سلطت مجلة "ذا نيشن" الأمريكية الضوء على الوضع العادي الذي يعيشه سكان غزة، بما في ذلك الحصار الإسرائيلي الذي يستمر منذ 17 عامًا والاحتلال الذي استمر لمدة 56 عامًا، وأكدت أنه "رغم هذا الحال الذي يمكن وصفه بالمأساوي، فإن العالم يظل غافلا عنه، ولا يعيره أكثر من الاهتمام العابر".

وأضافت المجلة، في مقال الكاتب، أحمد نهاد، الذي ترجمته "عربي 21"، أن "معاناة قطاع غزة المستمرة، مع عدم اهتمام العالم بها"، مبرزا أنه في السادس من تشرين الأول/ أكتوبر، لم يكن الدم والألم والمعاناة في فلسطين محل اهتمام العالم؛ حيث كانوا بمثابة أحداث عادية للغاية، و"طبيعية" للغاية بحيث لا يمكن الاعتراف بهم.

ناهيك عن أن كلمة "طبيعي" تعني غزة التي تم خنقها بحصار دام 17 عاما واحتلال دام 56 عامًا. 

وتابع المصدر نفسه، ناهيك عن أن ذلك كان يعني غزة حيث أصبحت الغزوات العسكرية الإسرائيلية شبه روتينية؛ مع دفن المدنيين بعد كل هجوم، ومع تسوية أحياء بأكملها بالأرض، وعشرات الآلاف من المنازل والمساجد والكنائس والمستشفيات والمراكز الثقافية والمؤسسات التعليمية تنهار وتتحول إلى أنقاض كل عامين.

وأضاف الكاتب أن "الوضع الطبيعي" في غزة كان هو توفير الكهرباء الضئيل من أربع إلى 12 ساعة يوميًا، فيما أصبحت المستشفيات وجهة الملاذ الأخير لأنه في هذا "الوضع الطبيعي" لم يكن هناك سوى 1.4 سرير لكل ألف ساكن. مردفا أنه كان من "الطبيعي" أن تتضور الأسر جوعًا، وأن تنفذ الأدوية الأساسية، وأن يحدق الخريجون في مستقبل قاتم، وأن تعيش الغالبية العظمى على مجرد المساعدات.

وأشار الكاتب أنه برغم من كل ذلك، فقد قوبل هذا "الوضع الطبيعي" منذ فترة طويلة بصمت عالمي يصم الآذان. ولقد مر هذا "الوضع الطبيعي" دون أن يلاحظه أحد، وكان مجرد خلفية للسياسة العالمية، ونادرا ما يستحق أكثر من ملاحظة عابرة.

وأوضح الكاتب أنه حتى السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، "عندما قامت حماس بهجومها على المستوطنات الإسرائيلية، جلس العالم منتصبًا، وأُحيطوا علمًا، وناقشوا، وأدانوا. لقد رأوا فظاعة الدماء التي سالت في فلسطين التاريخية، ولم تصبح المحادثات حول فلسطين سائدة إلا عندما اتخذ الدم لونًا مختلفًا".


وتابع الكاتب أن "نفس العالم الذي ظل غير مبالٍ بالفظائع اليومية في غزة وفي كل فلسطين المحتلة، أصبح الآن مهتمًا ومتعاطيًا معها"، مشيرا إلى أنه "بعد مرور عشرين يومًا، يتحمل قطاع غزة وطأة ما يزيد عن 12 ألف طن من المتفجرات؛ وهذا يعني أن ما معدله 33 طنًا من المتفجرات لكل كيلومتر مربع من غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر".

ووفق الكاتب؛ فإنه طوال العشرين يومًا الماضية، بدا العالم يركز على سؤال واحد مؤرق؛ وذلك في الوقت الذي يبدو فيه أنهم قرروا أن الحل هو محو غزة من الخريطة، ولكن سؤالاً واحداً ما زال قائمًا على مستوى العالم: كيف يمكننا أن نفعل ذلك؟ كيف ندمر غزة؟

وبين الكاتب أن الاحتلال الإسرائيلي لم يخف في خطابه السياسي ومواقفه العسكرية، طموحه في محو قطاع غزة من على وجه الأرض وإخضاع ما اعتبره "الحيوانات البشرية، التي تتخذه موطنًا لها. ولكن بينما يروجون لأجندة الإبادة الجماعية هذه، فإن السياسيين والمشاهير والشخصيات الغربية لا يهزون رؤوسهم بالموافقة فحسب؛ بل يقدمون الدعم الكامل لمساعدتهم على تحقيق ذلك".

