك باتجاه السفارة الأمريكية في عبدون ومحاصرتها والاعتصام حولها وإجبار أمريكا على إخلاء السفارة وإجلاء رعاياها منها. لأن الفكرة السياسية هو التأثير على الموقف الأمريكي وحساباته لاستقرار المنطقة وحلفائها.
تمثل السفارات الأمريكية في الوعي الجمعي الأمريكي أهمية عالية، وبالذات السفارة في الأردن. حيث تعتبر مركزا رئيسيا لمختلف العمليات الأمريكية في المنطقة وليس الأردن فقط. وفي نظرة سريعة للتاريخ نجد مثلا أثر وذكرى اقتحام السفارة الأمريكية في طهران حاضر لليوم وتناولته العديد من التحليلات والأفلام السينمائية والوثائقية وساهم في تغيير جذري في السياسة الأمريكية الخارجية، وهناك أمثلة أخرى كيف أن إغلاق أو اقتحام السفارات الأمريكية كان له صدى واسع وعميق في المجتمع الأمريكي والسياسة الأمريكية.
أزعم أن حراك شعبي أردني قادر على أحداث اختراق حقيقي في المعادلة اذا تم توجيهه في الاتجاه الصحيح، أن المسيرات والمظاهرات والاعتصامات المحدودة والملتزمة بسقف النظام على فضلها ولكنها ذات اثر محدود او ليس لها أي أثر يذكر، وأي حراك باتجاه السفارة الإسرائيلية أو الفرنسية أو حتى الحدود فأن الدولة الأردنية قادرة على احتوائه وربما منعه.حتى نكون واضحين وعمليين، لا يستطيع أي طرف في الأردن تحمل تبعات الدعوة لهذا الحراك، ولكن المطلوب من القوى الحية والنخب السياسية والمثقفين والمؤثرين توجيه العقل الجمعي الأردني وغرس هذه الفكرة في عقول الأردنيين والتوعية بها : أن إسرائيل واهنة ضعيفة لولا الدعم والاسناد الأمريكي ، وأنه يجب اجبار أمريكا على سحب دعمها لهذا الكيان او على الأقل ان تعيد حساباتها في المنطقة لتكون اكثر توازنا وهذا لا يتم بلا ضغط شعبي يهدد المصالح والوجود الأمريكي في المنطقة والأردن بشكل خاص.
كلنا شاهد كيف تحرك الشارع بشكل عفوي وزخم واسع نحو السفارة الإسرائيلية ليلة قصف المستشفى المعمداني، لأن الوعي الجمعي الأردني يرى في إسرائيل العدو المباشر على مدى عقود ماضية، وما يجب أن يحدث اليوم هو تحول نوعي وتحويل الزخم في توعية الجماهير بخطر المشروع الأمريكي والذي تتمثل رمزيته في الأردن بالسفارة الأمريكية. هذا التحول النوعي في الوعي والخطاب سوف يثمر على المدى القريب حراك شعبي عفوي وزخم واسع ومتواصل يفضي إلى تحقيق هذا الهدف، وحتى من ناحية إمكانية تحقيق ذلك فإذا ما قارناها بالوصول الى الحدود فأن الوصول الى السفارة الامريكية اسهل بكثير لتعدد الطرق ووجودها في قلب عمان، وهذا النوع من التحرك الجماهيري العفوي لن تستطيع أن تقف في وجهه قوات مكافحة الشغب والتي بالتأكيد لديها تعليمات بمنع أي حراك من هذا الشكل ولو بالقوة ولكن التجربة الأردنية تؤكد على أن الأمن الأردني إن كان بين خيار الايذاء المفضي للقتل أو التخلية بين الجماهير وما تريد فإنه سوف يترك الجماهير وما تريد.
