50% .. لماذا رفع ترامب الرسوم الجمركية على الصلب والألومنيوم؟
تاريخ النشر: 2nd, June 2025 GMT
في تصعيد جديد لسياسته الحمائية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الجمعة، مضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم لتصل إلى 50%، في خطوة تهدف إلى حماية الصناعات الوطنية، لكنها أثارت موجة انتقادات داخلية وخارجية، لا سيما من الاتحاد الأوروبي الذي لوّح باتخاذ تدابير مضادة.
ويأتي القرار في ختام أسبوع سياسي صاخب شهد انتكاسات قضائية للإدارة الأمريكية، ويعيد تسليط الضوء على استراتيجية ترامب الاقتصادية المرتكزة على الضغط التجاري وتحقيق المكاسب التفاوضية من خلال التعريفات الجمركية.
مضاعفة الرسوم الجمركية لتعزيز صناعة الصلب
أعلن ترامب، خلال زيارة إلى مصنع شركة "يو إس ستيل" العملاقة في ولاية بنسيلفانيا، عن رفع الرسوم الجمركية المفروضة على واردات الصلب إلى الولايات المتحدة من 25% إلى 50%، وذلك بدءًا من الأربعاء المقبل الموافق 4 يونيو.
وقال ترامب أمام حشد من العمال: "سنرفع تعريفة واردات الصلب إلى 50%، ما سيشكل ضمانة أكبر لقطاع صناعة الصلب الأمريكي".
وأوضح لاحقًا عبر منصته "تروث سوشال" أن هذه الزيادة ستشمل أيضًا واردات الألمنيوم، مشددًا على أن "صناعاتنا للصلب والألمنيوم ستكون أقوى من أي وقت مضى"، وتشمل الرسوم الجديدة أيضًا مشتقات المعدنين، مثل العبوات المعدنية، وهو ما يشير إلى توسع في نطاق الحماية الجمركية.
أثار القرار الأمريكي استياءً واسعًا لدى الاتحاد الأوروبي، الذي أعرب عن "أسفه العميق"، معتبرًا أن هذه الإجراءات "تقوض الجهود المبذولة للتوصل إلى حل تفاوضي مع واشنطن".
وقالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية، السبت، إن الاتحاد الأوروبي "مستعد للرد"، وأضافت: "إذا لم يتم التوصل إلى حل مقبول للطرفين، فإن تدابير مضادة أوروبية ستدخل حيز التنفيذ تلقائيًا في 14 يوليو، أو حتى قبل ذلك إذا اقتضت الظروف".
وتأتي هذه التهديدات الأوروبية في وقت حساس يشهد فيه الاقتصاد العالمي توترات تجارية متصاعدة، وسط مخاوف من أن تؤدي السياسات الحمائية إلى تراجع حركة التجارة العالمية وزيادة التكاليف على المستهلكين.
الرسوم الجمركية ركيزة في سياسة ترامب الاقتصادية
منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير، جعل الرئيس ترامب من الرسوم الجمركية أداة رئيسية في سياسته الاقتصادية، مستخدمًا إياها وسيلة ضغط في المفاوضات التجارية لانتزاع تنازلات من الدول والشركات، وداعمًا إياها كوسيلة لحماية الصناعات الوطنية وتعزيز الإيرادات الفيدرالية.
وقال ترامب خلال كلمته في بنسيلفانيا إن "لن يفلت أحد من الرسوم الجمركية بعد زيادتها"، في إشارة إلى شمول القرار لجميع الدول المصدرة للصلب والألمنيوم.
لكن قرارته الجمركية واجهت عراقيل قضائية، حيث قضت محكمتان ابتدائيتان هذا الأسبوع بأن بعض رسوم ترامب غير قانونية، وإن كانت لا تزال سارية المفعول إلى حين صدور حكم نهائي في جوهر القضية.
في كلمته ذاتها، أشاد ترامب بصفقة الشراكة المقترحة بين شركة "يو إس ستيل" الأمريكية ومنافستها اليابانية "نيبون ستيل"، والتي أعلن عنها في أواخر عام 2023 بقيمة تصل إلى 14.9 مليار دولار.
وقال الرئيس الأمريكي: "الأهم أن يو إس ستيل ستبقى تحت سيطرة الولايات المتحدة، وإلا لما أبرمت هذا الاتفاق".
وأكد أن "نيبون ستيل" تعهدت بضخ استثمارات تبلغ 14 مليار دولار في مستقبل الشركة الأمريكية، مع وعد بالحفاظ على مقرها الرئيسي في مدينة بيتسبرغ، وتوفير ما لا يقل عن 70 ألف وظيفة جديدة.
وأثناء عودته إلى واشنطن، صرح ترامب للصحفيين بأن الاتفاق النهائي لا يزال قيد المراجعة، مشيرًا إلى أنه "يتحتم عليه المصادقة عليه رسميًا"، لكنه تلقى "التزامات ضخمة جدًا" من الجانب الياباني.
رغم الترحيب الرسمي بالاتفاق، أعربت نقابة "يونايتد ستيل ووركرز"، التي تمثل آلاف العمال في صناعة الصلب، عن قلقها من الصفقة.
وفي بيان رسمي، قالت النقابة: "من السهل إصدار بيانات صحافية والإدلاء بخطابات سياسية. لكن من الصعب الحصول على تعهدات ملزمة. الشيطان يكمن دائمًا في التفاصيل، وهذا يصحّ بشكل خاص بالنسبة لطرف سيء مثل نيبون ستيل".