وفي الولايات المتحدة، يمرر جو بايدن القبعة حول الكونجرس، ويجمع العملات المتبقية التي تصل إلى مليارات الدولارات، وكلها مخصصة لـ "مشروع الإبادة الجماعية في غزة". وحتى اليابان، التي تقع على الجانب الآخر من العالم، تنحاز إلى مجلس الأمن للإدلاء بصوتها ضد وقف الإبادة الجماعية في غزة، بحسب الكاتب.

وأضاف الكاتب أن "القيادة العربية أعربت، بضربة إزدواجية، عن دعمها لفلسطين، مستنكرة أي اقتراحات لطردهم من غزة إلى سيناء، لكن الطرد الجماعي إلى النقب يبدو أكثر قبولًا. وقد قدمت مصر، الجار المخلص دائمًا لقطاع غزة المحاصر، بسخاء لسكان غزة مجموعة من الأكفان مع جانب لا شيء تقريبًا سوى بعض أدوات فحص كوفيد".

وأكد الكاتب أنه "لم يقترح أحد عدم محو غزة"، مستطردا: "أنا أمثل صوتًا لأقاربي ورفاقي وسكان غزة، وأتقدم باقتراح أكثر تواضعًا: فرض وقف لإطلاق النار، والذي لا يعتبر نداءً لإنهاء الإبادة الجماعية في غزة. وبدلًا من ذلك، أقدم طريقة أكثر اقتصادًا وأقل فوضوية وأكثر فعالية بشكل كبير، وهي وقف الهجوم الجوي والتدمير".


وأوضح الكاتب أن أهل غزة سيتولون بعد ذلك الأمر؛ حيث سوف ينتشلون موتاهم من تحت الأنقاض، مدركين أنه حتى مع المساعدات، فإن آلافًا آخرين سيهلكون، فسوف يستهلك الحزن الكثيرين في أعقاب فقدان المنازل والذكريات العزيزة والأحلام المحطمة. وسوف تحصد أوبئة الأمراض القديمة الأرواح وسط أنقاض المقبرة في المدينة، وسوف يعاني آخرون من الآثار اللاحقة للغازات القاتلة والمواد الكيميائية الناجمة عن القنابل الفسفورية والصواريخ والترسانات الأخرى، وهي الأسلحة التي تختبرها إسرائيل ميدانيًا في غزة من أجل مساعيها المستقبلية.

وذكر المصدر نفسه، أن البعض سيعودون إلى منازلهم شبه القائمة، بحثًا عن العزاء، لكنهم سيجدون الموت مع انهيار الهياكل الضعيفة. والعديد من الآخرين، محاطين بهذا الموت الساحق، سوف يستسلمون لليأس ويقتلون حياتهم.

واختتم الكاتب مقاله قائلًا إن حفنة قليلة منهم ستتحمل وتتحول بسهولة إلى موضوعات للدراسة في الأوساط الأكاديمية الغربية التي تسعى إلى تهدئة ضمائرها من خلال الدفاع عن العدالة، من الحدود الآمنة لأبراجها العاجية، بعد أن شهدت على إبادتهم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة غزة فلسطين فلسطين غزة طوفان الاقصي طوفان القدس صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإبادة الجماعیة الوضع الطبیعی الکاتب أن فی غزة غزة من

إقرأ أيضاً:

المرصد المصري للصحافة والإعلام يعلن قلقه إزاء الحكم الصادر بحبس الكاتب محمد الباز

أعرب المرصد المصري للصحافة والإعلام عن قلقه إزاء الحكم الصادر، اليوم السبت 31 مايو 2025، من محكمة جنح الاقتصادية، بحبس الكاتب الصحفي والإعلامي محمد الباز لمدة شهر، وكفالة عشرة آلاف جنيه، في القضية المقامة ضده بتهمة الإساءة إلى الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم.

وأكد المرصد احترامه الكامل لأحكام القضاء واستقلاله، فإنه يرى أن المبدأ العام المتمثل في رفض الحبس في قضايا النشر يجب أن يكون حاكمًا في التعاطي مع مثل هذه القضايا، أيًّا كانت أطرافها.

وأكد المرصد أن احترام الرموز الثقافية والأدبية واجب مهني وأخلاقي، خاصة حين يتعلق الأمر بشخصيات بحجم وتأثير الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، أحد أبرز رموز الشعر السياسي في التاريخ المصري والعربي. وفي الوقت ذاته، يتمسك المرصد بمبدأ رفض العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر والتعبير، التزامًا بنص المادة (71) من الدستور المصري، والمادة (29) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018، والتي تحظر الحبس في الجرائم التي تُرتكب بطريق النشر أو العلانية، باستثناء ما يتعلق بالتحريض على العنف أو التمييز أو الطعن في أعراض الأفراد.

وحذّر المرصد من أن استمرار إصدار أحكام بالحبس في قضايا متعلقة بالنشر قد يؤدي إلى ترسيخ مناخ من التخويف الذاتي لدى الصحفيين والمبدعين، بما يُضر بحرية التعبير والإبداع الثقافي في البلاد، ويعيق الدور الأصيل للإعلام في النقد والمساءلة.

