في العيد التاسع والخمسين لثورة أكتوبر 1964
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
في العيد التاسع والخمسين لثورة أكتوبر 1964
د. عبد الله علي إبراهيم
النور حمد في الأبيض وما بيعرف أب صفية: كان التطهير في ثورة أكتوبر عقيدة جمهورية بأكثر منها شيوعية
(قال الأستاذ محمود محمد طه إن الأذى الذي جانا من تالا الأمين داؤود (عالم تعقب الجمهوريين وأفتى بردتهم) كثير. والأذى الذي جاء للشيوعيين من النور حمد كثير جداً)
عبد الله علي إبراهيم – 19 يناير 2022
لوصار اليوم العاقب لنكسة الفترة الانتقالية يوماً للتغابن لصار أمرنا ضغثاً على إبالة، أي بلية على أخرى.
لا أعرف هيئتين في الثورة رجمتهما الثورة المضادة بحممها مثل لجنة إزالة التمكين ولجان المقاومة. وكانت الهيئتان بالحق من عزائم الثورة الصريحة كما لا تجدها في غيرهما. وبلغ من حملة الثورة المضادة على لجنة التمكين حداً أزهدت حتى الثوريين فيها و”لقوليهم دريبات”، في عبارة لوجدي صالح في مقام آخر، بعيدة عنها كما سنبين ونحن في حديث اليوم العاقب.
وكان أمكر ما تفتق عنه ذهن الثورة المضادة استعادتها للتطهير في ثورة أكتوبر “الشيوعية”، وبعد انقلاب مايو “الشيوعي”، والتأميم والمصادرة بعد انقلاب مايو “الشيوعي” للحجاج بأن لجنة إزالة التمكين هي كل ذلك في عبارة واحدة. وهذا حشف وسوء كيل قديم من الثورة المضادة واظبت عليه عبر عقود حتى صارت روايتها عن تلك الوقائع هي التاريخ المعتمد لها بلا منافس.
والأدهى ليس صمت أهل تلك الوقائع عن الدفع بسرديتهم (وليس بالضرورة صحتها) فحسب، بل تصديق بعضنا تلك الرواية وحيدة الجانب من الثورة المضادة وإذاعتها على الملأ.
فوجدت مثلاً أن النور حمد يروج لفساد ممارسة التطهير في أكتوبر في منازلته للشيوعيين في ذات وقت إذاعتها من جهة الثورة المضادة لإفحام لجنة إزالة التمكين. فوصف النور حزبنا الشيوعي بالتطرف في أدائه خلال ثورة أكتوبر 1964 وبعدها. ومن وجوه ذلك التطرف في زعمه إفراطنا في التطهير الذي مارسناه من موقع سيطرتنا على جبهة الهيئات المهنية والنقابية (السوفيات) التي قادت الثورة.
وراجعت النور في مقال قديم عن عقيدته هذه بإحالته إلى فصل عن التطهير في ثورة أكتوبر في كتابي “ربيع ثورة أكتوبر” (2013). وجاء فيه أن ذلك التطهير لم يكن عملاً شيوعياً متطرفاً، أو طائشاً كما وصفه. ولو صح طيشنا فيه لانطبق الوصف على الإخوان المسلمين وحزب الأمة والحزب الجمهوري. فقال محمد صالح عمر، الوزير عن الإخوان المسلمين في حكومة أكتوبر الأولى، إنهم ليسوا مع التطهير مئة بالمئة فحسب، بل هم من طالبوا به في بيان الإخوان المسلمين الأول بعد الثورة. وزاد بأن إجراءات التطهير المتبعة بواسطة الحكومة صحيحة. وقال حزب الأمة، من الجانب الآخر، إنه مع التطهير شريطة ألا يحيق الظلم بأي إنسان (الأيام 5 يناير 1965). وهي شفقة من الأمة في غير مكانها لأن التطهير تم بواسطة لجان تحقيق تعمل في رابعة النهار، وترفع ما تتوصل إليه لمجلس الوزراء الذي لحزب الأمة ممثل فيه مع الوطني الاتحادي والشعب الديمقراطي والإخوان المسلمين وجبهة الجنوب وسانو.
أردت أن أنأى في أحاديث اليوم العاقب عن المآخذ على أفراد. ولكن النور حمد عندي مؤسسة في الكتابة والعقيدة معاً. فهو كاتب راتب بما يجعله منبراً للمساءلة. واستحق المؤاخذة خاصة وهو يذيع عن تطهير ثورة أكتوبر ما لا علم له به في نفس الوقت الذي نفثت الثورة المضادة سرديتها على لجنة إزالة التمكين لأنها ستزر وزر ثورة أكتوبر في التطهير. فكيف للناس الاطمئنان لمبدأ إزالة التمكين وهو يجر في أثره آثام تطهير أكتوبر كما روجت لها الثورة المضادة تاريخياً وتبعها النور بغير إحسان؟ ونقول عجولين إن النور لم يعتقد في ثورة أكتوبر نفسها كما هو معروف حتى يحاسب غيره على تطرفه. وكان قد خلص في مقال في ذكراها الخمسين إلى أن حقيقة أمرها أقرب للفانتازيا الصفوية المستلة من بطون الكتب بأكثر من أنها تعبير عن حاجة ملحة أفرزها الواقع. فالثورة كلها عنده تطرف والباقي تفاصيل.