وأكدت النقابة أنه لم تتم استشارتها أو إطلاعها على تفاصيل الصفقة، ما أثار شكوكًا حول مدى التزام الطرف الياباني بحماية الوظائف وضمان السيادة الأمريكية على الشركة.
مع تصعيد ترامب لسياسته الحمائية عبر مضاعفة الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم، تدخل الولايات المتحدة مرحلة جديدة من المواجهات الاقتصادية مع حلفائها التجاريين، وفي مقدمتهم الاتحاد الأوروبي. وفيما تسعى الإدارة الأمريكية إلى ترسيخ "السيادة الاقتصادية" عبر الصفقات والاستثمارات، تواجه تحديات داخلية من القضاء ومن النقابات العمالية المشككة. وتبقى بنسيلفانيا، الولاية الصناعية المحورية انتخابيًا، في قلب هذا التفاعل بين السياسات الاقتصادية والطموحات السياسية للرئيس العائد إلى البيت الأبيض.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ترامب الرسوم الجمركية أوروبا الاتحاد الأوروبی الرسوم الجمرکیة نیبون ستیل یو إس ستیل
إقرأ أيضاً:
ترامب يُطلق موجة جديدة من الرسوم الجمركية على عشرات الدول قبل الموعد النهائي
لجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى منصة "إكس" ليعلن أن سياسته التجارية قد جعلت الولايات المتحدة "عظيمة وغنية من جديد"، مشيراً إلى أن المعارك التي خاضها في سبيل إعادة تشكيل النظام التجاري العالمي بدأت تؤتي ثمارها، بحسب موقع BBC البريطاني.
وعد ترامب بـ90 اتفاقية تجارية خلال 90 يوماً. لكن بعد مرور ما يقرب من أربعة أشهر، لم تُبرم سوى حوالي 12 اتفاقية ثنائية، أبرزها مع الاتحاد الأوروبي، بينما الاتفاق الوحيد الذي تم توقيعه فعلياً كان مع المملكة المتحدة التي ستُواجه الآن تعريفة جمركية بنسبة 10% على صادراتها إلى أمريكا.
كندا والمكسيك تحت الضغطرغم أن كندا والمكسيك يُعتبران من أقرب حلفاء الولايات المتحدة وشركائها التجاريين الأبرز، إلا أن مفاوضاتهما لم تصل إلى اتفاق نهائي مع إدارة ترامب.
حيث نجحت رئيسة المكسيك، كلوديا شينباوم، في تأمين تمديد للمهلة بعد مكالمة هاتفية في اللحظة الأخيرة مع ترامب. أما كندا، فدفعت ثمناً دبلوماسياً لاعترافها بالدولة الفلسطينية، مما أدى إلى فرض رسوم جمركية بنسبة 35% على بعض وارداتها، بحسب تصريحات ترامب الذي اعتبر القرار "معقّداً للتفاهم التجاري".
موجة رسوم جديدة تطال أكثر من 90 دولةأعلن ترامب رسمياً عن فرض رسوم جمركية جديدة على أكثر من 90 دولة، تدخل حيز التنفيذ في 7 أغسطس. أما كندا، فقد سُرّعت الإجراءات ضدها لتبدأ في الساعة 04:00 بتوقيت غرينتش.
تصعيد تجاري جديد تقوده إدارة ترامب يشمل كندا وإسرائيل ودولاً أخرى
البيت الأبيض: ترامب إنسان ذو قلب كبير يحاول إنهاء أزمة غزة
فالبرازيل تواجه أعلى تعريفة بنسبة 50%، وُصفت بأنها "سياسية بالكامل"، والصين، التي ما زالت في طور التفاوض، أمامها مهلة حتى 12 أغسطس.
الاتحاد الأوروبي: اتفاق مشروط ومتوازنتوصلت الولايات المتحدة إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي، يشمل فرض رسوم بنسبة 15% على السلع الأوروبية، في مقابل إعفاء بعض المنتجات الأمريكية من أي رسوم داخل أوروبا.
الاتفاق لا يزال بحاجة إلى موافقة الدول الـ27 في الاتحاد.
ترى نائبة رئيس تحرير الشؤون الاقتصادية، دارشيني ديفيد، أن هذه الجولة من الرسوم جاءت "أقل عدوانية" مما هدد به ترامب في أبريل، ما خفف من حالة عدم اليقين في الأسواق. ومع أن معظم الرسوم تم تثبيتها أو تخفيضها بعد مفاوضات، إلا أن العبء على النمو العالمي سيبقى محسوساً، ويصعب قياسه في الوقت الراهن.
رئيس الوزراء الكندي، مارك كارني، أعرب عن "إحباطه الشديد" من قرار فرض تعريفة 35% على سلع بلاده، داعياً إلى تعزيز الإنتاج المحلي وتنويع أسواق التصدير. وقال كارني في بيان “الكنديون سيكونون أفضل زبائن لأنفسهم. يمكننا منح أنفسنا أكثر مما تستطيع أي حكومة أجنبية أخذه منا.”
وعلى الرغم من أن كوريا الجنوبية أبرمت اتفاقاً تجارياً مع واشنطن يُعد مواتياً نسبياً، فإن التكلفة الدفاعية لاتزال قضية عالقة. إذ تطالب إدارة ترامب بزيادة مساهمة كوريا الجنوبية في تمويل القوات الأمريكية المنتشرة هناك (حوالي 28,500 جندي).
ومن المتوقع أن يناقش الرئيس الكوري الجنوبي المنتخب، لي جاي ميونج، هذه القضية خلال زيارته المرتقبة إلى واشنطن.