وزكّر المرصد بأن توقيع عقوبة سالبة للحرية في قضايا تتعلق بالرأي والنقد يُعد تجاوزًا لمبدأ التناسب المنصوص عليه ضمن المبادئ العامة للقانون الجنائي، والذي يشترط أن تتناسب العقوبة مع طبيعة الجُرم ووسيلته. فحين تكون وسيلة الفعل هي "القول"، فإن الحبس يُعد إجراءً مفرطًا في القسوة، يهدد الحريات العامة ولا يحقق الردع المطلوب دون الإضرار بالسلم المجتمعي أو القيم الدستورية.

وشدد المرصد على أن اللجوء إلى سبل التقاضي والرد القانوني لا ينبغي أن يؤدي إلى تقويض حرية الرأي أو إسكات الأصوات، بل يجب أن يتم في إطار احترام القوانين المنظمة، مع تغليب أدوات الرد والتصحيح والنقد المهني على أساليب الردع الجنائي.

وأكد المرصد، في الوقت ذاته، أن الدفاع عن حرية التعبير والنشر لا يتعارض مطلقًا مع الالتزام بالمهنية الصحفية واحترام الكرامة الإنسانية، سواءً في تناول الشخصيات العامة أو المواطنين.

وشدد على أن الالتزام بميثاق الشرف الصحفي والمعايير المهنية هو خط الدفاع الأول عن حرية الصحافة، وهو ما يتطلب تحري الدقة والابتعاد عن الشخصنة أو الإساءة، مع الفصل الواضح بين النقد الموضوعي والتطاول الشخصي.

وأعاد المرصد التأكيد على أهمية استكمال الإطار التشريعي المنظِّم لحرية النشر، عبر إصدار قانون يُرسّخ حظر الحبس في قضايا النشر ويُزيل التناقضات القائمة بين النصوص القانونية، ويضمن التطبيق المتسق لنص المادة (71) من الدستور، بما يعزز مناخ الحريات ويؤسس لبيئة إعلامية صحية وآمنة.

وشدد المرصد على أن هذه الواقعة تؤكد ضرورة مراجعة الإطار التشريعي المنظِّم للصحافة، وتدعم مطالب المجتمع الصحفي بحذف المواد التي تتيح الحبس في قضايا النشر، بالتوازي مع الجهود الجارية لتعديل المادة (12) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام، التي تتبناها نقابة الصحفيين حاليًا.

ودعا المرصد الجهات التشريعية إلى مراجعة النصوص القائمة وتطبيق ما ينسجم مع الدستور وروح العدالة، بما يكفل حماية الكرامة الإنسانية وحرية التعبير في آنٍ واحد، دون الوقوع في فخ ازدواجية المعايير أو انتقائية التنفيذ.

وفي هذا الإطار، أعلن المرصد أنه بصدد إعداد ورقة سياسات قانونية تُعرض على مجلس النواب والجهات المختصة، تتضمن مقترحات لتعديل التشريعات ذات الصلة، بما يضمن إلغاء الحبس في قضايا النشر، واستبداله بآليات قانونية تحفظ حقوق المواطنين وتحمي في الوقت ذاته حرية التعبير والصحافة.

وأكد المرصد دعمه الكامل لكل المساعي الرامية إلى تعزيز حرية الصحافة، وتوفير بيئة تشريعية تضمن ممارسة النقد البناء، وتكفل حق الجمهور في المعرفة، دون إخلال بالمسؤولية المهنية أو الحقوق الفردية.

مقالات مشابهة

  • بوريطة: الموقف الذي عبرت عنه المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية سيعزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف
  • المرصد المصري للصحافة والإعلام يعلن قلقه إزاء الحكم الصادر بحبس الكاتب محمد الباز
  • فياض: الحكومة عاجزة وهامدة وكأنها غير مكترثة بمعاناة الجنوبيين
  • "حقك تعرف".. الكاتب الصحفي عادل حمودة يطلق قناته الرسمية على يوتيوب
  • ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة إلى 54 ألفا و418 شهيدا
  • شهيد وإصابة في عدوان إسرائيلي جديد على جنوب لبنان (شاهد)
  • نقيب الصحفيين يعبّر عن انزعاجه من صدور حكم بالحبس ضد الكاتب الصحفي محمد الباز
  • المتة.. مشروب النجوم الذي يشعل حماس ميسي وسواريز ويغزو ملاعب العالم
  • سوريّة: شهيد وإصابات في عدوان إسرائيلي على اللاذقية وطرطوس 
  • رونالدو أم محمد صلاح.. من هو اللاعب الذي يرغب الأهلي المصري بضمه قبل كأس العالم للأندية؟