أما ما استغربت له حقاً أن النور الجمهوري غير مطلع على أن حركته كانت صوتاً جهيراً عند مبدأ التطهير في ثورة أكتوبر. فلا أعرف حماسة للتطهير أشفى من حماسة الأستاذ محمود محمد طه له، ولا يقيناً مثله أن تطهير دولة المستبدين جراحة لا غنى عنها. فقال في حديث له:
أنا متأكد من حاجة أنو حيجي وكت للشعب ليحاسب الناس. وما تتصورو أنو مسألة التطهير في ثورة أكتوبر كانت عبث. ما تمت. لكن كانت تمني الشعب. بتجي المرحلة البيكون التطهير فيها نافذ لأن الشعب في الوكت داك بيكون أقوى مما كان هسع. الحاجة اللي خلت مسألة التطهير ماعت لأن الناس المطهرين قدروا يستولو على السلطة لذلك موعو التطهير لكن بتجي مرحلة تانية الناس المطهرين حيتطهرو تماماً والناس المحاسبين راح يحاسبو تماماً.
وليس النور ملزماً بالضرورة أن يتطابق مع رأى حركته فيما مضى. ولكن، متى أسقطه، فليسقطه بإيقاع يرعى فيه أن التطهير الذي يعقب الثورات في مثل لجنة إزالة التمكين ثقافة قبل أن يكون إجراءات. وبالنتيجة لم يضف النور لهذه الثقافة التي أحسن الأستاذ الشهيد عرضها وتعقب الشيوعيين بجريرة الإجراءات. وظلمنا.
وجاء الوقت الذي تنبأ به الشهيد أن سيكون الشعب به أقوى والردة مستحيلة: “الناس المطهرين حيتطهرو تماماً والناس المحاسبين راح يتحاسبو تماماً”. ولكن سردية الثورة المضادة هي التي سادت وأزهدت الثورة في لجنة إزالة التمكين التي هي عزيمتها المفردة. والنتيجة: الناس المطهرين قدرو يستولو على السلطة لذلك موعو التطهير. لا بل قضى نحبه على يدهم.
https://www.facebook.com/abdullahi.ibrahim.5099/videos/179878061015563
IbrahimA@missouri.edu
الوسومالإخوان المسلمين التطهير الجنوب الحزب الشيوعي الحزب الوطني الاتحادي السودان ثورة اكتوبر 1964 حزب الأمة حزب سانو د. عبد الله علي إبراهيم لجنة إزالة التمكينالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الإخوان المسلمين التطهير الجنوب الحزب الشيوعي الحزب الوطني الاتحادي السودان ثورة اكتوبر 1964 حزب الأمة د عبد الله علي إبراهيم لجنة إزالة التمكين
إقرأ أيضاً:
وفاة 49 شخصا وإصابة 485 في 353 حادثاً مروريا خلال إجازة العيد
وأوضحت إحصائية صادرة عن شرطة المرور أن إجمالي عدد الحوادث المسجلة خلال إجازة العيد بلغ 353 حادثاً مرورياً متنوعاً، مقابل 433 حادثاً خلال الفترة ذاتها من العام الماضي 1445هـ، بفارق 80 حادثاً، وبنسبة انخفاض بلغت (18.47%).
وبيّنت الإحصائية أن عدد الوفيات الناتجة عن تلك الحوادث انخفض إلى 49 حالة وفاة، مقارنة بـ72 حالة وفاة سُجلت خلال العيد في العام الماضي، بفارق 23 حالة، وبنسبة انخفاض وصلت إلى (31.94%). كما تراجعت أعداد المصابين إلى 485 حالة إصابة، مقارنة بـ712 إصابة في العام السابق، بفارق 227 إصابة، بنسبة انخفاض (31.88%).
وأشار التقرير إلى أن الخسائر المادية الناتجة عن الحوادث انخفضت كذلك بنسبة (22.59%).
وذكرت شرطة المرور أن هذا التراجع الملموس في مؤشرات الحوادث والإصابات والوفيات، يعود إلى جملة من العوامل، أبرزها انتشار مراكز خدمات شرطة مرور الطرق على الخطوط الطويلة الرابطة بين المحافظات، وتعزيزها بفرق الضبط المروري، إلى جانب تطوير أساليب إعداد ونشر الرسائل التوعوية الموجهة للمواطنين عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
كما لفتت شرطة المرور إلى أهمية التنسيق الفعّال بين وزارة الداخلية - شرطة المرور، ووزارة النقل والأشغال العامة - صندوق صيانة الطرق، والذي أثمر عن تنفيذ عدد من المعالجات الهندسية الضرورية في أماكن تُعرف بـ"النقاط السوداء" التي تكررت فيها الحوادث في الأعوام السابقة، وهو ما كان له أثر إيجابي في تعزيز السلامة المرورية والحد من الحوادث.
وثمّنت شرطة المرور الدعم اللامحدود الذي تقدمه قيادة وزارة الداخلية لتمكينها من أداء مهامها، إلى جانب التعاون البنّاء من الجهات المعنية بالسلامة المرورية، والإسناد الإعلامي المستمر من مركز الإعلام الأمني والوسائل الإعلامية المختلفة في تعزيز الوعي المروري لدى المواطنين.
ودعت شرطة المرور جميع المواطنين إلى المزيد من الوعي والالتزام بقواعد المرور والتعاون مع رجال الشرطة، بما يسهم في خلق بيئة مرورية آمنة والحفاظ على الأرواح والممتلكات