هنالك نقطة مهمة يجب التأكيد عليها، ان استقرار الأردن بلا شك من استقرار النظام فيه، وبلا شك ان اغلاق السفارة الامريكية هو مصلحة شعبية ورسمية على حدا سواء، فهو لن يساهم في إعادة رسم سياسة أمريكا نحو القضية الفلسطينية بشكل عام واسناد غزة ووقف الحرب بشكل خاص، وانما يعطي الأردن قوة اكبر وانعتاق من التبعية للجانب الأمريكي تساهم في افشال المخطط الأمريكي الصهيوني في توطين اللاجئين وانهاء القضية الفلسطينية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين غزة موقف الاردن فلسطين غزة عدوان موقف مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القضیة الفلسطینیة الأردن الرسمی الحراک الشعبی الأمریکیة فی فی المنطقة فی الأردن أن الأردن إلا أن
إقرأ أيضاً:
أجاك الدور يا دكتور.. الجزيرة نت ترافق من خط شعارات الثورة الأولى بدرعا
درعا- لم يكن معاوية صياصنة يدرك حين حمل علبة البخاخ ذات اللون الأسود في فبراير/شباط 2011 واقترب من جدار مدرسة الأربعين في درعا البلد وخط شعارات "إجاك الدور يا دكتور" و"إرحل"، أن تلك اللحظة ستغيّر وجه سوريا وحياته إلى الأبد.
ويروي للجزيرة نت "كنت أظنها لعبة طفولية تُلعب ليلا، ومشاغبة جماعية سيضحك عليها رفاقي عند الصباح"، لكنه لم يكن يتخيل أن هذه الكلمات البسيطة ستقوده بعد أيام إلى زنازين فرع الأمن السياسي في درعا.
كما لم يكن يعلم أنه سيفقد أحد أفراد عائلته نتيجة قصف قوات نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، قبل أن يتحول الطفل إلى مقاتل ومهجّر وعائد من جديد إلى المدينة نفسها التي كتب فيها أول كلمة.
بعد أيام، داهم عناصر الأمن السياسي منزل عائلة صياصنة بإشراف العميد عاطف نجيب رئيس فرع الأمن السياسي، واعتُقل معاوية (15 عاما) من داخل غرفته، كان أصغر من أن يدرك ما يجري وكل ما فهمه في تلك اللحظة هو أن الكلمات يمكن أن تفتح أبواب السجون.
دخل إلى غرف التحقيق حيث تعرض للضرب والصراخ في زنزانة مغلقة تملؤها رائحة الرطوبة. ويقول "ما كنت فاهم شو (ما) هي الدولة ولا شو يعني معارضة، بس فهمت إنه ممكن تعتقل طفل بس لأنه كتب على الحيط".
خلال وجوده في السجن، انطلقت الثورة في مدينة درعا بعد رفض ضباط النظام الإفراج عن الأطفال، خرج الناس من مسجد الحمزة والعباس في 18 مارس/آذار 2011 وتجمّعوا في المسجد العمري، ليسقط أول شهيدين بنيران الأمن السوري، في حين بقي الأطفال داخل الأفرع الأمنية.
خرج معاوية بعد 45 يوما ليكتشف أن مدينته قد تغيرت، لم يحتفل بخروجه بل انضم لأول مظاهرة صادفها وهتف ضد النظام.
مع توسع الاحتجاجات، رد النظام بالقصف والحصار والاعتقالات، وكان والده أحد ضحايا القصف المدفعي على درعا البلد من أحد المواقع العسكرية القريبة أثناء توجهه إلى المسجد لصلاة العصر. ويقول معاوية "حسّيت الثورة يتّمتني. لكن حسّيت كمان إنه لازم أكمل الطريق".
مع مرور الوقت، انخرط في صفوف الجيش السوري الحر "دفاعا عن الحي الذي عاش فيه"، عاش المعارك وفقد الأصدقاء، وتحوّل من طفل كتب على الجدار إلى شاب يحمل سلاحا داخل مدينته.
إعلانويوضح "كنت أسمع من أقاربي الذين خدموا في الجيش السوري قبل 2011 عن السلاح وكيفية فكه وتركيبه واستخدامه في إطلاق رصاصة باتجاه الهدف، لكن لم أتخيل في يوم من الأيام أن أضطر إلى حمله وأطلق الرصاص باتجاه من يحاول أن يقتلني ورفاقي".
في أغسطس/آب 2018، خضعت درعا لاتفاق تسوية أعاد النظام إلى المدينة، في حين خرج جزء من المقاتلين إلى الشمال، لكن معاوية قرر البقاء فكان يدرك أن احتمال اعتقاله قائم في أي لحظة، ومع ذلك لم يغادر. ويقول "فكرت أطلع، لكن بالنهاية فضلت أظل مع الشباب الذين بقوا".
عاش سنوات التسوية بحذر شديد، إذ كانت حركته محدودة وتقتصر على الحي الذي يقيم فيه وبعض الأحياء المجاورة التي لم يكن يدخلها عناصر النظام.
في صيف 2021، فرض النظام حصارا على درعا البلد استمر لأكثر من شهرين، وقصف المنطقة بكافة الأسلحة عدا الطائرات، فاضطر معاوية للخروج ضمن قافلة التهجير نحو الشمال السوري بعد توصل اللجنة المركزية وضباط النظام إلى اتفاق يقضي بنشر نقاط عسكرية وتهجير الرافضين إلى المنطقة.
كان معاوية من بين الذين اختاروا الهجرة، وبعد وصوله، دخل إلى تركيا وحاول عبور الحدود إلى أوروبا بحثا عن مستقبل جديد، لكنه لم يتمكن من ذلك وأعادته الطرق إلى مدينته التي غادرها قسرا ليرجع إليها سرا. ويؤكد "كنت مفكر الحياة بره أحسن، لكن اكتشفت أن مكاني هنا".
تابع معاوية أحداث معركة ردع العدوان التي بدأت في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 في الشمال السوري، لكنه لم يكن متفائلا بأنها ستكون سببا في سقوط نظام الأسد ووصول المقاتلين إلى دمشق.
ومع بداية انهيار قوات النظام والسيطرة على مدن وبلدات بشكل سريع، خرج مع عدد من شباب المنطقة واستنفروا، وبدؤوا الاستعدادات لتحرير درعا، التي تمكنوا من السيطرة عليها في 6 ديسمبر/كانون الأول 2024. وبعد يومين، توجهوا إلى دمشق مع الإعلان عن هروب بشار الأسد وسقوط نظامه بشكل كامل.
اليوم وبعد مرور عام على سقوط النظام المخلوع، يعيش معاوية حياة جديدة، يعمل في التجارة ويتنقل بحرية بين المحافظات السورية، ويقول "أول مرة بحسّ إنه ما في خوف، ما حدا رح يوقفني ويسألني عن اسمي"، ويرى أن درعا البلد اليوم "رمز لسوريا الجديدة"، وأن جيله دفع ثمنا باهظا للوصول إلى هذه اللحظة.
أصبح معاوية أبا لفيصل (6 أعوام) وقد سمّاه على اسم والده الشهيد، ولديه طفلة عمرها 6 أشهر، ويضيف "بشوف حالي بفيصل.. لكنه لن يعيش الخوف الذي عشته"، ويؤمن أن ابنه سيكبر في سوريا مختلفة، وأن الكلمات التي خُطت على جدار مدرسة يمكن أن تغيّر مستقبل بلد كامل.
يقف عند الجدار القديم في درعا البلد، يلمس الإسمنت الذي تغير لكنه لا يزال يحمل ذاكرته الأولى. ويقول بهدوء "لو يرجع الزمن إلى الوراء، كنت رح أكتب من جديد". يمشي مبتعدا، لكن الجدار يظل في ذاكرته، كما لا يزال الطفل -الذي بدأ الثورة- يقف هناك، في بداية كل شيء ونهاية زمن الخوف.
إعلان